قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإذا فرغ من طواف الوداع فالمستحب أن يقف في الملتزم ، وهو ما بين الركن والباب ، فيدعو ويقول " اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، حملتني على ما سخرت لي من خلقك ، حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك ، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى ، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ، هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ، ولا راغب عنك ولا عن بيتك ، اللهم اصحبني العافية في بدني ، والعصمة في ديني وأحسن منقلبي ، وارزقني طاعتك ما أبقيتني " فإنه قد روي ذلك عن بعض السلف ، ولأنه دعاء يليق بالحال ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ) .
( الشرح ) هذا الدعاء ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الإملاء وفي مختصر الحج واتفق الأصحاب على استحبابه . وقوله الملتزم هو بضم الميم وفتح الزاي ، سمي بذلك لأنهم يلزمونه للدعاء ، ويقال له المدعى والمتعوذ - بفتح الواو - وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وباب الكعبة ، وهو من المواضع التي يستجاب فيها الدعاء هناك ، وسأفردها بفرع مستقل إن شاء الله تعالى قريبا . وقوله " وإلا فمن الآن " يجوز فيه ثلاثة أوجه ، أجودها ضم الميم وتشديد النون ( والثاني ) كسر الميم وتخفيف النون وفتحها ( والثالث ) كذلك لكن النون مكسورة ، قال أهل [ ص: 239 ] العربية : إذا جاء بعد " من " الجارة اسم موصول ، فإن كان فيه ألف ولام كان الأجود فيه فتح النون ، ويجوز كسرها وإن لم يكن كان الأجود كسرها ، ويجوز الفتح ( مثال الأول ) من الله ، من الرجل ، من الناس ( مثال الثاني ) من ابنك من اسمك من اثنين . وأما الآن فهو الوقت الحاضر ، هذا حقيقته وأصله ، وقد يقع على القريب الماضي والمستقبل ، تنزيلا له منزلة الحاضر ، ومنه قوله تعالى { فالآن باشروهن } تقديره فالآن أبحنا لكم مباشرتهن ، فعلى هذا هو على حقيقته ( قبل أن تنأى ) أي تبعد . وقوله " هذا أوان انصرافي " قال أهل اللغة : الأوان الحين والوقت وجمعه آونة كزمان وأزمنة . قال أصحابنا : إذا فرغ من طواف صلى ركعتين الطواف خلف المقام . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : ثم يستحب أن يأتي الملتزم فيلتزمه ويقول هذا الدعاء المذكور في الكتاب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : وما زاد على هذا الدعاء فحسن قال الأصحاب : وقد زيد فيه ( واجمع لي خير الدنيا والآخرة إنك قادر على ذلك ) وقد ذكر المصنف هذه الزيادة في التنبيه . وذكر الماوردي هذا الدعاء ، وزاد فيه ونقص منه . وذكره القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه ، وزاد فيه كثيرا ونقص منه والمشهور ما ذكرناه ، وبأي شيء دعا حصل المستحب ويأتي بآداب الدعاء السابقة في فصل الوقوف بعرفات ، من الحمد لله تعالى والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورفع اليدين وغير ذلك . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مختصر كتاب الحج : إذا طاف للوداع استحب أن يأتي الملتزم فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ويبسط يديه على الجدار ، فيجعل اليمنى مما يلي الباب ، واليسرى مما يلي الحجر الأسود ، ويدعو بما أحب من أمر الدنيا والآخرة والله أعلم .
قال أصحابنا : فإن كانت حائضا استحب أن تأتي بهذا الدعاء على [ ص: 240 ] باب المسجد وتمضي والله أعلم .
( فرع ) ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله في رسالته المشهورة إلى أهل مكة أن الدعاء يستجاب في خمسة عشر موضعا - في الطواف - وعند الملتزم - وتحت الميزاب - وفي البيت - وعند زمزم - وعلى الصفا والمروة - وفي المسعى - وخلف المقام - وفي عرفات - وفي منى - وعند الجمرات الثلاث .