قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ولا يحرم كسب الحجام لما روى أبو العالية أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن كسب الحجام فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13193احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه أجره } : ولو كان حراما ما أعطاه ) ويكره للحر أن يكتسب بالحجامة وغيرها من الصنائع الدنيئة كالكنس والذبح والدبغ لأنها مكاسب دنيئة فينزه الحر منها ، ولا يكره للعبد لأن العبد أدنى ، فلم يكره له ، وبالله التوفيق .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، واسم أبي العالية رفيع بضم الراء وفتح الفاء قال أصحابنا : كسب الحجام حلال ليس بحرام هذا هو المذهب والمعروف والمنصوص ، وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه شاذ قاله أبو بكر بن خزيمة من أصحابنا أنه حرام على الأحرار ، ويجوز إطعامه للعبيد والإماء والدواب ( والصواب ) الأول ، قال أصحابنا : ولا يكره للعبد أكل كسب الحجام سواء كسبه حر أم عبد ، ويكره أكله للحر ، سواء كسبه حر أم عبد ، ولكراهته معنيان ( أحدهما ) مخالطة النجاسة ( والثاني ) دناءته فعلى الثاني يكره كسب الحلاق ونحوه . وعلى الأول يكره كسب الكناس والزبال والدباغ والقصاب والخاتن ، وهذا الوجه هو الصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور . وفي كسب الفاصد وجهان ( أصحهما ) لا يكره وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12535أبي علي بن أبي هريرة ( والثاني ) يكره كراهة تنزيه وفي الحمامي والحائل وجهان ( أصحهما ) لا يكره الحائل وكره جماعة من أصحابنا كسب الصواغين قال صاحب البيان : وفي كراهة هذه الأشياء للعبيد وجهان ( أصحهما ) لا يكره لأنه دنيء وهذا هو الصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور ، والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في كسب الحجام . مذهبنا أنه ليس بحرام لا على العبد ولا على الحر ، لكن يستحب للحر التنزه عنه ، وعن أكله ، وبهذا قال جماهير العلماء : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية ضعيفة عنه وفقهاء المحدثين : يحرم على الأحرار دون العبيد ، واحتجوا بالأحاديث السابقة ، واحتج الجمهور بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحملوا الأحاديث الباقية على التنزيه والارتفاع عن دنيء الاكتساب ، والحث على مكارم الأخلاق .
وعن عطاف بن خالد عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25683إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه } هذا ضعيف جدا ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وضعفه قال : عطاف بن خالد ضعيف ، قال : ورواه يحيى بن العلاء الرازي وهو متروك بإسناد له عن الحسين بن علي عنه حديثا مرفوعا ، وليس بشيء ، والحاصل أنه لم يثبت شيء في النهي عن الحجامة في يوم معين ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وعن أبي خزامة عن أبيه { nindex.php?page=hadith&LINKID=40853أن أباه حدثه أنه قال : يا رسول الله أرأيت دواء نتداوى به ، ورقى نسترقي بها ، وتقاة نتقيها هل يرد ذلك من قدر الله من شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه من قدر الله } رواه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ( أما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=30762 : لا رقية إلا من عين أو حمة } فصحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : معناه هما أولى بالرقى من غيرهما ، لما فيهما من زيادة الضرر ، والله تعالى أعلم . وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده الصحيح عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : ( دخل nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه عليها ، وعندها يهودية ترقيها ، فقال ارقيها بكتاب الله عز وجل ) وبإسناده الصحيح عن الربيع بن سليمان قال : ( سألت nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن الرقية فقال : لا بأس أن يرقي الإنسان بكتاب الله عز وجل ، وما يعرف من ذكر الله قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟ [ ص: 73 ] فقال : نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله قلت وما الحجة في ذلك ؟ فقال فيه غير حجة ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر دخل على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه : ارقيها بكتاب الله ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : والأخبار فيما رقى به النبي صلى الله عليه وسلم ورقي به ، وفيما تداوى به وأمر بالتداوي به كثيرة ، والله أعلم .
[ ص: 74 ] ثم روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت ( ليست التميمة ما يعلق قبل البلاء ، إنما التميمة ما يعلق بعد البلاء لتدفع به المقادير ) وفي رواية عنها قالت ( التمائم ما علق قبل نزول البلاء ، وما علق بعد نزول البلاء فليس بتميمة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذه الرواية أصح ، ثم روى بإسناد صحيح عنها قالت : ( ليس بتميمة ما علق بعد أن يقع البلاء ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذه الرواية تدل على صحة التي قبلها . وعن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن الحصين { nindex.php?page=hadith&LINKID=41248أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقه حلقة من شعر فقال ما هذه ؟ قال من الواهنة ، قال : أيسرك أن توكل إليها ؟ انبذها عنك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسنادين في كل منهما من اختلف فيه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " من علق شيئا وكل إليه " وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه كان يأمر بتعليق القرآن ، وقال : لا بأس به ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هذا كله راجع إلى ما قلنا إنه إن رقى بما لا يعرف ، أو على ما كانت عليه الجاهلية من إضافة العافية إلى الرقى ، لم يجز وإن رقى بكتاب الله أو بما يعرف من ذكر الله تعالى متبركا به وهو يرى نزول الشفاء من الله تعالى لا بأس به والله تعالى أعلم
( فرع ) في النشرة بضم النون وإسكان الشين المعجمة قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي النشرة ضرب من الرقية والعلاج يعالج من كان يظن به مس من الجن ، قيل : سميت نشرة لأنه ينشرها عنه أي يحل عنه ما جاء مرة من الداء ، وجاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39025سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : هو من عمل الشيطان } رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال : وهو مع إرساله أصح ، قال : والقول فيما لا يكره من النشرة وفيما يكره ، كالقول في الرقية وقد ذكرناه .
وعن [ ص: 77 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=12995أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة رأى جبنة فقال : ما هذا ؟ فقالوا هذا طعام يصنع بأرض العجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعوا فيه السكين واذكروا اسم الله وكلوا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد فيه ضعف وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( الجبن من اللبن واللبأ فكلوا ، واذكروا اسم الله عليه ، ولا يغرنكم أعداء الله ) وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ( إذا أردت أن تأكل الجبن فضع الشفرة فيه ، واذكر اسم الله عز وجل عليه وكل ) وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي نحوه عن عائشة وأم سلمة قال : وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي ، ثم روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في باب ما يحل من الجبن عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال ( كلوا الجبن ما صنعه أهل الكتاب ) وفي رواية ( ولا تأكلوا من الجبن إلا ما صنعه أهل الكتاب ) وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ( كلوا من الجبن ما صنعه المسلمون وأهل الكتاب ) وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثله . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا التقييد لأن الجبن يعمل بإنفحة السخلة المذبوحة ، فإذا كانت من ذبائح المجوس لم تحل . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه سئل عن السمن والجبن فقال ( سم وكل ، فقيل له إن فيه ميتة ، فقال : إن علمت أن فيه ميتة فلا تأكله ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد كان بعض العلماء يسأل عنه تغليبا للطهارة ، وروينا ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وغيرهما ، وكان بعضهم سأل عنه احتياطا . ورويناه عن nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري قال : " لأن أخر من هذا القصر أحب إلي من أن آكل جبنا لا أسأل عنه وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري قال : ( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن الجبن ولا يسألون عن السمن ) وعن أبان بن أبي عياش عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=22054كنا نأكل الجبن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك لا نسأل عنه } حديث ضعيف ، أبان بن أبي عياش ضعيف متروك .
( فصل ) يحل أكل الكبد والطحال بلا خلاف للحديث الصحيح السابق { nindex.php?page=hadith&LINKID=608أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالسمك والجراد والدمان [ ص: 78 ] الكبد والطحال } وقد سبق أنه حديث صحيح من لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هكذا ، وأن هذه الصيغة تقتضي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : ( إني لآكل الطحال وما بي إليه حاجة إلا ليعلم أهلي أنه لا بأس به ) وعن عكرمة قال : قال رجل nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : آكل الطحال ؟ قال : نعم قال : إن عامتها دم ؟ قال : إنما حرم الدم المسفوح .
( فصل ) عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23070كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره من الشاة سبعا : الدم ، والمرار ، والذكر ، والأنثيين ، والحيا ، والغدة ، والمثانة ، وكان أعجب الشاة إليه مقدمها } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هكذا مرسلا وهو ضعيف ، قال : وروي موصولا بذكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو حديث قال ولا يصح وصله قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : الدم حرام بالإجماع وعامة المذكورات معه مكروهة غير محرمة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فلم يبق خلق يعقل منذ بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم من جن ولا إنس بلغته دعوته إلا قامت عليه حجة الله تعالى باتباع دينه ، ولزم كل امرئ منهم تحريم ما حرم الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وإحلال ما أحل [ ص: 80 ] الله على لسانه صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحل الله تعالى طعام أهل الكتاب فكان ذلك عند أهل التفسير ذبائحهم ، لم يستثن منها شيئا لا شحما ولا غيره ، فدل على جواز أكل جميع الشحوم من ذبائحهم وذبائح المسلمين ، وفي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : ( دلي جراب من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت : هذا لي لا أعطي أحدا منه شيئا ، فالتفت ، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم فاستحييت منه ) .
( فرع ) مذهبنا أن الشحوم التي كانت محرمة على اليهود حلال لنا ليست مكروهة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي وجماهير العلماء ، وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي منهم ، قال العبدري : وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : هي مكروهة ليست محرمة ، وقال ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : هي محرمة ، وقيل إنه مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أيضا قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : هذا قول كبراء أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك دليلنا ما سبق في الفصل قبله ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) في بيان ما حرم المشركون من الذبائح ، وبيان أنها ليست محرمة قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : حرم المشركون على أنفسهم من أموالهم أشياء بين الله عز وجل أنها ليست محرمة ، كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، كانوا ينزلونها في الإبل والغنم كالعتق ، فيحرمون ألبانها ولحومها وملكها ، وساق الكلام في ذلك ، والله تعالى أعلم .