قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن جفف الخبز وجعل فتيتا وبيع بعضه ببعض كيلا ففيه قولان ( أحداهما ) لا يجوز لأنه لا يعلم تساويهما في حال الكمال فلم يجز بيع أحدهما بالآخر كالرطب بالرطب ( والثاني ) أنه يجوز لأنه مكيل مدخر ، فجاز بيع بعضه ببعض كالتمر ) .
( الشرح ) القولان نقلهما الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وأبو الطيب والمحاملي nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي وابن الصباغ ، وحكاهما الماوردي وجهين ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبي الطيب وابن الصباغ قول المنع إلى نصه في الصرف ، وعزاه المحاملي إلى الأم ، وعزاه الروياني إلى عامة كتبه ، وأما قول الجواز فرواه nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب والمحاملي وابن الصباغ والروياني عن رواية حرملة ؟ قال الرافعي : ورواه الشيخ أبو عاصم العبادي وآخرون عن رواية ابن مقلاص . ( قلت ) ونقله nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين عن القديم وفرضه في الكعك المدقوق بالكعك المدقوق وقال : ولعله إنما جوز ذلك رخصة للمساكين ، لأنه أغلب قوتهم وزادهم ، وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين هذه فيحتمل أن تكون غير الرواية المنسوبة لحرملة ولا يلزم طردها في الحب كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي ، ولا في غير الشعير ، وأما رواية حرملة ونقل الشيخ أبي عاصم لها عن ابن مقلاص ، فإن كان ابن مقلاص هو عمر بن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص فلا تنافي ، فإنه توفي سنة خمس وثمانين ومائتين ، ولم يدرك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فلعله من الرواة [ ص: 416 ] عن حرملة ، هذا إن كان المراد بابن مقلاص nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه المذكور ، وهو الذي قاله في طبقات الفقهاء المنسوبة لابن الصلاح والنووي ، ونسب الرواية المذكورة إليه .
وقال النووي في تهذيب الأسماء : وإن كان أبوه عبد العزيز هو المراد وهو الأقرب فإنه صاحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وممن روى عنه ، فلعله وحرملة كلاهما روياه وجعل إمام الحرمين رواية ابن مقلاص أنه يجوز بيع الحنطة بالسويق وجعلهما جنسين كما تقدم لكنه قال بعد ذلك وعلى هذا : الخبز يخالف الحنطة وعلل الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والفوراني المنع بأنه طعام وملح بطعام وملح ، وذلك لا يجوز ؟ وهذا بعيد لأن ما فيهما من الملح في الكيل فهو كبيع القمح ، وفيهما حبات شعير يسيرة ، وذكر المحاملي أن المعنى الذي علل به المصنف أصح ، لكنه جعل الأصل في ذلك الدقيق بالدقيق لخروجه نفسه . وأما في علته وهو قوله صلى الله عليه وسلم " أينقص الرطب إذا جف ؟ " والصحيح من القولين الأول ، وهو أنه لا يجوز ، وممن صحح ذلك المحاملي في المجموع والماوردي . ولولا أن الوجه الآخر مشهور من قول أصحابنا لكان إغفاله أولى لمخالفته النص ومنافاة المذهب ، وكذلك قال في البحر إنه المذهب قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال : يحتمل غير هذا على المذهب ، ولعل ذلك قول مرجوع عنه ، والجمهور على إثبات القولين .
وقال الفوراني : من أصحابنا من جعل المسألة على قولين ، ومنهم من قال : بل قول واحد ، لا يجوز ولا يثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي جواز ذلك ، وهذا كله إذا دق الخبز ، أما إذا كان جافا غير مدقوق فلا يجوز كما اقتضاه كلام المصنف والأصحاب ، وبه صرح الروياني ، وأغرب الجرجاني في الشافي فقال : إنه يجوز بيع يابسه بيابسه على أصح القولين إن لم يكن فيه ملح ، وهذا مع غرابته وبعده محمول على ما إذا كان مدقوقا ، كما فرضه المصنف ، ليكون محل القولين ، والغرابة في تصحيحه الجواز ، وجزم بأنه لا يجوز إذا كان فيهما أو في أحدهما ملح ، قد تقدم الكلام فيه مع الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد ، وبيان أن ذلك لا يضر ، لأنه لا يؤثر في المكيال ، وأما قياسه على التمر فالفارق [ ص: 417 ] خروجه عن حالة الكمال بخلاف التمر . أما إذا كان الخبزان من جنسين فإنه يجوز لأنه قد تقدم الجواز في اللبنين المختلفي الجنس ، ففي اليابس أولى ، ولا يضر ما فيهما من الملح ، لأن ذلك غير مقصود بالمقابلة ، ومنعه من التماثل أنه فرض غير ضار لأجل اختلاف الجنس ، بخلاف ما إذا كان الجنس متحدا على ما تقدم من علة الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد .
( فائدة ) قال الإمام بعد أن ذكر النصوص التي حكاها nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في المنثور وابن مقلاص والكرابيسي : اتفق أئمة المذهب على أنها لا تعد من متن المذهب ، وإنما هي ترددات جرت في القديم ، وهي مرجوع عنها والمذهب ما مهدناه قبل هذا .
( فرع ) لا يجوز بيع الحنطة بالجريش أو العجين أو الهريسة أو الزلابية أو النشا أو الفتيت أو بشيء مما يتخذ منها ، ولا بيع شيء من هذه الأشياء بعضه ببعض كالعجين بالعجين ، والنشا بالنشا ، ولا بالنوع الآخر كالدقيق بالسويق صرح بهذه الأمثلة القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والماوردي nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي وغيرهم ، كل منهم ببعضها ولا الحنطة بالفالوذج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد : أجمعوا على أنه لا يجوز عندهم العجين بالعجين لا متماثلا ولا متفاضلا ، لا خلاف بينهم في ذلك وكذلك العجين بالدقيق ، إذا طبخ العجين وصار خبزا جاز بيعه عند nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك بالدقيق متفاضلا ومتساويا ، لأن الصناعة قد كملت فيه ، وأخرجته . فيما زعم أصحابه عن جنسه ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهم الله في بيع الدقيق بالخبز كقول nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله ونقل العبدري عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك جواز بيع العجين بالخبز ، وكذا اللحم النيء بالمطبوخ
( فرع ) لا يجوز بيع الحنطة بالفالوذج ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وغيره : إن الفالوذج نشا وعسل ودهن فيكون قد باع طعاما وغيره بطعام ، ولا يختص ذلك بهذا المثال بل كل ما عمل من المأكول لا يجوز بيعه بالمأكول ، نقل nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب عنه في الصرف ، [ ص: 418 ] وهي قاعدة متفق عليها بين الأصحاب فلا يجوز بيع الحنطة بالزلابية والهريسة .
( فرع ) نقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يجوز بيع الشبرق بالشبرق .
( فرع ) : وهذا كله في الجنس الواحد ، وأما عند اختلاف الجنس فجائز يجوز بيع البر بدقيق الشعير ، ودقيق البر بدقيق الشعير ودقيق أحدهما بسويق الآخر متفاضلا يدا بيد ، صرح به القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والماوردي وغيرهما ، وكذلك على المشهور في أن الأدم أجناس كذلك يقتضيه تعليل القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين وكذلك خبز البر بخبز الشعير ، جزم به الماوردي ، ولم يلاحظوا ما في الخبز من الماء والملح ، فيخرجوه على قاعدة مد عجوة ، لأنه مستهلك فيه لا اعتبار به ، وفي تعليق القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين أن ذلك هو الصحيح ، وأن فيه وجها أنه لا يجوز .