قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت ) .
( الشرح ) هذه المسألة مشهورة في كتب الأصحاب ، وذكر صاحب الحاوي أنه ليس nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي فيها نص ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب والماوردي والمحاملي وابن الصباغ وخلائق من الأصحاب : قال ابن سريج : إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها وأخرج فأطلق ابن سريج المسألة قال nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي والمحاملي وابن الصباغ : وقال بعض أصحابنا : ليس هو كما أطلقها ابن سريج ، بل يعرض على القوابل فإن قلن هذا الولد إذا أخرج يرجى حياته ، وهو أن يكون له ستة أشهر فصاعدا شق جوفها وأخرج ، وإن قلن لا يرجى بأن يكون له دون ستة أشهر لم يشق ، لأنه لا معنى لانتهاك حرمتها فيما لا فائدة فيه قال الماوردي : وقول ابن سريج هو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأكثر الفقهاء .
( قلت ) : وقطع به القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه والعبدري في الكفاية وذكر القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والفوراني والمتولي والبغوي وغيرهم في الذي لا يرجى حياته [ ص: 271 ] وجهين : ( أحدهما ) يشق ، ( والثاني ) لا يشق قال البغوي : وهو الأصح ، قال جمهور الأصحاب : فإذا قلنا لا يشق لم تدفن حتى تسكن حركة الجنين ، ويعلم أنه قد مات ، هكذا صرح به الأصحاب في جميع الطرق ونقل اتفاق الأصحاب عليه nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين وآخرون وهو موجود كذلك في كتبهم إلا ما انفرد به المحاملي في المقنع nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي حسين في موضع آخر من تعليقه قبل باب الشهيد بنحو ورقتين ، والمصنف في التنبيه فقالوا : ترك عليه شيء ثقيل حتى يموت ثم تدفن المرأة وهذا غلط فاحش ، وقد أنكره الأصحاب أشد إنكار وكيف يؤمر بقتل حي معصوم ؟ وإن كان ميئوسا من حياته بغير سبب منه يقتضي القتل . ومختصر المسألة إن رجي حياة لجنين وجب شق جوفها وإخراجه ، وإلا فثلاثة أوجه ( أصحها ) لا تشق ولا تدفن حتى يموت ، ( والثاني ) تشق ويخرج ، ( والثالث ) يثقل بطنها بشيء ليموت وهو غلط ، وإذا قلنا يشق جوفها شق في الوقت الذي يقال إنه أمكن له ، هكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد . وقال البندنيجي : ينبغي أن تشق في القبر فإنه أستر لها .
( الثانية ) الدفن في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها إذا لم يتحره ليس بمكروه عندنا ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم في باب القيام للجنازة ، واتفق عليه الأصحاب . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد في أول باب الصلاة على الميت من تعليقه والماوردي nindex.php?page=showalam&ids=14922والشيخ نصر المقدسي وغيرهم إجماع العلماء . وثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رحمه الله عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=86558ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها ، وأن نقبر فيها موتانا وذكر وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها } وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد والماوردي nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي وغيرهم بأن الإجماع دل على ترك ظاهره في الدفن ، وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب والمتولي وغيرهما بأن النهي عن تحري هذه الأوقاف للدفن وقصد ذلك ، قالوا : وهذا مكروه ، فأما إذا لم يتحره فلا كراهة ، ولا هو مراد الحديث ، وهذا الجواب أحسن من الأول .
( الثالثة ) في نقل الميت من بلد إلى بلد قبل دفنه ، قال صاحب الحاوي : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى : لا أحبه إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس ، فيختار أن ينقل إليها لفضل الدفن فيها . وقال البغوي nindex.php?page=showalam&ids=13910والشيخ أبو نصر البندنيجي من العراقيين : يكره نقله ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والدارمي والمتولي يحرم نقله ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي : ولو أوصى بنقله لم تنفذ وصيته ، وهذا هو الأصح لأن الشرع أمر بتعجيل دفنه وفي نقله [ ص: 273 ] تأخيره ، وفيه أيضا انتهاكه من وجوه وتعرضه للتغير وغير ذلك وقد صح عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=28954كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم ، فجاء منادي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناها } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي بأسانيد صحيحة ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب ، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق ، ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي الميت وصار ترابا ، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه ، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب ، وإن كانت عارية رجع فيها المعير . وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره ، قال أصحابنا رحمهم الله : " ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها " .
ويجوز نبش الميت إذا دفن لغير القبلة ، أو بلا غسل على الصحيح فيهما ، أو بلا كفن ، أو في كفن مغصوب أو حرير أو أرض مغصوبة ، أو ابتلع جوهرة ، أو وقع في القبر مال على ما سبق في كل ذلك من التفصيل والخلاف . قال الماوردي في الأحكام السلطانية " إذا لحق القبر سيل أو نداوة ، قال أبو عبد الله الزبيري : نقله يجوز ، ومنعه غيره .
( قلت ) : قول الزبيري أصح ، فقد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أنه دفن أباه يوم أحد مع رجل آخر في قبر ، قال : ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته هيئة ، غير أذنه " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أيضا " أخرجته فجعلته في قبر على حدة " وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة في المعارف وغيره أن nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام ، فشكا إليها النز ، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصرة ، قال غيره قال الراوي " كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فمالت عن موضعها واخضر شقه الذي يلي النز .
( الخامسة ) ذكر الماوردي وغيره أنه يكره إيقاد النار عند القبر ، وسبقت المسألة وسيأتي في باب التعزية كراهية المبيت في المقبرة وكراهة الجلوس على قبر ودوسه ، والاستناد إليه والاتكاء عليه .
باب التعزية والبكاء على الميت البكاء يمد ويقصر ، لغتان ، المد أفصح ، والعزاء بالمد التعزية ، وهما الصبر على ما به من مكروه ، وعزاه أي صبره وحثه على الصبر ; قال الأزهري رحمه الله : أصلها التصبير لمن أصيب بمن يعز عليه .