[ ص: 215 ] قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن وجبت عليه الزكاة وهو من أهل الخيم الذين ينتجعون لطلب الماء والكلأ فإنه ينظر فإن كانوا متفرقين كان موضع الصدقة من عند المال إلى حيث تقصر فيه الصلاة . فإذا بلغ حدا تقصر فيه الصلاة لم يكن ذلك موضع الصدقة وإن كان في حلل مجتمعة ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه كالقسم قبله ( والثاني ) أن كل حلة كالبلد ) .
( الشرح ) قوله " الخيم " هو بفتح الخاء وإسكان الياء والواحدة خيمة كتمرة وتمر بيضة وبيض ، ويجوز خيم بكسر الخاء وفتح الياء كبدرة وبدر ، وقيل : إنه على هذه اللغة محذوف الألف من خيام كما في قوله تعالى { جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس } وقرئ قيما ، وقالوا : ما ذكرناه ، ( والحلل ) بكسر الحاء جمع حلة بكسرها أيضا ، وهم الحي النازلون . قال أصحابنا : أرباب أموال الزكاة ضربان : ( أحدهما ) المقيمون في بلد أو قرية أو موضع من البادية ، لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا فعليهم صرف زكاتهم إلى من في موضعهم من الأصناف سواء المقيمون عندهم المستوطنون والغرباء المجتازون .
( الضرب الثاني ) أهل الخيام المتنقلون وهم صنفان ( أحدهما ) قوم مقيمون في موضع من البادية لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا إلا لحاجة ، فلهم حكم الضرب الأول فيصرفون زكاتهم إلى من في موضعهم ، فإن نقلوا عنه كانوا كمن نقل من بلد إلى بلد .
( الصنف الثاني ) أهل خيام ينتقلون للجهة ، وهم الذين إذا أخصب موضع رحلوا إليه وإذا أجدب موضع رحلوا منه ، فينظر فيهم فإن كانت حللهم متفرقة صرفوا الزكاة إلى جيران المال ، وهم من كان من المال على مسافة لا يقصر فيها الصلاة ، قال أصحابنا : فيجوز الدفع إلى هؤلاء قولا واحدا ، ولا يجيء فيهم الخلاف السابق في النقل من بلد إلى بلد لا تقصر إليه الصلاة ; لأنه لا يعد نقلا ، فإن نقلت عنهم إلى مسافة تقصر [ ص: 216 ] فيها الصلاة من موضع المال كان فيه الخلاف في النقل من بلد إلى بلد تقصر إليه الصلاة ، واتفق أصحابنا على جميع هذا المذكور قال أصحابنا : فإن كان من أهل الخيام قوم من الأصناف ينتقلون بانتقالهم وينزلون بنزولهم فالصرف إليهم أفضل من الصرف إلى جيرانهم الذين لا يظعنون بظعنهم ; لأنهم أشد جوارا ، فإن صرف إلى الآخرين جاز ، هذا كله فيمن خيامهم متفرقة فإن كانت مجتمعة وكل حلة متميزة عن الأخرى تنفرد عنها في الماء والمرعى فوجهان مشهوران ( أحدهما ) أنهم كالمتفرقين وأصحهما أن كل حالة كقرية فعلى هذا النقل منها كالنقل من القرية . وأما أهل الخيام الذين لا قرار ، لهم بل يطوفون البلاد أبدا فيصرفونها إلى من معهم ، فإن لم يكن معهم فإلى أقرب البلاد إليهم عند تمام الحول ، والله تعالى أعلم .