[ ص: 424 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز بيع الشيرج بالشيرج ، ومن أصحابنا من قال : لا يجوز ، لأنه يخالطه الماء والملح ، وذلك يمنع التماثل ، فمنع العقد والمذهب الأول ، لأنه يدخر على جهته ، فجاز بيع بعضه ببعض كالعصير . وأما الماء والملح فإنه يحصل في الكسب ولا ينعصر لأنه لو انعصر في الشيرج لبان عليه ) .
( الشرح ) الشيرج بكسر الشين والكسب . أما حكم المسألة فهو كما ذكره المصنف والقائل من أصحابنا بأنه لا يجوز nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق المروزي nindex.php?page=showalam&ids=12535وأبو علي بن أبي هريرة ، نقله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي عن الأول ، والمحاملي عن الثاني ، لما ذكره المصنف ، ورد الأصحاب عليه بما ذكره المصنف ، وبينوا ذلك بأن الماء لو كان باقيا فيه لرسب إلى قرار الظرف الذي يكون فيه الدهن ، ولا يصح بقاء الملح بين أجزاء الدهن ، وصرح nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب بأن الجواز هو المذهب المنصوص عليه ، وجزم به جماعة منهم صاحب التهذيب . ثم إن المخالف nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة أو غيره خصص الخلاف في ذلك بالشيرج دون غيره من الأدهان لأنه رأى أن المعنى المذكور الذي علل به ليس في بقية الأدهان ، قال الإمام : تخصيص هذا بالشيرج لا معنى له قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في الأم : ولا يجوز إلا نيء بنيء فإن كان منه شيء لا يعصر إلا مشوبا بغيره لم يجز أن يباع صنفه مثلا بمثل ، لأنه لا يدري ما حظ المشوب من حظ الشيء المبيع بعينه الذي لا يحل الفضل في بعضه على بعض ، والصحيح باتفاق الأصحاب الجواز ، وممن صححه nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي .
[ ص: 425 ] فرع ) جعل القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين دهن السمسم مكيلا ، لأنه يستخرج من أصل مكيل ، وتبعه على ذلك صاحب التهذيب ، وكذلك السمن ، وما نعرض لكلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسألة السمن فإنه يقتضي فيهما خلاف ما قاله .
( فرع ) . بيع دهن السمسم بدهن الجوز واللوز متفاضلا ، ينبني على أن الأدهان جنس أو أجناس ، قاله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين ، وهو ظاهر ، لكني أردت أن أنبه على ذلك لأنه قد يتوهم أن الدهن اختص باسم الشيرج والله أعلم .
وجزم في التهذيب في ذلك بالجواز لأنه لم يفرع إلا على أن الأدهان أجناس .
( فرع ) لا يجوز بيع الشيرج بالكسب ، قاله ابن الصباغ في الشامل ، وسيأتي الفرق بينه وبين بيع السمن بالمخيض ، وقال البغوي في التهذيب : يجوز بيع دهن السمسم بكسبه متفاضلين ، لأنهما جنسان ، وكذلك قال الفوراني : يجوز بيع الدهن بالكسب ، لأنهما جنسان ، وكذلك الإمام فإن كسب السمسم يخالف جنس دهنه وفاقا ، كما يخالف المخيض السمن ، وكذلك الروياني في البحر مع تعرضه للخلاف ، فقال : يجوز بيع الدهن والكسب ، لأنهما جنسان ، وقال بعض أصحابنا : لا يجوز ، لأنها لا تنفرد عن الدهن وإن قل ، فإن كان فيها دهن ، فلا يجوز ، وإن لم يبق فيها الدهن فعلى ما ذكرنا يجوز ، وابن الرفعة حكى عن nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة وجها في منع بيع كسب السمسم بالشيرج ، وإنه لا يطرد في غيره من الأدهان مع كسبه واستبعده الأصحاب ، وقال صاحب التتمة : لا يجوز بيع الجوز بالكسب ولا بالدهن ، وبيع الدهن بالكسب جائز .
( فرع ) قال الرافعي : الأدهان المطيبة كدهن الورد والبنفسج والنيلوفر ، كلها مستخرجة من السمسم ، فإذا قلنا : يجري الربا فيها ، جاز بيع [ ص: 426 ] بعضها ببعض إذا ربي السمسم فيها ، ثم استخرج دهنه وإن استخرج الدهن ثم طرحت أوراقها فيه لم يجز .
( فروع ) لا يجوز بيع طحين السمسم وغيره من الحبوب التي يتخذ منها الأدهان بطحينها ، وعبر الفوراني عن ذلك بعبارة أبين فقال : السمسم المدقوق بالسمسم المدقوق لا يجوز ، كالدقيق بالدقيق فهذا والله أعلم مرادهم بطحين السمسم ، وليس المراد الطحينة ، وإن كان ذلك أيضا لا يجوز كبيع الدقيق بالدقيق ; قاله الرافعي ، وهي قبل ذلك في حالة كونها حبوبا كالأقوات
. ( فرع ) يجوز بيع كسب السمسم بكسب السمسم وزنا ، إن لم يكن فيه خلط ، فإن كان فيه خلط لم يجز قاله البغوي والرافعي ( قلت ) أما إذا كان جافا فظاهر وأما إذا كان رطبا فإن كان ما فيه من الدهن مانعا من التماثل لم يجز وإن كان غير مانع من التماثل يجوز وأما كون المعيار فيه الوزن فيعكره على ما أصلوه من أن ما استخرج من مكيل فهو مكيل ، إلا أن يقال : إن ذلك لا يمكن كيله وإنه يتجافى في المكيال .
( فرع ) ويجوز بيع العصير بخل الخمر ، لأنهما يتساويان وإنما اختلفا من حيث الحموضة والحلاوة ، فلا يمنع البيع كالتمر الطيب بالتمر غير الطيب ، قاله ابن الصباغ وخالف nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين فجزم بالمنع ، وقد وقع في نسخة من نسخ المهذب هذه المسألة ولم تثبت في أكثرها وكتب في النسخة التي هي فيها أنها زيادة .
فائدة الملح مؤنثة تصغيرها مليحة قاله يعقوب بن السكيت في كتابه ونقلته منه .