قال المصنف رحمه الله تعالى : ( تعزية أهل الميت سنة لما روى nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36798من عزى مصابا فله مثل أجره } ويستحب أن يعزى بتعزية الخضر عليه السلام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أن يقول : " إن في الله سبحانه وتعالى عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ; فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب " ويستحب أن يدعو [ له و ] للميت فيقول : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك ، وإن عزى مسلما بكافر قال : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وإن عزى كافرا بمسلم قال : أحسن الله عزاءك وغفر لميتك ، وإن عزى كافرا بكافر قال : أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك ، ويكره الجلوس للتعزية ، لأن ذلك محدث والمحدث بدعة ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه رواه الترمذي وغيره بإسناد ضعيف ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=88أبي برزة رضي الله عنه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=36797 : من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة } رواه الترمذي وضعفه ، ( وأما ) قصة تعزية الخضر عليه السلام فرواها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم بإسناد ضعيف إلا أنه لم يقل الخضر عليه السلام ، بل سمعوا قائلا يقول : فذكر هذه التعزية ، ولم يذكر [ ص: 276 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الخضر عليه السلام ، وإنما ذكره أصحابنا وغيرهم ، وفيه دليل منهم لاختيارهم ما هو المختار ، وترجيح ما هو الصواب ، وهو أن الخضر عليه السلام حي باق ، وهذا قول أكثر العلماء . وقال بعض المحدثين : ليس هو حيا واختلفوا في حاله ، فقال كثيرون كان نبيا لا رسولا ، وقال آخرون : كان نبيا رسولا ، وقال آخرون : كان وليا ، وقيل : كان ملكا من الملائكة وهذا غلط ، وقد أوضحت اسمه وحاله والاختلاف وما يتعلق به في تهذيب الأسماء واللغات . [ ص: 277 ] وقوله ) خلفا من كل هالك - هو بفتح اللام - أي بدلا ، والدرك اللحاق ( قوله ) ولا نقص عددك هو بنصب الدال ورفعها ، ( وقوله ) أخلف الله عليك أي رد عليك مثل ما ذهب منك ، قال جماعة من أهل اللغة : يقال : أخلف الله عليك إذا كان الميت ممن يتصور مثله كالابن والزوجة والأخ لمن والده حي ومعناه رد الله عليك مثله ، قالوا : ويقال : خلف الله عليك إذا لم يتصور حصول مثله ، كالوالدين أي كان الله خليفة من فقدته عليك .
( وأما ) وقت التعزية فقال أصحابنا هو من حين الموت إلى حين الدفن ، وبعد الدفن إلى ثلاثة أيام ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد الجويني : وهذه المدة للتقريب لا للتحديد . قال أصحابنا : وتكره التعزية بعد الثلاثة لأن المقصود منها تسكين قلب المصاب والغالب سكونه بعد الثلاثة ، فلا يجدد له الحزن ، هذا هو الصحيح المعروف ، وجزم السرخسي في الأمالي بأنه يعزى قبل الدفن وبعده في رجوعه إلى منزله ، ولا يعزى بعد وصوله منزله . وحكى إمام الحرمين - وجها - أنه لا أمد للتعزية ، بل يبقى بعد ثلاثة أيام وإن طال الزمان ، لأن الغرض الدعاء ، والحمل على الصبر ، والنهي عن [ ص: 278 ] الجزع ، وذلك يحصل مع طول الزمان ، وبهذا الوجه قطع أبو العباس بن القاص في التلخيص ، وأنكره عليه nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال في شرحه وغيره من الأصحاب ، والمذهب أنه يعزى ولا يعزى بعد ثلاثة ، وبه قطع الجمهور ، قال المتولي وغيره : إلا إذا كان أحدهما غائبا فلم يحضر إلا بعد الثلاثة فإنه يعزيه . قال أصحابنا : وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده ، لكن بعد الدفن أحسن وأفضل ، لأن أهله قبل الدفن مشغولون بتجهيزه . ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر . فكان ذلك الوقت أولى بالتعزية . قال أصحابنا . إلا أن يظهر فيهم جزع ونحوه فيجعل التعزية ليذهب جزعهم أو يخف . وأما قول المصنف رحمه الله في تعزية المسلم كذا . وفي تعزية الكافر كذا . فهكذا قاله أصحابنا .
وحاصله الجمع بين الدعاء للميت والمعزى به . والمشهور تقديم الدعاء للمعزى كما ذكره المصنف : أعظم الله أجرك وأحسن عزاك ، وغفر لميتك . وحكى السرخسي فيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) هذا . قال : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي . قال : لأنه المخاطب فبدئ به ، ( والثاني ) يقدم الدعاء للميت فيقول : غفر الله لميتك وأعظم الله أجرك وأحسن عزاك . لأن الميت أحوج إلى الدعاء .
( والثالث ) يتخير فيقدم ما شاء . قال أصحابنا رحمهم الله : وقوله في الكافر : ولا نقص عددك لتكثر الجزية المأخوذة منهم . ممن صرح بهذا الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والمحاملي وأبو علي البندنيجي والسرخسي والبغوي وصاحبا العدة والبيان والرافعي وآخرون وهو مشكل لأنه دعاء ببقاء الكافر ودوام كفره فالمختار تركه والله أعلم .
وأما الجلوس للتعزية فنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته ونقله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في التعليق وآخرون عن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قالوا : يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية قالوا : بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها ، صرح به المحاملي ونقله عن [ ص: 279 ] نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله وهو موجود في الأم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : وأكره المآتم ، وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء ، فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر ، هذا لفظه في الأم ، وتابعه الأصحاب عليه واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر ، وهو أنه محدث . وقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=22818لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من شق الباب ، فأتاه رجل فقال : إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
فرع : في مذاهب العلماء ذكرنا أن مذهبنا استحباب التعزية قبل الدفن ، وبعده بثلاثة أيام ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : يعزى قبل الدفن لا بعده .