. قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولو كان عليه قضاء شيء من رمضان فلم يصم حتى مات نظرت فإن أخره لعذر اتصل بالموت - لم يجب عليه شيء ; لأنه فرض لم يتمكن من فعله إلى الموت فسقط حكمه كالحج ، وإن زال العذر وتمكن فلم يصمه حتى مات أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام عن كل يوم ، ومن أصحابنا من قال : فيه قول آخر أنه يصام عنه لما روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37386من مات [ ص: 414 ] وعليه صيام صام عنه وليه } ولأنه عبادة تجب بإفسادها الكفارة ، فجاز أن يقضى عنه بعد الموت كالحج ، والمنصوص في الأم هو الأول وهو الصحيح ، والدليل عليه ما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37389من مات وعليه صيام فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين } ولأنه عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة فلا تدخلها النيابة بعد الموت كالصلاة .
( فإن قلنا ) [ إنه يصام عنه فصام عنه ] وليه أجزأه ، فإن أمر أجنبيا فصام عنه بأجرة أو بغير أجرة أجزأه كالحج ، وإن قلنا : يطعم عنه ، نظرت فإن مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه عن كل يوم مسكين ، وإن مات بعد ما أدركه رمضان آخر ففيه وجهان : ( أحدهما ) يلزمه مدان مد للصوم ، ومد للتأخير .
( والثاني ) يكفيه مد واحد للتأخير ; لأنه إذا أخرج مدا للتأخير زال التفريط بالمد ، فيصير كما لو أخره بغير تفريط فلا تلزمه كفارة ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رواه الترمذي ، وقال : هو غريب ، قال : والصحيح أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من قوله . وقول المصنف : عبادة تجب بإفسادها الكفارة احتراز من الصلاة ( وقوله ) عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة ، احتراز من الحج في حق المعضوب .
( أما حكم المسألة ) فقال أصحابنا : من مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه فله حالان : ( أحدهما ) أن يكون معذورا في تفويت الأداء ودام عذره إلى الموت كمن اتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت لم يجب شيء على ورثته ، ولا في تركته لا صيام ولا إطعام ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، ودليله ما ذكره المصنف من القياس على الحج . [ ص: 415 ] الحال الثاني ) أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره ، ولا يقضيه حتى يموت ، ففيه قولان مشهوران ( أشهرهما وأصحهما ) عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركته لكل يوم مد من طعام ، ولا يصح صيام وليه عنه ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد : هذا هو المنصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في كتبه الجديدة ، وأكثر القديمة ( والثاني ) وهو القديم وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار ، أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت ، ولكن يلزم الولي الصوم ، بل هو إلى خيرته ، ودليلهما في الكتاب ، وسأفرد له فرعا أبسط أدلته فيه إن شاء الله .
قال المصنف والأصحاب : فإذا قلنا بالقديم فأمر الولي أجنبيا فصام عن الميت بأجرة أو بغيرها ، جاز بلا خلاف كالحج ، ولو صام الأجنبي مستقلا به من غير إذن الولي فوجهان مشهوران ( أصحهما ) لا يجزئه ، قال صاحب البيان : وهذا هو المشهور في المذهب ، وقد أشار إليه المصنف بقوله : وإن أمر أجنبيا ، وأما المراد بالولي الذي يصوم عنه وليه . وقال صاحب الحاوي : مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم والجديد أنه يطعم عنه ولا يصام عنه ، قال وحكى بعض أصحابنا عن القديم أنه يصوم عنه وليه ; لأنه . قال فيه : قد روي لك في ذلك خبر ، فإن صح قلت به ، فجعله قولا ثانيا قال : وأنكر سائر أصحابنا أن يكون صوم الولي عنه مذهبا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رضي الله عنه وتأولوا الأحاديث الواردة { nindex.php?page=hadith&LINKID=37386من مات وعليه صوم صام عنه وليه } إن صح على أن المراد الإطعام ، أي يفعل عنه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام ، وفرقوا بينه وبين الحج بأن الحج تدخله النيابة في الحياة ولا تدخل الصوم النيابة في الحياة بلا خلاف هذا هو المشهور عند الأصحاب .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=4720أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها } رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين ، وفي المسألة أحاديث غير ما ذكرته ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن الكبرى هذه الأحاديث ، وأحاديث كثيرة بمعناها ، ثم قال : فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيام ، قال : وكان nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال في القديم : قد روي في الصوم عن الميت شيء فإن كان ثابتا صيم عنه كما يحج عنه . وأما في الجديد فقال : روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه يصوم عنه وليه " قال : وإنما نأخذ به ; لأن الزهري روى عن عبيد الله بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 417 ] نذرا ولم يسمه مع حفظ الزهري وطول مجالسة عبيد الله بن عباس ، فلما روى غيره عن رجل عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس غير ما في حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : يعني به حديث nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=6425أن nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها نذر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقضه عنها } قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا الحديث صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وغيره عن الزهري ، إلا أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=4724أن امرأة سألت } يعني عن الصوم عن أمها ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة nindex.php?page=showalam&ids=16024وسلمة بن كهيل عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ورواه عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ورواه بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا في معرفة السنن والآثار : قد ثبت جواز قضاء الصوم عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس ، وفي رواية أكثرهم " أن امرأة سألت " وقد ثبت الصوم عنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ورواية بريدة ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الكتابين : فالأشبه أن تكون قصة السؤال فيها عن الصيام بعينه غير قصة nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، التي سأل فيها عن نذر مطلق ، كيف وقد ثبت الصوم عنه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وحديث بريدة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بما روى عن nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن حجاج الأحول عن أيوب بن موسى عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31740لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه } . وفي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه في صيام رمضان يطعم عنه ، وفي النذر يصوم عنه وليه قال : ورأيت بعضهم ضعف حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بما روي عن عمارة بن عمير عن امرأة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في امرأة ماتت وعليها صوم قالت : يطعم عنها ، وروي عن عائشة " لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم " قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وليس فيما ذكروا ما يوجب ضعف الحديث في الصيام عنه ; لأن من يجوز الصيام عن الميت يجوز [ ص: 418 ] الإطعام عنه ، قال : وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر ، والأحاديث المرفوعة أصح إسنادا وأشهر رجالا ، وقد أودعها صاحبا الصحيحين كتابيهما ، ولو وقف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على جميع طرقها ونظائرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى . هذا آخر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
( قلت ) الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب ; للأحاديث الصحيحة السابقة ، ولا معارض لها ويتعين أن يكون هذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنه قال : " إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له " وقد صحت في المسألة أحاديث كما سبق ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إنما وقف على حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من بعض طرقه كما سبق ، ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث بريدة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف ذلك كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي فيما قدمناه عنه في آخر كلامه ، فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة فيتعين العمل بها لعدم المعارض لها . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الإطعام عنه فقد سبق قول الترمذي فيه أنه لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من الحفاظ : لا يصح مرفوعا ، وإنما هو من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وإنما رفعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=22438عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يموت وعليه رمضان لم يقضه ، قال : يطعم عنه لكل يوم نصف صاع بر } قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا خطأ من وجهين ( أحدهما ) رفعه ، وإنما هو موقوف ( الثاني ) قوله ( نصف صاع ) فإنما قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مدا من حنطة .
( قلت ) وقد اتفقوا على تضعيف محمد بن أبي ليلى ، وأنه لا يحتج بروايته ، وإن كان إماما في الفقه . وأما ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي [ ص: 419 ] عن بعض أصحابنا من تضعيف حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة بمخالفتهما لروايتهما فغلط من زاعمه ; لأن عمل العالم وفتياه بخلاف حديث رواه لا يوجب ضعف الحديث ولا يمنع الاستدلال به ، وهذه قاعدة معروفة في كتب المحدثين والأصوليين لا سيما وحديثاهما في إثبات الصوم عن الميت في الصحيح والرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في فتياها من عند نفسها بمنع الصوم ضعيف لم يحتج به لو لم يعارضها شيء ، كيف وهي مخالفة للأحاديث الصحيحة . وأما تأويل من تأول من أصحابنا " صام عنه وليه " أي أطعم بدل الصيام ، فتأويل باطل يرده باقي الأحاديث .
( فرع ) إذا قلنا : لا يصام عن الميت بل يطعم عنه ، فإن مات قبل رمضان الثاني أطعم عنه لكل يوم مد من طعام بلا خلاف عندنا ، وإن مات بعد مجيء رمضان الثاني فوجهان حكاهما المصنف والأصحاب وهما مشهوران ذكر المصنف دليلهما ( أحدهما ) قاله ابن سريج يطعم لكل يوم مد ( وأصحهما ) عن كل يوم مدان ، وبه قال جمهور أصحابنا المتقدمين ، واتفق المتأخرون على تصحيحه ، وقد سبقت هذه المسألة واضحة مع نظائرها قبل هذا الفصل بقليل ، وسبق تفريع كثير على القولين .
( فرع ) حكم صوم النذر والكفارة وجميع أنواع الصوم الواجب سواء في جميع ما ذكرناه ، ففي الجديد يطعم عنه لكل يوم مد ، وفي القديم للولي أن يطعم عنه وله أن يصوم عنه كما سبق ، والصحيح هو القديم كما سبق .
( فرع ) إذا قلنا : إنه يجوز صوم الولي فصام عنه ثلاثون إنسانا في يوم واحد هل يجزئه عن صوم جميع رمضان ؟ فهذا مما لم أر لأصحابنا كلاما فيه ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه يجزئه ، وهذا هو الظاهر الذي نعتقده .
[ ص: 420 ] ( فرع ) لو مات وعليه صلاة أو اعتكاف ، لم يفعلهما عنه وليه ، ولا يسقط عنه بالفدية صلاة ولا اعتكاف . هذا هو المشهور في المذهب والمعروف من نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وغيره . نقل nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال في الاعتكاف : يعتكف عنه وليه . وفي رواية يطعم عنه . قال البغوي : ولا يبعد تخريج هذا في الصلاة فيطعم عن كل صلاة مد ، فإذا قلنا بالإطعام في الاعتكاف فالقدر المقابل بالمد هو اعتكاف يوم بليلته . هكذا ذكره إمام الحرمين عن نقل شيخه . ثم قال الإمام وهو مشكل ، فإن اعتكاف لحظة عبادة تامة . ونقل صاحب البيان في آخر كتاب الاعتكاف أن الصيدلاني حكى أنه يطعم في الاعتكاف عنه لكل يوم مسكين ، قال : ولم أجد هذا لغير الصيدلاني .
( فرع ) في حكم الفدية وبيانها ، سواء الفدية المخرجة عن الميت والمرضع والحامل والشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه ، ومن عصى بتأخير قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر ، ومن أفطر عمدا وألزمناه الفدية على وجه ضعيف ، وغيرهم ممن تلزمه فدية الصوم وهي مد من طعام لكل يوم جنسه جنس زكاة الفطر ، فيعتبر غالب قوت بلده في أصح الأوجه ، وفي الثاني : قوت نفسه ، وفي الثالث : يتخير بين جميع الأقوات ويجيء فيه الخلاف والتفريع السابق هناك ، ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الحب المعيب ولا القيمة ، ولا غير ذلك مما سبق هناك . ومصرفها الفقراء أو المساكين ، وكل مد منها منفصل عن غيره ، فيجوز صرف أمداد كثيرة عن الشخص الواحد والشهر الواحد إلى مسكين واحد أو فقير واحد ، بخلاف إمداد الكفارة فإنه يجب صرف كل مد إلى مسكين ولا يصرف إلى مسكين من كفارة واحدة مدان ، لأن الكفارة شيء واحد وأما الفدية عن أيام رمضان فكل يوم مستقبل بنفسه لا يفسد بفساد ما قبله ولا ما بعده ، وممن صرح بمعنى هذه الجملة البغوي والرافعي .
[ ص: 421 ] فرع في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض أو سفر أو غيرهما من الأعذار ولم يتمكن من قضائه حتى مات . ذكرنا أن مذهبنا أنه لا شيء عليه ولا يصام عنه ولا يطعم عنه بلا خلاف عندنا . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك والجمهور . قال العبدري : وهو قول العلماء كافة إلا nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة فقالا : يجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين ; لأنه عاجز فأشبه الشيخ الهرم . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من أصحابنا لمذهبنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39437وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم واحتجوا أيضا بالقياس على الحج كما ذكره المصنف ، وفرقوا بينه وبين الشيخ الهرم بأن الشيخ عامر الذمة ومن أهل العبادات بخلاف الميت .
فرع في مذاهبهم فيمن تمكن من صوم رمضان فلم يصمه حتى مات . قد ذكرنا أن في مذهبنا قولين ( أشهرهما ) يطعم عنه كل يوم مد من طعام ( وأصحهما ) في الدليل يصوم عنه وليه ، وممن قال بالصيام عنه nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق : يصام عنه صوم النذر ، ويطعم عن صوم رمضان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : يطعم عنه ، ولا يجوز الصيام عنه ، لكن حكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري أنه يطعم عن كل يوم مدان .
( الثالثة ) عن nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31917لا يقول أحدكم : إني صمت رمضان كله وقمته } ، فلا أدري أكره التزكية أو قال : لا بد من نومة أو رقدة " رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة ، وممن ذكره من أصحابنا صاحب البيان .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : " دخل nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم ، فقال : ما لها لا تتكلم ؟ فقالوا : حجت مصمتة ، فقال لها : تكلمي فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه . [ ص: 423 ] قوله : امرأة من أحمس هو - بالحاء والسين المهملتين - وهي قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في معالم السنن في تفسير الحديث الأول : كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات ، وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق ، فنهوا - يعني في الإسلام - عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم أن الصمت إلى الليل مكروه . وقال صاحب التتمة في هذا الباب : جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة ، وليس له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان ، لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة زكريا عليه السلام { إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا : شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهي ، جعل ذلك قربة ، ومن قال : شرع من قبلنا لا يلزمنا ، قال : لا يستحب ذلك ، هذا كلام صاحب التتمة ، وهو كلام بناه على شرعنا لم يرد فيه نهي ، وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب .
( السابعة ) يستحب صون نفسه في رمضان عن الشهوات فهو سر الصوم ، ومقصوده الأعظم ، وسبق أنه يحترز عن الغيبة والكلام القبيح والمشاتمة والمسافهة وكل ما لا خير فيه من الكلام .
( التاسعة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يكره للصائم السواك بعد الزوال هذا هو المشهور ، ولا فرق بين صوم النفل والفرض ، وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين : لا يكره في النفل ليكون أبعد من الرياء ، وهذا غريب ضعيف ، nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول غريب أن السواك لا يكره في كل صوم لا قبل الزوال ولا بعده ، وقد سبقت المسألة في باب السواك مبسوطة ، قال أصحابنا : وإذا استاك فلا فرق بين السواك الرطب واليابس بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه أو من رطوبته ، فإن ابتلعه أفطر . والاستياك قبل الزوال بالرطب واليابس جائز بلا كراهة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وكرهه بالرطب جماعة حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=12171عمرو بن شرحبيل والشعبي والحكم nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أخرى أنه لا يكره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وممن قال بالسواك للصائم قبل الزوال وبعده nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك وكرهه بعد الزوال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
( العاشرة ) قد سبق أن الحيض والنفاس والجنون والردة كل واحد منهما يبطل الصوم ، سواء طال أم كان لحظة من النهار ، وصوم الصبي المميز صحيح والذي لا يميز لا يصح ، وكذا لا يصح صوم السكران ، قال أصحابنا : شرط الصوم الإسلام والتمييز إلا المغمى عليه والنائم كما سبق فيهما ، والنقاء عن الحيض والنفاس والوقت القابل للصوم احتراز عن العيد والتشريق .