( أما الأحكام ) ففيها مسائل ( إحداها ) يجوز الصيد بالرمي بالسهام [ ص: 127 ] المحددة بالإجماع والأحاديث الصحيحة ، فإذا رمى الصيد من هو أهل من مسلم أو كتابي فقتله فإن قتله بحد ما رماه ، كالسهم الذي له نصل محدد ، والسيف والسكين والسنان والحجر المحددة والخشبة المحددة وغير ذلك من المحددات سوى العظم والظفر حل أكله ، فإن أصابه بما لا حد له فقتله كالبندقة والدبوس ، وحجر لا حد له ، وخشبة لا حد لها . أو رماه بمحدود فقتله بعرضه لا بحده . لما ذكرالمصنف وكذا لو أصابه بحد عظم أو ظفر لم يحل . لأنه ليس من آلة الذكاة فهو كغير المحدد . قال أصحابنا : وإذا قتله بما لا حد له لم يحل . سواء جرحه به أم لا . حتى لو رمى طائرا ببندقة فقطعت حلقومه ومريئه لم يحل لقوله تعالى . { والموقوذة } وهذه منها . قال أصحابنا فإذا رماه بغير محدد أو بمحدد . فأصابه بعرضه فإن أدركه وفيه حياة مستقرة فذكاه حل ، وإن أدركه ميتا أو وفيه حياة غير مستقرة لم يحل . والله أعلم .
( قلت ) : الصواب ما ذكره البغوي ، لأن القصد لا يشترط في الذبح .
( فرع ) لو رشق الحيوان بالعصا ونحوه ، قال الروياني : إنه إن كان محددا يمور مور السهم حل ، وإن كان لا يمور إلا مستكرها نظر إن كان العود خفيفا قريبا من السهم حل وإن كان ثقيلا لم يحل .
( المسألة الثانية ) لو رمى الصيد بسهم لا يبلغه فأعانته الريح فبلغه بإعانتها ولولاها لم يبلغه فقتله حل لما ذكره المصنف ، هكذا قطع به [ ص: 128 ] الأصحاب في جميع الطرق ، وكذا نقله الرافعي عن جميع الأصحاب وأبدى إمام الحرمين فيه ترددا ، والمذهب الحل .
( الثالثة ) إذا أصاب السهم الأرض أو الحائط ثم ازدلف وأصاب الصيد ، أو أصاب حجرا فنبا عنه وأصاب الصيد ، أو نفذ فيه إلى الصيد . أو كان الرامي في نزع القوس فانقطع الوتر وصدم إلى فوق ، وارتمى السهم وأصاب الصيد ، ففي حله في جميع هذه الصور وجهان ، بناء على القولين اللذين ذكرهما المصنف في المسألة السابقة ( أصحهما ) الحل .
( الرابعة ) قال أصحابنا إذا مات الصيد بسببين محرم ومبيح بأن مات من سهم وبندقية أصاباه من رام أو راميين ، أو أصابه طرف النصل فجرحه ثم أثر فيه عرض السهم في مروره ومات منهما ، أو رمى إلى صيد سهما فوقع على طرف سطح ثم سقط منه ، أو على جبل فتدهور منه ، أو في ماء أو على شجرة فتصدم بأغصانها ، أو وقع على محدد من سكين وغيره ، فهو حرام في كل هذه الصور بلا خلاف ، لما ذكره المصنف ، ولو جرحه على جبل فتدحرج منه من جنب إلى جنب ومات حل بلا خلاف ، ولا يضر ذلك التدحرج ، لأنه لا يؤثر في التلف بخلاف التدهور .
( فرع ) جميع ما ذكرناه هو فيما إذا لم ينته بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح . فإن انتهى إليها بقطع الحلقوم والمريء أو أصاب كبده ، أو أخرج حشوته . أو غير ذلك . فهو حلال . وقد تجب ذكاته ولا أثر لما يعرض بعد ذلك من وقوعه في الماء وتدهوره من الجبل . وعلى أغصان الشجرة وجدران البئر وغير ذلك مما سبق . والله تعالى أعلم .
( فرع ) لو أرسل سهمين على صيد فقتلاه . فإن أصاباه معا فهو حلال . وإن أصابه أحدهما بعد الآخر بطرف فإن أزمنه الأول ولم تصب الثاني المذبح لم يحل وإن أصاب المذبح حل فإن لم يرمه الأول وقتله [ ص: 130 ] الثاني حل . وكذا لو أرسل كلبين فأزمنه الأول وقتله الثاني لم يحل . وسواء قطع المذبح أم لا . ولو أرسل كلبا وسهما فإن أزمنه السهم ثم أصابه الكلب لم يحل . وإن أزمنه الكلب ثم أصاب السهم المذبح حل . والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء إذا رمى طائرا بسهم فأصابه فوقع على الأرض ميتا أو حيا ثم مات في الحال فهو حلال عندنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك يحل في الصورة الأولى دون الثانية ، حكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عنه رواية كمذهبنا ، وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، واتفقوا هم وغيرهم على أنه إذا سقط الصيد فالمجروح جراحة غير مذففة في الماء ومات لا يحل ، للحديث الصحيح السابق .