قال المصنف رحمه الله تعالى ( واختلف أصحابنا في بيع النحل في الكندوج فقال أبو العباس : يجوز بيعه لأنه يعرف مقداره حال دخوله وخروجه ، ومن أصحابنا من قال : لا يجوز ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد الإسفراييني لأنه قد يكون في الكندوج ما لا يخرج ، وإن اجتمع فرخه في موضع ، وشوهد جميعه جاز بيعه لأنه معلوم مقدور على تسليمه ، فجاز بيعه ) .
( الشرح ) الكندوج - بكاف مضمومة ثم نون ساكنة ثم دال مهملة مضمومة ثم واو ثم جيم - وهو الخلية ، وهو عجمي معرب ، والخلية عربية ، ويقال لها الكوارة أيضا ، قال أصحابنا : بيع النحل في الجملة جائز ، لأنه حيوان طاهر منتفع به ، فأشبه الحمام ، فإن كان فرخه مجتمعا على غصن أو غيره وشاهده كله صح بيعه بلا خلاف عندنا ، فإن كان في الخلية ولم يره في دخوله وخروجه فهو من بيع الغائب ، وقد سبق بيانه فيفرق بين أن يصفه أو لا يصفه ، فإن رآه في دخوله وخروجه ولم يعرف أنه خرج جميعه - وقلنا : لا يجوز بيع الغائب ، - ففي بيعه والحالة هذه وجهان مشهوران ، ذكرهما المصنف بدليلهما ( الأصح ) الصحة ، لأنه يعرف غالبا ولأن الحاجة تدعو إليه ولا تمكن رؤيته مجتمعا إلا في لحظة لطيفة في نادر من الأحوال فلو اشترطت رؤيته مجتمعا لامتنع بيعه غالبا ، وفي ذلك حرج ( والثاني ) لا يصح ، وصححه الروياني وصاحب الانتصار . [ ص: 391 ] فلو طار ليرعى فباعه وهو طائر ، وعادته أن يعود في آخر النهار كما هو الغالب ، وقد رآه قبل طيرانه ، ففي صحة بيعه وجهان ، حكاهما الماوردي والروياني وآخرون ( أحدهما ) لا يجوز بيعه ، وبه قطع البغوي لأنه غير مقدور عليه في الحال ، فلم يصح بيعه ، كالحمام وغيره من الطير الألوف إذا باعه في حال طيرانه ( وأصحهما ) يصح ، وبه قال ابن سريج قطع به المتولي لأن الغالب عوده إلى موضعه ، فجاز بيعه كعبد خرج لقضاء شغل ، ويخالف سائر الطيور ، لأنه يمكن إمساكها وحبسها عن الطيران بالعلف في برجها ( وأما ) النحل فلا بد من الطيران ليرعى ، ولو حبس عنه تلف ، ولا يمكن الانتفاع به إلا إذا طار واجتنى ما يحصل به العسل ، والطير يمكن الانتفاع به محبوسا ، والله سبحانه أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في أصل بيع النحل ، ذكرنا أن مذهبنا جوازه وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد والحسن ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يجوز كالزنبور والحشرات واحتج أصحابنا بأنه حيوان طاهر منتفع به ، فجاز بيعه كالشاة بخلاف الزنبور والحشرات فإنه لا منفعة فيها ، والله سبحانه أعلم .