قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ويستحب أن يسمي الله تعالى على الوضوء لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من توضأ وذكر اسم الله تعالى عليه كان طهورا لجميع بدنه } " فإن نسي التسمية في أولها وذكرها في أثنائها أتى بها حتى لا يخلو الوضوء من اسم الله عز وجل ، وإن تركها عمدا أجزأه لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=3809من توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لما مر عليه الماء } " ) .
( الشرح ) هذا الحديث الذي ذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه هو حديث واحد فرقه فرقتين ، ولهذا قال في الثاني : ومن توضأ بواو العطف وهو حديث ضعيف عند أئمة الحديث ، وقد بين nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وجوه ضعفه ، وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل فيما نقله الترمذي وغيره أنه قال : لا أعلم في التسمية حديثا ثابتا ، والحديث المذكور في الكتاب رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما ، وروى أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31122لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } " وكذا رواه الترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري . قال الترمذي : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ، وأسانيد هذه الأحاديث كلها ضعيفة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هذه الأحاديث ثم قال : أصح ما في التسمية حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=40773أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 385 ] وضع يده في الإناء الذي فيه الماء ثم قال توضئوا باسم الله ، قال . فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه والقوم يتوضؤن حتى توضئوا من عند آخرهم وكانوا نحو سبعين رجلا } " ، وإسناده جيد .
واحتج به nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار . وضعف الأحاديث الباقية . وأما قول الحاكم أبي عبد الله في المستدرك على الصحيحين في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أنه حديث صحيح الإسناد ، فليس بصحيح لأنه انقلب عليه إسناده واشتبه . كذا قاله الحفاظ ويمكن أن يحتج في المسألة بحديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بذكر الله } " وقد سبق إيضاحه وبيان طرقه في أول الكتاب والله أعلم . ومعنى " كان طهورا لجميع بدنه أو لما مر عليه الماء " أي مطهرا من الذنوب الصغائر .
( وأما حكم المسألة ) : فالتسمية مستحبة في الوضوء وجميع العبادات وغيرها من الأفعال حتى عند الجماع ، كذا صرح به nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وصاحبه ابن الصباغ والشيخ نصر وآخرون ، قال الشيخ نصر : وكذا عند الخروج من بيته ، وعقد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في ذلك بابا في صحيحه فقال : باب التسمية على كل حال وعند الوقاع . واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33557لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره الشيطان } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . واعلم أن أكمل التسمية أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال باسم الله فقط حصل فضيلة التسمية بلا خلاف ، صرح به الماوردي في كتابيه الحاوي والإقناع ، وإمام الحرمين وابن الصباغ nindex.php?page=showalam&ids=14922والشيخ نصر في كتابه الانتخاب ، والغزالي في الوجيز ، والمتولي والروياني والرافعي وغيرهم والله أعلم وأما قول المصنف فإن نسي التسمية في أولها وذكر في أثنائها أتى بها فهكذا نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وبوب لها بابا قال فيه : ( فإن سها عنها سمى متى ذكر إن ذكر قبل أن يكمل الوضوء ) ونقله nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي وأبو علي البندنيجي وغيرهم عن نصه في القديم أيضا .
وقول المصنف : ( وذكر في أثنائها ) إشارة إلى ما صرح به الأصحاب أنه لو لم يسم حتى فرغ من [ ص: 386 ] الطهارة لم يسم لفوات محلها ، ممن صرح به nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والمتولي والروياني وغيرهم ، ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كما سبق . وأما قوله : ( فإن نسي التسمية أتى بها ) فهو موافق لنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كما سبق ، وكذا عبارة كثيرين وهو يوهم أنه لو ترك التسمية عمدا لم يأت بها في الأثناء ، وليس الحكم كذلك بل من تركها عمدا استحب أن يأتي بها في أثنائها كالناسي ، كذا صرح به المحاملي في المجموع والجرجاني في التحرير وغيرهما ويستحب إذا سمى في أثناء الطهارة أن يقول : باسم الله على أوله وآخره ، كما يستحب ذلك في الطعام للحديث الصحيح فيه والله أعلم .
وأما قوله : ( وذكر في أثنائها ) فالضمير فيه يعود إلى الطهارة ، والأثناء تضاعيف الشيء وخلاله ، وأحدها ثني بكسر الثاء وإسكان النون ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري وغيره .
( فرع ) المذهب الصحيح الذي قطع به المصنف والأكثرون أن التسمية سنة من سنن الوضوء ، وذكر الخراسانيون في التسمية وغسل الكفين والسواك وجهين : ( أحدهما ) أنها كلها من سنن الوضوء .
( والثاني ) أنها سنن مستقلة عند الوضوء لا من سننه ، لأنها ليست مختصة به ، قال إمام الحرمين : هذا وهم عندي فإن هذه السنن من الوضوء ولا يمتنع أن يشرع الشيء في مواضع ، وليس شرط كون الشيء من الشيء أن يكون من خصائصه ، فإن السجود ركن في الصلاة ومشروع في غيرها لتلاوة وشكر ، ومن قال غير هذا فهو غالط ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد : التسمية وغسل الكفين هيئة وليس بسنة ، إنما السنة ما كان من وظائف الوضوء الراتبة معها ، قال الماوردي : هذه مخالفة في العبارة والمعنى واحد .
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14922الشيخ نصر المقدسي في آخر صفة الوضوء من كتابيه التهذيب والانتخاب : يستحب أن يقول في أول وضوئه بعد التسمية ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) وهذا الذي ذكره غريب لا نعلمه لغيره ولا أصل له وإن كان لا بأس به . [ ص: 387 ] فرع ) قد ذكرنا أن التسمية سنة وليست بواجبة ، فلو تركها عمدا صح وضوءه . هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وجمهور العلماء ، وهو أظهر الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وعنه رواية أنها واجبة ، وحكى الترمذي وأصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه أنها واجبة ، إن تركها عمدا بطلت طهارته ، وإن تركها سهوا أو معتقدا أنها غير واجبة لم تبطل طهارته . وقال المحاملي وغيره : وقال أهل الظاهر : هي واجبة بكل حال وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رواية أنها ليست بمستحبة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رواية أنها بدعة ورواية أنها مباحة لا فضيلة في فعلها ولا تركها . واحتج من أوجبها بحديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=31123لا وضوء لمن لم يسم الله } " ولأنها عبادة يبطلها الحدث فوجب في أولها نطق كالصلاة . واحتج أصحابنا عليهم بقوله تعالى : ( { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=17016توضأ كما أمرك الله } " وأشباه ذلك من النصوص الواردة في بيان الوضوء وليس فيها إيجاب للتسمية . واحتجوا أيضا بالحديث المذكور في الكتاب وهو ضعيف كما سبق . ولأنها عبادة لا يجب في آخرها ذكر فلا يجب في أولها كالطواف ، وفيه احتراز من الصلاة ، وكذا سجود التلاوة إذا قلنا بالأصح : إنه يشترط السلام فيه . والجواب عن الحديث من أوجه أحسنها أنه ضعيف كما سبق .
( والثاني ) المراد لا وضوء كامل .
( والثالث ) جواب nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة شيخ nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك والدارمي nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي حسين وجماعة آخرين حكاه عنهم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : المراد بالذكر النية . والجواب عن قياسهم من وجهين ( أحدهما ) أنه منتقض بالطواف .
( والثاني ) نقلبه عليهم فنقول : عبادة يبطلها الحدث فلم تجب التسمية في أولها كالصلاة والله أعلم .