قال المصنف رحمه الله تعالى : ( والمستحب أن يسم الماشية التي يأخذها في الزكاة ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43878كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسم إبل الصدقة } ولأن بالوسم تتميز عن غيرها فإذا شردت ردت إلى موضعها ، ويستحب أن يسم [ التي يأخذها في زكاته ] الإبل والبقر في أفخاذها ; لأنه موضع صلب ، فيقل الألم بوسمه ، ويخف الشعر فيه فيظهر ، ويسم الغنم في آذانها ، ويستحب أن يكتب في ماشية الزكاة لله ، أو زكاة ، وفي ماشية الجزية جزية أو صغار ; لأن ذلك أسهل ما يمكن ) .
( الشرح ) حديث أنس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، ولفظهما قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=25343أتيت النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=16405بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه : فوافيته وفي يده الميسم يسم إبل الصدقة } وفي رواية : " يسم غنما " أما أحكامه وفروعه ففيه مسائل : ( إحداها ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب وسم الماشية التي للزكاة والجزية وهذا الاستحباب متفق عليه عندنا ، ونقل صاحب الشامل وغيره أنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، قال العبدري : وبه قال أكثر الفقهاء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يكره الوسم ; لأنه مثلة ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ; ولأنه تعذيب للحيوان ، وهو منهي عنه . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور ، وبآثار كثيرة عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم ; ولأن الحاجة تدعو إلى الوسم لتمييز إبل الصدقة من إبل الجزية وغيرها ; ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها ; ولأن من أخرجها يكره له شراؤها فليعرفها لئلا يشتريها . وممن ذكر هذا المعنى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 153 ] واعتمده ، واعترض عليه بأنه - وإن عرف أنها صدقة - لا يعرف كونها صدقته ، وإنما يكره شراء صدقته لا صدقة غيره ، وأجاب الأصحاب بأنه إذا عرف أنها صدقة احتاط فاجتنبه ، وقد يعرف أنها صدقته لاختصاص ذلك النوع من الصدقة به ، ولغير ذلك من المصالح .
( وأما ) احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بالمثلة والتعذيب فهو عام وحديثنا والآثار خاصة باستحباب الوسم ، فخصصت ذلك العموم ووجب تقديمها عليه . والله أعلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على حمار قد وسم في وجهه فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=32392لعن الله الذي وسمه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . واختلفت عبارات أصحابنا في كيفية النهي عن الوسم في الوجه فقال البغوي : لا يجوز الوسم . وقال صاحب العدة : الوسم على الوجه منهي عنه بالاتفاق ، وهو من أفعال الجاهلية . وقال الرافعي : يكره ، والمختار التحريم ، كما أشار إليه البغوي ، وهو مقتضى اللعن ، وقد ثبت اللعن في الحديث كما ذكرناه . والله أعلم .
( الثالثة ) ينبغي أن يميز بين سمة الزكاة والجزية ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب أن يكتب في ماشية الجزية جزية أو صغار .
( وأما ) ماشية الزكاة فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب أن يكتب عليها صدقة ، أو زكاة ، أو لله ، وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني على أنه يكتب لله ، وصرح به الأصحاب منهم المصنف وابن كج والدارمي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد وصاحب الشامل والغزالي والبغوي وصاحب العدة وخلائق آخرون ، قال صاحب الشامل : يكتب صدقة [ ص: 154 ] أو زكاة ، قال : فإن كتب عليها لله كان أبرك وأولى . قال الرافعي : نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على كتابة لله ، قال : واستبعده بعض من شرح الوجيز وبعض من شرح المختصر من المتقدمين ; لأن الدواب تتمعك وتضرب أفخاذها بأذنابها وهي نجسة وينزه اسم الله تعالى عنها . قال الرافعي : والجواب عن هذا بأن إثبات اسم الله تعالى هنا لغرض التمييز والإعلام ، لا على قصد الذكر قال : ويختلف التعظيم والاحترام بحسب اختلاف المقصود ; ولهذا يحرم على الجنب قراءة القرآن ، ولو أتى ببعض ألفاظه لا على قصد القراءة لم يحرم ، هذا كلام الرافعي .
( وأما ) حيوانهما فيستحب وسمه كما سبق . وقد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكوي في الجاعرتين وهما أصل الفخذين ، ولفظ رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم يوهم أن الذي كان يكوي في الجاعرتين هو النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب أو أنه nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كما أوضحته في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
( فرع ) قال البغوي والرافعي : لا يجوز خصاء حيوان لا يؤكل لا في صغره ولا في كبره . قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ; لأن فيه غرضا وهو طيب لحمه ولا يجوز في كبره . ووجه قولهما أنه داخل في عموم قوله تعالى - إخبارا عن الشيطان - { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } فخصص منه الختان والوسم ونحوهما وبقي الباقي داخلا في عموم الذم والنهي .