قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فأما ما تجب الزكاة فيه من غير حول كالعشر وزكاة المعدن والركاز فلا يجوز فيه تعجيل الزكاة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12535أبو علي بن أبي هريرة : يجوز تعجيل العشر . ( والصحيح ) أنه لا يجوز ; لأن العشر يجب بسبب [ ص: 132 ] واحد وهو إدراك الثمرة وانعقاد الحب . فإذا عجله قدمه على سببه فلم يجز . كما لو قدم زكاة المال على النصاب ) .
( الشرح ) قد سبق في أول الباب أن المال الزكوي ضربان : ( أحدهما ) يتعلق بالحول وسبق شرحه . ( والثاني ) غير متعلق به وهو أنواع منها زكاة الفطر ، وسبق في بابها أنه يجوز تعجيلها في جميع رمضان ولا يجوز قبله . وفي وجه لا يجوز الليلة الأولى من رمضان ، ووجه يجوز قبل رمضان ، وأوضحناها في بابها ، ومنها زكاة المعدن والركاز فلا يجوز تقديمها على الحصول بلا خلاف ; لما ذكره المصنف ومنها زكاة الزرع تجب باشتداد الحب والثمار ببدو الصلاح ، كما سبق في بابيهما ، وليس المراد أن ذلك وقت الأداء بل هو وقت ثبوت حق الفقراء ، وإنما يجب الإخراج بعد تنقية الحب وتجفيف الثمار .
قال أصحابنا : والإخراج بعد مصير الرطب تمرا والعنب زبيبا ليس تعجيلا بل واجب حينئذ ولا يجوز التعجيل قبل خروج الثمرة بلا خلاف وفيما بعده أوجه : ( الصحيح ) عند المصنف والأصحاب يجوز بعد بدو الصلاح لا قبله .
( والثاني ) يجوز قبله من حين خروج الثمرة .
( والثالث ) لا يجوز قبل الجفاف . وأما الزرع فالإخراج عنه بعد التنقية واجب وليس تعجيلا ولا يجوز التعجيل قبل التسنبل وانعقاد الحب ، وبعده فيه ثلاثة أوجه : ( الصحيح ) جوازه بعد الاشتداد والإدراك ومنعه قبله .
( ومنها ) : كفارة اليمين والقتل والظهار ، ولها تفصيل مذكور في أبوابها .
( ومنها ) : كفارة الجماع في نهار رمضان لا يجوز تقديمها على الجماع ، هذا هو المذهب وبه قطع القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد وهنا آخرون ، وفي وجه حكاه الرافعي وغيره أنه يجوز .
ولو قال : إن شفى الله مريضي فلله علي عتق رقبة فأعتق قبل الشفاء لا يجزئه على أصح الوجهين .
( ومنها ) : لا يجوز للشيخ الهرم والحامل والمريض الذي لا يرجى برؤه تقديم الفدية على رمضان ، ويجوز [ ص: 133 ] بعد طلوع الفجر من يوم رمضان للشيخ عن ذلك اليوم ، ويجوز قبل الفجر أيضا على المذهب ، وبه قطع الدارمي ، وقال الروياني : فيه احتمالان لوالدي . قال الزيادي : وللحامل تقديم الفدية على الفطر ولا يقدم إلا فدية يوم واحد ، ولو أراد تعجيل فدية تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر ففي صحته وجهان كتعجيل كفارة الحنث بمعصيته ، ولا يجوز تقديم الأضحية قبل يوم العيد بلا خلاف .
( ومنها ) : دم التمتع والقران . فأما القران فيجوز بعد الإحرام بالحج والعمرة ولا يجوز قبلهما ، والتمتع يجوز بعد الإحرام بالحج ولا يجوز قبل الإحرام بالعمرة قطعا ، وفيما بين ذلك ثلاثة أوجه :
( الصحيح ) يجوز بعد الفراغ من العمرة وإن لم يحرم بالحج ولا يجوز قبل فراغها . ( والثاني ) لا يجوز قبل الإحرام بالحج .
( والثالث ) يجوز قبل الفراغ من العمرة ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد : لو أحرم بالحج فأراد تقديم جزاء الصيد فإن كان بعد جرحه فالمذهب جوازه ; لوجود السبب ، وإلا فالمذهب منعه ; لعدم السبب ، قال : والإحرام ليس سببا للجزاء ، قال : وهذا ككفارة قتل الآدمي إن فعلها بعد الجرح جاز ، وإلا فلا .
( فرع ) : في مسائل تتعلق بالباب : ( إحداها ) قال إمام الحرمين وغيره : لا يحتاج مخرج الزكاة إلى لفظ أصلا بل يكفيه دفعها وهو ساكت ; لأنها في حكم دفع دين إلى مستحقه ، قال الإمام وجمهور أصحابنا الخراسانيين والمحققون من غيرهم : ولا تحتاج صدقة التطوع أيضا إلى لفظ ، قال الإمام : وبهذا عمل الناس كافة كالزكاة ، وأما الهبة والمنحة فلا بد فيهما من اللفظ ، وأما الهدية فالمذهب أنها لا تحتاج إلى لفظ ، وفيها وجه ضعيف وسنعيد إيضاح هذا كله في باب الهبة ، وفي الزكاة وجه شاذ عن nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة أنه يشترط لفظه وسنوضح المسألة إن شاء الله تعالى في آخر قسم الصدقات .