قال المصنف رحمه الله تعالى - ( وينوي الإحرام ولا يصح الإحرام إلا بالنية ، لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=12419 : إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى } ولأنه عبادة محضة ، فلم يصح من غير نية كالصوم والصلاة . ويلبي لنقل الخلف عن السلف فإن اقتصر على النية ولم يلب أجزأه ، وقال [ nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق ] وأبو عبد الله الزبيري : لا ينعقد إلا بالنية والتلبية ، كما لا تنعقد الصلاة إلا بالنية والتكبير ، والمذهب الأول ; ولأنها عبادة لا يجب النطق في آخرها ، فلم يجب [ النطق ] في أولها كالصوم ) .
( الشرح ) حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=12419 : إنما الأعمال بالنيات } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسبق بيانه واضحا في أول باب نية الوضوء ( وقوله ) : عبادة محضة احتراز من الأذان والعدة ونحوهما ، والسلف الصدر الأول والخلف من بعدهم ، وسبق بيانه في باب صفة الصلاة ، وأبو عبد الله الزبيري من أصحابنا المتقدمين سبق بيان حاله في باب الحيض ، ( وقوله ) : لا يجب النطق في آخرها احتراز من الصلاة .
أما الأحكام فقال أصحابنا : ينبغي لمريد الإحرام أن ينويه بقلبه ، ويلفظ بذلك بلسانه ، ويلبي فيقول بقلبه ولسانه : نويت الحج وأحرمت به لله - تعالى - ، لبيك اللهم لبيك إلى آخر التلبية ، فهذا أكمل ما ينبغي له ، فالإحرام هو النية بالقلب ، وهي قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما هكذا صرح به البندنيجي والأصحاب ، ( وأما ) اللفظ بذلك فمستحب لتوكيد ما في القلب كما سبق في نية الصلاة ونية الوضوء ، فإن اقتصر على [ ص: 236 ] اللفظ دون القلب لم يصح إحرامه ، وإن اقتصر على القلب دون لفظ اللسان صح إحرامه كما سبق هناك ، ( أما ) إذا لبى ولم ينو فنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في رواية الربيع أنه يلزمه ما لبى به ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : وإن لم يرد حجا ولا عمرة فليس بشيء ، وللأصحاب طريقان : ( المذهب ) القطع بأنه لا ينعقد إحرامه ، وتأولوا رواية الربيع على من أحرم مطلقا ، ثم تلفظ بنسك معين ولم ينوه فيجعل لفظه تعيينا للإحرام المطلق ، وبهذا الطريق قطع الجمهور .
( والطريق الثاني ) حكاه إمام الحرمين ومتابعوه أن المسألة على قولين : ( أصحهما ) لا ينعقد إحرامه ، ( والثاني ) ينعقد ويلزمه ما سمى ; لأنه التزمه بالتسمية ، قالوا : وعلى هذا لو أطلق التلبية انعقد الإحرام مطلقا يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة أو قران ، وهذا القول ضعيف جدا بل غلط ، قال إمام الحرمين : لا أعرف له وجها ، قال : فإن تكلف له متكلف وقال : من ضرورة تجريد القصد إلى التلبية مع انتفاء سائر المقاصد سوى الإحرام أن يجزئ في الضمير ، قصد الإحرام ( قلنا ) : هذا ليس بشيء ; لأنه إذا فرض هذا فهو إحرام بنية ، ولا خلاف في انعقاد الإحرام بالنية ، ( قلت ) : والتأويل المذكور أولا ضعيف جدا لأنا سنذكر قريبا إن شاء الله - تعالى - أن الإحرام المطلق لا يصح صرفه إلا بنية ، ( واعلم ) أن نصه في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني محتاج إلى قيد آخر ، ومعناه لم يرد حجا ولا عمرة ، ولا أصل الإحرام والله أعلم .
هذا كله إذا لبى ولم ينو فلو نوى ولم يلب ففيه أربعة أوجه أو أقوال : ( الصحيح ) المشهور من نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبه قطع جمهور أصحابنا المتقدمين والمتأخرين ينعقد إحرامه ( والثاني ) لا ينعقد ، وهو قول أبي عبد الله الزبيري وأبي علي بن خيران nindex.php?page=showalam&ids=12535وأبي علي بن أبي هريرة وأبي العباس بن القاص وحكاه إمام الحرمين وغيره قولا قديما ( والثالث ) حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد الجويني وغيره قولا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أنه لا ينعقد إلا بالتلبية [ ص: 237 ] أو سوق الهدي وتقليده والتوجه معه ( والرابع ) حكاه الحناطي وغيره قولا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أن التلبية واجبة وليست بشرط للانعقاد ، فإن نوى ولم يلب انعقد وأثم ولزمه دم ، والمذهب الأول ، فعلى المذهب قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : الاعتبار بالنية ، فلو لبى بحج ونوى عمرة فهو معتمر ، وإن لبى بعمرة ونوى حجا فهو حاج ، وإن لبى بأحدهما ونوى القران فقارن ، ولو لبى بهما ونوى أحدهما انعقد ما نوى فقط ، وقد سبق هذا مع نظائره في نية الوضوء .