قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( إذا أدخل الكلب ظفره أو نابه في الصيد نجس وهل يجب غسله ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب قياسا على الصيد ( والثاني ) لا يجب لأنا لو أوجبنا ذلك ألزمناه أن يغسل جميعه لأن الناب إذا لاقى جزءا من الدم نجس ذلك الجزء ونجس كل ما لاقاه إلى أن ينجس جميع بدنه وغسل جميعه يشق فسقط كدم البراغيث ) .
( الشرح ) قوله : إذا أدخل الكلب ظفره أو نابه في الصيد نجس ، يعني الموضع الذي أدخل فيه لأكل الصيد . واعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - قال : إذا أدخل ظفره أو نابه نجس ، واقتصر على هذا ، ولم يذكر الغسل ( فمن ) الأصحاب من قال : أراد به ( نجس ) لا يجب غسله للمشقة ، بل يعفى عنه ، ولهذا لم يذكر الغسل ( ومنهم ) من قال : أراد به " نجس " يجب غسله ، فذكر النجاسة واستغنى بذلك عن ذكر الغسل ، لأنه متى ثبتت النجاسة وجب الغسل ، فحذف ذكره للعلم به ، وللأصحاب في المسألة ثلاث طرق .
( أحدها ) أن موضع الظفر والناب نجس قطعا ، وفي وجوب غسله وتعفيره خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى ، وهذه طريقة المصنف وجمهور الأصحاب من العراقيين الخراسانيين ، وهو المنصوص .
( والطريق الثاني ) حكاه صاحب الإبانة وآخرون ، في نجاسته قولان [ ص: 124 ] أحدهما ) نجس ، وفي وجوب الغسل والتعفير الخلاف ( والثاني ) أنه طاهر لقول الله تعالى : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ولم يأمر بغسله مع أنه لا ينفك عنه غالبا أو دائما ، ولهذا لم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم مع ذكره للأحاديث الواردة فيه ، مع تكرار سؤاله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
( والطريق الثالث ) إن أصاب الكلب غير العروق فحكمه ما ذكرنا وإن أصاب عرقا نضاحا بالدم سرى حكم النجاسة إلى جميع الصيد وحرم أكله ، حكاه إمام الحرمين قال : وهذا غلط ، لأن النجاسة إذا اتصلت بالدم فالعرق وعاء حاجز بينه وبين اللحم ، ثم الدم إذا كان يفور امتنع غوص النجاسة فيه ، كالماء المتصعد من فوارة إذا وقعت نجاسة في أعلاه لم ينجس ما تحته إذا قلنا بالمذهب إنه نجس ، ولا يحرم أكله ، ففيه أربعة أوجه ( أصحها ) عند الأصحاب وهو ظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه نجس يجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب ، ويطهر حينئذ ويؤكل ، وإنما يجب غسل موضع الظفر والناب وغيرهما مما مسه الكلب دون ما لم يمسه مع الرفق به .
( والوجه الثاني ) أنه يعفى عنه فلا يجب غسله أصلا ، مع أنه نجس ، ويحل أكله وقد ذكر المصنف هذين الوجهين وهما مشهوران ( والثالث ) أنه يجب غسله مرة واحدة بالماء من غير تراب ، لأن ما زاد على ذلك فيه مشقة وحرج ، حكاه صاحبا الفروع والبيان ( والرابع ) أنه لا يطهر بالغسل . بل يجب تقوير ذلك الموضع وطرحه ، لأنه تشرب لعابه فلا يتخلله الماء ، وهذا الوجه مشهور في كتب الخراسانيين . ولم يذكره العراقيون ، بل صرحوا بأنه لا يشترط هذا بلا خلاف كما أشار إليه المصنف ، وكيف كان فهو وجه باطل لا أصل له في الأحاديث ولا في القياس ، قال [ ص: 125 ] إمام الحرمين : والقائل بهذا الوجه يطرد ما ذكره في كل لحم وما في معناه إذا عضه الكلب ، بخلاف ما يناله لعابه بغير عض . هذا مختصر متفرقات كلام الأصحاب في المسألة ، فإذا أردت ضبطه مختصرا ( قلت ) فيه ستة أوجه ( أصحها ) يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب ( والثاني ) يجب غسله مرة ( والثالث ) أنه نجس يعفى عنه ، لا يجب غسله ( والرابع ) أنه طاهر ( والخامس ) يجب قطع ذلك الموضع ولا يطهر بالغسل ( والسادس ) إن أصاب عرقا نضاحا بالدم حرم جميعه ولا طريق إلى أكله ، والله أعلم .
( فرع ) قد ذكرنا أن المشهور من مذهبنا أنه يجب غسل موضع ظفر الكلب ونابه سبع مرات إحداهن بالتراب .
( فرع ) لو غصب عبدا فاصطاد فالصيد لمالكه ، ولو غصب شبكة أو قوسا واصطاد به فالصيد للغاصب ، وعليه أجرة مثلهما ، ولو غصب كلبا أو صقرا أو غيرهما من الجوارح ففي صيده وجهان ( أصحهما ) للغاصب ( والثاني ) لصاحب الجارحة ( فإن قلنا ) للغاصب فعليه أجرته إن كان مما تجوز إجارته ( وإن قلنا ) : لصاحبه ، فعلى الغاصب ما نقص من الأجرة ، وهكذا حكم العبد ، والله أعلم .