قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( فأما اقتناؤها فينظر فيه فإن لم يكن فيها منفعة مباحة ، كالخمر والخنزير والميتة والعذرة لم يجز اقتناؤها لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19832سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تصنع خلا ؟ فكرهه وقال : أهرقها } ولأن اقتناء ما لا منفعة فيه سفه ، فلم يجز ، فإن كان فيه منفعة مباحة كالكلب جاز اقتناؤه للصيد والماشية والزرع ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم [ ص: 277 ] قيراطان } وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=10761 : إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع } ولأن الحاجة تدعو إلى الكلب في هذه المواضع فجاز أقتناؤه ، وهل يجوز اقتناؤه لحفظ الدروس ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يجوز للخبر ( والثاني ) يجوز ، لأنه حفظ مال فأشبه الزرع والماشية . وهل يجوز لمن لا يصطاد أن يقتنيه ليصطاد به إذا أراد ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يجوز للخبر ( والثاني ) لا يجوز لأنه لا حاجة به إليه ، وهل يجوز اقتناء الجرو للصيد والماشية والزرع ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يجوز لأنه ليس فيه منفعة يحتاج إليها ( والثاني ) يجوز لأنه إذا جاز اقتناؤه للصيد جاز اقتناؤه لتعليم ذلك ( وأما ) السرجين فإنه يكره اقتناؤه وتربية الزرع لما فيه من مباشرة النجاسة . )
وفي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس " أنه لما نزل تحريم الخمر أمره nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة أن يريق الخمر التي كانت عندهم فأراقها " وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=2330أن nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا قال : أهرقها ، قال : أفلا أجعلها خلا ؟ قال : لا } رواه أبو داود بإسناد صحيح أو حسن [ ص: 278 ] ( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طرق في بعضها { : نقص من أجره كل يوم قيراطان } وفي بعضها : قيراط ، قال صاحب البحر : والقيراط عبارة عن جزء من عمله قال : واختلفوا في المراد به فقيل ينقص من ماضي عمله وقيل من مستقبله قال واختلفوا في محل نقص القيراطين فقال : قيراط من عمل النهار ، وقيراط من عمل الليل ، وقيل : قيراط من عمل الفرض ، وقيراط من عمل النفل ، هذا كلامه .
( وأما ) اختلاف الرواية في قيراط وقيراطين فقيل : يحتمل أنه لنوعين من الكلاب أحدهما أشد ضررا ، أو لمعنى فيهما ، أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع ، فيكون القيراطان في المدينة خاصة لزيادة فضلها ، والقيراط في غيرها ، أو القيراطان في القرى والقيراط في البراري ، أو أنه في زمنين ، فذكر القيراط ثم زاد التغليظ فذكر قيراطان وقد أوضحت هذا مع سبب النقص وما يتعلق به في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رضي الله عنه ، والله سبحانه أعلم ، وسالم المذكور هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم والجرو - بكسر الجيم وفتحها - والكسر أفصح ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري ضمها .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) لا يجوز اقتناء الخنزير سواء كان فيه عدوى تعدو الناس أم لم يكن لكن إن كان فيه عدوى وجب قتله قطعا ، وإلا فوجهان ( أحدهما ) يجب قتله ( والثاني ) يجوز قتله ، ويجوز إرساله وهو ظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقد ذكر المصنف المسألة في آخر كتاب السير ، وهناك نبسطها إن شاء الله تعالى ، وهذا الخلاف في وجوب قتله كما ذكرنا ، وأما اقتناؤه فلا يجوز بحال ، كذا صرح به المصنف والروياني وآخرون . [ ص: 279 ] الثانية ) يكره اقتناء العذرة والميتة ، وقال المصنف ومن تابعه : لا يجوز ، وظاهره التحريم ، وليس هو على ظاهره بل هو محمول على كراهة التنزيه ، وقد سبق بيان مثل هذه العبارة في باب الاستطابة في قوله : لا يجوز أن يستنجي بيمينه .
( الثالثة ) الخمر ضربان محترمة وغيرها وسبق بيانها في باب إزالة النجاسة والمحترمة يجوز إمساكها ، وغير المحترمة يحرم إمساكها ، وسبق بيان هذا كله ودليله في باب إزالة النجاسة .
( الرابعة ) يكره اقتناء السرجين والوقود به وتربية الزرع والبقول لما ذكره المصنف وهي كراهة تنزيه وأشار الروياني إلى وجه أنه مباح لا مكروه وسبق في إزالة النجاسة بيان حكم الزرع والبقل والنابت منه .
( الخامسة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب لا يجوز اقتناء الكلب الذي لا منفعة فيه ، وحكى الروياني عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة جوازه ، دليلنا الأحاديث السابقة قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : ويجوز اقتناء الكلب للصيد أو الزرع أو الماشية بلا خلاف لما ذكره المصنف وفي جواز إيجاده لحفظ الدور والدروب وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) الجواز وهو المنصوص في المختصر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز اقتناء الكلب إلا للصيد أو ماشية أو زرع وما في معناها .
هذا نصه في المختصر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين في تعليقه وفي جواز إيجاده في السفر للحراسة الوجهان ( أصحهما ) الجواز . وفي جواز تربية الجرو للصيد أو الزرع أو غيرهما مما يباح اقتناء الكبير له فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) الجواز . ولو أراد إيجاد الكلب ليصطاد به إذا أراد ولا يصطاد به في الحال أو ليحفظ الزرع أو الماشية إذا سارا له فوجهان ( أصحهما ) الجواز . [ ص: 280 ] واتفق الأصحاب على أنه يجوز اقتناء الكلب الكبير لتعلم الصيد وغيره وإنما الوجهان في الجرو ( أما ) إذا اقتنى كلب صيد ولا يريد أن يصطاد به في الحال ولا فيما بعد فظاهر كلام الجمهور القطع بتحريمة ذكر صاحب الشامل أن الشيخ أبا حامد حكى عن القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد فيه وجهين ( أحدهما ) يجوز لأنه كلب صيد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10761إلا كلب صيد } ( وأصحهما ) لا يجوز لأنه اقتناء لغير حاجة ، فأشبه غيره من الكلاب ، ومعنى الحديث إلا كلبا يصطاد به ، وممن حكى الوجهين صاحب البيان أيضا .
( فرع ) أما اقتناء ولد الفهد فالمشهور جوازه كالقرد والفيل وغيرهما ، وحكى صاحب البحر فيه طريقين ( المذهب ) القطع بجوازه ( والثاني ) فيه وجهان حكاهما القاضي أبو علي البندنيجي والله أعلم .
( فرع ) قال أصحابنا : الكلب العقور والكلب يقتلان للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=5900خمس يقتلن في الحل والحرم ، منها الكلب العقور } قال أصحابنا : وإن لم يكن الكلب عقورا ولا كلبا لم يجز قتله ، سواء كان فيه منفعة أم لا ، وسواء كان أسود أم لا ، وهذا كله لا خلاف فيه بين أصحابنا ، وممن صرح به nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين وإمام الحرمين قال إمام الحرمين : الأمر بقتل الكلب الأسود وغيره كله منسوخ ، فلا يحل قتل شيء منها اليوم لا الأسود ولا غيره إلا الكلب العقور .