قال المصنف رحمه الله تعالى ( والبدنة أفضل من البقر لأنها أعظم ، والبقرة أفضل من الشاة لأنها بسبع من الغنم ، والشاة أفضل من مشاركة سبعة في بدنة أو بقرة لأنه ينفرد بإراقة الدم والضأن أفضل من المعز ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18609خير الأضحية الكبش الأقرن } وقالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة " لأن أضحي بالجذع [ ص: 368 ] من الضأن أحب إلي من أن أضحي بالمسنة من المعز " ولأن لحم الضأن أطيب ، والسمينة أفضل من غير السمينة ، لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى { ومن يعظم شعائر الله } قال : " تعظيمها استسمانها واستحسانها " . وخطب nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه قال : " ثنيا فصاعدا واستسمن . فإن أكلت أكلت طيبا ، وإن أطعمت أطعمت طيبا ، والبيضاء أفضل من الغبراء والسوداء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين والأملح الأبيض " وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : " دم البيضاء في الأضحية أفضل من دم سوداوين وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تعظيمها استحسانها ، والبيض أحسن " ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هنا وفي كتاب الجنائز ، وهو بعض حديث ، ورواه أيضا من رواية أبي أمامة بإسناد ضعيف ( وأما ) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=21259ضحى بكبشين أملحين } فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كما ذكره المصنف قال : وروي مرفوعا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا يصح رفعه .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) البدنة أفضل من البقرة والبقرة أفضل من الشاة والضأن أفضل من المعز ، وجذعة الضأن أفضل من ثنية المعز ، لما ذكره المصنف ، وهذا كله متفق عليه عندنا .
( الثانية ) التضحية بشاة أفضل من المشاركة بسبع بدنة أو بسبع بقرة بالاتفاق لما ذكره المصنف ، وسبع من الغنم أفضل من بدنة أو بقرة على أصح الوجهين لكثرة إراقة الدم ( والثاني ) أن البدنة أو البقرة أفضل لكثرة اللحم .
( الثالثة ) يستحب التضحية بالأسمن الأكمل ، قال البغوي وغيره : [ ص: 369 ] حتى إن التضحية بشاة سمينة أفضل من شاتين دونها ، قالوا : وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : استكثار القيمة في الأضحية أفضل من استكثار العدد ، وفي العتق عكسه فإذا كان معه ألف وأراد العتق بها فعبدان خسيسان أفضل من عبد نفيس ، لأن المقصود هنا اللحم ، والسمين أكثر وأطيب ، والمقصود في العتق التخليص من الرق ، وتخليص عدد أولى من واحد . قال أصحابنا : كثرة اللحم أفضل من كثرة الشحم إلا أن يكون لحما رديئا . وأجمع العلماء على استحباب السمين في الأضحية ، واختلفوا في استحباب تسمينها فمذهبنا ومذهب الجمهور استحبابه . وقال بعض المالكية : يكره لئلا يتشبه باليهود وهذا قول باطل . وقد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن أبي أمامة الصحابي رضي الله عنه قال " كنا نسمن الأضحية ، وكان المسلمون يسمنون " .
( الرابعة ) أفضلها البيضاء ثم الصفراء ثم الغبراء ، وهي التي لا يصفو بياضها ثم البلقاء ، وهي التي بعضها أبيض وبعضها أسود ، ثم السوداء .
( فرع ) يصح التضحية بالذكر وبالأنثى بالإجماع ، وفي الأفضل منهما خلاف ( الصحيح ) الذي نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البويطي وبه قطع كثيرون أن الذكر أفضل من الأنثى ، nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي نص آخر أن الأنثى أفضل ، فمن الأصحاب من قال : ليس مراده تفضيل الأنثى في التضحية ، وإنما أراد تفضيلها في جزاء الصيد إذا أراد تقويمها لإخراج الطعام ، قال الأنثى أكثر . ومنهم من قال : المراد الأنثى التي لم تلد أفضل من الذكر الذي كثر نزوانه - بفتح النون الأولى وإسكان الزاي وفتح الواو وضم النون الثانية - فإن كان هناك ذكر لم ينز وأنثى لم تلد فهو أفضل منها ، والله أعلم .
( فرع ) تجزئ الشاة عن واحد ولا تجزئ عن أكثر من واحد ، لكن إذا ضحى بها واحد من أهل البيت تأدى الشعار في حق جميعهم ، [ ص: 370 ] وتكون التضحية في حقهم سنة كفاية ، وقد سبقت المسألة في أول الباب وتجزئ البدنة عن سبعة وكذا البقرة ، سواء كانوا أهل بيت أو بيوت ، وسواء كانوا متقربين بقربة متفقة أو مختلفة ، واجبة أو مستحبة ، أم كان بعضهم يريد اللحم ، ويجوز أن يقصد بعضهم التضحية وبعضهم الهدي ، ويجوز أن ينحر الواحد بدنة أو بقرة عن سبع شياه لزمته بأسباب مختلفة ، كتمتع وقران وفوات ومباشرة ومحظورات في الإحرام ونذر التصدق بشاة مذبوحة ، والتضحية بشاة . وأما جزاء الصيد فتراعى فيه المماثلة ومشابهة الصورة ، فلا تجزئ البدنة عن سبع من الظباء . ولو وجب شاتان على رجلين في قتل صيدين لم يجز أن يذبحا عنهما بدنة ، ويجوز أن يذبح الواحد بدنة أو بقرة ليكون سبعها عن شاة لزمته ، ويأكل الباقي كما يجوز مشاركة ستة . ولو جعل جميع البدنة أو البقرة مكان الشاة فهل يكون الجميع واجبا حتى لا يجوز أكل شيء منه ؟ أم الواجب السبع فقط حتى يجوز الأكل من الباقي ؟ فيه وجهان مشهوران ونظيره الخلاف في مسح كل الرأس وتطويل القيام والركوع والسجود ، وإخراج بعير عن خمسة أبعرة في الزكاة ، وقد سبق بيان هذه المسائل في باب صفة الوضوء وفي الصلاة والزكاة . قال البندنيجي : إذا قلنا الواجب السبع جاز أكل جميع الباقي . هذا كلامه . وكان يحتمل أن يجب التصدق بجزء من الباقي إذا قلنا بالمذهب إنه يجب التصدق بجزء من أضحية التطوع ، والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء . مذهبنا أن أفضل التضحية بالبدنة ثم البقرة ثم الضأن ثم المعز ، وبه [ ص: 371 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : أفضلها الغنم ثم البقر ثم الإبل ، قال والضأن أفضل من المعز ، وإناثها أفضل من فحول المعز ، وفحول الضأن خير من إناث المعز وإناث المعز خير من الإبل والبقر . واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم " ضحى بكبشين " وهو صحيح سبق بيانه ، قالوا : وهو لا يدع الأفضل ، وقال بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : الإبل أفضل من البقر . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=35845من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وفيه دلالة لنا على nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فيما خالف فيه . ولأن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالكا وافقنا في الهدي أن البدنة فيه أفضل من البقرة ، فقس عليه .
( والجواب ) عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه لبيان الجواز أو لأنه لم يتيسر حينئذ بدنة ولا بقرة . والله أعلم .
( فرع ) يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية ، سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقين ، أو بعضهم يريد اللحم فيجزئ عن المتقرب ، وسواء أكان أضحية منذورة أم تطوعا ، هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وجماهير العلماء ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود جوزه في التطوع دون الواجب . وبه قال بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن كانوا كلهم متفرقين جاز ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : لا يجوز الاشتراك مطلقا كما لا يجوز في الشاة الواحدة . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=37768نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وعنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18471خرجنا مع رسول الله [ ص: 372 ] صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود الأنصاري وعائشة رضي الله عنهما أنهم قالوا " البقرة عن سبعة " وأما قياسه على الشاة فعجب ، لأن الشاة إنما تجزئ عن واحد ، والله أعلم .