( الشرح ) إذا قلنا بأن اللحوم أجناس فلا شك أن البحري مع البري جنسان وممن صرح به الرافعي ، وأما البري مع البري ، والبحري مع البحري ، فقد تقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه إن لحم الغنم صنف ولحم الإبل صنف إلخ . وبسط الأصحاب ذلك فقالوا : الأهليات من حيوانات البر مع الوحشيات جنسان لكل من القسمين أجناس فلحوم الإبل بأنواعها [ ص: 185 ] جنس ، بخاتيها وعرابها وأرحبيها ونجديها ومهريها ، وسائر أنواعها جنس ، عرابها وجواميسها ودرنانيها هكذا رأيتها مضبوطة بخط سليم - بفتح الدال والراء المهملة والنون - والغنم الأهلية ضأنها وماعزها جنس ، والوحوش أجناس ، فالظباء جنس ، ما تأنس منها وما توحش ، قاله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، وبقر الوحش صنف ، قاله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمصنف والمحاملي والماوردي ، وابن الصباغ ، لأن الاسم لا ينصرف إليها ولا يضم إليها في الزكاة ، وسيأتي فيه وجه أنها جنسان . والضباع جنس ، والأرانب جنس ، والثعالب جنس ، واليرابيع جنس ، والوحشي من الغنم جنس غير الغنم الإنسي ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب والمحاملي وابن الصباغ ، وقالوا : إن الوحشي من الغنم هو الظباء ، والحمر الوحشية صنف ، قاله ابن الصباغ . قال المحاملي وغيره : وليس في الإبل وحشي ، وفي الظباء مع الأيل - بالياء المثناة من تحت - تردد للشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبي محمد ويستقر جوابه على أنهما كالضأن والمعز ، وفي التتمة أيضا حكاية وجه أن الظباء والأيل تلحق بالغنم ، لأنها تقرب منه ، والتفاوت الذي بين الظباء والمعز ليس بأكثر من التفاوت بين الضأن والمعز ، وطرد ذلك في البقر الوحشي مع الإنسي ، وهذا موافق للمذكور في الأيمان عن صاحب التهذيب أن الحالف على لحم البقر لا يحنث بالوحشي وبناه على أنه هل يجعل جنسا في الربا ؟ وهذا هو الوجه الذي وعدت بذكره قريبا .
والطيور أصناف : الكراكي صنف ، والإوز صنف ، والعصافير على اختلاف أنواعها ، فأما لحم اللبح فجنس واحد غير لحم العصفور لأنه يسمى عصفورا قاله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين ، والبطوط صنف ، والفواخت صنف ، والدجاج صنف ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : قال الربيع : والحمام صنف ، والحمام كل ما عب وهدر . قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : والذي عندي القول [ ص: 186 ] بأن الفواخت جنس ، والقماري جنس ، والدباسي جنس وقال الروياني : إن الذي اختاره الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد اختيار جماعة من أصحابنا . وقد أطلق جماعة حكاية الخلاف في ذلك عن الربيع كما أشار إليه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد منهم الرافعي قال : وعن الربيع أن الحمام بالمعنى المتقدم في الحج وهو كل ما عب وهدر جنس . قال الرافعي : فيدخل فيه القمري والدبسي والفاخت ، وهذا اختيار جماعة منهم الإمام وصاحب التهذيب . قال الرافعي : واستبعده أصحابنا العراقيون وجعل كل واحد منهما جنسا برأسه .
( قلت ) والذي رأيته في الأم في باب بيع الآجال قال الربيع : ومن زعم أن اليمام من الحمام فلا يجوز لحم اليمام بلحم الحمام متفاضلا ، ولا يجوز إلا مثلا بمثل إذا انتهى تبينه ، وإن كان من غير الحمام فلا بأس به متفاضلا وهذا ليس فيه جزم من الربيع بأن اليمام من جنس الحمام ، لكنه لما ثبت في الحج أن اليمام والقمري والفاخت والدبسي والقطا كلها داخلة في اسم الحمام ، وقد قال الربيع هنا : إن من زعم أن اليمام من الحمام فلا يجوز متفاضلا اقتضى مجموع هذين أن اليمام بالحمام لا يجوز متفاضلا ، فيكون كذا ، ولكن لا بد في ذلك من أن يكون الربيع موافقا على ما ذكر في الحج حتى ينسب إليه ، والأصحاب ذكروا ذلك في الحج ، ولم يذكروا عن الربيع فيه شيئا موافقة ولا مخالفة . وكلام الربيع الآن فيما يحضرني هنا يقتضي ثبوت خلاف في دخول اليمام تحت اسم الحمام ولم يذكر عن نفسه اختيارا في ذلك . واستبعاد أصحابنا العراقيين ذلك فيه نظر . فإنه إذا ثبت دخولها في اسم الحمام في الحج كانت من جنسه ولا يضر كونها لها اسم خاص كالجواميس مع البقر ، فلا جرم ذهب الإمام وصاحب التهذيب إلى ذلك وهو قوي . قال الماوردي : وهكذا كل جنس من الطيور لحوم جنسها صنف . ونقل الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وابن الصباغ عن الربيع أنه قال : ما عب وهدر جنس واحد ، واللفظ لابن الصباغ قال ابن الصباغ وهذا بعيد لأن ما انفرد باسم وصفة وجب أن يكون صنفا وفي الأم قال الربيع : ومن زعم أن اليمام من الحمام فلا يجوز لحم اليمام بلحم الحمام متفاضلا وإن كان من غير حمام فلا بأس به متفاضلا . وفي المجرد حكاية الوجهين عن المروزي وأن الشيخ يعني nindex.php?page=showalam&ids=11976أبا حامد [ ص: 187 ] قال : هي أصناف قولا واحدا .
وهكذا السموك أجناس ، قال الرافعي في غنم الماء وبقره : وكذا بعضها مع بعض قولان ( أصحهما ) أنها أجناس كحيوانات البر ( قلت ) وهذا المنصوص عليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم في باب ما جاء في بيع اللحم في التفريع على القول بأن اللحوم أجناس : ولا بأس بلحم ظبي بلحم أرنب رطبا برطب ويابسا بيابس مثلا بمثل أو بأكثر وزنا بجزاف ، وجزافا بجزاف لاختلاف الصنفين ، وهكذا الحيتان كله لا يجوز أن أقول هو صنف لأنه ساكن الماء ، ولو زعمته زعمت أن ساكن الأرض كله صنف : وحشيه وإنسيه ، وكان أقل ما يلزمني أن أقول ذلك في وحشيه ، لأنه يلزمه اسم الصيد ، فإذا اختلف الحوتان فكل ما تملكته ويصير لك فلا بأس برطل من أحدهما بأرطال من آخر يدا بيد ، ولا خير فيه نسيئة ، ولا بأس به يدا بيد وجزافا بجزاف وجزافا بوزن ، هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بلفظه . قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في الحيتان : كل ما اختص باسم وصفة فهو صنف . وقال الرافعي : وفي غنم الماء وبقره وغيرهما من السموك وكذا بعضها من بعض قولان ( أصحهما ) أنها أجناس كحيوانات البر ، وكذلك الماوردي حكى في لحوم الحيتان على القول بأن اللحوم أجناس وجهين : ( أحدهما ) أن جميعها صنف . قال : وهذا قول من يزعم أنه لا يؤكل من حيوان البحر إلا حيتانه .
( والثاني ) أنها أصناف . قال : وهو قول من يزعم أن حيوان البحر كله مأكول حيتانه ودوابه وما فيه من كلب وغيره . فعلى هذا يكون السمك كله صنفا واحدا والنتاج صنفا ، وكل ما اختص باسم يخالف غيره صنفا ( قلت ) وكلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه المتقدم صريح في أن الحوتين قد يختلفان فيكونان جنسين فهو يرد ما قاله ، والله أعلم . وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في باب بيع الآجال من الأم " إذا اختلفت أجناس الحيتان فلا بأس ببعضها متفاضلا وكذلك لحم الطير إذا اختلفت أجناسها " هذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بحروفه ، وهو صريح في ذلك ، ولم يذكره تفريعا على قول ، بل أطلقه والله أعلم .
[ ص: 188 ] وإذا عرف ذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - والأصحاب : إذا قلنا اللحوم أجناس فباع جنسا بجنس آخر فجاز البيع سواء كانا رطبين أم يابسين ، أم رطبا ويابسا ، وزنا وجزافا ، متفاضلا ومتماثلا ، إذا كان نقدا ، يدا بيد كالقمح والشعير ، وإنما جعل البقر الوحشي جنسا مخالفا للبقر ، لأنه يفهم من لفظ البقر عند الإطلاق فكان كالتمر الهندي مع التمر وزيت الفجل مع الزيت ، وكذلك غنم الوحش مع غنم الأهل ، وإنما كانت الظباء جنسا وحشيا وما تأنس منها لأن الاسم الصادق عليهما واحد ( والضمير ) في قول المصنف لأنهما جنسان الأولى أن يكون عائدا إلى بقر الوحش وبقر الأهل ، ونبه على ذلك لأنه قد يخفى أما البقر والغنم فذلك مما لا يخفى على القول الذي عليه نفرع والضأن والمعز نوعان لجنس واحد . قال المتولي : إن ذلك لا خلاف فيه وكذلك البقر العراب والجواميس ، فكذلك لم يجز التفاضل بينهما ، وقد يستشكل من جهة أن الجواميس اختصت باسم لا يشاركها فيه غيرها فكانت كالسمك مع اللحم . وأما الضأن والمعز فالظاهر أنهما صنفان لنوعي الغنم لا اسما فأشبها المعقلي والبرني ، وفي النفيس من الجواميس - وإن سلمنا صدق البقر عليها - فذلك كصدق الدهن على الزيت ، قال الماوردي : ولا فرق بين المعلوف والراعي ، ولا بين المهزول والسمين .
( تنبيه ) إطلاق كثير من الأصحاب على عبارتهم أن السمك مع اللحم إذا قلنا بأن اللحوم أجناس جنسان ، وعبارة بعضهم ومنهم الرافعي لحوم حيوانات البحر ، وبين العبارتين فرق ، فإن الكلام في لحميهما ، أما السمكة الكاملة ففي بيعها باللحم حية وميتة كلام نذكره في بيع اللحم بالحيوان إن شاء الله تعالى .
( فرع ) ينبغي أن يكون هذا الفرع تفريعا على أن اللحوم جنس واحد هل الجراد من جنس اللحوم ؟ فيه وجهان ( إن قلنا ) نعم ، فهو من البريات أو البحريات فيه وجهان ، قاله الروياني والرافعي فاجتمع فيه ثلاثة أوجه ، قال في الروضة ( أصحها ) أنه ليس من جنس اللحوم واستدل الروياني بكونه من البحريات لكونه نقل في الآثار أن أصله سمك ، ولهذا حلت ميتته ، والوجه الآخر بأنه حيوان بري يلزم الجزاء على المحرم بقتله