قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن نوى الطهارة لقراءة القرآن أو الجلوس في المسجد وغير ذلك مما يستحب له الطهارة ففيه وجهان : ( أحدهما ) : أنه لا يجزيه ; لأنه يستباح من غير طهارة فأشبه ما إذا توضأ للبس الثوب .
( والثاني ) : يجزيه لأنه يستحب له أن لا يفعل ذلك وهو محدث فإذا نوى الطهارة بذلك تضمنت نيته رفع الحدث ) .
( الشرح ) هذان الوجهان مشهوران ودليلهما ما ذكره ، وأصحهما عند الأكثرين أنه لا يصح ، ممن صححه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي والمحاملي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في كتابه شرح الفروع والبغوي والروياني في كتابه الكافي والرافعي وغيرهم ، وبه قطع البغوي في شرح السنة وجماعة من أصحاب المختصرات ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : وهو قول عامة أصحابنا ، وصحح جماعة الصحة منهم ابن الحداد والفوراني والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد في الفروق وولده إمام الحرمين في كتابه مختصر النهاية ، واتفق الأصحاب على أنه لو توضأ لما لا يستحب له الطهارة لا يرتفع حدثه . قال أصحابنا : قراءة القرآن والجلوس في المسجد والأذان والتدريس وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات وقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودراسة العلم الشرعي ، ففي كل هذه الصور الوجهان ، ذكرهالماوردي وغيره . قال الماوردي وغيره : ومما لا يستحب له الوضوء دخول السوق ، والسلام على الأمير ، ولبس الثوب ، والصيام ، وعقد البيع ، والنكاح ، والخروج إلى السفر ، ولقاء القادم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين : وكذا زيارة الوالدين . قال البغوي : وكذا [ ص: 367 ] عيادة : المريض وزيارة الصديق والنوم والأكل . وهذا الذي قاله في النوم غير مقبول بل يستحب الوضوء للنوم . ممن صرح به من أصحابنا المحاملي في اللباب ودليله الأحاديث الصحيحة منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9306قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل : اللهم أسلمت نفسي إليك } إلى آخر الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ولو نوى تجديد الوضوء أو نوى الجنب غسلا مسنونا ففي ارتفاع حدثه طريقان : ( أحدهما ) : أنه على الوجهين فيما يستحب له الطهارة وبهذا قطع الماوردي .
( والثاني ) وهو المذهب : القطع بأنه لا يرتفع حدثه وجنابته ; لأن هذه الطهارة ليس استحبابها بسبب الحدث ، فلا يتضمن رفعه بخلاف الطهارة لقراءة القرآن وشبهها . ولو نوى الجنب الغسل لقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المرور في المسجد ففي ارتفاع جنابته الوجهان اللذان في المحدث ، قال المحاملي في المجموع : وكذا لو نوى المحدث الوضوء للعبور في المسجد ففيه الوجهان