( الشرح ) : في هذه القطعة مسائل ( إحداها ) حديث المغيرة صحيح رواه أبو داود في سننه بهذا اللفظ ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في صحيحيهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=35136أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } وهذا هو المقصود ، قال العلماء : وقوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة : بل أنت نسيت ليس معناه الإخبار بنسيانه وإنما هو للمقابلة كما يقول الرجل للرجل : فعلت كذا ولم يكن فعله فيقول : بل أنت فعلته مبالغة في براءته منه كأنه يقول : لم أفعل ذلك كما أنك لم تفعله . وقيل في معناه غير هذا ، والمغيرة ' بضم الميم وكسرها سبق بيانه في أول باب صفة الوضوء .
( الثانية ) قوله : " يجوز المسح على الخف في الوضوء " فيه احتراز من الجنابة والحيض والنفاس وسائر الأغسال الواجبة والمسنونة ومن إزالة النجاسة ، وسنوضحها كلها إن شاء الله تعالى .
وقوله : " لأن الحاجة تدعو إلى لبسه فجاز المسح عليه كالجبيرة " هكذا قاسه أصحابنا وأرادوا إلزام طائفة خالفت في مسح الخف ووافقت في الجبيرة : فالجبيرة مجمع عليها .
( الثالثة ) مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز المسح على الخفين في الحضر والسفر وقالت الشيعة والخوارج : لا يجوز ، وحكاه القاضي أبو الطيب عن أبي بكر بن داود وحكى المحاملي في المجموع وغيره من أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ست روايات ( إحداها ) لا يجوز المسح ( الثانية ) يجوز ولكنه يكره ( الثالثة ) يجوز أبدا وهي الأشهر عنه والأرجح عند أصحابه ( الرابعة ) يجوز مؤقتا ( الخامسة ) يجوز للمسافر دون الحاضر ( السادسة ) عكسه . وكل هذا الخلاف باطل مردود وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في كتاب الإجماع إجماع [ ص: 501 ] العلماء على جواز المسح على الخف ، ويدل عليه الأحاديث الصحيحة المستفيضة في مسح النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر ، وأمره بذلك وترخيصه فيه واتفاق الصحابة فمن بعدهم عليه . قال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي : روينا جواز المسح على الخفين عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=98وجابر بن سمرة nindex.php?page=showalam&ids=481وأبي أمامة الباهلي وعبد الله بن الحارث بن جزء وأبي زيد الأنصاري رضي الله عنه .
( قلت ) ورواه خلائق من الصحابة غير هؤلاء الذين ذكرهم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وأحاديثهم معروفة في كتب السنن وغيرها .
قال الترمذي : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان nindex.php?page=showalam&ids=134وبريدة nindex.php?page=showalam&ids=243وعمرو بن أمية ويعلى بن مرة nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت وأسامة بن شريك nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد وصفوان بن عسال nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وعوف بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=130وأبي بكرة nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال وخزيمة بن ثابت . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918أبو بكر بن المنذر : روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ' قال : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=6211أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين } قال : وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك قال : ليس في المسح على الخفين اختلاف هو جائز ، وقال جماعات من السلف نحو هذا . وثبت في الصحيحين من رواية المغيرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=35136أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين في غزوة تبوك وهي من آخر أيامه صلى الله عليه وسلم } وقد اتفق العلماء على أن آية الوضوء المذكورة في المائدة نزلت قبل غزوة تبوك بمدد . وثبت في الصحيحين عن جرير البجلي رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=35136رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين } زاد أبو داود في روايته قالوا لجرير : إنما كان هذا قبل نزول المائدة فقال جرير : وما أسلمت إلا بعد نزول المائدة وكان إسلام جرير متأخرا جدا وروينا في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم [ ص: 502 ] رحمه الله قال : ما سمعت في المسح على الخفين حديثا أحسن من حديث جرير . وأما الأمر بالغسل في الآية فمحمول على غير لابس الخف ببيان السنة ، وليس للمخالفين شبهة فيها روح وأما ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعائشة من كراهة المسح فليس بثابت بل ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه روى المسح على الخف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ذلك لحمل على أن ذلك قبل بلوغهما جواز المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغا رجعا ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي معنى هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وعلى الجملة المسألة غنية عن الإطناب في بسط أدلتها بكثرتها والله أعلم .
( المسألة الرابعة ) قال أصحابنا : مسح الخفين وإن كان جائزا فغسل الرجل أفضل منه بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة ، ولا شك في جوازه . وقد صرح جمهور الأصحاب بهذا في باب صلاة المسافر في مسألة تفضيل القصر على الإتمام وفي غيرها ، وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله : يجوز المسح ولم يقل يسن أو يستحب ، ودليل تفضيل غسل الرجل أنه الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في معظم الأوقات ، ولأن غسل الرجل هو الأصل فكان أفضل كالوضوء مع التيمم في موضع جواز التيمم ، وهو إذا وجد في السفر ماء يباع بأكثر من ثمن المثل فله التيمم ، فلو اشتراه وتوضأ كان أفضل ، صرح به البغوي وغيره ، هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك . وروى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما تفضيل غسل الرجل أيضا ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري أيضا [ ص: 503 ] وقال الشعبي والحكم وحماد : المسح أفضل وهو أصح الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . والرواية الأخرى عنه أنهما سواء وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، واحتج لمن فضل المسح بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة المذكور في الكتاب : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16439بهذا أمرني ربي } وبحديث صفوان الذي ذكره المصنف بعد هذا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=2128أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا } الحديث ، والأمر إذا لم يكن للوجوب كان ندبا . ودليلنا ما سبق . والمراد بالأمر في الحديثين أمر إباحة وترخيص بدليل ما ذكرناه ويؤيده أن في رواية من حديث صفوان : { nindex.php?page=hadith&LINKID=865أرخص لنا أن لا ننزع خفافنا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ، وفي حديث المغيرة تأويل آخر أي : أمرني ببيانه والله أعلم .
( الخامسة ) أجمع العلماء على أنه لا يجوز المسح على القفازين في اليدين والبرقع في الوجه ، وأما العمامة فمذهبنا أنه لا يجوز المسح عليها وحدها وفيها خلاف للعلماء سبق بيانه بدلائله في فصل مسح الرأس والله أعلم .