قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن نوى بطهارته رفع الحدث والتبرد والتنظيف صح وضوءه على المنصوص في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ; لأنه نوى رفع الحدث وضم إليه ما لا ينافيه ، ومن أصحابنا من قال : لا يصح وضوءه لأنه أشرك في النية بين القربة وغيرها ) .
( الشرح ) هذا الذي نقله عن النص هو المذهب الصحيح ، صححه الأصحاب وقطع به جماعات ، منهم صاحب التلخيص nindex.php?page=showalam&ids=15021والقفال والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي والفوراني والمحاملي وإمام الحرمين وابن الصباغ والبغوي وغيرهم ، والوجه الآخر محكي عن ابن سريج وضعفوا تعليله بالتشريك وقالوا : ليس هذا تشريكا وإنما صححنا وضوءه لأن التبرد حاصل سواء قصده أم لا ، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص ، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها ; لأن من ضرورتها حصول التبرد . ولو اغتسل [ ص: 368 ] بنية رفع الجنابة والتبرد ففيه الخلاف الذي في الوضوء . والصحيح الصحة ذكره الرافعي وغيره والله أعلم
( فرع ) قال صاحب الشامل : لو أحرم بالصلاة بنية الصلاة والاشتغال بها عن غريم يطالبه صحت صلاته ; لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى قصد . ولهذه المسألة نظائر في الطواف بنية الطواف والاشتغال عن الغريم وغيرها وسنوضحها هناك إن شاء الله تعالى
( فرع ) قال أصحابنا : لو أحرم بصلاة ينوي بها الفرض وتحية المسجد صحت صلاته وحصل له الفرض والتحية جميعا ; لأن التحية يحصل بها الفرض فلا يضر ذكرها تصريحا بمقتضى الحال ، واتفق أصحابنا على التصريح بحصول الفرض والتحية . وصرحوا بأنه لا خلاف في حصولهما جميعا ، ولم أر في ذلك خلافا بعد البحث الشديد سنين . وقال الرافعي nindex.php?page=showalam&ids=12795وأبو عمرو بن الصلاح : لا بد من جريان خلاف فيه كمسألة التبرد ، وهذا الذي قالاه لم ينقلاه عن أحد ، والمنقول ما ذكرناه والفرق ظاهر ، فإن الذي اعتمده الأصحاب في تعليل البطلان في مسألة التبرد هو التشريك بين القربة وغيرها ، وهذا مفقود في مسألة التحية ، فإن الفرض والتحية قربتان إحداهما تحصل بلا قصد فلا يضر فيها القصد كما لو رفع الإمام صوته بالتكبير ليسمع المأمومين ، فإن صلاته صحيحة بالإجماع ، وإن كان قد قصد أمرين لكنهما قربتان وهذا واضح لا يحتاج إلى زيادة بيان .
ولو نوى بغسله غسل الجنابة والجمعة حصلا جميعا هذا هو الصحيح وبه قطع المصنف في باب هيئة الجمعة والجمهور ، وحكى الخراسانيون وجها أنه لا يحصل واحد منهما ، قال إمام الحرمين : هذا الوجه حكاه أبو علي وهو بعيد ، قال : ولم أره لغيره ، وحكاه المتولي عن اختيار nindex.php?page=showalam&ids=14636أبي سهل الصعلوكي ، وعلى هذا يفرق بينه وبين التحية بأنها لا تحصل ضمنا وهذا بخلافها على الأصح ، وقال الرافعي : إذا نوى الجمعة والجنابة يبنى على أنه لو اقتصر على الجنابة هل تحصل الجمعة ؟ فيه قولان مشهوران ، إن قلنا : لا يحصل لم يصح الغسل كما لو نوى بصلاته الفرض والسنة ، وإن قلنا : يحصل وهو الأصح فوجهان كمسألة التبرد والأصح الحصول