[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف - رحمه الله تعالى - كتاب الأطعمة ( ما يؤكل شيئان ، حيوان وغير حيوان ، فأما الحيوان فضربان ، حيوان البر وحيوان البحر فأما حيوان البر فضربان ، طاهر ونجس ، فأما النجس فلا يحل أكله ، وهو الكلب والخنزير ، والدليل عليه قوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } وقوله تعالى : { ويحرم عليهم الخبائث } والكلب من الخبائث ، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : الكلب خبيث ، خبيث ثمنه ) وأما الطاهر فضربان ، طائر ودواب ، فأما الدواب فضربان دواب الإنس ودواب الوحش ، فأما دواب الإنس فإنه يحل منها الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم لقوله تعالى : { أحلت لكم بهيمة الأنعام } وقوله تعالى : { ويحل لهم الطيبات } والأنعام من الطيبات ، ولم يزل الناس يأكلونها ويبيعون لحومها في الجاهلية والإسلام : ويحل [ أكل ] الخيل لما روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18929ذبحنا يوم خيبر من الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل } ولا تحل البغال والحمير لحديث جابر رضي الله عنه . ولا يحل السنور لما [ ص: 4 ] روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الهرة سبع ) ولأنه يصطاد بالناب ويأكل الجيف فهو كالأسد .
( الشرح ) حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14771الكلب خبيث خبيث ثمنه } رواه وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17388ثمن الكلب خبيث } وينكر على الحميدي كونه لم يذكر هذا الحديث في الجمع بين الصحيحين في مسند nindex.php?page=showalam&ids=46رافع مع أن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما كرره في كتاب البيوع من صحيحه ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فصحيح رواه أبو داود وآخرون بلفظه بأسانيد صحيحة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في صحيحيهما ولفظهما عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38461نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ، وأذن في لحوم الخيل } وأما حديث ( الهرة سبع ) فرواه وفي سنن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38281نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهرة وأكل ثمنها } . وأما قول المصنف : ما يؤكل شيئان ، ففيه تساهل لأن مقتضى سياقه أن المأكول ينقسم إلى مأكول وغيره ، وكأنه أراد بالمأكول ما يمكن أكله لا ما يحل أكله ، وكان الأجود أن يقول : الأعيان شيئان حيوان وغيره إلى آخر كلامه ، وقوله : طائر ودواب ، هكذا في النسخ ، طائر ، وكان الأحسن : طير ودواب ، لأن الطير جمع كالدواب ، والطائر مفرد كالدابة .
( أما الأحكام ) فالأعيان شيئان ، حيوان وغيره والحيوان قسمان [ ص: 5 ] بري وبحري والبري ضربان طاهر ونجس ( فأما ) النجس فلا يحل أكله ، وهو الكلب والخنزير ، وما تولد من أحدهما وغيره ، وهذا لا خلاف فيه ، ولو ارتضع جدي من كلبة وتربى على لبنها ففي حله وجهان ، حكاهما الشاشي وصاحب البيان وغيرهما ( أصحهما ) يحل ( والثاني ) لا ( وأما ) الطاهر فصنفان طير ودواب ، والدواب نوعان دواب الإنس ودواب الوحش ( فأما ) دواب الإنس فيحل منها الإبل والبقر والغنم ، ويقال لهذه الثلاثة : الأنعام ، ويحل منها الخيل سواء منها العتيق وهو الذي أبواه عربيان ، والبرذون وهو الذي أبواه عجميان . والهجين وهو الذي أبوه عربي وأمه عجمية ، والمفرق وهو عكسه ، وكل ذلك حلال لا كراهة فيه عندنا ، ويحرم البغل والحمار بلا خلاف عندنا ، ويحرم السنور الأهلي على المذهب ، وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه أنه حلال ، وحكاه الرافعي عن أبي عبد الله البوشنجي من أصحابنا ، وأدلة الجميع في الكتاب والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في لحم الخيل . قد ذكرنا أن مذهبنا أنه حلال لا كراهة فيه وبه قال أكثر العلماء ، ممن قال به nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16072وسويد بن غفلة nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة والأسود nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهم ، وكرهها طائفة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحكم nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يأثم بأكله ولا يسمى حراما ، واحتج لهم بقوله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } ولم يذكر الأكل منها ، [ ص: 6 ] وذكر الأكل من الأنعام في الآية التي قبلها ، وبحديث صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=38447نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد عن صالح عن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه حديث ضعيف ، وقال بعضهم : هو منسوخ . روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسنادهما عن موسى بن هارون الحمال الحافظ قال : هذا حديث ضعيف قال : لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجده ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : هذا الحديث فيه نظر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا إسناد مضطرب ، ومع اضطرابه هو مخالف لأحاديث الثقات ، يعني في إباحة لحم الخيل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في إسناده نظر ، قال : وصالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض ، وقال أبو داود : هذا الحديث منسوخ ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي : حديث الإباحة أصح قال : ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا ، لأن قوله في الحديث الصحيح : " أذن في لحوم الخيل " دليل على ذلك ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي : ولا أعلم أحدا رواه غير nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38461نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في صحيحيهما ، وسبق بيان صحة الرواية التي رواها المصنف ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20126سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا نأكل لحم الخيل ونشرب ألبانها } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد صحيح ، وفي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنهم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28537كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } وعن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1590أكلنا لحم فرس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وفي رواية قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37765نحرنا فرسا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأكلناه } . [ ص: 7 ] وأما الجواب ) عن الآية الكريمة التي احتج بها الآخرون فهو ما أجاب nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وأصحابنا وغيرهم أن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مقصورة على ذلك ، وإنما خص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل كقوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } فذكر اللحم لأنه معظم المقصود ، وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه ، قالوا : ولهذا سكت عن حمل الأثقال عن الخيل مع قوله تعالى في الأنعام : { وتحمل أثقالكم } ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل ، وينضم إلى ما ذكرناه في تأويل الآية ما قدمناه في الأحاديث الصحيحة في إباحة لحم الخيل مع عدم المعارض الصحيح لها ، وأما الحديث الذي احتجوا به فسبق جوابه والله تعالى أعلم .
( فرع ) لحم البغل حرام عندنا ، وبه قال جميع الأئمة إلا ما حكاه أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه أباحه . دليلنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر السابق وغيره .
( فرع ) لحم الكلب حرام عندنا ، وبه قالت الأئمة بأسرها إلا رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الجرو .
( فرع ) السنور الأهلي حرام عندنا ، وبه قال جمهور العلماء ، وأباحه الليث بن ربيعة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : يكره فقال بعض أصحابنا : كراهة تنزيه ، وبعضهم كراهة تحريم ، والله أعلم .
( فرع ) ذبح الحمار والبغل ونحوهما مما لا يؤكل ليدبغ جلده أو ليصطاد على لحمه السنور والعقبان ونحو ذلك حرام عندنا ، وجوزه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وشعب المسألة واضحة في باب الآنية .