قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن لبس الخف في الحضر وأحدث ومسح ثم سافر . أتم مسح مقيم . لأنه بدأ بالعبادة في الحضر فلزمه حكم الحضر كما لو أحرم بالصلاة في الحضر ثم سافر ، وإن أحدث في الحضر ثم سافر ومسح في السفر قبل خروج وقت الصلاة أتم مسح مسافر من حين أحدث في الحضر ، لأنه بدأ بالعبادة في السفر فثبت له رخصة السفر . وإن سافر بعد خروج وقت الصلاة ثم مسح . ففيه وجهان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق : يتم مسح مقيم لأن خروج وقت الصلاة عنه في الحضر بمنزلة دخوله في الصلاة في وجوب الإتمام فكذا في المسح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12535أبو علي بن أبي هريرة : يتم مسح مسافر لأنه تلبس بالمسح وهو مسافر فهو كما لو سافر قبل خروج الوقت ، ويخالف الصلاة لأنها تفوت وتقضى ، فإذا فاتت في الحضر ثبتت في الذمة صلاة الحضر فلزمه قضاؤها والمسح لا يفوت ولا يثبت في الذمة فصار كالصلاة قبل فوات الوقت ) .
( الشرح ) في هذه القطعة أربع مسائل ( إحداها ) لبس الخف في الحضر وسافر قبل الحدث فيمسح مسح مسافر بالإجماع ( الثانية ) لبس وأحدث في الحضر ثم سافر قبل خروج وقت الصلاة فيمسح مسح مسافر أيضا عندنا وعند جميع العلماء إلا ما حكاه أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني أنه مسح مقيم ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : كذا حكاه الداركي عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني وهو غلط ، بل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني كمذهبنا مسح مسافر ، فإن قيل : قد تلبس بالمدة في الحضر ، قلنا : الحضر إنما يؤثر في العبادة وهي المسح لا في المدة
( الرابعة ) أحدث ومسح في الحضر ثم سافر قبل تمام يوم وليلة فمذهبنا أنه يتم يوما وليلة من حين أحدث وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود في رواية عنهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري يتم مسح مسافر وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود . واحتج الأصحاب بما ذكره المصنف وهو أنها عبادة اجتمع فيها الحضر والسفر فتغلب حكم الحضر كما لو أحرم بالصلاة في سفينة في البلد فسارت وفارقت البلد وهو في الصلاة فإنه يتمها صلاة حضر بإجماع المسلمين وهذا القياس اعتمده أصحابنا فيه سؤال ظاهر ، فيقال : كيف صورة مسألة الصلاة فإنه إن أحرم بنية القصر لم تنعقد صلاته ، وهذا متفق عليه عندنا صرح به أصحابنا إلا إمام الحرمين فإنه ذكر فيه في باب صلاة المسافر احتمالين ، والمذهب البطلان ، وإن أحرم بالظهر مطلقا أو بنية الإتمام فالإتمام واجب لكن ليس سببه اجتماع الحضر والسفر ، بل سببه فقد شرط القصر وهو نية القصر عند الإحرام بالصلاة ، وهذا سؤال حسن . والجواب أن صورته أن يحرم بالصلاة مطلقا وتحصل به الدلالة من وجهين ( أحدهما ) أن الحكم وهو إتمام الصلاة معلل بعلتين ( إحداهما ) اجتماع الحضر والسفر ( والثانية ) فقد نية القصر .
( والوجه الثاني ) أن مراد الأصحاب إلزام nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه وافقنا على وجوب الإتمام في هذه المسألة ومذهبه أن القصر عزيمة لا يحتاج إلى نية فليس لوجوب الإتمام عنده سبب إلا اجتماع الحضر والسفر ، فأوجب الإتمام تغليبا للحضر فينبغي أن يكون المسح مسح مقيم تغليبا للحضر والله أعلم
( فرع ) إذا مسح أحد خفيه في الحضر ثم سافر ومسح الآخر في السفر فهل يمسح مسح مقيم أم مسافر فيه وجهان ( أحدهما ) مسح مسافر ، وبه قطع القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي والرافعي قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي : وضابط ذلك أنه متى سافر قبل كمال الطهارة مسح مسح مسافر لأنه لم يتم المسح [ ص: 515 ] في الحضر فكأنه لم يأت بشيء منه ( والوجه الثاني ) مسح مقيم وبه قطع المتولي وصححه الشاشي وهو الصحيح أو الصواب لأنه تلبس بالعبادة في الحضر واجتمع فيها الحضر والسفر ، فغلب حكم الحضر ، وهذه العلة التي اعتمدها الأصحاب في أصل المسألة كما سبق والله أعلم