قال المصنف رحمه الله تعالى ( أركان الحج أربعة : الإحرام والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة ، والسعي بين الصفا والمروة وواجباته الإحرام من الميقات والرمي ، وفي الوقوف بعرفة إلى أن تغرب الشمس ، والمبيت بالمزدلفة ، والمبيت بمنى في ليالي الرمي ، وفي طواف الوداع قولان ( أحدهما ) إنه واجب ( والثاني ) ليس بواجب وسننه الغسل ، وطواف القدوم ، والرمل ، والاضطباع في الطواف والسعي ، واستلام الركن وتقبيله ، والسعي في موضع السعي ، والمشي في موضع المشي ، والخطب ، والأذكار ، والأدعية . وأفعال العمرة كلها أركان إلا الحلق . فمن ترك ركنا لم يتم نسكه ، ولا يتحلل حتى يأتي به . ومن ترك واجبا لزمه الدم . ومن ترك سنة لم يلزمه شيء ) .
( الشرح ) قال أصحابنا : أعمال الحج ثلاثة أقسام - أركان - وواجبات وسنن - أما الأركان فخمسة : الإحرام والوقوف وطواف الإفاضة والسعي والحلق ، إذا قلنا بالأصح إن الحلق نسك ، وإن قلنا : ليس بنسك فأركانه الأربعة الأولى وأما الواجبات فاثنان متفق عليهما ، وأربعة مختلف فيها . أما الاثنان فإنشاء الإحرام من الميقات والرمي ، فهذان واجبان بلا خلاف . وأما الأربعة ( فأحدها ) الجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة ، لمن أمكنه ذلك كما سبق ( الثاني ) المبيت بالمزدلفة [ ص: 244 ] الثالث ) المبيت ليالي منى ( الرابع ) طواف الوداع ، وفي هذه الأربعة قولان ( أحدهما ) الوجوب ( والثاني ) الاستحباب ، والأصح وجوب الثلاثة الآخرة دون الجمع . وأما السنن فجميع ما سبق مما يؤمر به الحاج سوى الأركان والواجبات ، وذلك كطواف القدوم والأذكار والأدعية واستلام الحجر وتقبيله والسجود عليه والرمل والاضطباع وسائر ما ندب إليه من الهيئات السابقة في الطواف ، وفي السعي والخطب وغير ذلك ، وقد سبقت كلها واضحة . ( وأما أحكام هذه الأقسام ) فالأركان لا يتم الحج ويجزئ حتى يأتي بجميعها ، ولا يحل من إحرامه مهما بقي منها شيء حتى لو أتى بالأركان كلها إلا أنه ترك طوفة من السبع أو مرة من السعي لم يصح حجه ولم يحصل التحلل الثاني . وكذا لو حلق شعرتين لم يتم ولا يحل حتى يحلق شعرة ثالثة ، ولا يجبر شيء من الأركان بدم ولا غيره بل لا بد من فعله . وثلاثة منها وهي الطواف والسعي والحلق لا آخر لوقتها ، بل لا تفوت ما دام حيا ، ولا يختص الحلق بمنى والحرم ، بل يجوز في الوطن وغيره كما سبق . واعلم أن الترتيب شرط في هذه الأركان فيشترط تقدم الإحرام على جميعها ويشترط تقدم الوقوف على طواف الإفاضة ، ويشترط كون السعي بعد طواف صحيح ، ولا يشترط تقدم الوقوف على السعي بل يصح سعيه بعد طواف القدوم وهو أفضل كما سبق ، ولا ترتيب بين الطواف والحلق ، وهذا كله سبق بيانه ، وإنما نبهت عليه ملخصا ، والله أعلم
وأما الواجبات فمن ترك منها شيئا لزمه الدم ، ويصح الحج بدونه ، [ ص: 245 ] وسواء تركها كلها أو بعضها عمدا أو سهوا لكن العامد يأثم ( وأما ) السنن فمن تركها كلها لا شيء عليه ، لا إثم ولا دم ولا غيره ، لكن فاته الكمال والفضيلة وعظيم ثوابها ، والله أعلم