( والثاني ) لا يجوز ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني لأنه إذا أبدله صار القبض بعد التفرق ، وذلك لا يجوز . وإن كان مما يحرم فيهما الربا بعلتين كبيع الحنطة بالذهب والشعير [ ص: 506 ] بالفضة حل فيه التفاضل والنساء والتفرق قبل التقابض لإجماع الأمة على جواز إسلام الذهب والفضة في المكيلات المطعومة ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي - بالمد - التأجيل قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : إذا باع مالا ربويا فله ثلاثة أحوال : ( أحدها ) أن يبيعه بجنسه فيحرم فيه ثلاثة أشياء ، التفاضل ، والنساء ، والتفرق قبل التقابض .
( الثاني ) أن يبيعه بغير جنسه لكنهما مما يحرم فيهما الربا بعلة واحدة ، كالذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر بالملح والزيت بالعسل فيجوز فيهما التفاضل والنساء والتفرق قبل التقابض ودليل الجميع في الكتاب . وحيث شرطنا التقابض فمعناه التقابض قبل التفرق الذي ينقطع به خيار المجلس كما سبق تفصيله . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب الصرف من الأم والأصحاب : لا بأس أن يطول مقامهما في مجلسهما ، ولا بأس أيضا بطوله متماشيين وإن طال مشيهما وتباعدا عن مجلس العقد ثم تقابضا قبل افتراقهما فيصح البيع لعدم افتراقهما . ولو باعه دينارا في الذمة بعشرة دراهم في الذمة ووصف الجميع أو كان في موضع فيه نقد غالب ولم يكن العوضان حاضرين ثم أرسلا من أحضرهما أو ذهبا مجتمعين إليهما وتقابضا قبل التفرق صح البيع وسلما من الربا . ولو وكلا أو أحدهما في القبض وحصل القبض قبل مفارقة العاقدين جاز وإلا فلا ، ومتى تفرقا قبل القبض وحصل القبض بطل العقد ويأثمان بذلك قال ابن الصباغ والأصحاب : يكون هذا ربا جاريا مجرى بيع الربوي نسيئة ، ولا يكفيهما تفرقهما في منع الإثم ، وإن كان يبطل كما أن العقد مع التفاضل باطل ويأثمان به . قال أصحابنا : فإن تعذر عليهما التقابض في المجلس وأرادا أن يتفرقا [ ص: 507 ] لزمهما أن يتفاسخا العقد قبل التفريق ، لئلا يأثما ، وإن قبض كل واحد منهما نصف المعقود عليه وتفرقا قبل قبض الباقي بطل العقد في الذي لم يقبض ، وفي بطلانه في المقبوض الطريقان السابقان فيمن اشترى عبدين فتلف أحدهما قبل القبض ( المذهب ) أنه لا يبطل ، بل يصح والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال المصنف والأصحاب : وإذا تخايرا في المجلس قبل التقابض فهو كالتفريق فيبطل العقد لما ذكره المصنف ، هذا هو المذهب ، وبه قطع الجمهور ، وقال ابن سريج : لا يبطل لظاهر الحديث فإنه يسمى يدا بيد . وإلى هنا انتهى كلام الشيخ . مصنفه أبي زكريا يحيى بن شرف النووي ، فأدركته المنية - رحمه الله - ونفعنا به في الدنيا والآخرة . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
[ ص: 10 ] قال الإمام السبكي رحمه الله تعالى : قال المصنف والأصحاب : إذا تخايرا في المجلس قبل التقابض فهو كالتفرق فيبطل العقد لما ذكره المصنف ، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وقال ابن سريج لا يبطل لظاهر الحديث ، فإنه يسمى يدا بيد .
( قلت ) هذا آخر ما وجد من شرح أبي زكريا النووي رحمه الله ، وأقول بعون الله تعالى : وفي المسألة وجه ثالث إن الإجارة لاغية والخيار باق بحاله ، وبه جزم الماوردي ، وقد شذ عن العراقيين بذلك ، فإنهم مطبقون على البطلان . وممن جزم بذلك منهم الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب ونقله عن الأصحاب والمحاملي المصنف وأتباعه وأكثرهم لم يحكوا خلاف ابن سريج ولا غيره في ذلك إلا سليما في التقريب فإنه حكاه وقال : إن المذهب البطلان [ ص: 11 ] ورأيته بخطه في تعليقة nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد ، وقال : إنه حكاه في آخر الرهن . وأما المراوزة فالفوراني في العمدة وافق العراقيين وجزم بالبطلان . وأكثرهم يحكي وجهين مع اختلاف معنييهما . فالقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958الحسين حكى وجه البطلان ووجه اللزوم في موضعين من كتابه بتلخيص كل منهما مراده كما ذكرناه . وتبعه صاحب التتمة وصاحب التهذيب . وعين أن المخالف هو ابن سريج . وإمام الحرمين حكى عن نقل شيخه وصاحب التقريب وجه إلغاء الإجارة ووجه اللزوم ولم يذكر وجه البطلان . وتبعه الغزالي في البسيط والوسيط مع زيادة ترجيح اللزوم .
وقد انفرد بترجيح ذلك من بين المصنفين ووافقه عليه من فضلاء المتأخرين زين الدين الحلبي شيخ صاحب الوافي . فانتظم من النقلين في طريقة المراوزة الأوجه الثلاثة المذكورة كما هي أيضا مفرقة في طريقة العراق . وممن ذكرها مجموعة صاحب البحر . وعزا القول بالبطلان إلى جمهور الأصحاب . وأما الرافعي - رحمه الله تعالى - فإنه ذكر الثلاثة مفرقة في موضعين من كتابه على وجه يتوقف في الجمع بينهما . ففي باب الربا قال : والتخاير قبل القبض بمنزلة التفرق يبطل العقد . خلافا لابن سريج ، كما فعل صاحب التهذيب . وفي باب خيار المجلس حكى وجهين ( أحدهما ) إلغاء الإجارة ( والثاني ) لزوم العقد كما فعل إمام الحرمين . ولم يتعرض للتنبيه على أن كلا من الوجهين مخالف لما اقتضى كلامه في باب الربا ترجيحه . فاقتصار الرافعي على هذين الوجهين في هذا المكان يوهم الجزم بصحة العقد والنووي - رحمه الله تعالى - فعل هنا حيث وقف في باب الربا كما فعل الرافعي فيه ، وحكى في باب خيار المجلس فيما تقدم وجهي إلغاء الإجارة ولزوم العقد وقال : إن أصحهما اللزوم . قال : وفيه وجه ثالث أنه يبطل العقد فجمع الأوجه الثلاثة . لكن بعبارة توهم أن البطلان مرجوح . وهو قال هنا : إنه المذهب ( وأما ) قوله : أصحهما اللزوم فيمكن الاعتذار عنه بأنه الأصح من الوجهين ولا يلزم أنه الأصح مطلقا فلا منافاة بينه وبين أن يكون الثالث أصح منه .
( واعلم ) أن الرافعي وكذلك الشارح في هذا الفصل نقل [ ص: 12 ] عن ابن سريج أنه لا يبطل العقد . ولم يبين هل مراده بعد ذلك أنه يلزم العقد ؟ أم تلغو الإجارة ؟ وأن عدم بطلان العقد صادق على كلا الوجهين . لكن سليم في التقريب وصاحب العدة بينا ذلك صريحا فقالا : وعن أبي العباس فيه وجه أن العقد يلزم بذلك ولا يبطل ، وكذلك يقتضيه كلام صاحب التهذيب وكلام سليم وصاحب العدة أصرح ، وقول سليم وصاحب العدة أن القول بالبطلان هو المذهب قد يؤخذ منه أن ذلك منصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ولم أر هذه المسألة فيما وقفت عليه من نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإنما رأيتها في كلام الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد فمن بعده ، ولأجل إجمال الرافعي ومن وافقه في النقل عن ابن سريج حصل التباس على شيخنا ابن الرفعة في الكفاية ، فجعل قول ابن سريج كقول الماوردي والصواب ما قدمته ( والأصح ) عند الحنابلة كقول ابن سريج ، وعندهم احتمال كمذهبنا ( وأما ) مذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - فلا تأتي هذه المسألة عندهما ، لأنهما لا يقولان بخيار المجلس . توجيه كل وجه من ذلك أما القول بإلغاء الإجارة فقد استدل له الماوردي بأن اختيار الإمضاء إنما يكون بعد تقصي علقة العقد ، وبقاء القبض يمنع من تقصي علقه فمنع من اختيار إمضائه ، قال في البحر : وهذا حسن وليس كما قال فإن اختيار الإمضاء إما أن يكون يستدعي سبق صحة العقد أو سبق تقصي علقه إن كان الأول فهو حاصل ، وإن كان الثاني فمن جملة العلق القبض في غير الربوي ، ولا تتوقف الإجارة عليه اتفاقا وتخصيص محل النزاع دون غيره تحكم ، ثم إن حديث " البيعان بالخيار " يدل على أن الخيار معناه ما لم يتفرقا ، أو يقول أحدهما لصاحبه : اختر ، فمن ادعى أن الخيار يبقى بعد التخاير كان مخالفا لمفهوم الحديث ، بل ولمنطوقه على رأيي ، فإن فيه : فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب البيع ،nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رضي الله عنه يحمل ذلك على التخاير بعد العقد ، فاقتضى أن التخاير موجب للعقد مطلقا ، والله سبحانه أعلم .
( وأما ) قول ابن سريج فوجهه ظاهر ، لأن الشرط التقابض قبل التفرق وقد وجد ، وإلحاق التخاير بالتفرق في كل أحكامه ممنوع . والذي ثبت [ ص: 13 ] من الشرع مساواة التخاير للتفرق في لزوم العقد لا مطلقا ، فمن ادعى ذلك فعليه البيان ، وله أن يتمسك بحديث " المتبايعان بالخيار " ودلالته على وجوب العقد بالتخاير كما تقدم من غير تفصيل بين عقود الربا وغيرها . قالت الحنابلة : اشتراط التقابض قبل اللزوم تحكم بغير دليل ، لم يبطل بما إذا تخايرا قبل الصرف ما لم يتفرقا ، فإن الصرف يقع لازما صحيحا قبل القبض ، ثم يشترط القبض في المجلس . ونحن نمنع هذه المسألة على الأصح في مذهبنا ، ومن أثبت القول الذاهب إلى ذلك وأجرى ذاك في عقود الربا والسلم استحال القول بأن التخاير مبطل .
( واعلم ) أن من الأصحاب من يثبت أن ذاك قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - أعني صحة اشتراط نفي خيار المجلس ، فعلى هذا يتعين تخريج قول موافق لابن سريج في مسألتنا هنا ولا سبيل إلى أن يقال : إن ذلك لا يجري في عقود الربا ، والله سبحانه أعلم . وحينئذ أقول في توجيه ما اختاره أكثر الأصحاب : إن الدليل على اشتراط التقابض قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=43764يدا بيد } وهذا اللفظ إما أن يكون ظاهرا في أنه يعطي بيد ويأخذ بأخرى ، وإما أن يكون محتملا له ، لكنا خرجنا عن ذلك . لقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=16870لمالك بن أوس لما صرف من nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة " لا تفارقه حتى تأخذ منه " فجعلنا ذلك منوطا بالتفرق وليس اعتبار التفرق لذاته ، بل لمعنى يمكن إحالة الحكم عليه ، وهو أن العقد قبل التفرق كأنه لم يوجد بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=28748كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم كلاهما بهذا اللفظ . اقتضى الحديث تنزيل العقد الذي لم يلزم بالتفرق أو التخاير منزلة العدم ، وأنه بعد التفرق أو الخيار ليس كذلك فإذا وجد القبض قبل انقضاء الخيار وجد في وقت كأنه لم تتكامل حقيقة العقد فيه فأشبه القبض الواقع وقت العقد ، بأن يعطي بيد ويأخذ بأخرى ، فكان أقرب إلى قوله صلى الله عليه وسلم " يدا بيد " بخلاف ما إذا وجد ذلك بعد اللزوم .
وأما اعتبار التفرق من حيث هو ، فلا معنى له ولم يرد في الشرع ما يدل عليه ، ولا أن التقابض قبله مطلقا كاف ، ويتأيد ذلك بأن الأصل عندنا في بيع الربويات التحريم ، إلا ما قام الدليل على إباحته كما سننبه عليه إن [ ص: 14 ] شاء الله تعالى ، فإذا تعارض ما يقتضي إلحاق التخاير بالتفرق ، وما يقتضي عدمه ، تعين الرجوع إلى الأصل ، فكيف ولم يحصل تعارض ؟ فإن الشارع لم ينص على أنه متى حصل التقابض قبل التفرق صح العقد ، ولا على جعل التفرق من حيث هو مظنة بل شرط أن يكون يدا بيد ، والعقد بالتخاير موجود حقيقة وحكما ، وتقدم صحة العقد على شرطه ممتنع . وأما ما قبل التخاير فالصحة المحكوم بها كلا صحة لما قدمناه فكذلك اكتفي بالقبض فيها ، وأيضا فالتفرق اعتبر للدلالة على تكامل الرضا ، والتخاير المصرح بذلك أولى . " فإن قلت " التخاير قبل التقابض إما أن يكون صحيحا أو باطلا ، فإن كان صحيحا وجب أن يترتب عليه مقتضاه وهو اللزوم كما قال ابن سريج ، وإن كان باطلا وجب أن يلغو ويبقى الخيار بحاله كما قال الماوردي ، فالحكم بكونه مبطلا للعقد بعيد ( قلت ) بطلان العقد لم ينشأ عن التخاير ، بل عن عدم التقابض ، والتخاير مبين لنا غاية الوقت الذي اشترط فيه التقابض كالتفرق ، فالتخاير قاطع للمجلس حقيقة ، لوجود حقيقة الرضا الكامل ، وإن تخلف لزوم العقد عنه ، والله تعالى أعلم .
( التفريع ) إذا قلنا بقول ابن سريج فتقابضا بعد ذلك قبل التفرق ، فقد تم العقد لأنه لزم بالتخاير ، وإن تفرقا قبل أن يتقابضا انفسخ العقد وهل يأثمان بذلك ؟ جزم الإمام والغزالي والرافعي - رحمهم الله تعالى - والنووي - رحمه الله تعالى - في هذا المجموع في باب الخيار أنه باللزوم يتعين عليهما التقابض ، وأنهما إن تفرقا قبل التقابض انفسخ العقد بعد اللزوم ولا يعصيان إن كان تفرقهما عن تراض وإن فارق أحدهما انفسخ العقد وعصى بانفراده بما يضمر فسخ العقد واسقاط المستحق عليه ، وما جزموا به من كونهما لا يعصيان إذا تفرقا عن تراض ينافي ما قاله ابن الصباغ والمتولي ، ونقله النووي عن الأصحاب فيما تقدم أن التفرق قبل التقابض في عقود الربا يأثمان به ، وإن كان الخيار باقيا ، وأنه يكون جاريا مجرى بيع الربوي نسيئة ، وكذلك جزم به القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري ، وفي كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - ما يشير إلى ذلك ، فإنه قال في الإملاء إذا تفرق المتبايعان قبل أن يتقابضا صار ربا ، وانفسخ فيه البيع ، وقال في كتاب الصرف من [ ص: 15 ] الأم : إذا صرف الرجل شيئا لم يكن له أن يفارق من صرف منه ، حتى يقبض منه ، ولا يوكل به غيره إلا أن ينفسخ البيع ثم يوكل هذا بأن يصارفه وقال النووي - رحمه الله تعالى - فيما تقدم : قال أصحابنا : فلو تعذر عليهما التقابض في المجلس وأرادا أن يتفرقا لزمهما أن يتفاسخا العقد قبل التفرق لئلا يأثما فإذا كان هذا في زمان الخيار فبعده أولى بلا شك ويتجه أن يخرج من كل من الكلامين إلى الآخر وللنظر في كل منهما مجال يتجه أن يقال إن ذلك حرام مطلقا لأن الشارع نهى عن هذا العقد إلا يدا بيد وحكم على كل عقد من هذه العقود بأنه ربا إلا : ها وها فمتى لم يحصل هذا الشرط حصل المنهي عنه وحصل الربا والربا حرام وهذا الذي يقتضيه ظاهر إطلاق الأصحاب لفظ الحرمة على هذه الأمور في عقود الربا كقولهم : حرم النساء والتفرق قبل التقابض وليس تفرقهما كتفاسخهما فإنهما بالتفاسخ رفعا العقد فلا يلزمهما شروطه وإذا لم يرفعاه وتفرقا فقد خالفا بالتفرق وجعلاه عقد ربا ، والبطلان حكم من الشرع عليهما ويحتمل أن يقال : إنه ليس المراد هاهنا بالحرمة إلا أن هذه الأشياء شروط في الصحة .
قال السمرقندي - رحمه الله - من الحنفية في كتاب المطلوب في الخلاف : إن المعني بصحة العقد وفساده هنا وقوعه مقتضيا ثبوت أحكام مخصوصة دون الحرمة المطلقة ، فإنهما إذا تبايعا وافترقا من غير قبض لا يأثمان ولكن يمتنع ثبوت هذه الأحكام عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - وعندنا لا يمتنع يعني في بيع الطعام بالطعام فأفهم كلامه أن الإمامين غير قائلين بالحرمة المطلقة ، والأول أرجح وأقرب إلى أصل الشافعية الذي تقدمت الإشارة إليه ويأتي إن شاء الله تعالى .
( أما ) بعد اللزوم على رأي ابن سريج فرضاهما بالفسخ لا أثر له ولم يبق إلا صورة التفرق فيتجه الجزم بالتحريم وإن رضيا به لأنهما رضيا بما يحقق العقد المنهي عنه ، فالقول بالتحريم في زمان الخيار مع عدم التحريم بعد التخاير مما لا يجتمعان .
( فإن قلت ) القول بعدم التحريم بعد التخاير إنما ذكروه تفريعا على رأي [ ص: 16 ] ابن سريج فجاز أن يكون ابن سريج مخالفا في ذلك الأصل فلا يلزم أن يجتمع كلامه مع كلام الأصحاب ( قلت ) القائلون بذلك تفريعا على رأي ابن سريج لم ينقلوا التفريع المذكور عنه وإنما فرعوه كسائر التفاريع المذهبية فلذلك حسن الإيراد عليهم ، وأيضا فقد قلنا فيما تقدم أنه يتعين تخريج قول مثل قول ابن سريج ، وإذا ثبتنا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي قولا بصحة العقد والشرط فيما إذا تبايعا على أن لا خيار لهما .
( فإن قلت ) إنهما في زمان الخيار متمكنان من الفسخ فلهما طريق في رفع العقد قبل التفرق فلا يباح لهما التفرق ، وأما بعد اللزوم فلا طريق لهما إلا التفرق ( قلت ) بعد اللزوم لا طريق لهما إلى رفع العقد ، وارتفاعه إنما يحصل بغير اختيارهما كتلف المعقود عليه فإذا تفرقا فقد فعلا ما ليس لهما فعله وإن كان يرتفع العقد به والله سبحانه أعلم .
( وأما ) جزمهم بأنه إذا فارق أحدهما يعصي لقطعه ما هو مستحق عليه ، فعلى قاعدتهم وقولهم أنهما إذا تفرقا راضيين لا يعصيان فيه نظر فإنه لا يمتنع على الإنسان أن يتصرف في نفسه أو خاص ملكه تصرفا ينقطع به حق غيره إذا كان التصرف في نفسه مباحا ألا ترى أن المكاتب يعجز نفسه فينقطع به حق السيد عنه ، والزوج يطلق قبل الدخول فينقطع به حق المرأة في نفس الصداق عنه ، وإنما يمتنع إذا كان ذلك مقصودا للشرع فحينئذ يمتنع كل منهما أن يفارقه لاستلزامه تفويت التقابض المستحق بالعقد شرعا تحرزا عن الربا . والله أعلم . هذا كله إذا فرعنا على قول ابن سريج ، وإن فرعناه على ما اختاره الماوردي فالخيار باق بحاله فإن تقابضا بعد ذلك قبل الافتراق صح العقد واستقر وكانا بالخيار ما لم يتفرقا أو يتخيرا ، كذلك صرح الماوردي والله أعلم . وعلى ما اختاره أكثر الأصحاب لا إشكال في التفريع ، فإن التخاير ملحق بالتفرق من جميع وجوهه ، ومقتضى ذلك أن يأثما به كما يأثمان بالتفرق ، والتخاير المبطل أن يكون منهما معا لأنه الذي ينقطع به خيارهما كالتفرق ، أما إذا أجاز أحدهما فليس ذلك في معنى التفرق ، حتى يبطل به ، فإن مجلس العقد باق فإن أجاز الآخر بعد ذلك قبل التقابض لا إثم كما تقدم وفي الحكم بإثم السابق بالإجازة من غير مواطأة نظر وهذا الذي [ ص: 17 ] قلته من التفريع على قول أكثر الأصحاب تفقه لم أر شيئا منه منقولا . والله أعلم .
( فرع ) ما تقدم من الكلام فيما إذا فارق أحدهما تفريعا على رأي ابن سريج صورته أن يكون بغير إذن صاحبه ، كذلك صرح به في الوسيط ، وعبارته في البسيط : وإن هرب أحدهما وهي أصرح في المقصود ، وعليه يحمل إطلاق الإمام والرافعي ، أما لو فارق أحدهما برضى الآخر ، فإن حكمه ما لو تفرقا ، والله سبحانه أعلم .
( فرع ) جميع ما تقدم من الخلاف في حكم الإجارة في عقود الربا والصرف التي يشترط فيها التقابض وببطلان العقد بذلك أو لزومه ، أو إلغاء الإجارة . وتفاريع ذلك جار بعينه في السلم ، لو أجزت الإجارة قبل قبض رأس المال فيه ذكر القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين المسألتين وتكلم فيهما . وكذلك الإمام وصاحب التهذيب ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) إذا باع مال ولده من نفسه في عقد الصرف أو غيره مما يشترط فيه القبض في المجلس . وفارق مجلسه ذلك ولم يحصل القبض بطل العقد على أصح الوجهين في أنه إذا فارق المجلس يلزم العقد . وقيل لا يلزم إلا باختيار اللزوم وذكر الماوردي أنه قول جمهور أصحابنا . فعلى هذا في الصرف يجوز أن يقبض بعد مفارقة المجلس ما لم يبطل الخيار باختيار اللزوم . قاله صاحب التهذيب وصاحب العدة . ولنا وجه في أصل المسألة أنه لا يثبت في هذا العقد خيار مجلس أصلا . وعلى هذا أيضا يكون المعتبر مجلس العقد . فإذا فارقه بطل . قاله صاحب العدة . والله أعلم .
( فروع ) حيث اشتراطنا التقابض ، فسواء تركه ناسيا أم عامدا في فساد البيع نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في الأم ، وسواء علما فساد العقد بتأخر القبض أم جهلا . قاله الماوردي ، وسواء كان ذلك اختيارا أو كرها نقله صاحب الاستقصاء عن الإيضاح . ولم أر ذلك في غير الاستقصاء . ولعلك أن تقول قد حكوا خلافا في انقطاع الخيار بالتفرق على وجه الإكراه والصحيح أنه لا ينقطع ، فجعلوا الإكراه هناك عذرا ، فهل كان هاهنا عذرا ؟ وكيف يحكم ببطلان العقد مع بقاء الخيار الدال على بقاء [ ص: 18 ] المجلس ؟ والشرط أن يتقابضا في المجلس لا غير ، وأن يكون ذلك التفرق كلا تفرق .
( فإن قلت ) قد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - على أن النسيان في ذلك كالعمد ، وهو يشعر بأن الإكراه كالاختيار ( قلت ) النسيان له صورتان : أن ينسى العقد ويفارق المجلس ثم يتذكر . وفي هذا قال إمام الحرمين - رحمه الله - : لا شك أنه ينقطع خياره وأنه لا وجه لتقريب ذلك من الحنث في اليمين ، فإن الحالف جعل اليمين وازعة ، واليمين المنسية لا تزع ، والناسي إذا فارق مجلس العقد في حكم مضيع حق نفسه بالنسيان ، وقصد بهذا الفرق بينه وبين المكره ، فهذه الصورة إذا حمل كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه عليها لا ترد على المكره لأن الإكراه تعلق بالتفرق ، والإكراه يسقط اعتبار المكره عليه ، فصار وجود التفرق كعدمه ، والنسيان المذكور لم يتعلق بالتفرق ، بل التفرق مقصود والنسيان متعلق بالعقد فلا جرم رتب على التفرق المقصود اختيار أثره ، وأما الصورة الثانية من النسيان فهي أن يوجد منه التفرق غير قاصد له ، بل على وجه السهو والغفلة ، وإن كان في تسمية هذا نسيانا نظر ، فهذا إذا وقع على هذه الصورة يمكن إلحاقه بالإكراه بل يتعين . وقد قال صاحب الذخائر في الناسي : إن بعض أصحابنا قال : ينقطع خياره بالمفارقة ناسيا ، لأنه لا يعدم سوى القصد ولا تأثير للقصد إذ هو غير شرط . قال وفيه نظر ، فإنه حق ثابت لم يرض بإسقاطه فكيف يسقطه ؟ ويحتمل تخريجه على من أكره على التفرق وترك التخاير ، وكذلك القول في الجاهل ، آل القول في ذلك إلى أن القصد في التفرق هل يشترط أم لا ؟ فمن لم يشترطه اكتفى بصورة التفرق ، ومن اشترطه لم يكتف بذلك ، ولا يرد عليه الجنون لأنه انتقل عنه الخيار إلى غيره فهو كالميت .
( قلت ) فإذا تأملت كلام صاحب الذخائر وعليه كلام بعض الأصحاب التي نقلها علمت أن ذلك الكلام إنما يظهر في الصورة الثانية ، وتقوى فيه حينئذ ما قاله صاحب الذخائر . ومتى حمل على الأول لا يستقيم عليه صاحب ذلك الوجه . ومتى ثبت أن التفرق على وجه السهو والغفلة لا يقطع الخيار ، يجب أن لا يبطل العقد بالتفرق على ذلك الوجه قبل التقابض ، والله عز وجل أعلم . [ ص: 19 ] وأما الفرع الثاني الذي قاله الماوردي - رحمه الله تعالى - فظاهر . لأن الجهل بالحكم الشرعي لا يدفع ثبوته . وقول صاحب الذخائر المتقدم فيه نظر إن حمل على الجهل بالحكم يتعين ما قلناه من سقوط الخيار ، وإن حمل على الجهل بأن ذلك العقد سمي تفرقا اتجه أن يبقى خياره . والله سبحانه وتعالى أعلم .
( فروع ) نص عليها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم قال رضي الله عنه : ومن اشترى فضة بخمسة دنانير ونصف فدفع إليه ستة وقال : خمسة ونصف بالذي عندي ونصف وديعة فلا بأس به . ولا بأس إذا صرف منه وتقابضا أن يذهبا فيزنا الدراهم . وكذلك لا بأس أن يذهب هو على الانفراد فيزنها . وحمله صاحب البيان على أن يكون أحدهما عرف الوزن وصدقه الآخر وتقابضا على ذلك ، وما حمله عليه فيه بحث سأذكره في باب الصبرة بالصبرة والله أعلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : ولا بأس أن يصرف الرجل من الصراف دراهم فإذا قبضها وتفرقا أودعه إياها .
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - : لا بأس أن يقبض بعد الصرف ويدفع ما قبضه منه إلى غيره ، أو يأمر الصراف أن يدفع باقيه إلى غيره إذا لم يتفرقا من مقامهما حتى يقبضا جميع ما بينهما ( مثاله ) أن يصرف دينارا بعشرين منه . عشرة ثم عشرة قبل أن يتفرقا . وكذلك قال الماوردي - رحمه الله - : لا يلزم دفع جميعه مرة واحدة . والله تعالى أعلم .
( فرع ) لو اختلفا بعد الافتراق فقال أحدهما : تفرقنا عن قبض . وقال الآخر بخلافه . كان القول قول من أنكر القبض . ويكون الصرف باطلا . قاله الماوردي وقال : ( فإن قيل ) أليس لو اختلفا بعد الافتراق في الإمضاء والفسخ كان القول في أحد الوجهين قول من يدعي الإمضاء ، والبيع لازم ؟ فهل كان اختلافهما في القبض مثله ؟ ( قيل ) الفرق بينهما أن من ادعى الفسخ ينافي بدعواه مقتضى العقد ، لأن مقتضاه اللزوم والصحة إلا أن يتفقا على الفسخ ، فكان الظاهر موافقا [ ص: 20 ] لقول من ادعى الإمضاء ، وليس كذلك من ادعى القبض ، لأن الأصل عدم القبض على أن أصح الوجهين أن القول قول مدعي الفسخ .
( قلت ) قوله : إن أصح الوجهين أن القول قول مدعي الفسخ ، وافقه عليه nindex.php?page=showalam&ids=12515ابن أبي عصرون ، وهو مخالف لما صححه الرافعي وجماعة أن القول قول المنكر للفسخ لأنه الأصل .
( وأما ) ما جزم به قول منكر القبض ، فقد خالفه فيه nindex.php?page=showalam&ids=12515ابن أبي عصرون ونقل فقال : إن كان ما باع كل واحد منهما في يده فالقول قول من يدعي عدم حصول القبض ، لأن الحال يشهد به ، وإن كان المالان في يد أمين لا يعلم الحال أو في موضع البائع ، فالقول قول من يدعي حصول القبض ، لأن الأصل صحة العقد ووجود ما يقتضيها ، وكذلك لو أقام كل واحد منهما بينة قدمت بينة الصحة لأن معها زيادة علم ، هكذا ذكر في الانتصار . ووقع في النسخة التي وقفت عليها من المرشد في القسم الأول ، أن القول قول من يدعي حصول القبض ، ونقله ابن الرفعة عنه كذلك فجعل القول قول من يدعي حصول القبض في القسمين ، وذلك محمول على غلط من النسخة سقط منها عدم من النسخة التي رأيتها ، ومن النسخة التي وقعت لابن الرفعة ، وليس في المرشد تعليل يرشد إلى المعنى ، فلذلك وقع الوهم لابن الرفعة ، وهذه من آفة الكتب المختصرة .
( وأما ) الانتصار فوقع الكلام فيه على الصواب وتعليله يرشد إليه على أن ما قاله الماوردي أقوى مما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12515ابن أبي عصرون ، لكن ابن الرفعة بعد أن حكى كلام صاحب المرشد على ما وجده قال : ويعضد ذلك ما حكاه ابن الصباغ في السلم فيما إذا اختلفا في قبض رأس المال قبل التفرق أو بعده أن القول قول من يدعي الصحة ، قال : ولم يحك سواه وطرده فيما إذا كان في يد المسلم . وادعى المسلم إليه أنه أودعه إياه أو غصبه
( قاعدة ) الأصل عندنا وعند المالكية في بيع الربويات بجنسها أو ما يشاركها في علة الربا التحريم ، إلا ما قام الدليل على إباحته ، وهذا الأصل مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29959لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق [ ص: 21 ] بالورق إلا وزنا بوزن ، مثلا بمثل ، سواء بسواء } " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - رحمه الله تعالى - في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14213سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عينا بعين ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى } " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر رضي الله عنه " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14216الذهب بالورق ربا إلا ها وها } " الحديث متفق على صحته لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " الذهب بالورق ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : الورق بالذهب ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ، إذا كان يدا بيد } " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة . وجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول صدره بالنهي ثم استثنى منه ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه صدره بالحكم على ذلك بالربا ثم استثنى وفي الحديث الآخر وهو بقية حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة علقه على شرط ، والمشروط عدم عند عدم الشرط ، والأصل عدمه ، وهذه قاعدة شريفة نافعة في مسائل من باب الربا ، كمسألة بيع الحفنة بالحفنتين ، والجهل بالمماثلة وغير ذلك كما سننبه عليه إن شاء الله تعالى . وفي مظان الاشتباه وتعارض المأخذ إذا تساوت يجب الحكم بالتحريم عملا بالأصل ، وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في الأم بأن الأصل ذلك ويخالفنا في ذلك الحنفية ، لأن الأصل عندهم في ذلك الجواز لاندراجه في جملة البيع ، ويجعلون عقود الربا وسائر ما نهى عنه مخرجا من ذلك الأصل ، ويؤول تحقيق بحثهم إلى أن عقد الربا اشتمل على وصف مفسد فهو كسائر البيوع التي اقترن بها ما يفسدها ، وممن صرح بنقل هذين الأصلين عند المذهبين من أصحابنا الخلافيين الشريف المراغي nindex.php?page=showalam&ids=11908وأبو المظفر بن السمعاني ومحمد بن يحيى وغيرهم ، قالوا : واللفظ المراعى : الأصل عندنا في الأموال الربوية التحريم ، والجواز ثبت على خلافه رخصة مقيدة بشروط ، وعندهم الأصل الجواز ، والتحريم ثبت على خلافه عند المفاضلة . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي المالكي عن أبي المطهر خطيب أصفهان قال : قال لنا [ ص: 22 ] المنذري : الأصل في الأموال الربوية حظر البيع حتى يتجه تحقيق التماثل ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - الأصل إباحة البيع حتى يمنعه حقيقة التفاضل ، وما قلناه أصح ، وممن صرح بهذا الأصل من المالكية nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي وابنه في كلامه ، وقد رأيت ما هو منسوب إلى الحنفية في كتبهم ، وتحقيقه عندهم ما قدمته ، وهذه القاعدة يظهر نفعها في مواضع سأنبه عليها إن شاء الله تعالى ، وتقدم التنبيه على بعضها . ( فإن قلت ) كيف تستقيم دعوى هذه القاعدة ؟ وقد اشتهر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في كلامه في معنى قوله تعالى { وأحل الله البيع } وأن أظهر معانيها عنده أنها عامة تتناول كل بيع وتقتضي إباحة جميعها إلا ما خصه الدليل وقد تقدم في هذا المجموع ذكر أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في ذلك ، وأن هذا القول أصحها عنده وعند أصحابه ، وعقد الربا فرد من أفراد البيوع ، فيكون الأصل فيه الجواز كما تقوله الحنفية ، وما خرج منها بالتخصيص كان على خلاف الأصل .
( قلت ) مسلم أن الآية شملت دلالتها كل بيع ، وأخرج منها عقود الربا بقوله صلى الله عليه وسلم " لا تبيعوا الذهب بالذهب " الحديث ونظائره ، وبقوله تعالى ( { وحرم الربا } ) إن صح الاستدلال منه لما سننبه عليه إن شاء الله تعالى ، فصار هذا أصلا ثابتا أخص من الأول ، لأن هذا خاص بالربويات ، ثم استثنى من هذا الأصل أحوال وهو ما إذا حصل المساواة والحلول والتقابض في الجنس الواحد . والحلول والتقابض خاصة في الجنسين . nindex.php?page=showalam&ids=11990فأبو حنيفة - رحمه الله - نظر إلى الأصل الأول . وهو إباحة البيوع وجعل صورة المفاضلة في الربويات مخرجة منه . nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - رحمه الله - نظر إلى الأصل الثاني القريب وهو التحريم في الربويات كلها ثم جعل حالة التماثل مخرجة منه . والحنفية ينازعون في تقرير هذا الأصل الثاني ويقولون : إن قوله صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29961لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء } " وما أشبهه من هذه الصيغ في معنى . وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في الأم بأن أصل البيوع كلها مباح إلا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وما في معناه ، كل ذلك واحد ، ثم تارة يجعلون المقصود فساد البيع عند عدم المماثلة التي هي واجبة ، قال [ ص: 23 ] هؤلاء : لأن الكلام المفيد بالاستثناء يصير عبارة عما وراء المستثنى وكلهم يحومون على جعل المعنى كلاما واحدا ، ولذلك يبنون كلامهم في باب الربا على حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ، مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رحمه الله تعالى ، فلم يأت في هذا اللفظ صيغة نهي واستثناء ، فكان المعنى الحكم بإيجاب المماثلة ، قالوا : ولا يتصور الحكم بدون محله ، ومحله المماثلة ، وهو القابل لها ، فعرفنا أن المحل الذي لا يقبل المماثلة في الكيل إجماعا . والجواب عن هذا أن كلا من خبر nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وخبر nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ورد بلفظ الإثبات فقط ، وورد بلفظ النهي والاستثناء ، وألفاظهما بذلك كلها في الصحيح ولا تنافي بينهما ، واللفظ الذي فيه نفي وإثبات فيه زيادة ، على ما فيه إثبات فقط ، فيجب العمل بمقتضاه ، ودعواهم أن النهي والاستثناء في معنى كلام واحد ، وهو النهي عما وراء المستثنى فقط ، وإيجاب المستثنى فقط ممنوع ولا دليل عليهما ، وفيهما تعطيل لبعض مدلول الكلام ، فهذه قاعدة مهمة ينبغي الاعتناء بها فمن أتقنها وأتقن تحقيق العلة في الربويات ، وهل الجنس وصف في العلة أو شرط فيها أو محل لها ؟ وحقق النظر في الأجناس ، فقد أحاط علما بجميع أصول هذا الباب ، ولولا خوف الإطالة لأمعنت الكلام في هذه القاعدة أكثر من هذا ، ولكني أرجو أن يكون فيما ذكرته كفاية ، وسوف أعود إليها عند الكلام في اعتبار التساوي في الكيل في أول الفصل السادس من كلام المصنف إن شاء الله تعالى ، وسأنبه على الأمرين الآخرين اللذين أشرت إليهما إن شاء الله تعالى في محلهما ، والله تعالى أعلم .
( فائدة ) تقدم أن الأصح عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى - أن البيع على عمومه إلا ما خصه الدليل وهو مذهب أكثر الفقهاء . nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي أقوال أخر تقدم نقلها في المجموع . وفي المسألة قول آخر لبعض الفقهاء لم تتقدم حكايته ، فأحببت أن أنبه عليه . وهو أن البيع في الآية من قبيل العموم الذي لا خصوص فيه ولا يدخله الخصوص لأنه لا بيع إلا وهو حلال . [ ص: 24 ] وهؤلاء يمنعون تسمية شيء من البياعات الفاسدة بيعا ، ويقولون : إن نفي الحكم عن الاسم يمنع من وقوع الاسم عليه إلا مجازا . حكى ذلك القاضي عبد الوهاب المالكي . فعلى هذا لا يبقى للحنفية فيه دليل على ما يدعونه . والله سبحانه وتعالى أعلم .
( فائدة أخرى ) تقدم في كلامي توقف في الاستدلال بقوله تعالى { وحرم الربا } على تخصيص البيع وذلك لأن الناس اختلفوا في مدلول الربا فقال ابن داود الظاهري : حقيقة هذه اللفظة الزيادة في نفس الشيء خاصة لقوله تعالى { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت } والأرض إنما تربو في نفسها لا فيما يقابلها ولا يطلق على الزيادة في المقابل إلا مجازا . ولعله ذهب إلى ذلك حتى يسد باب الاحتجاج على أبيه فقوله تعالى { وحرم الربا } هو أنه يشمل الربا فيهما عدا الأشياء الستة المنصوص عليها وقال ابن سريج إنه وإن وضع للزيادة في نفس الشيء يقابله عرفا ويكون من الأسماء العرفية في الشرع كالصلاة . ومال آخرون إلى انطلاق اللفظ على المعنيين انطلاقا متساويا . ومن الناس من ذهب إلى أن هذه التسمية تطلق على كل بيع محرم . وأضيف هذا المذهب إلى عائشة رضي الله عنها لأجل قولها : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=33377لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج النبي صلى الله عليه وسلم فحرم التجارة في الخمر } " متفق عليه ، أشارت إلى أن بيع الخمر لما كان محرما كان ربا . وأضيف أيضا إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لقوله : إن من الربا بيع التمر وهي معصفة قبل أن تطيب ، ويحتجون بإطلاق اسم الربا على النسيئة في الذهب بالفضة لكونها محرمة وإن كان التفاضل جائزا حكى هذه الأقوال الأربعة الإمام nindex.php?page=showalam&ids=15140أبو عبد الله المازري المالكي .
فعلى قول ابن داود لا يكون الربا داخلا في مسمى البيع ألبتة حتى يختص به ، بل يكون واردا على ربا الجاهلية . وهو أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل ، فإذا حل الأجل قال : أتقضي أم تربي ؟ فإن قضاه أخذه وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل . وقد ذهبت طائفة منهم القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد من أصحابنا إلى حمل الآية على ذلك وأن الألف واللام في الربا للعهد ، وليس هذا موضع تقوية ذلك أو توهينه ، ولكن غرضي أن تخصيص قوله ( { وأحل الله البيع } ) بها لا يسلم [ ص: 25 ] من نزاع بخلاف تخصيصه بالنسيئة . وهكذا فعل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه قال في الأم : أصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا ، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه . وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى ا هـ ، فجعل المخصص هو السنة فحسب . وممن مال إلى أن المراد بالربا كل بيع فاسد أبو بكر بن العربي المالكي . وقال : إن الآيتين يعني قوله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا } اقتضيا كتاب البيوع كله على الشمول دون التفصيل ، وفصله النبي صلى الله عليه وسلم في ستة وخمسين حديثا . وقال الروياني : قيل الربا في الشرع اسم لمقابلة عوض بعوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد ، أو تأخر في البدلين أو في أحدهما .
( قلت ) وهذا حسن في تعريفه ، سواء كان حقيقة أم مجازا .
فصل : في مذاهب العلماء في الأحكام التي ذكرها المصنف في هذا الفصل إلى هذا المكان ، اقتضى قول المصنف أنه إذا باع الربوي بجنسه حرم فيه التفاضل والنساء والتفرق قبل التقابض ، وإذا باعه بما يشاركه في العلة حرم النساء والتفرق فقط ، وأن الشعير والحنطة جنسان ، فهذه خمسة أحكام منها ما هو مجمع عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه ، وسأبين ذلك واحدا واحدا إن شاء الله تعالى .
( الحكم الأول ) تحريم التفاضل في الجنس الواحد من أموال الربا إذا بيع بعضه ببعض ، كبيع درهم بدرهمين نقدا أو صاع قمح بصاعين ، أو دينار بدينارين ويسمى ربا الفضل ، لفضل أحد العوضين على الآخر ، وربا النقد في مقابلة ربا النسيئة . وإطلاق التفاضل على الفضل من باب المجاز . فإن الفضل في أحد الجانبين دون الآخر ، وقد أطبقت الأمة على تحريم التفاضل إذا اجتمع مع النساء ، وأما إذا انفرد نقدا فإنه كان فيه خلاف قديم صح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهما إباحته ، وكذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما مع رجوعه عنه . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير رضي الله عنه [ ص: 26 ] nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد رضي الله عنه وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية شيء محتمل . nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب من الصحابة رضي الله عنهم ( فأما ) التابعون فصح ذلك أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح وفقهاء المكيين .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة ثم روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يقتضي رجوعه عن ذلك . وكذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وانتداب جماعة من العلماء لتبيين رجوع من قال بذلك من الصدر الأول والتشوف إلى دعوى الإجماع على التحريم . وها أنا إن شاء الله تعالى - أبين ما روي من الآثار عن القائلين بذلك . ثم ما روي من رجوع من رجع عنه . ثم أذكر كلام من تشوف لجعل المسألة إجماعية . ثم أبين الحق في ذلك بحول الله تعالى وقوته . فهذه أربعة فصول . القائلون بجوازه ( الأول ) ما روي من الآثار عن القائلين بذلك : روينا عن أبي صالح الزيات أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول : " الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم فقلت له : فإن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا يقوله . فقال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد : سألته فقلت : سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله تعالى ؟ فقال : كل ذلك لا أقول ، وأنتم أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم مني ، ولكن أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=30745لا ربا إلا في النسيئة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم واللفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري فيما رويناه عنه . وقد اجتمع في هذا الحديث ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير المكي واسمه محمد بن مسلم بن تدرس بفتح التاء ودال ساكنة وراء مضمومة وسين مهملة قال " سمعت أبا أسيد الساعدي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس يفتي الدينار بالدينارين فقال له أبو أسيد الساعدي وأغلظ له . قال : فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما كنت أظن أن أحدا يعرف قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي مثل هذا يا أبا أسيد . فقال أبو أسيد : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=44161يقول : الدينار بالدينار ، وصاع حنطة بصاع حنطة ، وصاع شعير بصاع شعير ، وصاع ملح بصاع ملح ، لا فضل بينهما في شيء من ذلك } . فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إنما هذا شيء كنت [ ص: 27 ] أقوله برأيي ولم أسمع فيه بشيء " رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - رحمه الله - وفي سنده عتيق بن يعقوب الزبيري . قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : إنه شيخ قرشي من أهل المدينة وأبو أسيد بضم الهمزة وروينا في معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث أبي صالح ذكوان أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن بيع الذهب والفضة فقال " هو حلال بزيادة أو نقصان ، إذا كان يدا بيد قال أبو صالح : فسألت nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد بما قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأخبرت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بما قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد والتقيا وأنا معهما ، فابتدأه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما هذه الفتيا التي تفتي بها الناس في بيع الذهب والفضة ، تأمرهم أن يشتروه بنقصان أو زيادة يدا بيد ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : ما أنا بأقدمكم صحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب يقولان سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد حسن .
وروينا في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - رحمه الله - أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة بالنون والضاد المعجمة قال : " سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن الصرف فقال : أيدا بيد ؟ فقلت : نعم قال : لا بأس به ، فأخبرت nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد فقلت : إني سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن الصرف فقال : أيدا بيد ؟ قلت نعم قال : فلا بأس به . قال : أو قال ذلك ؟ إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه . قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25931فوالله لقد جاء بعض فتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأنكره ، فقال كأن هذا ليس من تمر أرضنا . قال : كان في تمر أرضنا أو في تمرنا العام بعض الشيء ، فأخذت هذا وزدت بعض الزيادة ، فقال أضعفت أربيت ، لا تقربن هذا ، إذا رابك من تمرك شيء فبعه ثم اشتر الذي تريد من التمر } وقد روي القول بذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من جهة جماعة من أصحابه ، منهم أبو الجوزاء وأبو مجلز وعبد الرحمن بن أبي نعيم nindex.php?page=showalam&ids=15558وبكر بن عبد الله المزني وزيادتنا ذكر رواياتهم في ذلك إن شاء الله تعالى - في فصل رجوعه عن ذلك . أما nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر فروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة المتقدم ذكره قال " سألت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا ، فإني لقاعد عند nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف فقال : ما زاد فهو ربا ، فأنكرت ذلك لقولهما ، فقال لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=17597جاءه صاحب نخلة بصاع [ ص: 28 ] من تمر طيب ، وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللون ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنى لك هذا ؟ قال انطلقت بصاعين فاشتريت بهما هذا الصاع ، فإن سعر هذا في السوق كذا وسعر هذا كذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك أربيت ، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة ، ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت } . قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا ؟ أم الفضة بالفضة ؟ قال : فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بعد فنهاني ، ولم آت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : فحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16237أبو الصهباء : أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عنه بمكة فكرهه رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بهذا اللفظ ، وهذا لفظ روايتنا فيه ، وفي هذا الحديث ما يدل على أن nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد رضي الله عنه استعمل القياس في إشارته إلى أن الفضة بالفضة أحق بالربا من التمر بالتمر ، وأن تحريم الربا في الأشياء الستة معلل ، والمراد بالصرف الذي سئل عنه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس صرف النقد بجنسه مع عدم رعاية التماثل ، كذلك حمله عليه جماعة من العلماء ، وجعلوا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ممن خالف ثم رجع وسياق الرواية يرشد إلى ذلك ، وإن كان يحتمل أن يحمل على الصرف الجائز ، ويكون نهيه بعد ذلك تبيينا لمراده بالإطلاق أولا لا رجوعا ، لكن السياق وفهم nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عنه يأباه والله تعالى أعلم . ( وأما ) nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فروى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في كتاب أحكام nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله قال : " لا بأس بالدرهم بالدرهمين " وهذا إسناد صحيح نقلته من نسخة معتبرة من الأم ، قال فيها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية ولا مانع من ذلك فإنه عاصره وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ذلك في كتاب المعرفة فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما بلغه عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية . وقد روى أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية بهذا الإسناد ، فأيا ما كان فهو صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور " لا ربا فيما كان يدا بيد " ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتابيه السنن والآثار ، ومعرفة السنن مع روايته للفظ المتقدم بلفظ آخر ليس بصريح ، سأذكره إن شاء الله - تعالى - في فصل الرجوع عن ذلك ولا حاجة إلى ذكره هنا للاستغناء بما هو أصرح منه ، والله أعلم .
[ ص: 29 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فلم يحقق ذلك عنه ، فإنه روي عنه شيء محتمل لذلك ولغيره ، وجرت له في ذلك قصة مع nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت رضي الله عنهما مشهورة ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء رضي الله عنه ولعلها جرت معهما مرتين . أما قصة nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فروى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار " أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : { nindex.php?page=hadith&LINKID=44347سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل } ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : ما أرى بهذا بأسا ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : من يعذرني من nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ؟ أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرض أنت بها ، ثم قدم nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فذكر ذلك له ، فكتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن " . هذا لفظ الموطأ ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي إلى آخر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم مثلا بمثل من طريق nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، والسقاية الإناء يسقى به ، والسقاية موضع السقي . قاله في المحكم .
( وأما nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ) فلا أعلم عنه في ذلك شيئا إلا روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=12432إنما الربا في النسيئة } " ولا يكفي ذلك في نسبة هذا القول إليه فإنه لا يلزم من الرواية القول بمقتضى ظاهرها لجواز أن يكون معناها عنده على خلاف ذلك أو يكون عنده معارض راجح ، وإنما ذكرته لأن جماعة من أصحابنا وغيرهم كالماوردي من الشافعية وأبي محمد المقدسي صاحب المغني من الحنابلة ، نقلوه عنه وعن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=14وعبد الله بن الزبير ووافقهم الشيخ أبو حامد الإسفراييني على هذا النقل فيما عدا البراء ، ووافقهم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، فإن كان عندهم مسند غير ذلك فالله أعلم . ( أما nindex.php?page=showalam&ids=48البراء nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم ) فكذلك لا أعلم النقل عنهما صريحا في ذلك إلا ما روينا عن أبي المنهال سيار بن سلامة " باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل ، فقلت : ما أرى هذا يصلح ، فقال لقد بعتها في السوق فما عاب علي ذلك أحد فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب فسألته فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=26481قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتجارتنا هكذا ، فقال : ما كان يدا بيد فلا بأس وما كان نسيئا فلا خير فيه } وأت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة مني . فأتيته فذكرت ذلك له فقال : صدق nindex.php?page=showalam&ids=48البراء " إسناده صحيح ولكن له علة ، وقيل : إنه منسوخ ، وسأبسط الكلام عليه إن شاء الله تعالى في ذكر دليل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن وافقه والجواب عنه . ( وأما nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير ) فلم أقف على إسناده إليه بذلك . وإنما [ ص: 31 ] الشيخ أبو حامد والماوردي وأبو محمد المقدسي الحنبلي حكوه عنه والله أعلم . فهذا ما بلغني عن الصحابة رضي الله عنهم ممن نسب إليه القول بذلك . وأما التابعون فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في كتاب اختلاف الحديث " كان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا يرى في دينار بدينارين ولا في درهم بدرهمين يدا بيد بأسا ويراه في النسيئة " وكذلك عامة أصحابه وكان يروي مثل قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير رأيا منهما إلا أنه يحفظ عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : وهذا قول المكيين . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بحروفه وجاء عن nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم قال " سألت nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن الصرف فقال : يا بني إن وجدت مائة درهم نقدا فخذه " وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إن أهل مكة كانوا عليه قديما وحديثا ، يجرون التفاضل في ذلك إذا كان يدا بيد ، أخذوا ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رحمه الله .
( الفصل : الثاني ) فيما نقل من رجوع من قال بذلك من الصدر الأول ( أما ) nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد اختلف في رجوعه ، ذكرنا من قال إنه رجع عنه . قد تقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=16237أبي الصهباء الثابت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه سأله عنه فكرهه ، وتقدم أيضا مناظرة nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وأبي أسيد له في قوله بإباحته . وعن حيان بالحاء المهملة والياء ابن عبيد الله بالتصغير العدوي قال : " سألت أبا مجلز عن الصرف فقال : كان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا يرى به بأسا زمانا من عمره ما كان منه عينا يعني يدا بيد . وكان يقول : إنما الربا في النسيئة ، فلقيه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري فقال له : يا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ألا تتقي الله ؟ إلى متى تؤكل الناس الربا ؟ أما بلغك { nindex.php?page=hadith&LINKID=1856أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو عند زوجته nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : إني لأشتهي تمر عجوة فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فجاءت بدل صاعين صاعا من تمر عجوة فقامت فقدمته إلى رسول الله فلما رآه أعجبه فتناول تمرة ثم أمسك فقال : من أين لكم هذا ؟ فقالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة بعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فأتى بدل صاعين هذا الصاع الواحد . وها هو كل فألقى التمر بين يديه وقال : ردوه لا حاجة لي فيه التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة . [ ص: 32 ] والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة يدا بيد عينا بعين ، مثلا بمثل ، فمن زاد فهو ربا ، } ثم قال : كذلك ما يكال أو يوزن أيضا فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : جزاك الله يا nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الجنة فإنك ذكرتني أمرا كنت نسيته أستغفر الله وأتوب إليه فكان ينهى عنه بعد ذلك أشد النهي " رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وفي حكمه عليه بالصحة نظر ، فإن حيان بن عبيد الله المذكور قال ابن عدي : عامة ما يرويه إفرادات يتفرد فيها وذكر ابن عدي في ترجمته حديثه في الصرف هذا بسياقه ، ثم قال : وهذا الحديث من حديث أبي مجلز عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تفرد به حيان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وحيان تكلموا فيه . واعلم أن هذا الحديث ينبغي الاعتناء بأمره وتبين صحته من سقمه لأمر غير ما نحن فيه ، وهو قوله وكذلك ما يكال ويوزن ، وقد تكلم فيه بنوعين من الكلام ( أحدهما ) تضعيف الحديث جملة وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وممن ذهب إلى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أعله بشيء أنبه عليه لئلا يغتر به وهو أنه أعله بثلاثة أشياء ( أحدها ) أنه منقطع من nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد لا من nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( والثاني ) لذكره أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رجع واعتقاد nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن ذلك باطل ، لمخالفة nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ( والثالث ) أن حيان بن عبيد الله مجهول . فأما قوله : إنه منقطع فغير مقبول ، لأن أبا مجلز أدرك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وسمع منه وأدرك nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد ، ومتى ثبت ذلك لا تسمع دعوى عدم السماع إلا بثبت ، وأما مخالفة nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير فسنتكلم عليها في هذا الفصل إن شاء الله تعالى . وأما قوله : إن حيان بن عبيد الله مجهول ، فإن أراد مجهول العين فليس بصحيح بل هو رجل مشهور ، روى عنه غير واحد ، روى عنه حديث الصرف هذامحمد بن عبادة ، ومن جهته أخرجه الحاكم ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وإبراهيم بن الحجاج الشامي ومن جهته رواه ابن عدي ويونس بن محمد ومن جهته رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وهو حيان بن عبيد الله بن حيان بن بشر بن عدي . بصري سمع أبا مجلز ولاحق ابن حميد والضحاك ، وعن أبيه . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وابن بريدة ، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل nindex.php?page=showalam&ids=17081ومسلم بن إبراهيم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16527وعبيد الله بن موسى ، عقد له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وابن أبي حاتم ترجمة فذكر كل [ ص: 33 ] منهما بعض ما ذكرته وله ترجمة في كتاب ابن عدي أيضا كما أشرت إليه فزال عنه جهالة العين . وإن أراد جهالة الحال ، فهو قد رواه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، فقال في إسناده : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15899روح قال " حدثنا حيان بن عبيد الله وكان رجل صدق " فإن كانت هذه الشهادة له بالصدق من nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة nindex.php?page=showalam&ids=15899فروح محدث نشأ في الحديث عارف به مصنف فيه متفق على الاحتجاج به ، بصري بلدي للمشهود له ، فتقبل شهادته له ، وإن كان هذا القول من nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، فناهيك به ومن يثني عليه إسحاق . وقد ذكر ابن أبي حاتم حيان بن عبيد الله هذا ، وذكر جماعة من المشاهير ممن روى عنه وممن روى عنهم . وقال : إنه سأل أباه عنه فقال : صدوق .
( النوع الثاني ) من الكلام يتعلق بخصوص قوله : وكذلك ما يكال أو يوزن وإن سلم صحة أصل الحديث ، والأولى أن أؤخر ذلك إلى محله إن شاء الله تعالى ، فإنه قد طال الكلام في ذلك هاهنا . وعن nindex.php?page=showalam&ids=16045سليمان بن علي الربعي عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي قال : " سمعته يأمر بالصرف يعني nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ويحدث ذلك عنه ، ثم بلغني أنه رجع عن ذلك ، فلقيته بمكة فقلت : إنه بلغني أنك رجعت . قال : نعم إنما كان ذلك رأيا مني " وهذا nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه نهى عن الصرف " رويناه في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ومسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناد رجاله على شرط الصحيحين إلى nindex.php?page=showalam&ids=16045سليمان بن علي ، nindex.php?page=showalam&ids=16045وسليمان بن علي روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : إنه مجهول لا يدرى من هو ؟ وهو غير مقبول منه لما تبين . وعن أبي الجوزاء قال : " كنت أخدم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما تسع سنين إذ جاءه رجل فسأله عن درهم بدرهمين ، فصاح nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال : إن هذا يأمرني أن أطعمه الربا ، فقال ناس حوله : إن كنا لنعمل بفتياك ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قد كنت أفتي بذلك حتى حدثني nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، فإني أنهاكم عنه رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن الكبير بإسناد فيه أبو المبارك وهو مجهول . وروينا عن عبد الرحمن بن أبي نعم بضم النون وإسكان العين أن nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري لقي nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب [ ص: 34 ] بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل . فمن زاد فقد أربى } " فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( أتوب إلى الله مما كنت أفتي به ، ثم رجع ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد صحيح ، وعبد الرحمن بن أبي نعم تابعي ثقة متفق عليه ، معروف بالرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وغيرهما من الصحابة .
وعن أبي الجوزاء قال " سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن الصرف عن الدرهم بالدرهمين يدا بيد فقال : لا أدري ما كان يدا بيد بأسا ، ثم قدمت مكة من العام المقبل وقد نهي عنه رواه الطبراني بإسناد حسن . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11866أبي الشعثاء قال " سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : اللهم إني أتوب إليك من الصرف ، إنما هذا من رأيي . وهذا nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ورجاله ثقات مشهورون مصرحون بالتحديث فيه من أولهم إلى آخرهم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية وهو nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي - بإسكان الواو وبالفاء - قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : تب إلى الله تعالى فقال أستغفر الله وأتوب إليه . قال : ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الذهب بالذهب والفضة بالفضة وقال إني أخاف عليكم الربا ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق : قلت nindex.php?page=showalam&ids=16574لعطية ما الربا ؟ قال الزيادة والفضل بينهما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بسند صحيح إلى nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية من رجال السنن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ( صالح ) وضعفه غيره ، فالإسناد بسببه ليس بالقوي . وعن nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله المزني " أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس جاء من المدينة إلى مكة وجئت معه ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس إنه لا بأس بالصرف ما كان منه يدا بيد إنما الربا في النسيئة . فطارت كلمته في أهل المشرق والمغرب ، حتى إذا انقضى الموسم دخل عليه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري وقال له : يا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أكلت الربا وأطعمته ، قال : أوفعلت ؟ قال : نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل تبره وعينه ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى } . حتى إذا كان العام المقبل جاء nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجئت معه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( يا أيها الناس إني تكلمت عام أول بكلمة من رأيي وإني أستغفر الله تعالى منه وأتوب إليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا [ ص: 35 ] بمثل تبره وعينه ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى } ) وأعاد عليهم هذه الأنواع الستة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بسند فيه مجهول ، وإنما ذكرناه متابعة لما تقدم . وهكذا وقع في روايتنا ، فمن زاد واستزاد بالواو لا بأو والله أعلم . وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جابر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في كتاب المعاني والآثار بإسناد حسن إلى nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال : " قلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أرأيت الذي يقول : الدينار بالدينار ؟ وذكر الحديث ثم قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد : ونزع عنها nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أيضا عن نصر بن مرزوق بإسناد لا بأس به عن nindex.php?page=showalam&ids=16237أبي الصهباء " أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نزل عن الصرف " وهذه أصرح من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وجمعه لهما . وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن أبي أمية بإسناد حسن إلى عبد الله بن حسين أن رجلا من أهل العراق قال nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر : " إن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال وهو علينا أمير : من أعطى بالدرهم مائة درهم فليأخذها وذكر حديثا إلى أن قال : فقيل nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس ما قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : فاستغفر ربه وقال : إنما هو رأي مني . وعن أبي هاشم الواسطي واسمه يحيى بن دينار عن زياد قال " كنت مع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بالطائف ، فرجع عن الصرف قبل أن يموت بسبعين يوما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في الاستذكار ، وذكر أيضا عن أبي حرة قال " سأل رجل nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن شيء فقال : لا علم لي به ، فقال الرجل أن يكون فيه برأيك ، فقال : إني أكره أن أقول فيه برأي ثم يبدو إلي غيره فأطلبك فلا أجدك ، إن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قد رأى في الصرف رأيا ثم رجع وذكر أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين [ ص: 36 ] عن الهذيل - بالذال المعجمة - ابن أخت nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال " سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن الصرف فرجع عنه ، فقلت : إن الناس يقولون ، فقال : الناس يقولون ما شاءوا فهذا ما بلغني مما يدل على رجوعه عن ذلك ، فإذا تأملت الروايات المذكورة وجدت أصحها إسنادا قول nindex.php?page=showalam&ids=16237أبي الصهباء الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه فكرهه ، لكن لفظ الكراهة ليس بصريح فجاز أن يكون كرهه لما وقع فيه من المناظرة الكبيرة شبهة تقتضي التوقف عنه أو التورع ، فإن ثبت عدم رجوع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تعين حمل هذا اللفظ على ذلك وإلا فهو ظاهر في الرجوع . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يدل على التوقف إلا أني قدمت من رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن nindex.php?page=showalam&ids=16237أبي الصهباء ما ينفي هذا الاحتمال ويبين أنه نزل عن الصرف صريحا ، وإسناده جيد كما تقدم ، والحديث الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك صريح ، لكن سنده تقدم الكلام عليه ، ولا يقصر عن رتبة الحسن ، ويكفي في الاستدلال على ذلك أنه لم يعارضه ما هو أقوى منه . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه الذي قدمته وبينت أنه على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم صريح في الرجوع أيضا ، وكذلك رواية ابن أبي نعم المتقدمة عن nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد صحيح ، فهذه عدة روايات صحيحة وحسنة من جهة خلق من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تدل على رجوعه ، وقد روي في رجوعه أيضا غير ذلك وفيما ذكرته غنية إن شاء الله تعالى . ذكر من قال إنه لم يرجع عنه روى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال : حدثنا هاشم قال : قال أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=11937أبو بشر عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال " ما كان الربا قط في ها وها وحلف nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير بالله ما رجع عنه حتى مات " وهذا إسناد متفق على صحته ، لكنها شهادة على نفي ، وأصرح ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن فرات القزاز قال " دخلنا على nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير نعوده فقال له عبد الملك بن مبشر الزراد كان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نزل عن الصرف ، فقال سعيد : عهدي به [ ص: 37 ] قبل أن يموت بستة وثلاثين يوما ، وهو يقوله وما رجع عنه " ذكره هكذا بغير إسناد إلى nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : رجع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أو لم يرجع في السنة كفاية عن قول كل واحد ، ومن خالفها رد إليها قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ردوا الجهالات إلى السنة .
( وأما nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ) فيدل على رجوعه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتابيه معرفة السنن والآثار مختصرا ، والسنن الكبير مطولا بإسناد كله ثقات مشهورون عن أبي nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود " أن رجلا من بني سمح بن فزارة سأله عن رجل تزوج امرأة فرأى أمها فأعجبته ، فطلق امرأته ، لتزوج أمها ؟ قال : لا بأس ، فتزوجها الرجل وكان nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله على بيت المال ، فكان يبيع نفاية بيت المال ، يعطي الكثير ويأخذ القليل ، حتى قدم المدينة فسأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا يحل لهذا الرجل هذه المرأة ، ولا تصلح الفضة إلا وزنا بوزن ، فلما قدم nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله انطلق إلى الرجل فلم يجده ، ووجد قومه فقال : إن الذي أفتيت به صاحبكم لا يحل ، فقالوا إنها قد نثرت له بطنها قال : وإن كان ، وأتى الصيارفة فقال : يا معشر الصيارفة إن الذي كنت أبايعكم لا يحل " لا تحل " الفضة إلا وزنا بوزن . النفاية بنون مضمومة وفاء وبعد الألف ياء مثناة من تحت ما نفيته من الشيء لرداءته قاله nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري وهذه الرواية صريحة في رجوعه وليست صريحة [ ص: 38 ] في موافقة nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لجواز أن يكون ذلك في خصوص النفاية لرداءتها وأن ذلك ليس بصحيح أيضا ، لكن رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية المتقدمة في الفصل الأول صريحة في بيع الدرهم بالدرهمين ، فانتظم منها ومن هذه قوله أولا ورجوعه ثانيا والحمد لله . وأما nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد تقدم رجوعه في الرواية التي دلت على قوله ، وأن ذلك في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، واشتهر عنه بعد ذلك من طرق كثيرة قوله بالتحريم ومبالغته في ذلك روايات صحيحة صريحة ، ولم يكن قوله الأول قد اشتهر عنه ولعله لم يستقر رأيه عليه زمانا ، بل رجع عنه قريبا والله تعالى أعلم . وأما nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=14وعبد الله بن الزبير فقد تقدم التوقف في صحة ذلك عنهم . وأما nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فقد تقدم أنه غير قائل بقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مع شذوذ ما قال به أيضا والظن به لما كتب إليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه يرجع عن ذلك . وأما التابعون فلم ينقل في رجوعهم شيء فيما علمت والله تعالى أعلم غير أني أقول : إن الظن بكل من سمع من الصحابة ، ومنهم هذه الأحاديث الصريحة الصحيحة في تحريم ربا الفضل ، أن يرجع إليها والله تعالى أعلم .
( الفصل الثالث : ) في بيان انقراض الخلاف في ذلك ودعوى الإجماع فيه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أجمع عوام الأمصار nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق ، والأوزاعي ومن قال بقوله من أهل الشام nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ومن وافقه من أهل مصر ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=11990والنعمان ويعقوب ومحمد بن علي أنه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة ولا بر ببر ولا شعير بشعير ، ولا تمر بتمر ولا ملح بملح متفاضلا يدا بيد ولا نسيئة ، وأن من فعل ذلك فقد أربى والبيع مفسوخ . قال : وقد روينا هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة يكثر عددهم من التابعين .
[ ص: 39 ] قلت ) وممن قال بذلك من الصحابة أربعة عشر ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ، روى nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عنهم الأربعة عشر أنهم قالوا : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، وأربوا الفضل " وروى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن فضيل عن nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث وهو ابن أبي سليم عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وهؤلاء السبعة من العشرة المشهود لهم بالجنة وممن صح ذلك عنه أيضا غير هؤلاء السبعة nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد ، وقد تقدم كلام nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=45وأبي أسيد nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة وقد رويت أحاديث تحريم ربا الفضل من جهة غيرهم من الصحابة ، والظاهر أنهم قائلون بها لعدم قبولها للتأويل والله أعلم . وقال الترمذي بعد ذكره حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلا ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكذلك روي ، عن بعض أصحابه شيء من هذا ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه رجع عن قوله ، والقول الأول أصح ، والعمل على هذا عند أهل العلم ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك أنه قال : ليس في الصرف اختلاف : هذا مختصر كلام الترمذي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : لا أعلم خلافا بين أئمة الأمصار بالحجاز والعراق وسائر الآفاق في أن الدينار لا يجوز بيعه بالدينارين ولا بأكثر منه وزنا ولا الدرهم بالدرهمين ، ولا بشيء من الزيادة عليه ، إلا ما كان عليه أهل مكة قديما وحديثا من إجازتهم التفاضل على ذلك إذا كان يدا بيد ، أخذوا ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رحمه الله ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ولم يتابع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على قوله في تأويله حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة أحد من الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا من بعدهم من فقهاء المسلمين إلا طائفة من المكيين أخذوا ذلك عنه وعن أصحابه وهم محجوجون بالسنة الثابتة التي هي الحجة على من خالفها وجهلها وليس أحد بحجة عليها . ونقل النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إجماع المسلمين على ترك العمل بظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة قال : وهذا يدل على نسخه ، وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر على صحة تأويله بحديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بإجماع الناس ما عدا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عليه والله تعالى أعلم
[ ص: 40 ] الفصل الرابع : ) في بيان الحق في ذلك ، وأن هذه المسألة من المسائل الإجماعية أولا . اعلم أن دعوى الإجماع في ذلك منحصرة في ثلاثة أوجه إما أن يدعي إجماع العصر الأول من غير سبق خلاف استنادا إلى أن ندرة المخالف لا تضر ، وإما أن يسلم سبق الخلاف المعتد به ويدعي رجوع المخالف ، وصيرورة المسألة إجماعية قبل انقراض ذلك العصر ، وإما أن يقال انعقد إجماع متأخر بعد انقراض الماضين المختلفين .
( أما الأول ) فقد اقتضى كلام بعضهم دعواه ، وزعموا أن الصحابة أنكرت على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في ذلك لمخالفته الجماعة ، وقد اختلف علماء الأصول في انعقاد الإجماع مع ندرة المخالف ، فالجماهير من جميع الطوائف على أنه لا ينعقد الإجماع مع مخالفة الواحد ، لأن المجمعين حينئذ ليسوا كل الأمة ، والعصمة في الإجماع إنما تثبت لكل الأمة لا لبعضهم ، ولأن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه خالف الصحابة وحده في قتال مانعي الزكاة وكان الحق معه ورجعوا إليه ، وخالف nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في عدة من مسائل الفرائض جميع الصحابة واعتد بخلافهم إلى اليوم . وهذا ظاهر على طريقة من يرى إسناد الإجماع إلى النصوص ، وهي طريقة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وكثير من أصحابه ، منهم المصنف وأبو حامد الغزالي ومن تبعه وإن كان بين طريقة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وطريقة الغزالي خلاف يسير ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يرى التمسك بالكتاب بآيات من جملتها قوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين } الآية . ويقال إنه قرأ القرآن ثلاث مرات حتى وجد هذه الآية ، وإنه أول من احتج بها فذكرها للرشيد حين طلب منه حجة من القرآن على الإجماع والغزالي - رحمه الله - يقول : التمسك بقوله صلى الله عليه وسلم " { لا تجتمع أمتي على خطأ } " ونظائره لكونه من حيث اللفظ أدل على المقصود ، وكذلك القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني والكلام في ذلك مستوفى في أصول الفقه ، فعلى طريقة هؤلاء متى خالف واحد لم يصدق على الباقين أنهم كل الأمة حقيقة فلا تتناولهم النصوص الشاهدة بالعصمة .
[ ص: 41 ] وأما على طريقة من يرى إسناد الإجماع إلى جهة قضاء العادة باستحالة إجماع الخلق العظيم على الحكم الواحد إلا لدلالة أو أمارة ، وهو الذي عول عليه إمام الحرمين nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب ، فيصعب على هذا المسلك تقرير أن مخالفة الواحد للجم الغفير والخلق العظيم يقدح في إجماعهم ، فإنهم بالنظر إليهم دونه تقضي العادة باستحالة إجماعهم على ما لا دليل عليه ولا أمارة ، فأي فائدة لوفاقه أو خلافه ، وكذلك إذا فرضنا أن مجموع علماء الأمة لا يبلغون مبلغا تقضي العادة باستحالة اجتماعهم على ذلك ينبغي على هذا المسلك أن لا يكون قول كلهم حجة ، ولهذا قال إمام الحرمين : إن إجماع المنحطين عن رتبة التواتر ليس بحجة ، بناء على أن مأخذ الإجماع يستند إلى اطراد العادة ، ومع ذلك وافق على أن مخالفة الواحد والاثنين يقدح في الإجماع . والطريقة الصحيحة هي التي عول عليها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر الأصحاب ، وهي التمسك بدليل السمع ، فلذلك خلاف الواحد والاثنين قادح في صحة الإجماع ، وقد اشتهر الخلاف في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري قال : إنه يكون إجماعا يجب على ذلك المخالف الرجوع إليه ، ووافقه nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر أحمد بن علي الرازي من الحنفية وأبو الحسين الخياط من المعتزلة ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن منداد من المالكية ، ثم اختلف النقل . عن nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير فيما زاد عن الاثنين ، ففي شرح اللمع للمصنف أبي إسحاق أنه إذا خالف أكثر من ذلك لا يكون إجماعا وكذلك قال إمام الحرمين إن nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير طرد مذهبه في الواحد والاثنين وسلم أن خلاف الثلاثة معتبر . وتبعه الغزالي في المنخول ونقل سليم بن أيوب الرازي في تقريبه الأصولي أن nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير لا يعتد بمخالفة الاثنين والثلاثة ، وكثير من المصنفين في الأصول كالقاضي عبد الجبار وأبي نصر بن الصباغ في كتاب عدة العالم وغيرهم ترجموا المسألة بمخالفة الواحد والاثنين وسكتوا عن الزائد . وأما الغزالي في المستصفى فلم يعتد بعدد بل ترجم المسألة بإجماع الأكثر مع مخالفة الأقل ، وتبعه على ذلك جماعة من أصحابنا وغيرهم ، تلخيص الخلاف فيه من متفرق كلامهم سبعة مذاهب ( أحدها ) لا ينعقد الإجماع ، وهو قول الأكثرين ( والثاني ) ينعقد وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير والخياط والرازي وأومأ إليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على ما نقله ابن قدامة [ ص: 42 ] قلت ) ورأيت nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب جماع العلم من الأم حكاه عمن بحث معه وأمعن في الرد عليه ، وسأذكر شيئا من كلامه قريبا إن شاء الله تعالى .
( والثالث ) إن بلغ الأقل عدد التواتر لم يعتد بالإجماع وإلا اعتد به قال الغزالي - رحمه الله - : وهذا فاسد .
( والرابع ) إن سوغت الجماعة الاجتهاد في مذهب المخالف فخلافه معتد به ، كخلاف nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في مسألة العول ، فإنها محل اجتهاد وإلا فلا ، وكخلاف nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في مسألة ربا الفضل هذه ، ومسألة المتعة ، ولذلك أنكر الناس الاجتهاد فيهما ، وهذا القول منسوب إلى أبي عبد الله الجرجاني وهو الذي رأيته في كتب الحنفية منسوبا إلى nindex.php?page=showalam&ids=14330أبي بكر الرازي قال : نقل المرغيناني في شرح الهداية أن شمس الأئمة السرخسي قال : والأصح عندنا ما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي - رحمه الله تعالى - أن الواحد إذا خالف الجماعة فإن سوغوا له ذلك في الاجتهاد لا يثبت حكم الإجماع بدون قوله ، وإن لم يسوغوا له الاجتهاد وأنكروا عليه قوله فإنه يثبت حكم الإجماع ( والخامس ) أن قول الأكثر حجة لا إجماع ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب رحمه الله . قال الغزالي - رحمه الله - في المستصفى : وهو تحكم لا دليل عليه ، وهو ظاهر ، لأنه إذا لم يكن إجماعا فبماذا يكون حجة ؟ ( والسادس ) أن اتباع الأكثر أولى وإن جاز خلافه ، وضعفه الغزالي وحكى قولا ( سابعا ) بالفرق بين أصول الدين فلا يضر والفروع فيضر ، ولو ثبت الخلاف الذي قدمته عن كلامسليم وغيره عن قائلين أو قائل واحد في وقتين ، صارت الأقوال ( ثمانية ) ولكن أخشى أن يكون أحدها غلطا على المنقول عنه ، أو يكون ذكر ذلك على سبيل التمسك ، ويكون مراده الأكثر كما ذكر غيره ، وبالجملة فيرجح الأكثر على الأقل فيما طريقه الاجتهاد ، ولا معنى له . وكم من مسألة ذهب إليها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أو nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أو nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ولم يوافقه عليها إلا الأقلون ، وكم من قليل على الحق ، وكثير على غيره ( { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله } ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - عمن بحث معه قال : لا أنظر إلى قليل من المتقين ، وأنظر إلى الأكثر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( قلت ) أفتصف القليل الذين لا ينظر إليهم أهم إن كانوا أقل من نصف الناس أو ثلثهم أو ربعهم ؟ قال : لا أستطيع أن أحدثهم ولكن الأكثر [ ص: 43 ] قلت ) العشرة أكثر من تسعة ، قال : هؤلاء متقاربون ( قلت ) فحدهم بما شئت ، قال : ما أقدر على أن أحدهم ( قلنا ) فكأنك أردت أن تجعل هذا القول مطلقا غير محدود ، فإذا وجد من يقول بقول اختلف فيه ، قلت عليه الأكثر وإذا أردت رد قول قلت هؤلاء الأقل ، أفترضى من غيرك مثل هذا الجواب ؟ وطول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كثيرا في الكلام معه بما لا يحتمله هذا المكان ، ولا ضرورة تدعو إلى نقله وتمسكهم بالأمر باتباع السواد الأعظم ، وأشباه ذلك كله لا دليل فيه ، وقد بين ذلك في أصول الفقه ويلزم هؤلاء أنه إذا اتفق نصف الأمة وانضاف إليهم واحد من النصف الآخر أن يوجبوا على الباقين اتباعهم ، قال القاضي عبد الجبار وهذا معلوم الفساد .
وروي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : حدثني أبو فهر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الأقلون من العلماء الأكثرون } وهذا مرسل باطل بلا شك ولذلك تمسكوا بأن مخالفة الواحد والاثنين شذوذ ، والشذوذ منهي عنه وبإنكار الصحابة على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذه المسألة أعني ربا الفضل ، وأجاب الأصحاب وغيرهم عن الأول أن المراد به الشاذ أو الخارج عن الإمام بمخالفة الأكثر على وجه يثير الفتنة ، وعن الحديث الثاني بأنه محمول على السفر وفي ذلك ورد ، فإن الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص { nindex.php?page=hadith&LINKID=5264أن رجلا قدم من سفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صحبك ؟ قال : ما صحبت أحدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب } " هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب في مسنده ، وهكذا لفظ أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ، فإن الحديث فيهما بلفظ الراكب لا بلفظ الواحد ، وعن كون ذلك شذوذا بأن الشاذ عبارة عن الخارج من الجماعة بعد الدخول فيها ، وأما الذي لا يدخل أصلا فلا يسمى شاذا وعن الإنكار على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بأنهم إنما أنكروا ذلك لمخالفته خبر nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد لا للإجماع والله أعلم . وأما من فرق بين عدد التواتر وغيره فهو يناسب طريقة من جعل مأخذ الإجماع حكم العادة باستحالة الخطأ على الجمع العظيم ، وهو بعيد ، وأما من فرق بين أن تسوغ الجماعة الاجتهاد في ذلك الحكم أو لا فضعيف ، لأن قول الجماعة غير المخالف إن لم يكن حجة فلا أثر لتسويغهم وعدمه ، وإن كان حجة فهو محل النزاع فليس إنكارهم عليه بأولى من إنكاره عليهم ، نعم هاهنا أمر يجب التنبه له وهو أن الخلاف المعتد به هو الخلاف في مظان [ ص: 45 ] الاجتهاد ، كالمسائل التي لا نص فيها ، أو فيها نص غير صريح ، وبالجملة ما يكون الخلاف فيه له وجه محتمل .
( وأما ) هذه المسألة فإن النصوص التي فيها صريحة غير قابلة للتأويل بوجه قريب ولا بعيد ، ولا للنسخ لما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وهي مع ذلك كالمتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أعني ما يدل على النهي عن ربا الفضل ، ولا تستبعدون دعوى التواتر فيها ، فمن تتبع الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم حصل له العلم بذلك أو كاد . قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بعد أن ذكر ما رواه من الأحاديث " فثبت " بهذه [ الآثار ] المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب متفاضلا وسأعقد فصلا جامعا أشير فيه إلى أطراف الروايات في ذلك وإذا كان في المسألة نصوص قطعية المتن قطعية الدلالة لم يكن مظان للاجتهاد ، بل الحق فيها واحد قطعا ، غاية الأمر أن المجتهد المخالف لم يطلع عليها ، والتواتر قد يحصل في حق شخص ولا يحصل في حق آخر ، فإذا خالف مجتهد لعدم اطلاعه على مثل هذه النصوص يكون معذورا في مخالفته إلى حيث يطلع على النص ، ولا يحل العمل بقوله ذلك ، ولا يقلد فيه ، وينقض الحكم به ، ولو لم تصل إلى حد التواتر مع صراحة دلالتها كان الحكم كذلك والله أعلم .
( فإن قلت ) ليس القول بذلك خاليا عن وجه ، وغاية الأمر أن الأحاديث المقتضية لتحريم ربا الفضل صحيحة صريحة ، لكن الأحاديث المقتضية لجوازه أيضا كذلك كما سيأتي وقد مضى شيء منه ، والترجيح معنا ، فإن القرآن وقوله تعالى { وذروا ما بقي من الربا } يبين أن الذي نهى عنه ما كان دينا ، وكذلك كانت العرب تعقد في لغتها ، وقد دل النبي صلى الله عليه وسلم على أن النقد ليس الربا المتعارف عند أهل اللسان بقوله " { nindex.php?page=hadith&LINKID=42235ولا تبيعوا الذهب بالذهب } " الحديث فسماه بيعا ، وقد قال تعالى { ذلك بأنهم قالوا إنما [ ص: 46 ] البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا } فذم من قال : إنما البيع مثل الربا ، ففي تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة في الأصناف بيعا دليل على أن الربا في النساء لا في غيره .
( قلت ) أما التعارض فسنبين إن شاء الله تعالى الجواب عنه ، ووجه الجمع بينهما بأوضح شيء يكون ، وكون الآية الكريمة وردت في تحريم نوع من الربا إن سلم اقتصارها عليه لا يدل على نفي غيره ، والتعلق بكون ذلك يسمى بيعا لا ربا تعلق بالألفاظ ، مع تصريح الأحاديث بالنهي والتحريم وإثبات الربا فيه ، ومثل هذه التعلقات الضعيفة يجل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن وافقه من الأئمة المجتهدين عن التعلق بها ، ولو لم أرها مذكورة ، ولكن أبا الحسن بن المغلس ذكرها عن القائلين بذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( القسم الثاني : ) أن يدعي إجماع العصر الأول بعد اختلافهم لما روي من رجوع من قال بذلك منهم ، وممن تعرض لذلك من الأصحاب القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه ، والعبدري في الكفاية قالا : " روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه رجع عن ذلك " فتكون المسألة إجماعا nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر في التمهيد قال : لم أعده خلافا لما روي عنه من رجوعه ، وقد قدمت أن من الصحابة من صح النقل عنه بذلك ، فرجع عنه يقينا nindex.php?page=showalam&ids=12كابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، ومنهم من اختلف عنه في رجوعه nindex.php?page=showalam&ids=11كابن عباس ، وبقيتهم كأسامة nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير لم أثبت النقل عنه بذلك ، ولم يرد عنهم رجوع ، فإن كانوا قائلين بذلك ولم يرجعوا فقد تعذر دعوى هذا الوجه إلا ما ثبت [ من ] رجوع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولم يبق فيهم مخالف فقد اختلف الأصوليون في هذه المسألة لذا اختلف علماء العصر ثم اتفقوا ورجع المتمسكون بأحد القولين إلى الآخر وصاروا مطبقين عليه ، هل يكون ذلك إجماعا أو لا ؟ وتلخيص القول في ذلك أنه إما أن يكون قد استقر أو لا ، وإن لم يكن قد استقر كاختلافهم في قتال مانعي الزكاة ، ثم إجماعهم كلهم على رأي nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، فهذا يجوز قولا واحدا ، ويكون إجماعا ، وهذا القسم لا خلاف فيه ، وإن كان الخلاف قد استقر وبرد ففيه خلاف مرتب على أنه هل يشترط انقراض العصر الأول أو لا ، إن قلنا العصر شرط وهو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل [ ص: 47 ] وقول nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك وأحد الوجهين لأصحابنا ونسبه عبد الجبار إلى أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيرهم ورجحه سليم في التقريب الأصولي ، وأطنب في الانتصار له وذهب إليه [ من ] المالكية أبو تمام البصري ، فعلى هذا يجوز اتفاقهم بعد اختلافهم ، ويكون كونه إجماعا موقوفا أيضا على انقراضهم .
وإن قلنا : إن انقراض العصر الأول ليس بشرط ، وهو قول أكثر أصحابنا على ما نقله ابن الصباغ وغيره ، وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك والأشاعرة ومن جملتهم القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر بن الطيب والمعتزلة ، وأومأ إليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب من أصحابه ، وهو الصحيح في شرح اللمع للمصنف - رحمه الله - وهو الذي اختاره الغزالي وأبو عبد الله بن الخطيب وأتباعه nindex.php?page=showalam&ids=12671وأبو عمرو بن الحاجب قال البندنيجي في مقدمة كتابه الذخيرة : وقد غلط بعض أصحابنا فقال : يعتبر انقراض العصر وليس بشيء ، ومن هؤلاء من يطلق أو يعمم الحكم في الإجماع القولي والسكوتي ، وهو الذي يقتضي كلام المصنف في التبصرة ترجيحه . ومنهم من يفصل ويخص ذلك بالقولي ، وأما السكوتي فيعتبر فيه انقراض العصر ، وهو الذي قاله البندنيجي ، واختيار الأستاذ أبي إسحاق ومقتضى كلام المصنف في اللمع وفصل إمام الحرمين بين أن يكون الإجماع مقطوعا به فلا يعتبر انقراضا ، أو يتفقوا على حكم ويسندوه إلى ظن فلا ينبرم ما لم يطل الزمان . إذا عرف ذلك فإن لم يعتبر انقراض العصر فهل يجوز الإجماع بعد الاختلاف ؟ قيل : إنه ممتنع ، لأنه ينافي ما أجمعوا عليه أولا من تجويز الأخذ بكل واحد من القولين . نسب هذا القول إلى nindex.php?page=showalam&ids=14667الصيرفي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=13711وأبي الحسن الأشعري ، ومال إليه الغزالي nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وإمام الحرمين على امتناعه ، لكن لمدرك آخر ، وهو أن ذلك مستحيل عادة ، والغزالي ومن وافقه يقولون : إنه يستحيل سمعا ، وقيل : يجوز وإذا وقع لا يكون حجة ، وهو بعيد وقيل : يجوز ويكون حجة تحرم مخالفته وهو المختار .
[ ص: 48 ] فتلخص من هذا أن الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد حجة ، وإجماع على المختار ، وهو الذي أطلقه طوائف من الأصوليين والفقهاء ، والمنقول عن القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12918أبي بكر أنه لا يكون إجماعا ، والأول هو الحق الذي لا يتجه غيره ، والقول بأنهم بالاختلاف أجمعوا على تجويز الأخذ بكل واحد من القولين ممنوع وهو قول باطل لم يقم عليه دليل والله أعلم . واعلم أن دعوى هذين الإجماعين بعيدة لما قدمته من جهة النقل ، وأيضا فلو سلم أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجميع الصحابة صح رجوعهم ، فقد لحق زمان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس جماعة من أصحابه ، ممن وافقه على ذلك ، ولم ينقل عنه رجوع ( والصحيح المختار ) أن قول التابعي الذي نشأ في عصر الصحابة وصار من أهل الاجتهاد قبل إجماعهم لا ينعقد إجماعهم بدونه ، وهذا قول أكثر أصحابنا ، وهو المنسوب إلى الحنفية وأكثر الحنابلة وأكثر المتكلمين . وقال بعض أصحابنا المتكلمين nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي من الحنابلة : لا يعتد به ، وأومأ nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلى القولين ، والحق أنه يعتد به .
( والثاني ) قول ضعيف جدا ، فإن كثيرا من فقهاء التابعين ماتوا في عصر الصحابة منهم علقمة nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح وسلمان بن ربيعة والأسود nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ، وخلائق لا يحصون وهؤلاء الذين سميت من علية الفقهاء وأئمة المجتهدين ، وعصر الصحابة وعصر التابعين متداخلان ، فإن عصر التابعين ابتداؤه من قبل الهجرة ، وكل من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يره بالمدينة الذين أسلموا على يدي أهل العقبة الأولى واليمن والبحرين وعمان والطائف والحبشة وغيرها ، يعد من التابعين ، فمن المستحيل أن يقال : إن هؤلاء كلهم لا يعتد بقول أحد ممن تفقه منهم ووصل إلى رتبة الاجتهاد إلى انقراض الصحابة في سنة مائة من الهجرة ، والأعصار كلها متداخلة بعضها في بعض ، لا يوجد كل منها دفعة واحدة ، فعدم اعتبار قول التابعي قول ضعيف لا معنى له ، والتابعون قد ثبت عنهم الاختلاف في هذه المسألة ، أعني ربا الفضل كما تقدم . فالظاهر أن الخلاف في هذه المسألة إلى عصر التابعين لم ينقرض . وهذا الذي يفهم من كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حيث حكي الخلاف عن الصحابة والتابعين ، وعول على الترجيح دون التمسك بإجماع .
[ ص: 49 ] وقد تضمن كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في جماع العلم من الأم أن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب روى عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصرف شيئا وأخذ به ، وله فيه مخالفون من الأمة ، فلا أدري أيشير nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى تحريم ربا الفضل أم لا ؟ فإن كان فهو مولد لثبوت الخلاف ، وقال الترمذي بعد أن ذكر مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ولذلك روي عن بعض أصحابه شيء من هذا وقد ادعى الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني - رحمه الله تعالى - أن تحريم ربا الفضل قول التابعين أجمعين ، وقد عرفت ما فيه ، والله تعالى أعلم .
( القسم الثالث ) أن يدعي إجماع متأخر بعد انقراض المختلفين ، وذلك لا يمكن في أوائل عصر التابعين لما عرفت من قولهم به ، ومن جملة القائلين به nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، وقد توفي سنة خمس عشرة ومائة أو بعدها ، فإن ادعي إجماع بعد ذلك إما من بقية التابعين وإما ممن بعدهم فلا أستحضر خلافا يرده ، ولكن الأصوليين والأصحاب مختلفون في حكم ذلك فأصح الوجهين وهو الذي ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر الصيرفي nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12094وأبو علي الطبري nindex.php?page=showalam&ids=11975وأبو حامد المروذي أنه إذا اتفق التابعون على أحد قولي الصحابة لا تصير المسألة إجماعية ولا يحرم القول بالقول الآخر ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري . وقال المصنف أبو إسحاق : إنه قول عامة أصحابنا ، وقال سليم : إنه قول أكثر أصحابنا وأكثر الأشعرية . وقال إمام الحرمين : إن ميل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إليه ، واختاره الغزالي . وقال ابن برهان : ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه إلى أن حكم الخلاف لا يرتفع . وقال عبد الوهاب المالكي : ليس عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فيه شيء ، والجيد من مذهبه الذي كان يختاره شيخنا nindex.php?page=showalam&ids=12918أبو بكر أن الخلاف باق . وذهب إليه من الحنابلة nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي ، وهو المرجوح عندهم .
( والوجه الثاني ) وبه قال أبو علي بن خيران nindex.php?page=showalam&ids=15022وأبو بكر القفال ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب ، ورجحه ابن الصباغ وأكثر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وكثير من المعتزلة كالجبائي وابنه ، وإليه ذهب المحاسبي من المتقدمين وأبو عبد الله بن الخطيب من المتأخرين ، nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب الحنبلي ، أنه يصير إجماعا لا تجوز مخالفته وهذا الخلاف مترتب على أن الميت هل له قول ؟ [ ص: 50 ] فإن قلنا ) إن له قولا لم يكن إجماعا ، وإلا كان إجماعا ، والحنفية مع قولهم بأنه إجماع يقولون : إنه من أدنى مراتب الإجماع . ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن فيمن قال لامرأته أنت خلية ، ونوى ثلاثا ثم جامعها في العدة وقال : علمت أنها حرام ، لا يحل ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كان يراها واحدة رجعية ، وقد أجمعنا بخلافه ، وشبهة الثلاث صحيحة بلا خلاف بين الأمة اليوم ، لكن الحد يسقط بالشبهة ، وقد اختلف الناس في هذا الإجماع أهو حجة أو لا ؟ فلا يصير موجبا علما بلا شبهة . هكذا قال أبو زيد الدبوسي في التقويم من كتبهم . وصورة المسألة عند الغزالي بما إذا لم يصرح التابعون بتحريم القول الآخر ، فإن صرحوا بتحريمه فقد تردد أعني الغزالي هل يمتنع ذلك أو لا ولا يجب اتباعهم فيه ؟ والله أعلم . والفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا حصل الإجماع بعد الاختلاف مع بقاء العصر حيث كان الصحيح هناك أنه يكون إجماعا أن المجمعين هناك كل الأمة ; وأهل العصر الثاني بعض الأمة لا كلهم ، لأن الأمة اسم يعم الحي والميت فعلى ما قلناه من قول أكثر أصحابنا امتنع دعوى الإجماع في تحريم ربا الفضل بوجه من الوجوه ، وهذا مقتضى صنع أبي الحسين المحاملي رحمه الله ، فإنه ذكر مسألة ربا الفضل في مسائل كتاب الأوسط الذي صنفه في مسائل الخلاف بين nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وسائر الفقهاء ، ولو كانت عنده إجماعية لم يذكرها ، لكنا بحمد الله تعالى مستغنون في الإجماع في ذلك بالنصوص الصحيحة الصريحة المتضافرة كما قدمته وأقوله إن شاء الله تعالى ، وإنما يحتاج إلى الإجماع في مسألة خفية مسندها قياس أو استنباط دقيق والله أعلم [ ص: 51 ] فصل فيما يتعلق به nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وموافقوه والجواب عنه تعلقوا في ذلك بحديثين ( أحدهما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة المتقدم ، وقد ورد بألفاظ مختلفة معناها سواء أو متقارب ( منها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=30745لا ربا إلا في النسيئة } ( ومنها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=12432إنما الربا في النسيئة } ( ومنها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=14262إن الربا في النسيئة } ( ومنها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=30749لا ربا فيما كان يدا بيد } . وهذه الألفاظ كلها صحيحة ( ومنها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=33805ليس الربا إلا في النسيئة والنظرة } ( ومنها ) " { nindex.php?page=hadith&LINKID=30744لا ربا إلا في الدين } رواهما nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ( ومنها ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=14262الربا في النسيئة } . واتفق الأئمة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة وإن اختلفوا في تأويله ، والحديث الثاني حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم ، وقد رويناه بطرق مختلفة وألفاظ متباينة ، فألفاظه التي في الصحيح لا متعلق لهم بها ( ومنها ) لفظ في طريق خارج الصحيح لهم فيه متعلق ، وهو ما رواه عبد الله بن الزبير الحميدي صاحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع أبا المنهال يقول " باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل ، فقلت ما أرى هذا يصلح ، فقال : لقد بعتها في السوق فما عاب ذلك علي أحد فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب فسألته فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=26481قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتجارتنا هكذا وقال ما كان يدا بيد فلا بأس ، وما كان نسيئا فلا خير فيه } ، وأت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة مني ، فأتيته فذكرت ذلك فقال : صدق nindex.php?page=showalam&ids=48البراء . قال الحميدي : هذا منسوخ لا يؤخذ بهذا وهذا الإسناد من أصح الأسانيد فإن رواته كلهم أئمة ثقات ، وقد صرح سفيان بأنه سمعه من عمرو فانتفت شبهة تدليسه . ولكن سنذكر ما علل به ، فشرط الحكم بصحة الحديث سلامته من التعليل فنذكر الجواب عن كل واحد من الحديثين والله المستعان . أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة فجوابه من خمسة أوجه يجمعها ثلاثة أنواع تأويل وادعاء نسخ وترجيح ، واعلم أنه متى أمكن الأول لا يعدل إلى الثاني ومتى ثبت موجب الثاني لا يعدل إلى الثالث ، فاعتمد هذا في كل نصين مختلفين ونحن نذكر الأوجه التي نقلت في الجواب ، منها وجهان تضمنهما [ ص: 52 ] كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، فإنه قال في كتاب اختلاف الحديث بعد أن ذكر خبر nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، وأخبار nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان الدالة على التحريم ، ذكرها ثم قال : فأخذنا بهذه الأحاديث التي توافق حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ، وكانت حجتنا في أخذنا بها وتركنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد إذ كان ظاهره يخالفها ، وقول من قال : إن النفس على حديث الأكثر أطيب . لأنهم أشبه أن يحفظوا من الأقل ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت أسن ، وأشد تقدم صحبة من nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري أكثر حفظا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمنا من nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة . فإن قال قائل : فهل يخالف حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة حديثهم ؟ ( قيل ) إن كان يخالفها فالحجة فيها دونه لما وصفنا فإن قيل : فأنى يرى هذا ؟ قيل : الله أعلم قد يحتمل أن يكون سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الربا في صنفين مختلفين ، ذهب بفضة وتمر بحنطة . قال : ( إنما الربا في النسيئة ) فحفظه فأدى قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤد مسألة السائل ، فكان ما أدى عند من سمع أن لا ربا إلا في النسيئة . هذا جواب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه وهو مشتمل على الترجيح والتأويل فهما جوابان يعني أنه إن كان حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة جوابا لمن سأل عن صنفين فهو موافق لبقية الأحاديث لا يخالفها ، وإن لم يكن كذلك وكان مخالفا لها فالعمل بالراجح متعين ، ورواية جماعة أرجح من رواية واحد ، ولم يجزم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - بالتأويل المذكور لأجل أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس راوي الحديث ، وهو قائل به . وروى الحاوي كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأبسط مما في اختلاف الحديث ، وهو يبين ما شرحت به كلامه . وهذا التأويل الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هو الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وقال : إنه معنى الحديث عند العلماء . قال : والدليل على صحة هذا التأويل ، بل إجماع الناس - ما عدا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عليه ، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث والأحاديث الدالة على تحريم ربا الفضل ( الجواب الثالث ) أنه محمول على الجنسين ، الواحد يجوز التماثل فيه نقدا ولا يجوز نساء ، ذكره الماوردي .
[ ص: 53 ] الجواب الرابع ) أن يكون محمولا على غير الربويات ، كبيع الدين ، بالدين مؤجلا ، بأن يكون له عنده نقد موصوف ، فيبيعه بعرض موصوف مؤجلا . ذكره النووي ، فهذه ثلاثة تأويلات ، أوضحها وأشهرها ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - أنه محمول على الجنس وليس من شرط حمله على ذلك أن يثبت كونه جوابا لسؤال سائل عنده ، بل قد يكون اللفظ عاما ، ويحمل على الخصوص بدليل يقتضيه أي دليل كان ، ولو لم يكن إلا الجمع بين الأحاديث واعلم أن هذه التأويلات الثلاثة متفقة في الجمع بين الحديثين وقد نبهت فيما تقدم على أنه أولى من الترجيح فيما أمكن ، وكلام ابن الصباغ يقتضي أن هنا مانعا من الجمع بين الحديثين ، فإنه قال في كتاب عدة العالم في أصول الفقه : إنه إن أمكن الجمع بين الحديثين جمع إلى أن يقع الإجماع على تعارضهما ، مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( إنما الربا في النسيئة ) وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال : فإنه يمكن أن يحمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على الجنسين المختلفين ، إلا أن الجماعة اتفقوا على تعارض الخبرين ، فالأكثر تركوا حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والقليل أجروا حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على العموم ، فعلى طريقة ابن الصباغ هذه يتعين المصير إلى الترجيح أو النسخ ، والله أعلم .
( الجواب الخامس ) دعوى النسخ كما أشار إليه الحميدي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم المتقدم . قال الحاوي : من ادعى نسخ ذلك ذهب إلى حديث فيه مقال ، وذكر حديثا من رواية بحر السقاء عن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الصرف قبل موته بشهر " قال الحاوي : هذا حديث واهي الإسناد وبحر السقاء لا تقوم به الحجة . ثم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ما يدل على أن التحريم كان [ ص: 54 ] يوم خيبر . وذكر حديثا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17368يزيد بن عبد الله بن قسيط ، أنه حدث عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=6849نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب ، وتبر الفضة بالفضة العين قال : وقال لنا : ابتاعوا تبر الذهب بالورق ، وتبر الفضة بالذهب العين } قال الحاوي : هذا الحديث بهذا الإسناد وإن كان فيه مقال من جهة nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق غير أن له أصلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ، ثم يسنده حديث nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد ، فإن كان nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل خيبر فقد ثبت النسخ ، وإلا فالحكم ما صار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي جمعا بين الأخبار فبحثنا هل نجد حديثا يؤكد رواية nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة ويبين تقديم حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة إن كان ما سمعه متقدما على ما سمعه ؟ فرأيناه ذكر حديث الحميدي الذي تقدم ، وكلام الحميدي ولم يزد عليه ( قلت ) وحديث فضالة ظاهر في أن التحريم كان يوم خيبر ، فإنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26004كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود ، وفيه الذهب بالدينارين والثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبايعوا الذهب إلا وزنا بوزن } وهو مخرج في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، لكن النووي قال : إنه يحتمل أنهم كانوا يتبايعون الأوقية من ذهب وخز وغيره بدينارين ، ظنا منهم جوازه للاحتياط ، حتى يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرام حتى تميز ، وها أنا أتكلم على حديث الحميدي إن شاء الله تعالى .
( أما ) حديث الحميدي فادعي فيه أمران ( أحدهما ) النسخ كما قال راويه الحميدي ، وناهيك به علما واطلاعا لكن الصحيح عند الأصوليين أن قول الراوي هذا منسوخ لا يرجع إليه لجواز أن يكون قال ذلك من طريق الاجتهاد ، بخلاف ما إذا صرح بأنه متأخر فإنه يقبل كما إذا مر على ماء قليل فقال عدل : قد ولغ فيه كلب ، يقبل . فلو قال : هو نجس ولم يبين لم يقبل . وممن صرح بذلك سليم والغزالي وابن برهان ، خلافا لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فيما نقله ابن برهان مطلقا وابن الخطيب نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي فيما إذا لم يعين الناسخ وجعل أبو العباس القرطبي المالكي قوله : نسخ كذا بكذا في معنى ذكره تقدم التاريخ ، ومحل الخلاف فيما إذا كان ذلك القول من صحابي ، كذلك فرض الغزالي وابن برهان وابن الخطيب المسألة .
[ ص: 55 ] وأطلق nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي الفرض في الراوي ، فإن كان ذلك عن سائل سأل في العبارة وإلا فهو بعيد ، فإن ثبت خلاف في غير الصحابي كان قول الحميدي هنا من هذا القبيل وإلا فلا ، غير أنه قد عرف من موضع آخر تقدم تاريخ الإباحة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم ، وتأخر التحريم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق كما تقدم قريبا ، فإذا صح ذلك ظهر مستند الحميدي رضي الله عنه وصح النسخ . والماوردي جزم بالنسخ في حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد قال : لأنه مروي عن أول الإسلام قبل تحريم الربا . وهاهنا دقيقة ، وهي أن دعوى النسخ إذا سلم يظهر بين الأحاديث بأن تكون أحاديث التحريم ناسخة لأحاديث الإباحة ، أما أن الآية تكون ناسخة لأحاديث الإباحة ففيه نظر لأمرين ( أحدهما ) أن الكتاب لا ينسخ السنة على أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وإن كان الأصح عند الشافعية وغيرهم الجواز ( والثاني ) أن الأحاديث المبيحة خاصة بالنقد والآية عامة وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر العلماء تقدم الخاص على العام ، ولو تأخر العام لا يكون ناسخا للخاص ، وإذا ظهر أن النسخ إنما هو بين فحينئذ أقول : إما أن نقول إن الآية محمولة على ربا الجاهلية أو لا .
فإن قلنا بذلك فلا إشكال وصار النظر مقصورا على السنة وإن لم نقل به وحملناها على العقود الربوية إما عامة فيها وإما مجملة ، فإن كان نزولها متأخرا عن جميع الأحاديث المبيحة والمحرمة فيكون مجموع الأحاديث المنسوخة والناسخة أو الناسخة فقط ، مبينة أو مخصصة للآية وهذا يوافق قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهما إن آخر آية نزلت آية الربا ، وإن كان نزول الآية متوسطا بين المبيحة والمحرمة ، وهو ما يشعر به قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها لما نزلت الآيات في آخر سورة البقرة في الربا " { nindex.php?page=hadith&LINKID=18060خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرم التجارة في الخمر } " متفق عليه ، وتحريم الخمر في السنة الثالثة والرابعة ، على أنه يحتمل أن يكون المراد جدد تحريم التجارة في الخمر ولا يكون ذلك أول تحريمها . فإن كان الأمر كذلك وأن نزول آية الربا بعد الأحاديث المبيحة وقبل المحرمة فالمبيحة مبينة أو مخصصة للآية كما تقدم ، وحينئذ فنتصدى النظر في أن العام المخصص هل أريد به القدر الباقي بعد الإخراج مع قطع النظر عن المخرج ؟ أو أريد به الباقي وخروج غيره ، والظاهر الأول ، فتكون الآية [ ص: 56 ] مرادا بها تحريم النساء ، والأحاديث المبينة المتقدمة تقتضي حكمين ( أحدهما ) تحريم النساء وهو موافق للآية ( والثاني ) إباحة النقد ، وهو ثابت بالسنة الخاصة ، وهو المنسوخ بالسنة ، مع كون الآية باقية على كون المراد بها النسيئة ، ولا يستدل بها فيما عداه وتحريم النقد بالسنة زائد عليها ، وقد يقال : إنه يأتي بحث الحنفية في أن الزيادة على النص إذا كان لها تعلق به نسخ عندهم ، والصواب أن ذلك لا يأتي هاهنا ، لأن إباحة النقد لم تفهم من الآية . وهم إنما يقولون ذلك فيما إذا كانت الزيادة تدفع مفهوم اللفظ ، فهذا ما يتعلق بدعوى النسخ في ذلك .
( الأمر الثاني ) مما ادعي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم هذا أنه معلول ، فيمتنع الحكم بصحته . وهذه الطريقة التي سلكها الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي وذلك أن لفظه الذي في الصحيح عن أبي المنهال قال " سألت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم عن الصرف { nindex.php?page=hadith&LINKID=24452فقالا : كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال : إن كان يدا بيد فلا بأس ، وإن كان نساء فلا يصلح } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا اللفظ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن عمرو بن دينار وعامر بن مصعب ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ آخر عن أبي المنهال قال " باع شريك لي ورقا نسيئة إلى الموسم أو إلى الحج ، فجاء إلي فأخبرني فقلت : هذا الأمر لا يصلح قال فقد بعته في السوق ، فلم ينكر ذلك علي أحد ، فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب فسألته فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=26481قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونحن نبيع هذا البيع فقال : ما كان يدا بيد فلا بأس به ، وما كان نسيئة فهو ربا } وأت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم فإنه أعظم تجارة مني فأتيته فسألته فقال مثل ذلك " وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن محمد بن حاتم nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=12287محمد بن منصور ثلاثتهم عن سفيان وهذان اللفظان اللذان في الصحيح لا منافاة بينهما ولا إشكال ولا حجة لمتعلق فيهما لأنه يمكن حمل ذلك على أحد أمرين إما أن يكون المراد بيع دراهم بشيء ليس ربويا ، ويكون الفساد لأجل التأخير بالمواسم أو الحج فإنه غير محرر ولا سيما على ما كانت العرب تفعل ( والثاني ) أن يحمل ذلك على اختلاف الجنس ، ويدل له رواية أخرى عن أبي المنهال قال : " سألت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول : [ ص: 57 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=38375نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وهذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بمعناه ، وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " نهى عن بيع الورق بالذهب دينا " فهو يبين أن المراد صرف الجنس بجنس آخر . وهذه الرواية ثابتة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن حبيب بن أبي صالح عن أبي المنهال والروايات الثلاث الأول رواية الحميدي واللتان في الصحيح ، وكلها أسانيدها في غاية الجودة ، ولكن حصل الاختلاف من الحميدي nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني ومحمد بن حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12287ومحمد بن منصور ، وكل من الحميدي nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني في غاية التثبت . ويترجح ابن المديني هنا بمتابعة محمد بن حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12287ومحمد بن منصور له وبشهادة nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لروايته ، وشهادة رواية nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت لرواية شيخه ، ولأجل ذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي - رحمه الله - : إن رواية من قال : إنه باع دراهم بدراهم خطأ عنده " فهذا جواب حديثي ، وقد لا يجسر الفقيه على الحكم لتخطئته بمجرد ذلك . ونقول إنه لا منافاة بين روايات عمرو بن دينار ، فإن منها ما أطلق فيه الصرف ( ومنها ) ما بين أنها دراهم بدراهم ، فيحمل المطلق على المقيد جمعا بين الروايتين فإن أحدهما بين ما أبهمه الآخر . ويكون حديث nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت حديثا آخر واردا في الجنسين وتحريم النساء فيهما . ولا تنافي في ذلك ولا تعارض ، وحينئذ يضطر إلى النسخ إن ثبت موجبه أو ترجيحه . وهو حاصل هنا بأمور ( منها ) أن رواية أحاديث التحريم أكثر كما سبقت عليهم . والقاعدة الترجيح بالكثرة . وهذا قد نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في هذه المسألة التي نتكلم عليها . فإنه روي تحريم الفضل عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة وقال : رواية خمسة أولى من رواية واحد . وقال سليم الرازي : إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه أومأ في موضع إلى أنه لا ترجح بالكثرة في أحد الخبرين ، وهما سواء ، وإليه ذهب قوم من أصحاب [ ص: 58 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة اعتبارا بالشهادة حيث لم يرجح فيها بكثرة العدد ، ونقله في شرح اللمع المصنف عن بعض أصحابنا .
( ومنها ) أنهم أسن ، فإن فيهم عثمان nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة وغيرهم ، ممن هم أسن من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة .
( ومنها ) بالحفظ فإن فيهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبا سعيد وغيرهما ، ممن هو مشهور بالحفظ أكثر من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد لهذا الحديث في زمان الصبا ، وهو مرجوح بالنسبة إلى الأول ، وإنما قلت إن تحمل nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد في حالة الصبا لأنهما قالا : " قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتحادثنا " هكذا قال وعند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم كان سن كل منهما عشرا أو نحوها لما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=17155منصور بن سلمة الخزاعي أنه روى بإسناده إلى زيد بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره يوم أحد ، nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=44وأبا سعيد الخدري وسعيد بن حبيبة nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر . وعن nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أن أول غزوة شهداها الخندق . ومن المرجحات أيضا أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد مبيح ، وأحاديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة وأصحابه محرمة ، وإذا تعارض المقرر والناقل فالمرجح الناقل عن حكم الأصل عند الجمهور وهو الذي جزم به المصنف وسليم ، لأنه يفيد حكما شرعيا خلافا لأبي عبد الله بن الخطيب حيث قال : يقدم المقرر ، وإن حصل التعارض في التحريم والإباحة من غير اعتضاد بأصل ، فالمحرم راجح على المبيح على أصح الوجهين عند أصحابنا ، ووافقهم nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي من الحنفية وأبو يعلى من الحنبلية للاحتياط خلافا للغزالي منا nindex.php?page=showalam&ids=16739وعيسى بن أبان من الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبي هاشم وجماعة من المتكلمين ، حيث قالوا : هما سواء ، وثم وجوه أخر من الترجيح لا تخفى عن الفطن والله تعالى أعلم . واعلم أن ترجيح أحد الدليلين على الآخر كالمتفق عليه بين الأئمة ، وهو المعلوم من استقراء أحوال الصحابة والسلف وأنكره بعض المتكلمين وقال : يتعين المصير إلى دليل آخر سواهما أو للتخيير ، والأول هو الصواب والله أعلم . فقد اتضح بحمد الله تعالى الجواب عن ذلك ، ولعلك ترى أني أطلت في ذكر هذه المسألة الأصولية فاعلم أني متى جاءت قاعدة من هذه [ ص: 59 ] القواعد حددتها ، وأقوال الأئمة فيها والراجح منها ، ثم إذا عاد ذكرها في موضع آخر حملت على الموضع الأول والله أعلم .
فصل في الأحاديث الواردة في تحريم ربا الفضل روي ذلك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=16789وفضالة بن عبيد nindex.php?page=showalam&ids=130وأبي بكرة ومعمر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=45وأبي أسيد الساعدي nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=15904ورويفع بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=134وبريدة رضي الله عنهم أجمعين . أما حديث أبي بكر رضي الله عنه فمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=15097محمد بن السائب الكلبي عن سلمة بن السائب عن أبي رافع عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب وزنا بوزن والفضة بالفضة وزنا بوزن والزائد والمستزيد في النار } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة وعبيد بن حميد وغيرهما . واختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي فيه ففي سنن nindex.php?page=showalam&ids=12131أبي قرة عن محمد بن السائب عن أبي رافع nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي ضعيف وروي من طريق غيره ولم يصح . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فرواه أبو حمزة ميمون القصاب عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، مثلا بمثل ، من زاد أو ازداد فقد أربى } " وأبو حمزة ضعيف . وقد اضطرب عنه في هذا الحديث . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في كتاب العلل : وأبو حمزة مضطرب الحديث والاضطراب في الإسناد من قبله ، والله تعالى أعلم . ( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فصحيح أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . ولفظه في روايتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29950لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين } " ( وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن [ ص: 60 ] ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في سننهما ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك من طريق محمد بن العباس جد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن عمر بن محمد عن أبيه وهو ابن الحنفية عن جده وهو nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14206الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما من كانت له حاجة بورق فليصرفها بذهب ، وإن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق والصرف ها وها } وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : إنه غريب صحيح . ( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فمخرج في كتب السنن الأربعة nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والمستدرك على الصحيحين nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم ، وهذا لفظ المستدرك قال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20016سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتراء الرطب بالتمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبينهما فضل ؟ قالوا : نعم الرطب ينقص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يصح هذا } " وإن لم يكن في معنى الأحاديث المتقدمة فهو يدل على معناها من جهة أنه دل على معنى الفضل ، فهؤلاء خمسة من العشرة فيهم الخلفاء الراشدون . ( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة فهو أتم الأحاديث وأكملها ، ولذلك جعله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي العمدة في هذا الباب ، nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة أسن وأقدم صحبة من nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وقد تقدم أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ورواه معه من أصحاب السنن أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، ولفظه في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية أبي الأشعث عنه قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14213سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء وعينا بعين ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى } " وهذا اللفظ هو الذي أورده المصنف أولا في الفصل الأول من هذا الباب ، ولم يخرجه بهذا اللفظ هكذا أحد من أصحاب الكتب الستة غيره ، وقد اشتبه على ابن معن المتكلم على هذا الكتاب فنسبه إلى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبي داود والترمذي ونسب الثاني إلى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وحده فأردت التنبيه على ذلك لئلا يغتر به ، فإن المحدث إذا نسب الحديث إلى كتاب مراده منه أصل الحديث فيحتمل منه ذلك ، وأما الفقيه فمراده ذلك اللفظ الذي يستدل به فلا بد من الموافقة فيه والله تعالى أعلم .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد رضي الله عنهما قد تقدما . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم مقرونا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد " { nindex.php?page=hadith&LINKID=5506أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا } ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وحده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 64 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=13963التمر بالتمر والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير والملح بالملح ، مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، إلا ما اختلفت ألوانه } " وفي أخرى " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل ، والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا } " وفي رواية عنده قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14206الدينار بالدينار لا فضل بينهما ، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما } " وفي رواية في مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد صحيحة " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14215الذهب بالذهب ، والورق بالورق ، ولا تفضلوا بعضها على بعض } " وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما فرواه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ " أنه جاءه صائغ فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه ، فاستفضل في ذلك قدر عمل يدي ، فنهاه nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر عن ذلك ، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله ينهاه ، حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابته ، يريد أن يركبها . ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما . هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلينا وعهدنا إليكم " هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ فجعله من مسند nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ورواه من جهته nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي فذكره هكذا في كتابه الكبير من مسند nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وذكره في كتاب المجتبى أيضا من جهته ، لكن وقع في روايتنا عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأخذ بظاهره nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في جامع الأصول وقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي جعله من مسند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر والذي أظن أن الذي وقع في روايتنا عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأخذ بظاهره nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في جامع الأصول وقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي جعله من مسند nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو الذي أظن أن الذي وقع في روايتنا غلط سقط ( ابن ) وكذلك من النسخة التي وقعت nindex.php?page=showalam&ids=12569لابن الأثير . والله تعالى أعلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - عقب روايته له عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : هذا خطأ ثم رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن وردان الدوي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقال فيه : هذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : يعني بصاحبنا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المعرفة : وهو كما قال ، فالأخبار دالة على أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لم يسمع في ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، ثم قال يعني nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجوز أن يقول : هذا عهد نبينا إلينا ، وهو يريد إلى أصحابه بعدما ثبت له ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وغيره . [ ص: 65 ] وقد تكلم nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر هنا بما لا أستحسن أن أقابله بمثله لما ألزمت نفسي من الأدب مع العلماء . ونسب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى الغلط ، ورأى أن رواية سفيان مجملة ، ورواية nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك مبينة ، فيكون مراده بقوله صاحبنا هو النبي صلى الله عليه وسلم والصواب ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، فإن في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : " كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الصرف ، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئا " ولكن لرواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أصل في تحريم ربا الفضل ; فإنه روى عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=24075كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس فدعا nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا بتمر عنده فجاء بتمر أنكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا التمر ؟ قال : التمر الذي كان عندنا أبدلناه صاعين بصاع . فقال : رد علينا تمرنا } " رويناه في مسند nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد من حديث أبي دهقانة عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وفي مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن شرحبيل أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبا سعيد حدثوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14214الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل عينا بعين ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى } قال شرحبيل : ( إن لم أكن سمعته منهم فأدخلني الله النار ) . ويحتمل أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أرسل ذلك لما ثبت له من جهة nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وغيره وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد فصحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29034كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود الأوقية الذهب بالدينارين والثلاثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن } . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38335نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة ، والذهب بالذهب إلا سواء بسواء ، وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا والفضة بالذهب كيف شئنا } " رواه بهذا اللفظ . وأما حديث معمر بن عبد الله فصحيح أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه أرسل غلامه بصاع قمح فقال : بعه ثم اشتر شعيرا ، فذهب الغلام فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع فلما جاء nindex.php?page=showalam&ids=17124معمرا أخبره بذلك ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر : لم فعلت ذلك ؟ انطلق فرده ، ولا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإني كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20401الطعام بالطعام مثلا بمثل } " وكان طعامنا يومئذ [ ص: 66 ] الشعير ، قيل له : فإنه ليس بمثله قال : إني أخاف أن يضارع ) وقد ذكر المصنف المسند منه في الفصل الأول ، وسيأتي الكلام على القمح والشعير .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار عن nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة ثنا عمير بن نفير ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16279عاصم بن محمد حدثني زيد بن محمد قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : " مشى nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر إلى nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج في حديث بلغه عنه في بيان الصرف ، فأتاه فدخل عليه فسأله عنه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=46رافع : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20440سمعته أذناي وأبصرته عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تشفوا الدينار على الدينار ، ولا الدرهم على الدرهم ، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز ، وإن استنظرك حتى يدخل عتبة بابه } " وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال رضي الله عنه فرويناه في مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=14272أبي محمد الدارمي ورواه عن عثمان بن عمر أنا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن nindex.php?page=showalam&ids=115بلال قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=25986كان عندي مد تمر للنبي صلى الله عليه وسلم فوجدت أطيب منه صاعا بصاعين ، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم قال من أين لك هذا يا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ؟ قلت اشتريته صاعا بصاعين . قال : رده ورد علينا تمرنا } وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله فرواه الإمام أبو محمد بن عبد الله بن وهب في مسنده قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نعطي الصاع من حنطة في ستة آصع من تمر ، فأما سوى ذلك من الطعام فيكره ذلك إلا مثلا بمثل } " وفي مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم نهوا من الصرف ، رفعه رجلان منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرف هنا محمول على الفضل في بيع النقد بمثله والله أعلم ، هذا وإن كان ظاهر لفظه فيه إشكال فإنه يفيد كراهة الطعام بجنسه إلا مثلا بمثل وهو المقصود . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش عن nindex.php?page=showalam&ids=14358الربيع بن صبيح بفتح الصاد عن الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26152ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا ، وما كيل فمثل ذلك ، فإذا اختلف النوعان فلا بأس } [ ص: 67 ] به قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يروه غير أبي بكر عن الربيع هكذا وخالفه جماعة فرووه عن الربيع عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ غير هذا اللفظ .
وروي أيضا مرسلا بزيادة على الستة عن nindex.php?page=showalam&ids=16870مالك بن أوس بن الحدثان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=13964التمر بالتمر والزبيب بالزبيب والبر بالبر ، والسمن بالسمن . والزيت بالزيت والدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما } وهو مرسل وإسناده في غاية الضعف ، فيه رجل وضاع وآخر مجهول . فهذه اثنان وعشرون حديثا ، منها في الصحيحين حديث أبي سعيد وأبي [ ص: 68 ] بكرة وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وحده حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة وأبي هريرة وعثمان بن عفان وفضالة ، وعلى الخمسة الأول اقتصر الشافعي رضي الله عنه ( ومنها ) خارج الصحيحين وهو صحيح حديث أبي أسيد وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص ، والله أعلم . وفي بقية ذلك ما ينظر فيه ، والله أعلم .
الحكم الثاني تحريم النسيئة وهو حرام في الجنس ، والجنسين إذا كان العوضان جميعا من أموال الربا كالذهب بالذهب ، والذهب بالفضة ، والحنطة بالحنطة ، والحنطة بالتمر ، وذلك مجمع عليه بين المسلمين ، وممن نقل الإجماع عليه صريحا الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، ونقل جماعة عدم الخلاف فيه فقال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في كتاب مراتب الإجماع : واتفقوا أن بيع الذهب بالذهب بين المسلمين نسيئة حرام ، وأن بيع الفضة بالفضة نسيئة بين المسلمين حرام إلا أنا وجدنا nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله عنه أنه باع من nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث جبة منسوجة بالذهب بذهب إلى أجل ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمرا أحرقها ، وأخرج منها من الذهب أكثر مما ابتاعها به ، ووجدنا للمغيرة المخزومي صاحب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أن دينارا وثوبا بدينارين أحدهما نقدا والآخر نسيئة جائز ، واتفقوا أن بيع القمح بالقمح نسيئة حرام ، وأن بيع الشعير بالشعير كذلك نسيئة حرام ، وأن بيع الملح بالملح نسيئة حرام ، وأن بيع التمر بالتمر نسيئة حرام ا هـ كلام nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم . وقد رأيت المسألة التي أشار إليها عن المغيرة المخزومي في تعليقة أبي إسحاق التونسي من المالكية وذلك مما لا يعرج عليه ، ولعل له تأويلا أو وقع وهم في النقل . ومن الأدلة على التحريم في ذلك الأحاديث المتقدمة كحديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري . أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة فقوله " إنما الربا في النسيئة " إن جعلناه منسوخا فالمنسوخ منه الحصر خاصة ، كما قيل مثله في " إنما الماء من الماء " فإن الحكم بالإثبات مستمر لم ينسخ ، وإن حملناه على أنه جواب عند اختلاف الجنسين فيكون دالا على تحريم النساء في الجنسين ، وفي الجنس الواحد بطريق أولى ، لأن تحريم النساء آكد بدليل تحريمه في الجنسين ، فإذا حرم التفاضل فالنساء أولى وإن حملناه على التأويل الثالث وهو بيع الدين بالدين [ ص: 69 ] فلا تبقى فيه دلالة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء وزيد صريح في النهي عن بيع الذهب بالورق دينا ، ففي الجنس الواحد أولى كما تقدم . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد " { nindex.php?page=hadith&LINKID=42237ولا تبيعوا منها غائبا بناجز } " وهذا صريح في منع الأجل في الجنس الواحد ، بل عمومه شامل لكل المذكور ، سواء كان جنسا أو جنسين . وقد أخذ هذا الحكم أيضا من قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38801ها وها } إما لأن اللفظة تقتضي ذلك ابتداء ( وإما ) لأنها تقتضي التقابض ، ومن ضرورته الحلول غالبا . وأما فرض أجل يسير ينقضي في المجلس فنادر غير مقصود ومنع الماوردي أخذه من هذا . وقال هو والغزالي : إنه مأخوذ من قوله : عينا بعين . إذ العين لا يدخل فيها الأجل ولا يمكنهما الوفاء بمقتضى هذا الاستدلال . لأنهما وجميع الشافعية لا يشترطون التعيين بل يجوزون أن يرد على موصوف في الذمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى . لكنه قد يقال : إن غلب إطلاق الدينية في الأجل والعينية في مقابله . وإن لم يكن معينا . وفي تسليم هذه الغلبة نظر والله أعلم .
الحكم الثالث : تحريم التفرق قبل التقابض ويسمى ذلك ربا اليد ويستوي في ذلك الجنس الواحد والجنسان ، أما في الذهب والورق فذلك مما لا خلاف فيه . عن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر قال : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد . وقال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : جوز إسماعيل بن علية التفرق عند اختلاف الجنس وهو محجوج بالأحاديث والإجماع . ولعله لم يبلغه الحديث ولو بلغه لما خالفه . وأما الطعام فقد خالف فيه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه وقال : إنه إذا باع الطعام بعضه ببعض وافترقا من المجلس ، ثم تقابضا بعد ، لم يضر العقد ، إلا إذا كان المبيع جزءا مشاعا من صبرة ، وفرق بينه وبين الصرف وفي الحقيقة ليس التقابض عنده من قاعدة الربا في شيء ، لا في الصرف ولا في الطعام وإنما اشترط في الصرف لأجل التعيين ، فإن من أصله أن الدراهم والدنانير لا تتعين بالتعيين وإنما تتعين بالقبض ، فلو تفرقا قبل [ ص: 70 ] القبض لصار دينا ولكان في ذلك بيع الكالئ بالكالئ وذلك منهي عنه على الإطلاق في الربويات وغيرها ، ويجعلون قوله : يدا بيد لمنع النساء ، وقوله : عينا بعين تأكيدا بخلاف ما يفعل أصحابنا ، وزعموا أن هذا احتمال يترك به الظاهر إذا تأيد بدليل وقد دل عليه الكتاب والقياس .
( أما ) الكتاب فهو أن المحرم في الآية هو الربا ، والربا هو الزيادة ، وذلك إما في المقدار ، وإما في الميعاد للاستحقاق وهو النساء أو الجودة ، أما في الجودة فقد أسقطها الشرع حيث قال : جيدها ورديئها سواء ، رواه ولسقوط قيمتها تحققت المماثلة وفي هذا بنوا أن من فوت جودة الحنطة لا يضمنها على حالها وكذلك كل مكيل وموزون لأن قيمة الجودة في الربويات ساقطة بزعمهم على خلاف القياس ، والتفاضل في المقدار أو في الميعاد في الاستحقاق هو الربا فليس التقابض من الربا في شيء ، إذ قيمة المقبوض بعد كونه نقدا كقيمة غير المقبوض في المجلس ، بخلاف قيمة المؤجل فإنه يخالف قيمة الحال ، فلو حرم ترك التقابض بحكم الربا لكان زيادة على كتاب الله تعالى وأما القياس فهو أن القبض موجب للعقد إذ بالعقد يجب الإقباض فكيف يكون شرطا فيه ؟ لأن حق الشرط أن يقترن بالعقد فالواجب التعيين فقط لا القبض . ووجه الكناية عن هذا المعنى بقوله : يدا بيد أن اليد آلة الإحضار والإشارة والتعيين ، كما أنها آلة القبض ، فكما يكنى بها عن القبض يجوز أن يكنى بها عن التعيين ، وإذا كان المعنى محتملا وتأيد بدليل فلا بد من قبوله . فالتعيين هو المقصود في الربويات وفي السلم أيضا ، فإذا أسلم دراهم في حنطة وجب إقباض الدراهم ليتعين ، فلا يكون بيع الكالئ بالكالئ ، والأصل في السلم أن يجري بالأثمان ، فيكون الثمن مسلما فيه وهو دين ، والثمن رأس المال وهو دين ، فيجب تعيينه ، ثم لما عسر على العوام التفرقة بين ما يجب تعيينه وما لا يجب ، أوجب الشرع القبض في رأس المال مطلقا باسم السلم ، وأوجب في الأثمان باسم الصرف تيسيرا لمرادهم ، وتحقيقا [ ص: 71 ] للغرض ، قالوا : ولو كان المراد التقابض لقال يدا من يد ، فلما قال : يدا بيد كان مثل قوله عينا بعين .
( والجواب ) عن ذلك أنه لو كان التقابض في الصرف للخلاص عن بيع الكالئ بالكالئ لوقع الاكتفاء بالقبض في أحد الجانبين ، لأن بيع العين بالدين جائز كما في السلم ، فوجوبه في الجانبين لا مسند له إلا الحديث ( فإن قلت ) ليس أحدهما بأولى من الآخر فلذلك وجب فيهما ( قلت ) الوجوب عندهم هنا ليس معناه أنه يأثم بتركه على ما تقدم بل معناه أنه متى لم يحصل انفسخ العقد وتعليق انفساخ العقد على عدم قبض أحدهما غير ممتنع . وقد تمسكوا في الوجوب فيهما بالتسوية بين العوضين . قال أصحابنا : التسوية لحق المتعاقدين فينبغي إذا أسقطاها أن يسقط وأن ذلك يبطل بما إذا باع درهما بثوبين يجوز الاقتصار على قبض أحد البدلين مع فقدان التسوية .
( وأما ) قولهم إن " عينا بعين " تأكيد لقوله : يدا بيد فذلك يستدعي أن يكون جمع بينهما في حديث واحد ، وأن يكون " عينا بعين " متأخرا حتى يصلح أن يكون مؤكدا وهو في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد كما تقدم . وفي لفظ المستدرك بتقديم " يدا بيد " على " عينا بعين " ( وأما ) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة فلم أقف عليه إلا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وفيها تقديم قوله : عينا بعين على : يدا بيد . والمؤكد لا يكون سابقا على المؤكد فإن جعلوا يدا بيد تأكيدا فالجواب ما قاله الإمام محمد بن يحيى تلميذ الغزالي حيث سبق قوله : عينا بعين يمنع هذا التأويل فإن الصريح في معنى ، يستغني عن التأكيد بمحتمل ، كيف وتنزيل اللفظ على فائدتين أولى من الحمل على واحدة . وقولهم : إن اليد آلة للتعيين كما هي آلة للإقباض فالجواب أنها متعينة للإقباض . وأما التعيين فيشاركها فيه الإشارة بالرأس والعين وغير ذلك . وقولهم لو كان كذلك لقال : يدا من يد ليس بصحيح ، لأن قوله : يدا بيد معناه مقبوضا بمقبوض فعبر باليد عن المقبوض لأنها إليه من باب التعبير بالسبب الفاعلي عن المسبب ، وانتصابه على الحال ، أي حال كونه مقبوضا بمقبوض [ ص: 72 ] والباء للسببية ، فيدل على اشتراط القبض من الجانبين ولو قال من يد لم يفد ذلك ، ثم اشتهر هذا المجاز حتى صار حقيقة عرفية حيث أطلق " يدا بيد " . لا يفهم منه في العرف غير التقابض وقد اعتضد أصحابنا في المسألة والمعنى . أما الأثر فحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه مع nindex.php?page=showalam&ids=16870مالك بن أوس nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة بن عبيد الله لما تصارفا ، وقوله : لا تفارقه فقد نهى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالكا عن مفارقة nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة حتى يقبض منه واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم " إلا ها وها ودل على أنه فهم منه التقابض لا مجرد الحلول . وأنه أخذه من قاعدة الربا لا من قاعدة التعيين وبيع الكالئ بالكالئ . وهذا الحديث سيأتي مستوفى إن شاء الله تعالى . وفهم الراوي أولى من فهم غيره ، لا سيما مثل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولهم أن يقولوا بعد تسليم الاحتجاج بمثل خلاف الظاهر والله أعلم .
وأما المعنى فهو أن ترك التقابض ربا ، لأن الربا عبارة عن الفضل المطلق . والفضل يكون من وجوه كثيرة . يكون قدرا في الصاع بالصاعين . ونقدا في العين بالنساء . وقبضا في المقبوض وغير المقبوض . قال أصحابنا : بل الزيادة من حيث اليد فوق الزيادة من حيث العينية . لأن الأعيان إنما تطلب ليتوصل إليها بالأيدي ، ولأن اليد تقصد بنفسها في كثير من العقود ، والعينية لا تقصد بنفسها . وإذا ثبت أنه ربا فيجب التقابض نفيا للربا . ومتى جاز تأخير أحد العوضين أمكن الربا فلا يؤمن ذلك إلا بإيجاب التقابض فيهما . وهذا ملخص سؤال وجواب ، ذكره ابن السمعاني رحمه الله . وسيأتي القول في تعيين الأثمان الذي جعلوا بناء كلامهم عليه إن شاء الله تعالى والله أعلم . والمالكية والحنبلية موافقون لنا في المسألة ، يشترطون التقابض في بيع الطعام بالطعام كما هو في الصرف ، وقد أطال كل من الفريقين الحنفية ومقابليهم من أصحابنا وغيرهم في الاستدلال والإلزامات بما لم أر تطويل الكتاب بذكره . وعمدة الحنفية في الجواب مبني على أن الأثمان لا يتعين [ ص: 73 ] بالتعيين ، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى ، فمتى لم يتم لهم ذلك الأصل انحل كلامهم في هذه المسألة بقيام الإجماع على اشتراط القبض في الصرف ، وحينئذ لا يبقى فرق ، بينه وبين الطعام . والله تعالى أعلم . فائدة قال nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي - رحمه الله - : فتحصل في القبض ثلاث مسائل ، ما يعتبر فيه القبض بالإجماع وهو الصرف ، وما لا يعتبر فيه بالإجماع وهو بيع المطعوم بنقد ، ومختلف فيه ، وهو المطعوم بعضه ببعض .
الحكم الرابع : جواز التفاضل عند اختلاف الجنس مع تحريم النساء والتفرق قبل التقابض ولا خلاف في جواز المفاضلة عند اختلاف الجنس للأحاديث الصريحة السابقة ، وكذلك تحريم النساء عند الاتحاد في علة الربا كما تقدم . أما في المنصوص عليه فبالإجماع ، وأما في غيره فبإجماع القياسين ، والتفرق قبل التقابض حرام كذلك عندنا وعند المالكية والحنبلية . خلافا للحنفية فيما عدا الصرف كما قدمته ، وقد مضى الكلام في ذلك ومضت الأحاديث الدالة على وجوب التقابض عند اتحاد الجنس . وأما الأحاديث الدالة على وجوب التقابض عند اختلاف الجنس واتحاده فحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وهو حديث مجمع على صحته ، خرجه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه في كتبهم وهذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن nindex.php?page=showalam&ids=16870مالك بن أوس أنه التمس صرفا بمائة دينار قال : فدعاني nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله فتزاودنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال : حتى يأتي خازني من الغابة nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمع فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه والله لا تفارقه حتى تأخذ منه . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25703الذهب بالذهب ربا إلا ها وها ، والبر بالبر ربا إلا ها وها ، والتمر بالتمر ربا إلا ها وها والشعير بالشعير ربا إلا ها وها } " وفي رواية في الصحيح أيضا من قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . [ ص: 74 ] وفي رواية : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=39765والذي نفسي بيده ليردن إليه ذهبه ، أو لينقدنه ورقه } يقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16870لمالك بن أوس . وفي الكلام التفات . قال nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة " هذا أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا . يعني في الصرف . وفي رواية في هذا الحديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=15796الورق بالورق ربا إلا ها وها ، والذهب بالذهب ربا إلا ها وها } فرواها nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=16870مالك بن أوس وأسانيد الروايات المتقدمة أصح وهي في صرف النقد بغير جنسه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الورق بالذهب أحدهما غائب والآخر ناجز ، وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره إلا يدا بيد هات وهذا ، إني أخشى عليك الربا " . ومما هو نص في المسألة في الصرف حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " كنت أبيع الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9699صلى الله عليه وسلم إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لبس } لفظ nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي . والحديث مشهور مما انفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك ، وأكثر ما يروى بلفظ في أخذ البدل عما في الذمة .
الحكم الخامس إن البر والشعير جنسان ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا . هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة - رحمه الله - nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسماعيل بن علية وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والشعبي والزهري nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري وأهل البصرة ، وأكثر أهل الكوفة . وقال به من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك . وخالف nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك - رحمه الله - والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد فقالوا : لا يجوز بيع الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد والحكم وحماد nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبو عبد الرحمن السلمي nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان بن بلال ، وروي ولم يصح عن [ ص: 75 ] القاسم وسالم nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وهو قول أكثر أهل المدينة وأهل الشام . ودليلنا في المسألة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الثابت في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13964قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير والملح بالملح ، مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه } .
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } وأيضا فإنه نص على الأشياء الستة ، وأفرد كل واحد منها باسم ، وإنما قصد الأجناس فدل على أن البر جنس والشعير جنس ويدل على المسألة صريحا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي " { nindex.php?page=hadith&LINKID=39292وأمرنا أن نبيع الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر ، يدا بيد كيف شئنا } " وهذا نص . وأما تأويل الحنفية فقد تقدم الجواب عنه وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة الذي في سنن أبي داود " { nindex.php?page=hadith&LINKID=42225ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما ، يدا بيد } وأما النسيئة وكذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=42225ولا بأس ببيع الشعير بالحنطة يدا بيد والشعير أكثرهما } رواه من طريقين . وروى nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق ثالثة إلى nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة أيضا فقال في آخر حديثه : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=39292وأمرنا أن نبيع الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبر بالشعير والشعير بالبر . يدا بيد كيف شئنا } " وكل هذه الطرق ترجع إلى مسلم بن يسار وعبيد الله بن عبيد عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ، وقد تقدم التنبيه على أن مسلم بن يسار سمعه من أبي الأشعث عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ، لكن الترمذي في جامعه ذكر اختلافا في هذه اللفظة فذكر أولا بإسناده من رواية خالد الحذاء عن nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة عن أبي الأشعث عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=39936وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد } ثم قال عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة حديث حسن صحيح ، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد بهذا الإسناد وقال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=16464بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد } " . وروى بعضهم هذا الحديث عن خالد الحذاء عن nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة عن أبي الأشعث عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 76 ] الحديث وزاد فيه قال nindex.php?page=showalam&ids=22خالد : قال nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة : بيعوا البر بالشعير كيف شئتم فذكر الحديث انتهى كلام الترمذي فقد حصل الاختلاف على خالد الحذاء هل المذكور في مقابلة الشعير التمر أو البر ؟ فإن كان التمر فلا دليل فيه على المالكية لأنهم قائلون به ، وأنهما جنسان ، وإن كان البر فالخلاف في ذلك أيضا ، هل هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو مدرج في الحديث من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ؟ كما ذكره الترمذي في الرواية الأخيرة ، ولذلك أو نحوه قال nindex.php?page=showalam&ids=13658أبو بكر الأبهري من المالكية في شرح كتاب ابن عبد الحكم : إن قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=16464بيعوا الشعير بالحنطة كيف شئتم } " ليس هذا من حديث متفق على صحته ، ولا يلزمنا حجة به ، وقال أبو الوليد بن رشد من المالكية أيضا في مختصره لكتاب nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : إن قوله : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=16464بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد } " زيادة لم يتفق عليها جميع الرواة ، فاحتمل أن تكون من قوله قياسا على قول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلف الصنفان فبيعوا كيف شئتم } " والجواب عن هذه العلة أن هذا الاختلاف عن خالد الحذاء ، ورواية التمر بدل البر وردت عنه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، ولم يصرح بأنه سمعها منه ، وقد انفرد الترمذي عن الكتب الخمسة بهذه الروايات عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد ، والمعروف عن سفيان من رواية الأشجعي عنه : ( البر بالشعير ) . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وكذلك رأيته في حديث سفيان بن بشر الدولابي من رواية عبد الله وهو ابن الوليد العدني عن سفيان وقال فيه : " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم ، والبر بالشعير مثل ذلك " قال سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد ( ثنا ) فزالت شبهة التدليس .
ورواه جماعة عن سفيان فلم يذكروا فيه شيئا من اللفظين مثل nindex.php?page=showalam&ids=12131أبي قرة موسى بن طارق رواه في سننه عن سفيان فقال فيه : والملح بالتمر ، ولم يذكر برا ولا شعيرا فيه ، فإذا نظرت ما في الترمذي مع ما ذكرته عن الدولابي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي علمت أن الخلاف وقع على سفيان ، والراجح عنه رواية البر بالشعير ، لأن الأشجعي من أثبت الناس فيه وقد تابعه nindex.php?page=showalam&ids=16422عبد الله بن الوليد وصرح بالتحديث . فهذا موضع الاختلاف على nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد ، يوهن رواية " التمر [ ص: 77 ] بالشعير " ولو لم يحصل رجحان في الخلاف على سفيان ولا على nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد فالذي يقتضيه النظر الرجوع إلى غير روايات nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد . وقد رأينا غير nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد مثل nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=12186وعبد الله بن عبيد ومثل nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن مسلم بن يسار عن أبي الأشعث رويا خلاف ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد ، وقالا " الشعير بالبر " وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين " { nindex.php?page=hadith&LINKID=39292وأمرنا أن نبيع الذهب بالورق والبر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا } " .
( وقوله ) أمرنا محمول على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم لا nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة فلا وجه لتحمل الإدراج فيه فوجب أن يحكم بصحة ذلك ، ولا ينظر إلى التعارض والاختلاف على nindex.php?page=showalam&ids=000022خالد ، ويتأيد ذلك بما في الصحيح من قوله : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=10765إلا ما اختلفت ألوانه } " في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه فإن ظاهر ذلك أن التمر بالتمر ، والشعير بالشعير يجوز متفاضلا إذا اختلفت ألوانه ، صدنا عن ذلك الإجماع والنصوص ، فتبقى في البر بالشعير على مقتضى الدليل ، وبقوله " { إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم } " . والذي عولت المالكية عليه أمران ( أحدهما ) ما روي عن معمر بن عبد الله " أنه أرسل غلامه بصاع قمح ، فقال : بعه ثم اشتر به شعيرا ، فذهب الغلام فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع ، فلما جاء nindex.php?page=showalam&ids=17124معمرا أخبره بذلك فقال له nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر لم فعلت ذلك ؟ انطلق فرده ولا تأخذ إلا مثلا بمثل ، فإني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23826الطعام بالطعام مثلا بمثل } " وكان طعامنا يومئذ الشعير ، قيل : فإنه ليس بمثله قال : إني أخاف أن يضارع رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وفي الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه بلغه أن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار قال : " فنى علف دابة nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص فقال لغلام له : خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيرا ، ولا تأخذ إلا بمثله " وهذا الأثر منقطع في الموطأ . وقد روي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة موصولا عن nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة عن nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار .
[ ص: 78 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : والبيضاء والشعير معروف ذلك عند العرب بالحجاز ، كما أن السمراء عندهم البر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وبلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيب الدوسي مثل ذلك هكذا هو في موطأ العقبي عن nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيب وفي موطأ يحيى بن يحيى عن nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيب وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع إن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار أخبره أنه فنى علف دابة عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فقال لغلامه : ( خذ من حنطة أهلك طعاما فابتع به شعيرا ولا تأخذ إلا مثله ) وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أرسل غلاما له بصاع من بر ليشتري له به صاعا من شعير ، وزجره إن زاد أو يزداد . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه رأى nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيبا ومعه صاع من شعير وقد استبدله بمد من حنطة ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه " لا يحل لك إنما الحب مد بمد ، وأمره أن يرده إلى صاحبه " قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فاحتمل أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رأى الحبوب كلها صنفا واحدا ، واحتمل أن يكون البر عنده والشعير فقط صنفا واحدا ، فهؤلاء أربعة من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ومعمر nindex.php?page=showalam&ids=303ومعيقيب الدوسي وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهو من كبار التابعين منعوا التفاضل بينهما ، مع ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14557الطعام بالطعام مثلا بمثل } " فهذا وجه من التمسك بالأثر ، وهو مغن عن تحقيق كونها جنسا واحدا أو جنسين .
( والثاني ) إثبات كونهما جنسا واحدا بالنظر فيما بينهما من التقارب ، وإذا ثبت ذلك امتنع التفاضل بينهما ، ولم يشملهما منطوق قوله صلى الله عليه وسلم " فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم بل يكون مفهومه مانعا من التفاضل بينهما على تقدير كونهما جنسا ، قالوا : لأن تقارب الأغراض والمنافع في الشيء يصيره كالجنس الواحد ، بدليل اتفاقهم في الحنطة والعلس ، وإن اختلفت أسماؤهما وأجناسهما وما بين الحنطة والشعير من التقارب أشد مما بينهما وبين العلس هذا مع اتفاق القمح والشعير في المنبت والمحصد ، وأن أحدهما لا يكاد ينفك عن الآخر فلولا أنهما جنس واحد لم يجز بيع البر وفيه شيء من الشعير ، لأنه لا بد من [ ص: 79 ] تفاوتهما فهما نوعان لجنس واحد كالحنطة الحمراء مع السمراء والاعتبار في الجنسية مع التقارب في الأحكام كالتقارب بين التمر والزبيب في الخرص وكذلك التقارب في الأثمان والحلاوة لأن أغراض النفس تختلف في كل نوع منها وذكر القاضي عبد الوهاب هذا جوابا عن قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه " إن تقارب التمر والزبيب أشد من تقارب الحنطة والشعير وقال إن الأمر بالعكس ورجحوا مع هذين الأمرين مذهبهم بأنه أحوط وأبعد عن الربا ( والجواب ) عن أثر معمر أن فيه التصريح بأنه ليس مثله وإنما تركه تورعا وخشية أن يضارعه قال ابن العربي المالكي : وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما صنفان ، وجواز التفاضل بينهما فلا وجه للمضارعة والاحتراز من الشبهة مع وجود النص ( وأما ) الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=303ومعيقيب فمنقطعان .
( وأما ) الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد فعلى ظاهر رواية nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار لا دليل فيه لجواز أن يكون فعل nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ذلك على سبيل الورع كما فعل معمر ، وعلى رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا سئل عن البيضاء بالسلت فقال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : أيهما أفضل ؟ قال البيضاء فنهى عن ذلك إلى آخره . فقد أجاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - عنه في الأم فقال في باب بيع الطعام بالطعام على الحديث : رأي nindex.php?page=showalam&ids=37سعد نفسه أنه كره البيضاء بالسلت فإن كان كرهها نسيئة فذلك موافق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نأخذ ولعله إن شاء الله - تعالى - كرهها لذلك وإن كرهها متفاضلة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز البر بالشعير متفاضلا فليس في قول أحد حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو القياس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا وهذا الكلام من nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه لا مزيد على حسنه وفيه تسليم أن البيضاء بالسلت هي البر بالشعير وقد رأيت في كتاب غريب الحديث nindex.php?page=showalam&ids=12352لإبراهيم الحربي أن السلت حبة بيضاء مضرسة وأهل العراق يسمون جنسا من الشعير لا قشر له السلت [ ص: 80 ] ذكر ذلك في الحديث السادس أن nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا سئل عن السلت بالذرة فكرهه وهذا الذي قاله الحربي مع الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر يبين أن البيضاء والسلت الذين ، سئل عنهما nindex.php?page=showalam&ids=37سعد نوعان من الشعير ، لا سيما nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد كان بالعراق فيحمل السلت الذي سئل عنه على ما يتعارفه أهل العراق ، وحينئذ لا يجوز بيعه بالشعير متفاضلا ، لأنه نوع منه كما أن الرطب والتمر نوعان من جنس واحد لا يجوز بيعهما متفاضلا لكن رواية الحربي تقتضي أن nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا كره السلت بالذرة أيضا ، فلعله يطرد ذلك في جميع المطعومات ، أو يكون مذهبه كما سنذكره من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر جعل ذكر الذرة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد من وهم nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وليس كذلك فإن الحربي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس nindex.php?page=showalam&ids=15795وخالد بن خداش كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وقالا فيه : السلت بالذرة والله أعلم .
وقال صاحب المحكم : السلت ضرب من الشعير ، قال : وقيل في السلت هو الشعير بعينه ، وقيل : هو الشعير الحامض ، وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين في هذا الحديث : البيضاء الحنطة وهي السمراء . وإنما كره ذلك لأنهما عنده جنس واحد ، هذا قول الهروي ، وعنه أن السلت هو حب من الحنطة والشعير لا قشر له ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عنه في بعض نسخ السنن الكبير ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده في هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد أنه سئل عن رجلين تبايعا بالسلت والشعير ، وإذا كان كذلك ، والسلت هو الشعير ، فلا حجة فيه لذلك والله أعلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : البيضاء نوع من البر أبيض اللون ، وفيه رداءة يكون ببلاد مصر ، والسلت نوع غير البر وهو أدق حبا منه ، وقال بعضهم : البيضاء هي الرطب من السلت ، والأول أعرف ، لأن هذا القول أليق بمعنى الحديث وعليه يبنى موضع التشبيه من الرطب بالتمر ، وإذا كان الرطب منهما جنسا واليابس جنسا آخر لم يصح التشبيه ، انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . فإن صح أن البيضاء الرطب من السلت فمنع nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ظاهر كالرطب وعبد الرحمن بن الأسود ليس بصحابي بل هو تابعي كبير ، ولد على حياة رسول [ ص: 81 ] الله صلى الله عليه وسلم ولو صح القول بذلك عن أحد من الصحابة معارضا .
( وأما ) قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14557الطعام بالطعام مثلا بمثل } " فإما أن يكون الطعام جنسا خاصا ، أو كل ما يطعم ، فإن كان جنسا خاصا أما الحنطة وحدها أو الشعير كما قد يفهمه قوله " وكان طعامنا يومئذ الشعير " فلا دليل فيه على المسألة وإن كان الطعام كل ما يطعم لزم ألا يباع القمح بالتمر ، ولا بغيره من المطعومات إلا مثلا بمثل ، وهم لا يقولون به ولا أحد ، فتعين حمله على ما إذا كان من جنسه بدليل قوله " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23467فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم } " وحينئذ تقف الدلالة من الحديث ويحتاج في تحقيق كونها جنسين أو جنسا واحدا إلى دليل منفصل فإن قلت : هل هذا الحمل من باب تخصيص العموم ؟ أو من باب حمل المطلق على المقيد ؟ قلت : من باب تخصيص العموم والمخصوص هو من قوله : بالطعام كأنه قال : الطعام بالطعام المجانس له مثلا بمثل ، والتجانس في اللفظ يشعر بالتجانس في المعنى ، وأما حمل المطلق على المقيد فمتعذر فيما إذا كان الحكمان نهيين فإن كان المراد بالحديث النهي عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل ، وهو المتبادر على الفهم ، والموافق لبقية الأحاديث فإنه هاهنا حمل المطلق على المقيد . وإن كان المراد بالحديث بيان وجوب المماثلة في الطعام بالطعام .
( فإن قلنا ) إن المراد بالمعرف بالألف واللام العموم ، كما هو رأي أكثر الفقهاء ، فأيضا لا إطلاق ولا تقييد ، ويتعين المصير إلى التخصيص ( وإن قلنا ) لا يعم فيمكن أن يقال به على بعد ، لأن إيجاب وصف في مطلق ماهية لا يستدعي وجوبه في كل أفرادها ووجه بعده لا يخفى .
( وأما ) ما تمسكوا به من جهة المعنى وتحقيق كونهما جنسا واحدا تتقارب المنفعة فيهما ، والأمور التي ذكروها ( فقد ) أجاب أصحابنا بأن القمح والشعير مختلفان في الصفة والخلقة والمنفعة ، فإن القمح يوافق الآدمي ولا يوافق البهائم والشعير بالعكس ، يوافق البهائم ولا يوافق الآدمي غالبا ، ولا يغلب اقتياتهما في بلد واحد ، وإنما يغلب اقتيات الشعير [ ص: 82 ] في موضع يعز القمح فيه ، وهذه الذرة يقتاتها خلق من الناس ، والأرز يقتات غالبا في بعض البلاد ، وهما عند nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك صنفان جائز التفاضل بينهما وبين كل منهما وبين البر ، وجعل nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد الذرة والدخن والأرز صنفا ، وسلم في القطاني كالعدس والحمص والفول والجلبان فنلزمه بالفول ، لأنه يقتات في بعض الأوقات ويختبز ، وقد جعل ذلك هو العلة فيما نقل عنه ، وقد حصل اختلاف المالكية في القطاني ، وسأذكر خلافهم في ذلك في فصل جامع أتكلم فيه على تحقيق الأجناس إن شاء الله تعالى ، وهذا الذي ألزمناهم به هاهنا قول nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك الذي لا اختلاف عنه فيه . وأما إلغاء القاضي عبد الوهاب ما ألزمهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي به من التقارب بين التمر والزبيب في أنهما حلوان ويخرصان ، وتجب الزكاة فيهما فإلغاء على وجه التحكم وإلا فما الدليل على إبطال هذه الشبه واعتبار ما ادعاه هو ؟ ( وأما ) احتجاجهم ببيع البر بالبر وفيه شيء من الشعير ، فإن كان الشعير المخالط قدرا لو ميز لظهر على المكيال فإنه يمنع الحكم وعندنا أن البيع لا يجوز والحالة هذه ، وإن كان الشعير المخالط لا يظهر على المكيال لو ميز ، فجواز البيع حينئذ لعدم ظهوره في المكيال لا لموافقته في الجنس ، ألا ترى أن التراب الذي لا يظهر في المكيال لا تضر مخالطته وليس بجنس الطعام .
وقولهم إن ذلك بمنزلة الحنطة الحمراء مع السمراء ممنوع فإن الحنطتين ليس لكل منهما اسم خاص بخلاف الشعير مع القمح . وأما العلس فإنه يصدق عليه اسم الحنطة ، بخلاف الشعير لا يصدق عليه حنطة لا في لغة ولا غيرها ثم إن ما يحاولونه من المعنى ينكسر بالذهب والفضة فإن قيام كل منهما مقام الآخر أعظم من قيام الشعير مقام البر ومع ذلك هما جنسان وبالجملة فالنص مغن عن الالتفات إلى المعنى ، وقد ثبت ذلك في جانبنا كما تقدم صريحا من رواية أبي داود والترمذي وغيرهما وظاهرا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة ، وقد قاس أصحابنا على ما إذا أتلف له حنطة أو أقر له أو صالحه عليها أو ضربها الإمام جزية أو وجب عشر حنطة لم يقم الشعير مقامها في شيء من ذلك .
[ ص: 83 ] التفريع على هذه الأحكام ( فرع ) على تحريم التفاضل في الجنس الواحد . قال أصحابنا : لا يجوز بيع الذهب بالذهب متفاضلا ، ولا الفضة بالفضة كذلك ، سواء كانا مصوغين أو تبرين أو عينين ، أو أحدهما مصوغا والآخر تبرا أو عينا ، أو جيدين أو رديئين أو أحدهما جيدا والآخر رديئا أو كيف كان ، وهو مذهب الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وأكثر العلماء ، وعلى ذلك مضى السلف والخلف . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في كتاب الصرف من الأم : " ولا خير في أن يصارف الرجل الصائغ الفضة بالحلي الفضة المعمولة ، ويعطيه إجارته ، لأن هذا الورق بالورق متفاضلا ، ولا نعرف في ذلك خلافا إلا ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أنه " كان لا يرى الربا في بيع العين بالتبر ولا بالمصوغ ، ويذهب إلى أن الربا لا يكون في التفاضل إلا في التبر بالتبر ، وفي المصوغ بالمصوغ ، وفي العين بالعين كذلك حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، ويشهد له ما تقدم وقد أشرت إليه هناك .
وحكى بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه لا يجوز بيع الصحاح بالمكسر ، لأن للصناعة قيمة . وحكى أصحابنا وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك - رحمه الله تعالى - جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه ، كحلي وزنه مائة يشتريه بمائة وعشرة ، وتكون الزيادة في مقابلة الصنعة ، وهي الصياغة .
قال الشيخ أبو حامد : قال الأوزاعي : كان أهل الشام يجوزون ذلك ، فنهاهم nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، والمالكية ينكرون هذا النقل عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك . قال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة : وحكى بعضهم عنا في هذا العصر أنه يجوز أن يستفضل بينهما قدر قيمة الصياغة . وهذا غلط علينا ، وليس هذا بقول لنا ولا لأحد على وجه . والدليل على منع ذلك عموم الظواهر التي قدمناها ، وليس فيها فرق بين المصوغ والمضروب . وصرح القاضي عبد الوهاب بأن زيادة قيمة الصنعة إنما لا تراعى إلا في الإتلاف دون المعاوضات ، فلا وجه لنصب الخلاف معهم وهم موافقون .
وقد نصب أصحابنا الخلاف معهم ، وكان شبهة النقل عنه في ذلك مسألة [ ص: 84 ] نقلها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فكأن الأصحاب أخذوا منها ذلك لما كان لازما بينا منها . وها أنا أنقل المسألة من كلام المالكية : قال : nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في الاستذكار : رواها جماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وهي مسألة سوء منكرة لا يقول بها أحد من فقهاء المسلمين .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في غير مسألة ما يخالفها . قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في التاجر يأتي دار الضرب بورقه فيعطيهم أجر الضرب ويأخذ منهم وزن ورقه مضروبة . قال إذا كان ذلك لضرورة خروج الرقعة ونحوه فأرجو ألا يكون به بأس وقال سحنون عن ابن القاسم : أراه خفيفا للمضطر ولذي الحاجة قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وذلك ربا ولا يحل شيء منه وقال nindex.php?page=showalam&ids=16741عيسى بن دينار لا يصلح هذا ولا يعجبني ا هـ وقد ذكر ابن رشد هذه المسألة في كتاب البيان والتحصيل ، ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه قال : إني لأرجو أن يكون خفيفا ، وقد كان يعمل به بدمشق فيما مضى ، وتركه أحب إلى أهل الورع من الناس فلا يفعلون ذلك وقال ابن رشد : إنها على وجهين مذمومين أخفهما خلط أذهاب الناس ، فإذا خرجت من الضرب أخذ كل إنسان منهم على حساب ذهبه ، وأعطى الضراب أجرته .
ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك - رحمه الله - أنه كان يعمل به في زمان بني أمية لأنه كانت سكة واحدة والتجار كثير والناس مجتازون والأسواق متقاربة ، فلو جلس كل واحد حتى يضرب ذهب صاحبه فاتت الأسواق ، فلا أرى بذلك بأسا فأما اليوم فإن الذهب يغش ، وقد صار لكل مكان سكة تضرب فلا أرى ذلك يصلح ، وإلى هذا ذهب ابن الموان من رأيه أن ذلك لا يجوز اليوم لأن الضرورة ارتفعت ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : لا خير فيه ، وإليه ذهب ابن حبيب ، وحكي أنه سأل عن ذلك من لقي من المدنيين والمصريين فلم يرخصوا فيه على حال .
( والوجه الثاني ) استعمال الدنانير ومبادلتها بالذهب بعد تخليصها وتصفيتها مع زيادة أجرة عملها قال : فقال ابن حبيب : إن ذلك حرام لا يحل لمضطر ولا لغيره ، وهو قول ابن وهب وأكثر أهل العلم ، وخفف [ ص: 85 ] ذلك nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله في وسم بدر سعة مصرفها بعد هذا لما يصيب الناس في ذلك من الحبس عن حقوقهم في ذلك كما جوز المعري جواز العرية بخرصها وكما جوز دخول مكة بغير إحرام لمن يكثر التردد إليها ثم قال : ما هو من عمل الأبرار وقال ابن القاسم : أراه حقيقا للمضطر وذوي الحاجة والصواب أن ذلك لا يجوز إلا مع الخوف على النفس الذي يبيح أكل الميتة وإنما خفف ذلك nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ومن تابعه مع الضرورة التي تبيح أكل الميتة مراعاة لقول من لا يرى الربا إلا في النسيئة ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ثم قال ابن رشد في آخر كلامه : ولم يجز nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ولا أحد من أصحابه شراء حلي الذهب والفضة بوزنه من الذهب والفضة وزيادة قدر الصياغة وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية يجيز تبر الذهب بالدنانير متفاضلا والمصوغ من الذهب بالذهب متفاضلا إذ لا ضرورة في ذلك فراعى فيه قوله ، انتهى ما أردت نقله من كلامه ، فقد ظهر بذلك تحرير مذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك .
ووجه الاشتباه في النقل عنه ولا فرق بين معنى ما نقل عنه ومعنى ما قاله إلا للضرورة وقد ذكر أصحابنا لما نقلوا عنه حجتهم في ذلك وجوابها فنذكرها ليستفاد ويحصل بها الجواب عن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وعما ذهبوا إليه في حالة الضرورة فنقلوا من احتجاج من نص قولهم : إنه لو أتلف على رجل حليا وزنه مائة وصياغته تساوي عشرا فإنه يجب عليه مائة وعشرة ولا يكون ذلك ربا فكذلك إذا اشتراه وقد ذكر أصحابنا عن ذلك ، وأبسطهم جواب القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب قال : الجواب عن احتجاجهم بقياس البيع على الإتلاف أن أصحابنا قالوا : إذا أتلف على رجل ذهبا مصوغا فإن كان نقد البلد من غير جنس المتلف مثل أن يكون نقد البلد فضة والمتلف ذهبا فإنه يقوم بنقد البلد ولا يكون ربا وإن كان نقد البلد من جنس المتلف مثل أن يكون جميعا ذهبا أو يكون فضة فاختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال يقوم بغير جنسه وإن لم يكن من نقد البلد فعلى هذا لا يصح ما قالوه ، ومن أصحابنا من قال يقوم بنقد البلد وإن كان من جنس المتلف بالغا ما بلغت قيمته وإن زادت [ ص: 86 ] على وزنه ، فعلى هذا يكون الفرق بين ضمان الإتلاف وضمان البيع من ثلاثة أوجه : ( أحدها ) أنه إذا بذل في مقابلة الذهب المصوغ أكثر من وزنه كانت الزيادة في مقابلة الصياغة ، والصياغة إنما هي تأليف بعض الذهب إلى بعض ، والتأليف لا يأخذ قسطا من الثمن ألا ترى أنه لو باع دارا مبنية بثمن معلوم ثم انهدمت قبل تسليمها إلى المشتري فإن العقد لا ينفسخ ؟ ويقال للمشتري : إما أن تأخذها بجميع الثمن أو تفسخ العقد وليس لك أن تسقط من الثمن جزءا لأجل زوال تأليف الدار فلم يصح قول nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : إن زيادة الثمن تكون في مقابلة الصياغة .
( والثاني ) أنه لا يمتنع أن يجري التفاضل في قيمة المتلف ولا يجري في البيع ألا ترى أنه لو أراد أن يبيع درهما صحيحا بأكثر من درهم مكسر لم يجز ؟ ولو أتلف على رجل درهما صحيحا ولم يوجد له مثل فإنه يقوم بالمكسر وإن بلغت قيمته أكثر من درهم ولا يكون ربا فدل على الفرق بين البيع والإتلاف .
( والثالث ) أن الإتلاف قد يضمن به ما لا يضمن بالبيع . ألا ترى أن من أتلف حرا أو أم ولد لزمه قيمتها ، ولو باعها لم تصح ولم تجب عليه قيمتها ، فدل على الفرق بالضمانين وبطل اعتبار أحدهما بالآخر هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي نقلته بلفظه لحسنه والله أعلم .
( فرع ) على تحريم التفاضل أيضا . نقلت المالكية عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه أجاز مبادلة الدنانير أو الدراهم الناقصة بالوازنة على وجه معروف يدا بيد كرجل دفع إلى أخ له ذهبا أو ورقا ناقصا أو طعاما مأكولا فقال له : أحسن إلي أبدل هذا بأجود منه وأنفقه فيما ينفق قال الأبهري : قال ذلك لأنه على وجه المعروف فجاز كما يجوز أن يقضي في القرض خيرا مما أخذه قال ابن رشد : ومعنى ذلك في الذهب والورق بأقل منه الديناران والثلاثة إلى الستة على ما في المدونة وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون قد أصلح الستة وردها ثلاثة قال ابن رشد وقوله بأجود منه يدل على [ ص: 87 ] جواز بدلها بأوزن وأجود ، خلاف قول nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في المدونة ، مثل قول ابن القاسم فيها . ثم قال : منع ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب كالدنانير الكثيرة النقص بالوازنة ، فلم يجز المعفون بالصحيح ، ولا الكثير الغش بالخفيف الغش ، وأجاز ذلك nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في المعفون وقال : إنه لا يشبه الدنانير ، لأن بين الدنانير الكثيرة النقص بالوازنة تفاضلا بالوزن ، ولا تفاضل في الكيل بين المعفون والصحيح ، وأصحابنا لا يجيزون شيئا من ذلك ولا يغتفرون من التفاضل شيئا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في كتاب الصرف في الأم : " ولا خير في أن يأخذ منه شيئا بأقل منه وزنا على وجه البيع ، معروفا كان أو غير معروف ، والمعروف ليس يحل بيعا ولا يحرمه ، فإن كان وهب له دينارا وأثابه الآخر دينارا أوزن منه أو أنقص فلا بأس فإنه أسلفه ثم اقتضى منه أقل فلا بأس ، لأنه مقطوع له بهبة الفضل وكذلك إن تطوع له القاضي بأكثر من وزن ذهبه فلا بأس به في هذا فإنه ليس من معاني البيوع " ا هـ والله أعلم .
( فرع ) نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب له تعلق بالتماثل والتفاضل إذا قال الرجل لصائغ صغ لي خاتما من فضة لأعطيك درهم فضة وأجرة صياغتك ، ففعل الصائغ ذلك ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي وغيرهما : لم يصح ذلك وكان الخاتم على ملك الصائغ لأنه شراء فضة مجهولة بفضة مجهولة وتفرق قبل التقابض وشرط العمل في الشراء ، وذلك كله يفسد العقد ، فإذا صاغه فإن أراد أن يشتريه اشتراه بغير جنسه كيف شاء وبجنسه بمثل وزنه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب الصرف من الأم : " ولا خير في أن يأتي الرجل بالفص إلى الصائغ فيقول له اعمله لي خاتما حتى أعطيك ذلك وأعطيك أجرتك ، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك " انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقالت الحنبلية : " للصائغ أخذ الدرهمين " أحدهما في مقابلة الخاتم والثاني أجرة له فيما إذا قال : صغ لي خاتما وزنه درهم وأعطيك مثل زنته وأجرتك درهما . والله تعالى أعلم .
[ ص: 88 ] فإن أراد أن للصائغ أخذ الدرهمين بحكم العقد الأول فهو فاسد ، لما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب من عدم القبض والشرط ، وإن أرادوا بحكم عقد جديد يورده على الخاتم المصوغ بعد صياغته ، فهذا عين ما تقدم في المنسوب إلى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فلا اتجاه لهذا الفرع إلا عليه ، والله أعلم . قال في الذخائر : وكذا لو قال : بعني درهما بدرهم ، وصفه وأجرتك كذا ، وتفرقا على ذلك لم يجز أيضا لما فيه من التفرق قبل القبض وشرط العمل ، والله أعلم . وفي معنى هذا الفرع وإن لم يكن من باب الربا :
( فرع ) ومن كان معه قطوع مكسرة من الذهب أو الفضة أو نقرة فأراد أن يبيعها بجنسها صحاحا ، أو كان معه صحاح فأراد أن يبيعها بجنسها قطوعات فإما أن يتراضيا على المساواة بينهما في الوزن ، وإما أن يبيع أحد النقدين بعرضين ويتقابضا ثم يشتري بالعرضين من النقد الآخر فأما مع الزيادة أو النقص فهو الربا كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر في تهذيبه وهو مما لا خلاف فيه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر : وهكذا الدينار الرومي بالعربي والخراساني بالمغربي ، والدراهم الرومية مع العربية والخراسانية مع المغربية . وكذلك في الصقلي مع المصري وسائر ما يكون من ذلك .
( فرع ) وهكذا في المطعوم بلا خلاف قال nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر في التهذيب : إذا باع صاع حنطة جيدة لها ريع وافر بصاع حنطة رديئة ليس لها ريع وافر جاز ، ولا تجوز الزيادة فيه لأجل الريع ، وكذلك في سائر الحبوب ، وهكذا إذا باع صاعا صحيحا أو معقليا بصاع دقل أو صاع جمع جاز ، وإن كان أحدهما أجود من الآخر ، وكذلك في سائر أجناس المطعومات ، لأن المساواة المأمور بها قد وجدت فلا يجوز خلافها لأمر آخر ، كما لو باع دينارا صرفه خمسون درهما بدينار صرفه أربعون درهما ، فإنه يصح لما ذكرنا انتهى ، والله أعلم . [ ص: 89 ] فرع ) على تحريم التفاضل لا يجوز بيع العلس بالحنطة لعدم التماثل بينهما ، وكذلك الشعير بالسلت ، لأن على العلس قشرتين .
( فرع ) من فروع اشتراط التقابض في المجلس . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في كتاب الصرف من الأم : إذا اشترى دينارا بدينار وتقابضا ، ومضى كل واحد منهما يستعير الدينار الذي قبضه بالوزن جاز . قال صاحب البيان : وهذا يقتضي أن يكون كل واحد منهما قد عرف وزن الدينار ، وصدقه الآخر وتقابضا على ذلك ، فأما إذا جهل وزن الدينار لم يجز البيع ، فإن وزن أحدهما الدينار الذي أخذه فنقص يبطل الصرف ، لأنه وقع العقد على عوضين متفاضلين .
( فرع ) على التقابض أيضا . قد عرف فيما تقدم أن التقابض شرطه أن يكون في المجلس ، ولا يشترط عندنا أن يكون زمن العقد قصيرا ، بل سواء طال المجلس أم قصر للأثر المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في مصارفة nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة . ووافقنا على ذلك الحنفية والحنبلية . ولم يسمح nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله بالاكتفاء بالتقابض في المجلس إذا طال . والله أعلم .
( فرع ) على تحريم النسا في الجنس الواحد والجنسين المتفقي العلة . لا فرق في ذلك بين قليل الأجل وكثيره . وليس الحلول ملازما للتقابض . فقد يؤجل بساعة ويحصل القبض في المجلس ، ومع ذلك هو فاسد لعدم الحلول ، وهذا لا خلاف فيه وممن صرح به في اليوم والساعة ونحوهما الغزالي ومحمد بن يحيى . وقد تكرر في كلام صاحب الذخائر أن المعنى [ ص: 90 ] بالنسيئة تأخر القبض ، وأنكر أن يكون المقصود به الحلول ، وليس بصحيح والعقود المشتملة على عوض مال ثابت في الذمة بالنسيئة إلى الحلول وعدمه على أقسام : ( منها ) ما يشترط فيه الحلول بالإجماع وهو عقود الربا ( ومنها ) ما يشترط فيه الأجل وهو الكتابة ( ومنها ) ما يجوز حالا ومؤجلا ، وهو أكثر العقود ( ومنها ) ما يجوز مؤجلا بالإجماع ، وفي جوازه حالا خلاف بين العلماء .
( فرع ) من فروع اشتراط الحلول في الربويات - إذا بيع منها الشيء بجنسه امتناع السلم فيها كذلك ، ولذلك قال الغزالي في الوسيط لما تكلم في التماثل في الحلول قال : ونعني به معنى الأجل والسلم ، يعني أن كل عوضين مجتمعين في علة تحريم التفاضل فلا يجوز إسلام أحدهما في الآخر كالحنطة مع الشعير والدراهم مع الدنانير ، وهذا هو المشهور المنصوص . أما المؤجل فظاهر ، وأما الحال فلأن الغالب على جنس السلم الأجل ، والغالب على الأجل أنه يتأخر عن المجلس ، فلما اشترط التقابض كان ظاهرا في إخراج ما يتأخر فيه التقابض غالبا ، والله أعلم . وكذلك لا يجوز إسلام أحدهما فيما هو من جنسه بطريق أولى . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - في الأم : ولا يسلم مأكولا ومشروبا في مأكول ومشروب وقال أيضا : ولا يجوز أن يسلم ذهبا في ذهب ولا فضة في فضة ، ولا ذهبا في فضة ، ولا فضة في ذهب ، وبه جزم الماوردي وابن الصباغ والمصنف في هذا الباب وغيرهم . ولم يفصلوا بين أن يكون مؤجلا أو حالا ، nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب فإنه حكاه عن الأصحاب .
ثم قال : قلت إنه إن أسلم ذلك مطلقا كان حالا ، فإن تقابضا في المجلس جاز عندي ، واقتضى كلام الغزالي في البسيط ترجيح هذا . وجعله بيعا بلفظ السلم .
على أن كلام الغزالي في الوسيط الذي حكيته استشكله جماعة وتكلموا عليه ، وحمله بعضهم على السلم المؤجل ، وجعل عطفه على [ ص: 91 ] الأجل من عطف الخاص على العام ، وبعضهم اعترف بأن المراد ألا يعقد بصيغة السلم ، وهذا هو الحق .
وأما إسلام النقدين في المطعومات فصحيح ، إذ لم يجتمعا في علة واحدة .
قال محمد بن يحيى : فإن قيل ينبغي ألا يصح لأن الحديث أخذ علينا شرطين ، الحلول والتقابض عند اختلاف الجنس . قلنا : ظاهر هذا الكلام يقتضي هذا تنزيلا على اختلاف الجنس في هذه السنة المذكورة ، غير أن الأمة أجمعت على أن السنة المذكورة في الحديث جملتان متفاضلتان النقدان ، والأشياء الأربعة ، تنفرد كل جملة بعلتها ، والمراد بالحديث اختلاف الجنسين من جملة واحدة ، كالذهب بالفضة والحنطة بالشعير ، وحاصله تخصيص عام أو تقييد مطلق بالإجماع . وهذا الإجماع الذي قاله محمد بن يحيى هو الذي قاله المصنف في آخر هذا الفصل . وسأذكر من نقله غيرهما إن شاء الله تعالى .
( قاعدة ) لعلك تقول قد تقرر أن العلة في الربويات الأربعة عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الطعم ، وذلك مشترك في الجنس والجنسين ، فما السبب في اختلاف الحكم حيث كان المحرم عند اتحاد الجنس ثلاثة أشياء ، وعند اختلاف الجنس شيئين فقط ؟ ( فاعلم ) أن الوصف المحكوم بكونه علة تارة لا يعتبر معه أمر آخر أصلا ، فهذا متى ثبت الحكم ، وتارة يعتبر معه أمر آخر إما شرط في تأثره ، وإما محل يؤثر فيه دون محل آخر ، وهذا إذا وجد في محله أو مع شرطه أثر ، وإذا وجد بغير شرطه أو في غير محله لا يؤثر ذلك الحكم الخاص ، وقد يؤثر في حكم من جنس ذلك الحكم .
( مثاله ) : الزنا علة الرجم في المحصن فإذا فقد الإحصان لا يؤثر الرجم ولكنه يؤثر في حكم من جنسه وهو الجلد . فالطعم علة في تحريم الثلاثة التفاضل والنساء والتفرق قبل التقابض إذا كان في جنس واحد . أما إذا كان في جنسين فيؤثر في النساء والتفرق فقط . فمطلق الطعم علة لتحريم هذين الشيئين من غير شرط . وعلة لتحريم التفاضل بشرط كونه في جنس واحد فعليته مشتركة بين الثلاثة لكن في واحد منها بشرط وفي اثنين بغير [ ص: 92 ] شرط . وعند هذا أذكر تقسيما في مطلق العقود . وهي تنقسم إلى أربعة أقسام . لأنه إما أن يحصل في العوضين اشتراك في علة الربا والجنسية ، أو لا يحصل واحد منهما . أو يحصل الاشتراك في العلة فقط أو في الجنسية فقط .
( فالقسم الأول ) يحرم فيه النساء إجماعا والتفاضل والتفرق قبل القبض .
( والثاني ) يجوز فيه التفاضل والنساء والبدل قبل التقابض . سواء كانا من أموال الربا كالذهب والحنطة أم لا . كإسلام عبد في ثوبين وفي ثوب واحد .
( والثالث ) تحريم النساء والتفرق ، ولا يحرم التفاضل كالذهب بالفضة والملح بالحنطة .
( والرابع ) يجوز التفاضل فيه نقدا كبيع عبد بعبدين ، ولا خلاف عندنا في جوازه نساء ، ولبقية العلماء اختلاف فيه ، كما إذا أسلم ثوبا في ثوبين ، فالقسم الرابع وأحد نوعي القسم الثاني ذكرهما المصنف في الفصل قبل هذا الفصل . إذا عرفت ذلك فاعتبار الجنسية في القسم الأول ، هل نقول الجنسية شرط لعمل العلة ؟ فالجنسية وحدها لا أثر لها عندنا أو وصف من أوصافها فتكون مركبة أو مجمل فيه العلة ، فالذي يوجد في كلام المتقدمين من أصحابنا كالشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد وغيره أنه وصف وأن العلة مركبة ، وتبعه على ذلك جماعة من العراقيين منهم المصنف ، وهو الذي يقتضيه كلام الكفاية في تخريج أبي بكر الصيدلاني من طريقة ناصر العمري وزعم القاضي عبد الوهاب المالكي اتفاق أصحابهم - ممن صنف في الخلاف - .
وأصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة على مر الأعصار إلى وقته أن الجنس أحد وصفي علة الربا .
قال : وخالف قوم من أهل هذا العصر من أهل المذهبين جميعا في ذلك ، يعني الحنفية والشافعية ، فمن أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من قال : العلة هي الطعم بمجرده ، ولكن الجنس من شرطه فكان يقول : العلة الطعم في الجنس ، سمعت القاضيأبا القاسم بن كج الشافعي بالدينور يقول هذا ويذهب إليه ، [ ص: 93 ] ثم قال : ليس عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله ، ولا عمن عاصره من أصحابه في ذلك شيء يتحرر ، ولم يدققوا في النظر ولا تعلقوا فيه إلى هذا التضييق والتحقيق ثم اختار عبد الوهاب أن الجنس شرط ، كما نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والحنفية . وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد ما يدل على ذلك وأما المراوزة من أصحابنا فأطبقوا على أن الجنسية ليست بوصف ، وأطنب الغزالي وغيره في تحقيق ذلك وفرعوا عليه أن الجنسية لا أثر لها لأن المحل لا أثر له ، والحنفية جعلوا الجنسية وصفا في العلة ، ففرعوا عليه أن الجنسية وحدها تحرم النساء ، فلا يجوز إسلام ثوب في ثوبين ، ومعنى المحل ما يعين لعمل العلة ، ولا يؤثر في الحكم .
ثم اختلفت المراوزة هل هي محل أو شرط ؟ فاختار إمام الحرمين والغزالي وتلميذه ابن يحيى أنها محل ، واختار الشريف المراغي ، والفقيه القطب أنها شرط قال الرافعي : وليس تحت هذا الاختلاف كبير طائل ، ومنع أنه إذا كان وصفا يلزم إفادته والله أعلم ، والغزالي قد تعرض لهذا المنع أيضا في التحصين .
( ومنها ) ما لا يجب بالإجماع كبيع المطعومات وغيرها من العروض بالنقدين الذهب والفضة .
( ومنها ) ما يشترط عندنا وعند nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ، وهو بيع الطعام بالطعام .
( ومنها ) ما يشترط عندنا وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة خلافا nindex.php?page=showalam&ids=0016867لمالك ، ولا يشترط عنده فيه قبض رأس المال في المجلس والله أعلم .
فصل في التنبيه على ما يحتاج إليه من ألفاظ الحديث الذي ذكره المصنف ( الذهب ) يذكر ويؤنث ، وجمعه أذهاب ، والورق الفضة ، وفيه أربع لغات فتح الواو مع كسر الراء وإسكانها ، وكسر الواو مع إسكان الراء ، وهذه الثلاث مشهورة والرابعة فتح الواو والراء معا حكاهما الصاغاني في كتاب الشوارد في اللغات قال : وقرأ أبو عبيد ( أحدكم [ ص: 94 ] بورقكم ) ونقلت ذلك من خط شيخنا الحافظ أبي محمد الدمياطي وضبطه ( وقوله ) صلى الله عليه وسلم " مثلا بمثل " أكثر الروايات هكذا بالنصب وهو على الحال ، ففي الحديث المصدر بالنهي التقدير : لا تبيعوا الأشياء المذكورة في حالة من الأحوال إلا في حالة المماثلة ، وفي الحديث الآخر التقدير : الذهب مبيع بالذهب ، في حالة المماثلة ، ورأيت في كلام جماعة من الفقهاء أنه روي في هذا الحديث : ( مثل بمثل ) بالرفع فيكون " مثل بمثل " مبتدأ وخبرا ، وهي جملة مبينة للجملة الأولى ، وهي قوله : الذهب بالذهب وأخواتها والتقدير : مثل منه بمثل ، وحذفت منه ههنا كما حذفت منوان منه بدرهم والمثل في اللغة النظير قاله ابن فارس . قوله " سواء بسواء " قال الأزهري : مستويا بمستو لا فضل لأحدهما على الآخر ، قال الله تعالى ( { ليسوا سواء } ) أي مستوين وكذلك قوله ( { سواء للسائلين } ) أي مستويا وهذا مصدر وضع موضع الفاعل فاستوى الجمع والواحد والمذكر والمؤنث فيه ، ويكون السواء بمعنى العدل ، والنصفة بمعنى الوسط . قوله " عينا بعين " منصوب على الحال يريد مرئيا بمرئي ، لا غائبا بغائب ، ولا غائبا بحاضر فيجوز أن يراد بالعين عين المرئي لأنها سبب الرؤية .
قال الأزهري : أي حاضرا بحاضر ، وهو في معنى الأول ، وقد يؤخذ من الكلمتين كلمة واحدة منصوبة على الحال أي معاينة كما في مثل قولهم : ( كلمته فاه إلى في ) أي مشافهة ، والعين في اللغة تطلق على معان : حاسة البصر ، والعين ، والمعاينة ، والنظر ، والعين الذي ينظر للقوم ، وهو الريبة ، والعين الذي تبقيه ليتجسس لك الخبر ، والعين ينبوع الماء وعين الركية مصب مائها ، والعين من السحاب ماء عن يمين قبلة العراق وقد يقال العين ماء عن يمين قبلة العراق إلى الناحية والعين مطر أيام لا يقلع وقيل : هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة ، والعين الناحية ، كذا أطلقه nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده ، وعين الركية نقرة في مقدمتها وعين الشمس شعاعها الذي لا تثبت عليه العين . قاله nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : والعين المال الحاضر . ومن كلامهم عين غير دبر ، والعين الدينار ، والعين الذهب عامة . قال [ ص: 95 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وقالوا : عليه مائة عينا ، والرفع الوجه . والعين في الميزان الميل وجئتك بالحق من عين صافية أي من فضة ، وجاء بالحق بعينه أي خالصا واضحا وعين المتاع خياره وعين الشيء نفسه وشخصه ، وأصله العين ، والعينة السلف وقال ابن فارس : العين الثقب في المزادة والعين المال الناض ، قاله ابن فارس وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : المضروب من الدراهم والدنانير والعين الإصابة بالعين والعين عين الشمس في السماء قالها الأزهري . فهذه نيف وعشرون للعين مجموعة من كلام الأزهري nindex.php?page=showalam&ids=13247وابن سيده وابن فارس والهروي وأكثرها في كلام nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده . وقوله ( يدا بيد ) إعرابه كما تقدم أي مقابضة وهو منصوب على الحال مثل كلمته فاه إلى في أي مشافهة عن nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
قال : واعلم أن هذه الأسماء التي في هذا الباب لا يفرد منها شيء دون شيء فلا تقل بعته يدا حتى تقول : بيد ، وكذلك الثاني . ومن العرب من يرفع هذا النحو .
وقد تقدم الكلام في الجمع بينهما ومن جمع من الرواة بينه وبين قوله : عينا بعين ومن اقتصر على أحدهما ودعوى الحنفية أن الثانية مؤكدة للأولى ، ودعوى الشافعية أن كلا منهما بمعنى ، فالعين لإفادة الحلول واليد لإفادة التقابض أي مقبوضا بمقبوض ، ويعبر عنه بكلمة واحدة كما تقدم ، فنقول : مناجزة قال الأزهري : أي يعطي بيد ويأخذ بأخرى ، قال الفراء : العرب تقول باع فلان غنمه باليدين يريد تسليمها بيد وأخذ ثمنها بيد قال : ويقال أبيعت الغنم باليدين أي بثمنين مختلفين ؟ أخبرني بذلك المنذر عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء ، وقوله في بعض الروايات " ها وها " فمعناه التقابض ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أصحاب الحديث يقولون " ها وها " مقصورين ، والصواب مدهما ، ونصب الألف منهما ، وجعل أصله " هاك " ، أي خذ فأسقطوا الكاف وعوضوا عنها المد ، يقال للواحد : ها وللاثنين ها ، وأما بزيادة الميم للجماعة فهاؤم ، قال الله تعالى { هاؤم اقرءوا كتابيه } وهذا قول الليث بن المظفر ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي هذا القول وقال : ومن العرب من يقول هاك وهاكما وهاكم ، وجرى في ذلك قول كثير لبابه عنده أن " ها " تنبيه وحذف خذ وأعط لدلالة الحال عليه والكاف للخطاب ، وأما هاؤما وهاؤم فقيل فيه معنى أما وأموا أي اقصدوا ، ويعترض عليه أنه لم يستعمل في الواحد إلا [ ص: 96 ] بالكاف ، فهي الأصل ، ولذلك أجرت بعض العرب الاثنين على الواحد في لحوق الكاف والله أعلم . وقوله : " من زاد أو ازداد فقد أربى " قال الأزهري : يقول من زاد صاحبه على ما أخذ ، وازداد لنفسه على ما دفع ، فقد أربى ، أي دخل في الربا المنهي عنه .
( وقوله ) " الأصناف " سيأتي الكلام على تحقيقه عند الكلام في الأجناس إن شاء الله تعالى .
( وقوله ) " كيف شئتم " كيف ههنا اسم شرط ، أي كيف شئتم فبيعوا ، فالجواب محذوف يدل عليه قوله فبيعوا المتقدم ، ولا يصح أن يكون كيف هنا للاستفهام كما هو أغلب أحوالها ، وكونها تأتي اسم شرط قد ذكره النحاة ، قال ابن مالك : وجوابك بكيف معنى لا عملا خلافا للكوفيين ، يعني أن الكوفيين يجعلونها اسم شرط معنى وعملا ومن مجيء كيف شرطية قوله تعالى { ينفق كيف يشاء } أي كيف يشاء ينفق ، ومعناها في ذلك عموم الأحوال .
وذكر أصحابنا فرعا في كتاب الوكالة إذا قال لوكيله : بعه كيف شئت ، فله البيع بالنسيئة ، ولا يجوز بالغبن ، وبغير نقد البلد ، وعن القاضي حسين تجويز الكل فيمكن اعتضاده بالحديث في إدراج الزيادة والنقصان تحت الكيف . لكن بين هذا المثال وبين ما جاء به الحديث فرق ، فإن في الحديث المبيع والثمن معا كقوله " لا تبيعوا الذهب بالذهب ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا الصنف بصنف آخر كيف شئتم على أحدهما زيادة " فشمل ، أي فبيعوا في الثمن ، وذلك مقابلة المبيع بالكيفية إلى أحوال ونقصانه عنه .
( وأما ) المثال المذكور في الوكالة فالكيفية راجعة إلى نفس البيع ، فلا جرم شمل النقد والنسيئة ، ولم يشمل قلة الثمن وكثرته وبيان جنسه لعدم دخوله تحت مسمى البيع وقوله تعالى ( { ينفق كيف يشاء } ) وموقع كيف في الحديث أن التماثل والتفاضل صفتان للمبيع ، يرجعان إلى أحوال مقابلته بغيره . وذلك من الكيف لا من الكم ، فلذلك جاء الحديث بها والله أعلم .
[ ص: 97 ] وقوله ) " إذا كان يدا بيد " قد تقدم الكلام عليه . وذكره صلى الله عليه وسلم له ثانيا واهتمامه به يبعد أن يكون المراد به في الأول التأكيد كما زعم بعضهم وإنما اقتصر عليه دون قوله عينا بعين ، لأن قوله يدا بيد يدل على التقابض صريحا ، وعلى الحلول ظاهرا ، كما تقدم في كلام محمد بن يحيى ، ففي الأول أتى باللفظين ليدلا على المعنيين صريحا ، وفي الأخير اكتفى بما يدل عليهما في الجملة والله تعالى أعلم . والضمير في كان للبيع أي إذا كان البيع يدا بيد ، أي مناجزة فهاهنا لا يستقيم أن يكون حالا من المبيع . وفي الأول يحتمل أن يكون حالا من المبيع كما تقدم . ويحتمل أن يكون المراد لا تبيعوا إلا مناجزة فيكون نعتا لمصدر محذوف أي بيعا مناجزة والله أعلم .
وقوله في بعض الروايات : " تبرها وعينها " قال الأزهري : التبر من الدرهم والدنانير ما كان غير مصوغ ولا مضروب ، وكذلك من النحاس وسائر الجواهر وما كان كسارا أو غير مصوغ ولا مضروب فلوسا وأصل التبر من قولك تبرت الشيء أي كسرته جدا ، وظاهر الحديث أنه يجوز التبر بالتبر وبالعين ، ويمكن حمل ذلك على الحاصل بعد التصفية وقبل الضرب . وأما التبر المأخوذ من المعدن قبل التصفية فقد أخبرني بعض أهل المعرفة بذلك أنه لا يخلو عن فضة ، ولا يوجد تبر ذهب خالصا من فضة ، ولا ينفصل منه إلا بالتصفية ، فإذا كان كذلك فيكون بيع التبر المذكور بمثله أو بخالص كبيع مد عجوة ودرهم ، فيمتنع عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والله سبحانه وتعالى أعلم .