( الشرح ) : حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رواها كلها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بلفظها ، إلا حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فلفظهما فيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=8668أهل النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحج } ( وأما ) قوله ليس معه عمرة فليست في روايتهما ورواها nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد ضعيف . أما الأحكام ، فقد أتفقت نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب على جواز الإحرام على خمسة أنواع ، الإفراد ، والتمتع ، والقران ، والإطلاق ، وهو أن يحرم بنسك مطلقا ، ثم يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة أو كليهما ، والتعليق وهو أن يحرم بإحرام كإحرام فهذه الأنواع الخمسة جائزة بلا خلاف ، وذكر المصنف هنا الثلاثة الأولى ( وأما ) النوعان الآخران : فذكرهما في باب الإحرام وسنوضحهما هناك إن شاء الله تعالى .
( وأما ) الأفضل من هذه الأنواع الثلاثة الأولى ففيه طرق وأقوال منتشرة ( الصحيح ) منها الإفراد ، ثم التمتع ، ثم القران ، هذا هو المنصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله تعالى في عامة كتبه ، والمشهور من مذهبه ( والقول الثاني ) أن أفضلها التمتع ، ثم الإفراد ، وهذا القول في الكتاب ، وهذا الثاني نصه في كتاب اختلاف الحديث ، حكاه عنه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والأصحاب ( والثالث ) : أفضلها الإفراد ، ثم القران ، ثم التمتع ، حكاه صاحب الفروع ، والسرخسي وصاحب البيان ، وآخرون ، قالوا : نص عليه في أحكام القرآن ، وممن اختاره من أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق المروزي والقاضي حسين في تعليقه . قال أصحابنا : وشرط تقديم الإفراد أن يحج ، ثم يعتمر في سنة ، فإن أخر العمرة عن سنة فكل واحد من التمتع والقران أفضل منه بلا خلاف ; لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه .
[ ص: 143 ] هكذا قاله جماهير الأصحاب ، ممن صرح به الماوردي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه . وصاحب الشامل والبيان والرافعي وآخرون ، وقال القاضي حسين والمتولي : الإفراد أفضل من التمتع والقران ، سواء اعتمر في سنته أم في سنة أخرى ، وهذا شاذ ضعيف ، والله أعلم .
( فرع ) : في مذاهب العلماء في الإفراد والتمتع والقران . قد ذكرنا أن مذهبنا جواز الثلاثة ، وبه قال العلماء كافة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، إلا ما ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان رضي الله عنهما أنهما كانا ينهيان عن التمتع ، وقد ذكر الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه وآخرون من أصحابنا ومن غيرهم من العلماء في نهي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعثمان تأويلين : ( أحدهما ) : أنهما نهيا عنه تنزيها ، وحملا للناس على ما هو الأفضل عندهما وهو الإفراد ، لا أنهما يعتقدان بطلان التمتع هذا مع علمهما بقول الله تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } ( والثاني ) : أنهما كانا ينهيان عن التمتع الذي فعلته الصحابة في حجة الوداع ، وهو فسخ الحج إلى العمرة ; لأن ذلك كان خاصا لهم كما سنذكره واضحا إن شاء الله تعالى ، وهذا التأويل ضعيف وإن كان مشهورا وسياق الأحاديث ، الصحيحة يقتضي خلافه . ومن العلماء من أصحابنا وغيرهم من يقتضي كلامه أن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بطلان التمتع وهو ضعيف ولا ينبغي أن يحمل كلامه عليه ، بل المختار في مذهبه ما قدمته والله أعلم .
قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الإفراد أفضل ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق المروزي : القران أفضل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : التمتع أفضل . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف أن التمتع والقران أفضل من الإفراد . وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء أن الأنواع الثلاثة سواء في الفضيلة لا أفضلية لبعضها على بعض ، ودليل الجميع يفهم مما ذكره المصنف ومما سأذكره إن شاء الله تعالى بعد هذا ، والله أعلم . [ ص: 144 ] فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في المختصر : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في اختلاف الحديث : ليس شيء من الاختلاف أيسر من هذا ، وإن كان الغلط فيه قبيحا من جهة أنه مباح ; لأن الكتاب ، ثم السنة ، ثم ما لا علم فيه خلاف يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسع كله ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وثبت أنه صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=18373خرج ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء وهو فيما بين الصفا والمروة ، فأمر أصحابه أن من كان منهم أهل بالحج - ولم يكن معه هدي - أن يجعلها عمرة وقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة } .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ( فإن ) قال قائل : فمن أين أثبت حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر يعني روايتهم للإفراد دون حديث من قال قرن ؟ ( قيل : ) لتقدم صحبة nindex.php?page=showalam&ids=36جابر للنبي صلى الله عليه وسلم وحسن سياقه لابتداء الحديث وآخره لرواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وفضل حفظها عنه ، وقرب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر منه ، هذا نصه في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني قال الماوردي : يعني قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ليس من الخلاف أيسر من هذا ; لأنه مباح ليس فيه تغيير حكم ; لأن الإفراد والتمتع كلها جائزة ، قال : وقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإن كان الغلط فيه قبيحا يحتمل أمرين : ( أحدهما ) : أنه أراد الإنكار على الرواة حيث لم يتفقوا على نقلها ، وهي حجة واحدة ( والثاني ) : أنه أراد الإنكار على من لا معرفة له بالأحاديث وترتيب مختلفها ، والجمع بينها ، وأنها غير متضادة ، بل يجمع بينها ، هذا كلام الماوردي . وقال القاضي حسين : وإنما استيسر الخلاف فيه ; لأن الأنواع الثلاثة منصوص عليها في القرآن ، وكلها منقولة عنه صلى الله عليه وسلم صحيحة عنه ، وكلها جائزة بالإجماع ( أما ) الإفراد فبين في قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ( وأما ) التمتع ففي قوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } وأما القران ففي قوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } هذا كلام القاضي حسين ، وفي الاستدلال بهذه الأخيرة للقران نظر ، وقد استدل بها أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لمذهبهم في ترجيح القران ، وأنكر ذلك أصحابنا وقالوا : لا دلالة في الآية [ ص: 145 ] للقران ; لأنه ليس في الآية أكثر من جمع الحج والعمرة في الذكر ، ولا يلزم من ذلك جمعهما في الفعل ، نظيره قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه في شرح كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا وقوله وإن كان الغلط فيه قبيحا يعني اختلافهم فيها قبيح ، قال : ثم عذرهم في ذلك فإنه قد كان ثبت عندهم أن الإفراد والتمتع والقران كلها جائزة لم يهتموا بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يعلمونه علما قطعيا ، ويتفقون عليه ، بل اقتصر كل واحد على ما غلب على ظنه كما رواه وسمعه منه ، مع أمور فوق ظنه في روايته ، والله أعلم .
( فرع ) في طريق الجمع بين هذه الأحاديث الصحيحة على الوجه الذي تقتضيه طرقها . قد سبق في هذه الأحاديث الصحيحة أن من الصحابة من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفردا ، ( ومنهم ) من روى أنه كان قارنا ، ( ومنهم ) من روى أنه كان متمتعا ، وكله في الصحيح وهي قصة واحدة ، فيجب تأويل جميعها ببعضها ، والجمع بينها ، وصنف nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم الظاهري كتابا فيها حاصله أنه اختار القران وتأول باقي الأحاديث وتأويل بعضها ليس بظاهر فيما قاله ، ( والصواب ) الذي نعتقده أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج مفردا ، ثم أدخل عليه العمرة فصار قارنا ، وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا ، وعلى الأصح . لا يجوز لنا ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=40025وجاز للنبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة للحاجة ، وأمر به في قوله لبيك عمرة في حجة } كما سبق . فإذا عرفت ما قلناه سهل الجمع بين الأحاديث ، فمن روى أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا وهم الأكثرون كما سبق أراد أنه اعتمر أول الإحرام ، ( ومن ) روى أنه كان قارنا أراد أنه اعتمر آخره ، وما بعد إحرام ( ومن ) روى أنه كان متمتعا أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والالتذاذ ، وقد انتفع بأن كفاه عن النسكين فعل واحد ، ولم يحتج إلى إفراد كل واحد بعمل ، ويؤيد هذا الذي ذكرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر تلك السنة عمرة مفردة ، لا قبل الحج ولا بعده ، وقد قدمنا أن القران أفضل من إفراد الحج من غير عمرة بلا خلاف ، ولو جعلت حجته صلى الله عليه وسلم مفردة لزم منه أن لا يكون اعتمر تلك السنة ، ولم يقل أحد : إن الحج وحده أفضل من القران ، وعلى هذا الجمع الذي ذكرته ينتظم الأحاديث كلها في حجته صلى الله عليه وسلم في نفسه
( وأما ) الصحابة فكانوا ثلاثة أقسام : ( قسم ) أحرموا بحج وعمرة ، أو بحج ومعهم هدي فبقوا عليه حتى تحللوا منه يوم النحر ( وقسم ) بعمرة [ ص: 155 ] فبقوا في عمرتهم حتى تحللوا قبل يوم عرفة ثم أحرموا بالحج من مكة ( وقسم ) بحج وليس معه هدي فيها ولا أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يقلبوا حجهم عمرة وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة ، وعلى هذا تنتظم الروايات في إحرام الصحابة ( فمن ) روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الطائفة الذين علم منهم وظن أن الباقين مثلهم ، فهذا الذي ذكرته من الجمع والتأويل هو المعتمد وحاصله ترجيح الإفراد لأن النبي صلى الله عليه وسلم اختاره أولا ، وإنما أدخل عليه العمرة لتلك المصلحة السابقة وهي بيان جواز الاعتمار في أشهر الحج وكانت العرب تعتقد أن ذلك من أفجر الفجور ، وأراد بيانه في تلك السنة التي جمعت من الخلق ما لم يجتمع قبلها مثلها ، ليظهر فيهم ذلك ويشتهر جوازه وصحته عند جمعهم ، وإن كان صلى الله عليه وسلم قد اعتمر قبل ذلك مرات في أشهر الحج ، إلا أنها لم تشتهر اشتهار هذه في حجة الوداع ولا قريبا منها ، وكل هذا لا يخرج الإفراد عن كونه الأفضل . وتأول جماعة من أصحابنا الأحاديث التي جاءت أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا أو قارنا أنه أمر بذلك ، كما قالوا : رجم ماعزا أي أمر برجمه ، وهذا ضعيف يرده صريح الروايات الصحيحة السابقة ، بل الصواب ما قدمته قريبا ، والله أعلم . .
( فرع ) قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=14228أبو سليمان الخطابي : طعن جماعة من الجهال وكفرة من الملحدين في الأحاديث والرواة ، حيث اختلفوا في حجة النبي صلى الله عليه وسلم هل كان مفردا أو متمتعا أو قارنا ؟ وهي حجة واحدة مختلفة الأفعال ، ولو يسروا للتوفيق واغتنوا بحسن المعرفة لم ينكروا ذلك ، ولم يدفعوه ، قال : وقد أنعم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - ببيان هذا في كتاب اختلاف الحديث . وجود الكلام فيه ، وفي اقتصاص كل ما قاله تطويل ، ولكن الوجيز المختصر من جوامع ما قال أن معلوما في لغة العرب جواز إضافة الفعل إلى الآمر به ، لجواز إضافته إلى الفاعل ، كقولك : بنى فلان دارا إذا أمر ببنائها ، وضرب الأمير فلانا إذا أمر بضربه ، ورجم [ ص: 156 ] النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا وقطع سارق رداء صفوان ، وإنما أمر بذلك . ومثله كثير في الكلام ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم القارن والمفرد والمتمتع ، وكل منهم يأخذ عنه أمر نسكه ويصدر عن تعليمه ، فجاز أن تضاف كلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على معنى أنه أمر بها وأذن فيها . قال : ويحتمل أن بعضهم سمعه يقول : لبيك بحجة ، فحكى أنه أفرد وخفي عليه قوله : وعمرة ، فلم يحك إلا ما سمع ، وسمع أنس وغيره الزيادة ، وهي لبيك بحجة وعمرة ، ولا ينكر قبول الزيادة ، وإنما يحصل التناقص لو كان الزائد نافيا لقول صاحبه ، فأما إذا كان مثبتا له وزائدا عليه فليس فيه تناقض . قال : ويحتمل أن يكون الراوي سمعه يقول ذلك لغيره على وجه التعليم ، فيقول له : لبيك بحجة وعمرة على سبيل التلقين . فهذه الروايات المختلفة في الظاهر ليس فيها تكاذب والجمع بينها سهل كما ذكرنا ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=2796أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة إحراما موقوفا ، وخرج ينتظر القضاء فنزل عليه الوحي وهو على الصفا ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي أن يجعله عمرة ، وأمر من كان معه هدي أن يحج } هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : ( قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث من علماء وغيرهم ، فمن مجيد منصف ومن مقصر متكلف ، ومن دخيل مكره ، ومن مقتصر مختصر ، وأوسعهم نفسا في ذلك أبو جعفر الطبري الحنفي ) وإن كان تكلف في ذلك في زيادة على ألف ورقة ، وتكلم معه في ذلك أيضا أبو جعفر الطبري . ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة بن المهلب ، والقاضي أبو عبد الله بن المرابط ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=15003أبو الحسين بن القصار البغدادي والحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر وغيرهم . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وأولى ما يقال في هذا ما لخصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث [ ص: 157 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للناس من فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها إذ لو أمر بواحد لكان غيره يظن أنه لا يجزئ ، فأضيف الجميع إليه ، وأخبر كل واحد بما أمره به وأباحه له ، ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما لأمره به ، وإما لتأويله عليه .
( وأما ) إحرامه صلى الله عليه وسلم بنفسه فأخذ بالأفضل فأحرم مفردا بالحج ، وبه تظاهرت الروايات الصحيحة ، وأما الروايات بأنه كان متمتعا فمعناها أمر به ، وأما الروايات بأنه كان قارنا فإخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه بل إخبار عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل من حجهم ، وقلبه إلى عمرة لمخالفة الجاهلية إلا من كان معه هدي ، فكان هو صلى الله عليه وسلم ومن معه في الهدي في آخر إحرامهم قارنين ، بمعنى أنهم أردفوا الحج بالعمرة ، وفعل ذلك مواساة لأصحابه ، وتأنيسا لهم في فعلها في أشهر الحج ، لكونها كانت منكرة عندهم في أشهر الحج ، ولم يمكنه التحلل معهم لسبب الهدي واعتذر إليهم بذلك في ترك مواساتهم فصار صلى الله عليه وسلم قارنا في آخر أمره .
وقد اتفق جمهور العلماء على جواز إدخال الحج على العمرة ، وشذ بعض الناس فمنعه وقال : لا يدخل إحرام على إحرام كما لا يدخل صلاة على صلاة ، واختلفوا في إدخال العمرة على الحج ، فجوزه أصحاب الرأي ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لهذه الأحاديث ومنعه آخرون وجعلوا هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لضرورة الاعتمار حينئذ في أشهر الحج ، قال : وكذلك يتأول قول من كان متمتعا أي تمتع بفعله العمرة في أشهر الحج ، وفعلها مع الحج ; لأن لفظ المتعة يطلق على معان فانتظمت الأحاديث واتفقت . قال : ولا يبعد رد ما ورد عن الصحابة من فعل مثل ذلك إلى مثل هذا مع الروايات الصحيحة أنهم أحرموا بالحج مفردا . فيكون الإفراد إخبارا عن فعلهم أولا ، والقران إخبارا عن إحرام الذين معهم هدي بالعمرة ثانيا ، والتمتع لفسخهم الحج إلى العمرة ، ثم إهلالهم بالحج بعد التحلل منها كما فعله كل من لم يكن معه هدي . [ ص: 158 ] قال القاضي : وقد قال بعض علمائنا : إنه أحرم إحراما مطلقا منتظرا ما يؤمر به من إفراد أو تمتع أو قران ثم أمر بالحج ، ثم أمر بالعمرة في وادي العقيق بقوله : " أهل في هذا الوادي ، وقل عمرة في حجة " قال القاضي : والذي سبق أبين وأحسن في التأويل . هذا كلام القاضي عياض ثم قال القاضي في وضع آخر بعده : لا يصح قول من قال : أحرم النبي صلى الله عليه وسلم إحراما مطلقا منهما ; لأن روايةnindex.php?page=showalam&ids=36جابر وغيره من الصحابة في الأحاديث الصحيحة ترده ، وهي مصرحة بخلافه .
( فرع ) قد ذكرنا ما جاء من الأحاديث في الإفراد والتمتع والقران والإطلاق ، واختلاف العلماء في الأفضل منها ، وفي كيفية الجمع بينها ، وفي الجواب عن اعتراض الملحدين عليها ، وذكرنا أن جميع الأنواع جائزة ، وأوضحنا الجواب عما نقل من كراهة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وغيره رضي الله عنهم من التمتع أو القران ، وذكرنا أن الأصح تفضيل الإفراد ، ورجحه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب وغيرهم بأشياء ، منها أنه الأكثر في الروايات الصحيحة في حجة النبي صلى الله عليه وسلم ( ومنها ) أن رواته أخص بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة . فإن منهم nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا ، وهو أحسنهم سياقا لحجة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ذكرها أول خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى فراغه ، وذلك مشهور في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره ، وهذا يدل على ضبطه لها واعتنائه بها .
( ومنهم ) nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقد قال { : كان تحت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها ، أسمعه يلبي بالحج } وقد سبق بيان هذا عنه ( ومنهم ) عائشة وقربها من النبي صلى الله عليه وسلم معروف ، واطلاعها على باطن أمره وفعله في خلوته وعلانيته مع فقهها وعظم فطنتها ( ومنهم ) nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو بالمحل المعروف من الفقه والفهم الثاقب ، مع كثرة بحثه وحفظه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يخفها ، وأخذه إياها من كبار الصحابة .
( ومنها ) أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 159 ] أفردوا الحج وواظبوا عليه ، كذلك فعل nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان : واختلف فعل nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنهم أجمعين ، وقد حج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالناس عشر حجج مدة خلافته كلها مفردا ولو لم يكن هذا هو الأفضل عندهم ، وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا ، لم يواظبوا على الإفراد ، مع أنهم الأئمة الأعلام وقادة الإسلام ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم ، وكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو أنهم خفي عليهم جميعهم فعله صلى الله عليه وسلم ؟ ( وأما ) الخلاف عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وغيره ، فإنما فعلوه لبيان الجواز ، وقد قدمنا عنهم ما يوضح هذا .
( ومنها ) أن الإفراد لا يجب فيه دم بالإجماع ، وذلك لكماله . ويجب الدم في التمتع والقران . وذلك الدم دم جبران لسقوط الميقات وبعض الأعمال ، ولأن ما لا خلل فيه ولا محتاج إلى جبر أفضل ( ومنها ) أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة ، وكره nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان وغيرهما ممن ذكرنا قبل هذا التمتع ، وبعضهم التمتع والقران ، وإن كانوا يجوزونه على ما سبق تأويله ، فكان ما أجمعوا على أنه لا كراهة فيه أفضل
. واحتج القائلون بترجيح القران بالأحاديث السابقة فيه ، وبقوله - تعالى - : { وأتموا الحج والعمرة لله } ومشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي أنهما قالا : " إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك " وبحديث الصبي بن معبد السابق ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر له : " هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وبحديث وادي العقيق " وقل : لبيك عمرة في حجة " قالوا : ولأن المفرد لا دم عليه ، وعلى القارن دم وليس هو دم جبران ; لأنه لم يفعل حراما ، بل دم عبادة والعبادة المتعلقة بالبدن والمال أفضل من المختصة بالبدن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : ولأن القارن مسارع إلى العبادة فهو أفضل من تأخيرها ، قالوا : ولأن في القران تحصيل العمرة في زمن الحج وهو أشرف .
( وأجاب ) أصحابنا عن الأحاديث الواردة في القران بجوابين : ( أحدهما ) أن أحاديث الإفراد أكثر وأرجح ، وذلك من وجوه كما سبق ، ( والثاني ) أن أحاديث القران مؤولة كما سبق ، ولا بد من التأويل للجمع [ ص: 160 ] بين الأحاديث ، وقد سبق إيضاح الجمع والتأويل ( والجواب ) عن الآية الكريمة أنه ليس فيها إلا الأمر بإتمامهما ، ولا يلزم من ذلك قرنهما في الفعل ، كما في قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ( وأما ) ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي فمعناه الإحرام بكل واحد منهما من دويرة أهله ، يدل على أنه صح عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كراهته للتمتع وأمره بالإفراد .
( والجواب ) عن حديث الصبي بن معبد أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخبره بأن القران سنة ، أي جائز قد أذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل : إنه أفضل من الإفراد بل المعروف عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ترجيح الإفراد كما سبق ( والجواب ) عن حديث وادي العقيق من وجهين سبق أحدهما عند ذكره ، ( والثاني ) أنه إخبار عن القران في أثناء الحول لا في أول الإحرام ، وقد سبق إيضاح هذا ( والجواب ) عن قولهم : إن القارن عليه دم ، وهو دم نسك ، قال أصحابنا : بل هو عندنا دم جبران على الصحيح ، بدليل أن الصيام يقوم مقامه عند العجز ، ولو كان دم نسك لم يقم مقامه كالأضحية .
( وأما ) قولهم : إن القارن لم يفعل حراما فليس شرط وجوب دم الجبران أن يكون في ارتكاب حرام ، بل قد يكون في مأذون كمن حلق رأسه للأذى أو لبس للمرض أو لحر أو برد ، أو أكل صيدا لمجاعته أو احتاج إلى التداوي بطيب ، فإنه يجب الدم ولم يفعل حراما ، ( والجواب ) عما قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : إن من العبادات ما تأخيرها أفضل لمعنى ، كمن عدم الماء في السفر وعلم وجوده أواخر الوقت ، فتأخير الصلاة أفضل ، وكتأخير صلاة عيد الفطر وتأخير صلاة الضحى إلى امتداد النهار وأشباه ذلك والله أعلم .
. قال الماوردي : ولأن الإفراد فعل كل عبادة وحدها وإفرادها بوقت فكان أفضل من جمعهما كالجمع بين الصلاتين ، ( وأما ) قولهم : لأن في القران تحصل العمرة في زمن الحج وهو أشرف ، فقال أصحابنا : ليس هو أشرف بالنسبة إلى العمرة ، بل رخصة في فعلها فيه ، وإنما شرفه بالنسبة إلى الحج والله أعلم .
واحتج القائلون بترجيح التمتع بالأحاديث السابقة ، وبقوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 161 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=33596ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة } فتأسف على فوات العمرة والتمتع فدل على رجحانه . ودليلنا عليهم ما سبق من الأحاديث ومن الدلائل على ترجيح الإفراد ( وأما ) تأسفه صلى الله عليه وسلم فسببه أن من لم يكن معهم هدي أمروا بجعلها عمرة ، فحصل لهم حزن حيث لم يكن معهم هدي ، ويوافقون النبي صلى الله عليه وسلم في البقاء على الإحرام ، فتأسف صلى الله عليه وسلم حينئذ على فوات موافقتهم تطييبا لنفوسهم ، ورغبة فيما يكون في موافقتهم . لا أن التمتع دائما أفضل . قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين : ولأن ظاهر هذا الحديث غير مراد بالإجماع ; لأن ظاهره أن سوق الهدي يمنع انعقاد العمرة ، وقد انعقد الإجماع على خلافه ، والله أعلم .
( قلت ) ظاهر الأحاديث الصحيحة كلها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم إحراما مطلقا ، بل معينا ، وقد قال الشيخ أبو حامد في تعليقه ، وصاحب البيان وآخرون من أصحابنا : المشهور في الأحاديث خلاف ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم هو وأصحابه بالحج ، فلما دخل مكة فسخه إلى العمرة لمن لم يكن معه هدي ، والله أعلم .
واحتج أصحابنا وموافقوهم للتخصيص بحديث الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26789 : قلت : يا رسول الله أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل لكم خاصة } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم ، وإسناده صحيح إلا الحارث بن بلال ، ولم أر في الحارث جرحا ولا تعديلا ، وقد رواه أبو داود ولم يضعفه وقد ذكرنا مرات أن ما لم يضعفه أبو داود فهو حديث حسن عنده ، إلا أن يوجد فيه ما يقتضي ضعفه ، وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : هذا الحديث لا يثبت عندي ولا أقول به ، قال : وقد روى الفسخ أحد عشر صحابيا أين يقع الحارث بن بلال منهم ؟ قلت : لا معارضة بينكم وبينه حتى [ ص: 165 ] يقدموا عليه لأنهم أثبتوا الفسخ للصحابة ، ولم يذكروا حكم غيرهم ، وقد وافقهم الحارث بن بلال في إثبات الفسخ للصحابة لكنه زاد زيادة لا نخالفهم وهي اختصاص الفسخ بهم . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=28461 : كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من الأئمة : أراد بالمتعة فسخ الحج إلى العمرة لأنه كان لمصلحة ، وهي بيان جواز الاعتمار في أشهر الحج ، وقد زالت فلا يجوز ذلك اليوم لأحد . واحتج أبو داود في سننه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما في ذلك برواية nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن سليمان بن الأسود أن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر { nindex.php?page=hadith&LINKID=28385كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة : لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } وإسناده هذا لا يحتج به ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق مدلس ، وقد قال ( عن ) واتفقوا على أن المدلس إذا قال : عن لا يحتج به .
( وأجاب ) أصحابنا عن قوله صلى الله عليه وسلم لسراقة : " بل للأبد " أن المراد جواز العمرة في أشهر الحج لا فسخ الحج إلى العمرة ، أو أن المراد دخول أفعالها في أفعال الحج وهو القران ، وحمله من يقول : إن العمرة ليست واجبة على أن العمرة اندرجت في الحج ، فلا تجب ، وإنما تجب على المكلف حجة الإسلام دون العمرة .
( فرع ) مذهبنا أن المكي لا يكره له التمتع والقران ، وإن تمتع لم يلزمه دم ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يكره له التمتع والقران ، ولمن تمتع أو قرن فعليه دم . واحتج له بقوله - تعالى - : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ، تلك عشرة كاملة ، ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } فأباح التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد [ ص: 166 ] الحرام خاصة ; لأن المتمتع شرع له أن لا يلم بأهله ، والمكي ملم بأهله ، فلم يكن له ذلك ، قالوا : ولأن الغريب إذا تمتع لزمه دم ، وقلتم : إذا تمتع مكي فلا دم ، وهذا يدل على أن نسكه ناقص عن نسك الغريب فكره له فعله . واحتج أصحابنا بأن ما كان من النسك قربة وطاعة في حق غير المكي ، كان قربة وطاعة في حق المكي كالإفراد ( والجواب ) عن الآية أن معناها فمن تمتع فعليه الهدي إذا لم يكن من حاضري المسجد ، فإن كان فلا دم ، فهذا ظاهر الآية فلا يعدل عنه ( فإن قيل ) : فقوله - تعالى - : { ذلك لمن لم يكن أهله } ولم يقل على من لم يكن أهله ، قلنا : اللام بمعنى على كما في قوله تعالى - : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } أي فعليها ، وقوله تعالى : { أولئك لهم اللعنة } أي عليهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وجواب آخر وهو أن قوله تعالى { فمن تمتع } شرط قوله تعالى { فما استيسر من الهدي } جزاء الشرط ، وقوله تعالى - : { ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد } بمنزلة الاستثناء ، وهو عائد إلى الجزاء دون الشرط ، كما لو قال : من دخل الدار فله درهم إلا بني تميم ، أو قال : ذلك لمن لم يكن من بني تميم ، فإن الاستثناء يعود إلى الجزاء دون الشرط الذي هو دخول الدار كذا ههنا .
( وأما ) قولهم : المتمتع شرع له أن لا يلم بأهله ، فقال أصحابنا : لا نسلم ذلك ولا تأثير للإلمام بأهله في التمتع ، ولهذا لو تمتع غريب عن أهله فألم بأهله يصح تمتعه ، وكذا لو تمتع من غير إلمام بأهله فتمتعه عندهم مكروه ( وأما ) قوله : إن نسكه ناقص لوجوب الدم على الغريب ، فقال أصحابنا : إنما لزم الغريب الدم لأنه ترفه بالتمتع ، فيلزمه الدم ، والمكي أحرم بحجة وعمرة من ميقاته الأصلي فلم يلزمه دم لعدم الترفه ، والله أعلم . .