قال أهل اللغة : يقال : لحدت للميت وألحدت له لغتان ، وفي اللحد لغتان - فتح اللام وضمها - وهو أن يحفر في حائط من أسفله إلى ناحية القبلة [ ص: 251 ] قدر ما يوضع الميت فيه ويستره ، والشق - بفتح الشين - أن يحفر إلى أسفل كالنهر وقوله : يعمق هو بالعين المهملة ، وقوله : رخوة - بكسر الراء وفتحها - والكسر أفصح وأشهر .
( أما الأحكام ) ففيه مسائل : ( إحداها ) يستحب أن يعمق القبر لحديث هشام بن عامر الذي ذكرناه ، ويستحب أن يكون عمقه قامة وبسطة لما ذكره المصنف . هذا هو المشهور الذي قطع به الأصحاب في كل طرقهم ، إلا وجها حكاه الرافعي وغيره أنه قامة بلا بسطة ، وهذا شاذ ضعيف ، ومعنى القامة والبسطة أن يقف فيه رجل معتدل القامة ويرفع يديه إلى فوق رأسه ما أمكنه . وقدر أصحابنا القامة والبسطة بأربع أذرع ونصف . هذا هو المشهور في قدرهما ، وبه قطع الجمهور في مصنفاتهم ، ونقله صاحب البيان عن الأصحاب ، وقطع المحاملي في المجموع بأنهما ثلاث أذرع ونصف ، وبهذا جزم الرافعي ، وهو شاذ مردود ، وعجب من جزم الرافعي به وإعراضه عما جزم به الجمهور ; وهو أربعة أذرع ونصف ، وممن جزم بأربع أذرع ونصف البندنيجي وصاحب الشامل والباقون . وقد سبق أن صاحب البيان نقله عن الأصحاب .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11976والشيخ أبو حامد والأصحاب لاستحباب تعميقه ثلاث فوائد أن لا ينبشه سبع ولا تظهر رائحته ، وأن يتعذر أو يتعسر نبشه على من يريد سرقة كفنه ، وأما أقل ما يجزئ من الدفن فقال إمام الحرمين والغزالي ، والرافعي وغيرهم رحمهم الله : أقله حفرة تكتم رائحة الميت ، ويعسر على السباع غالبا نبشه ، والوصول إلى الميت .
( الثالثة ) أجمع العلماء أن الدفن في اللحد وفي الشق جائزان ، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل ، لما سبق من الأدلة ، وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وأصحابنا : فإن اختار الشق حفر حفيرة كالنهر وبنى جانبيها باللبن أو غيره ، وجعل بينهما شقا يوضع فيه الميت ويسقف عليه باللبن أو الخشب أو غيرهما ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت ، ويجعل في شقوقه قطع اللبن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في [ ص: 252 ] الأم : ورأيتهم عندنا ، يعني في مكة شرفها الله يضعون على السقف الإذخر ثم يضعون عليه التراب ، وهذا الذي ذكرته من صفة الشق واللحد نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم ، واتفق عليه الأصحاب .
( فرع ) : قال المصنف في الفصل الثاني لما بعد هذا : وسائر الأصحاب يكره أن يدفن الميت في تابوت إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية ، قالوا : ولا تنفذ وصيته به إلا في مثل هذا الحال ، قالوا : ويكون التابوت من رأس المال صرح به البغوي وغيره ، وهذا الذي ذكرناه من كراهة التابوت مذهبنا ومذهب العلماء كافة وأظنه إجماعا ، قال العبدري رحمه الله : لا أعلم فيه خلافا يعني لا خلاف فيه بين المسلمين كافة والله أعلم .
( فرع ) : في مذاهب العلماء في تعميق القبر قد ذكرنا أن مذهبنا استحباب تعميقه قامة وبسطة ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي أنهما قالا : يعمق إلى السرة ، قال : واستحب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله أنه لا يعمق جدا ولا يقرب من أعلاه والله أعلم .