قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن أفطر في رمضان بغير الجماع من غير عذر وجب عليه القضاء لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=35783من استقاء فعليه القضاء } ولأن الله تعالى أوجب القضاء على المريض والمسافر مع وجود العذر ، فلأن يجب مع عدم العذر أولى ، ويجب إمساك بقية النهار ; لأنه أفطر بغير عذر فلزمه إمساك بقية النهار ، ولا تجب عليه الكفارة ; لأن الأصل عدم الكفارة إلا فيما ورد به الشرع ، وقد ورد الشرع بإيجاب الكفارة في الجماع وما سواه ليس في معناه ; لأن الجماع أغلظ ولهذا يجب به الحد في ملك الغير ولا يجب فيما سواه فبقي الأصل ، وإن بلغ ذلك السلطان عزره ; لأنه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فثبت فيه التعزير كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية ) .
( الشرح ) هذا الحديث سبق بيانه : قال أصحابنا : إذا أفطر الصائم في نهار رمضان بغير الجماع من غير عذر مختارا عالما بالتحريم ، بأن أكل أو شرب أو استعط أو باشر فيما دون الفرج فأنزل ، أو استمنى فأنزل أثم ووجب عليه القضاء وامساك بقية النهار ولا يلزمه الكفارة العظمى وهي عتق رقبة وهل تلزمه الفدية ؟ وهي مد من الطعام ؟ فيه طريقان ( أصحهما ) وبه قطع العراقيون : لا يلزمه [ ص: 359 ] لما ذكره المصنف .
( والثاني ) حكاه الخراسانيون فيه وجهان ( أصحهما ) عند جمهورهم : لا يلزمه ( والثاني ) يلزمه ; لأنها إذا لزمت المرضع والحامل وهما معذورتان فهذا أولى . وهذا الوجه حكاه البندنيجي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال المصنف والأصحاب : وإذا علم السلطان أو نائبه بهذا عزره ; لما ذكره المصنف .
فرع ذكره أصحابنا الخراسانيون قالوا : لو رأى الصائم في رمضان مشرفا على الغرق ونحوه ولم يمكنه تخليصه إلا بالفطر ليتقوى فأفطر لذلك جاز ، بل هو واجب عليه ويلزمه القضاء وفي الفدية وجهان مشهوران ( أصحهما ) باتفاقهم لزومها كالمرضع ( والثاني ) لا يلزمه كالمسافر والمريض ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) قال أصحابنا : الإمساك تشبيها بالصائمين من خواص رمضان كالكفارة فلا إمساك على متعد بالفطر في نذر أو قضاء أو كفارة كما لا كفارة وهذا كله متفق عليه قال أصحابنا : ثم إن أمسك تشبها فليس هو في صوم بخلاف المحرم إذا أفسد إحرامه ويظهر أثره في أن المحرم لو ارتكب محظورا لزمته الفدية ولو ارتكب الممسك محظورا فلا شيء عليه بلا خلاف سوى الإثم وقد سبق بيان مسألة الإمساك إذا بان يوم الشك من رمضان ، قال أصحابنا : ويجب الإمساك على كل متعد بالفطر في رمضان ، سواء أكل أو ارتد أو نوى الخروج من الصوم إذا قلنا : يخرج منه بنية الخروج ويجب على من نسي النية من الليل ، وأما المسافر إذا أقام والمريض إذا برأ والصبي إذا بلغ والمجنون إذا أفاق والحائض والنفساء إذا طهرتا والكافر إذا أسلم وغيرهم ممن في معناهم فسبق بيان حكمهم في الإمساك في أوائل الباب مبسوطا والله أعلم .
[ ص: 360 ] فرع في مذاهب العلماء فيمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان عدوانا ذكرنا أن مذهبنا أن عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار ، وإذا قضى يوما كفاه عن الصوم وبرئت ذمته منه ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور العلماء . قال العبدري : هو قول الفقهاء كافة إلا من سنذكره إن شاء الله تعالى ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثني عشر يوما مكان كل يوم ; لأن السنة اثني عشر شهرا وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يلزمه صوم ثلاثين يوما وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي صوم ثلاثة آلاف يوم كذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وأصحابنا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهما " لا يقضيه صوم الدهر " . واحتج لهذا المذهب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=35608من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بإسناد غريب لكن لم يضعفه أبو داود وأما الكفارة فيه والفدية فمذهبنا أنه يلزمه شيء من ذلك كما سبق وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : ما لا يتغذى به في العادة كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة يوجب القضاء ولا كفارة ، وكذا إن باشر دون الفرج فأنزل أو استمنى فلا كفارة وقال الزهري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وإسحاق : تجب الكفارة العظمى من غير تفصيل وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والحسن nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك ، والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه يوجب الكفارة العظمى في كل فطر لمعصية كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وحكي عنه خلافه قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وروينا أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أن عليه تحرير رقبة فإن لم يجدها فبدنة أو بقرة أو عشرين صاعا من طعام دليلنا ما ذكره المصنف .
( وأما ) الحديث الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=22282أنه أمر الذي أفطر في [ ص: 361 ] شهر رمضان بكفارة الظهار } وفي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
( فجوابه من وجهين ) : ( أحدهما ) أنه ضعيف ، لأن الرواية الأولى مرسلة ، والثانية فيها nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم وهو ضعيف ( والجواب الثاني ) جواب nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أن هذا اختصار وقع من nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، فقد رواه أكثر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه مفسرا في قصة الذي وقع على امرأته في نهار رمضان قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهكذا كل حديث روي في هذا الباب ، مطلقا من وجه فقد روي من وجه آخر مفسرا بأنه في قصة الواقع على امرأته قال : ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفطر بالأكل شيء هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي والله أعلم .