[ ص: 73 ] قال المصنف رحمه الله تعالى : ( والرابع ) ما يكون في نور يتناثر عنه النور كالتفاح والكمثرى ، فاختلف أصحابنا فيه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11975والقاضي أبو حامد : هو كثمرة النخل إن تناثر عنه النور فهو للبائع ، وإن لم يتناثر عنه فهو للمشتري ، وهو ظاهر قوله في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ، واختيار شيخنا القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب رحمه الله ; لأن استتارها بالنور كاستتار الثمر في الطلع ، وتناثر النور عنها كتشقق الطلع عن الثمرة ، فكان في الحكم مثلها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد الإسفراييني : هو للبائع ، وإن لم يتناثر النور عنها ; لأن الثمرة قد ظهرت بالخروج من الشجر ، واستتارها بالنور كاستتار ثمرة النخل بعد التأبير بما عليها من القشر الأبيض ، ثم ثمرة النخل بعد خروجها من الطلع للبائع مع استتارها بالقشر الأبيض ، فكذلك هذه الثمرة للبائع مع استتارها بالنور
( الشرح ) النور الزهر على أي لون كان ، وقيل : النور ما كان أبيض ، والزهر ما كان أصفر ، والكمثرى بضم الكاف . ( أما الأحكام ) فإذا باع أصل التفاح والكمثرى والسفرجل والإجاص والخوخ والمشمش ، وما جرى مجراه مما يخرج في نور ، ثم يتناثر عنه النور ، فالمشهور أنه إذا باع الأصل وقد خرج وردها وتناثر وظهرت الثمرة فهي للبائع ، إلا أن يشترط المبتاع ، وإن لم يتناثر وردها ولم تظهر الثمرة ولا بعضها فهي للمشترط ; لأن الثمرة مغيبة في الورد ، وتظهر بعد تناثره ، فهي في ذلك كثمرة النخل في التأبير وعدمه ، وهو ظاهر قوله في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ; لأنه قال في آخر باب السلف قبل باب الوديعة : وحكم الإبار في التفاح واللوز والفرسك إذا خرج منه وتحبب ، ونقل ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي في الشرح ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد في جامعه ، nindex.php?page=showalam&ids=12535وأبي علي بن أبي هريرة وهو اختيار القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب كما قال المصنف ، قال في تعليقه : وغلط الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني فقال : ظهور الورد بمنزلة ظهور الثمرة ، واحتج بأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه قال : حكم كل ثمرة خرجت بارزة ترى في أول ما تخرج كما ترى في آخره ، فهو في معنى ثمرة النخل بارزا من [ ص: 74 ] الطلع ، وغلط فيه ; لأن هذا أراد به ما لا ورد له ، مثل العنب والتين ; لأن هذا الذي يخرج بارزا ، وأما ما يخرج في الورد فليس ببارز ، وإنما هو في جوف الورد وقد فسر ذلك في الصرف وذكرت لفظه فسقط قول هذا القائل ، انتهى كلام القاضي والذي ذكره من لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الصرف قال : ما كان من الثمر يطلع كما هو لا كمام عليه أو يطلع عليه كمام ثم لا يسقط كمامه ، فطلوعه كإبار النخل ; لأنه ظاهر .
وهذا إنما يرد على الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد بمفهومه ، فإن منطوقه يدل على أن ما لا كمام عليه كالتين والعنب أو عليه كمام لا تسقط كالموز والرمان ، فالطلوع في القسمين بمنزلة التأبير ، أما كون الطلوع في غيرهما ليس بمنزلة التأبير فليس ذلك بالمنطوق ، بل قد يقال : إنه يدل للشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد لإطلاقه أن ما لا كمام عليه يكون طلوعه كالتأبير ، والذي يخرج في نور لا كمام عليه ، وإن كان مستترا بالنور ، غير أن هذا يبعده قوله : كما هو ، فإنه يشعر لا شيء عليه من كمام ولا غيره وقد ذكر الشيخ في تعليقه ما نقله عن القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب فقال : إن الذي ذهب إليه شيوخ أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12535وأبو علي بن أبي هريرة وغيرهما أنها للمبتاع ، ولولا أنى لا أحب مخالفة كان ظاهر المذهب والأشبه بالسنة أن الأنوار إذا ظهرت للبائع ، إلا أن يشترط المبتاع ، كالطلع إذا تشقق أو أبر ، وذكر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه الذي تقدم ثم قال : وأما معنى السنة فقوله عليه الصلاة والسلام : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=35712من ابتاع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع ، إلا أن يشترط المبتاع } " لما جعل ثمرة النخل للبائع إذا ظهر عند الطلع ، وذلك الظاهر نور يتفتح ، فإذا تناثر انعقدت الثمرة بعده كانت الأنوار كالطلع ; لأن النور يتناثر ثم تنعقد الثمرة بعد ذلك ، وفيه نظر ، انتهى كلامه .
والحق أنه لا حجة له في كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه إنما حكم بذلك في الثمرة التي تخرج بارزة ترى في أولها كما ترى في آخرها ، وما يخرج في نور ليس يرى في أوله كما يرى في آخره فكيف يحمل عليه ، أو يقال : إنه مندرج فيه ، وما استدل به من الحديث وما أشار إليه وذكره المصنف له من استتار ثمرة النخل [ ص: 75 ] بعد التأبير بما عليها من القشر الأبيض ، فإن ذلك يرجع إلى تحقيق مناط ، فإن الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبا حامد يقول : إن ثمرة النخل بالتأبير لا تظهر ، وإنما يظهر ما يجري مجرى ورد سائر الأشجار ; لأنه إذا تشقق الطلع ظهر ما فيه مثل الليف ، وفيه حب صغار مثل الذرة وليس ذلك هو الثمرة ، وإنما الثمرة في جوف ذلك الحب ترى مثل الشعرة ، كما ترى ثمرة سائر الأشجار من بين الورد فإن كان الأمر كما قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد من أن ثمرة هذا الضرب الذي نحن فيه ترى من بين الورد ، وأن ثمرة النخل مثلها ، فينبغي أن يكون الحق معه ، وإلا فالحق مع القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب ومن وافقه ، وهذا ليس اختلافا في فقه ، بل يرجع إلى أمر محسوس ومثله يقطع بإدراك الصواب فيه ، والظاهر الذي تدل عليه المشاهدة أن الأمر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، وأراد المصنف من الاستتار بالقشر الأبيض وبالنور ما حكيناه عن الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد ، وإلا فظاهره أنها مستترة كلها ، وذلك يخالف ما تقدم من إلحاقها قبل التأبير بالحمل لاستتارها ، وبعد التأبير بالولد المنفصل لظهورها ، والذي صححه الرافعي في ذلك أنها للمشتري ، هكذا للمحرر والروضة ، ويشعر به كلامه في الشرح وقال : إن الآخر أرجح عند أبي القاسم الكرخي وصاحب التهذيب ، وجعل أكثر الأصحاب الضابط في ذلك تناثر النور كما تقدم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين عن الأصحاب : إن ذلك يخرج أولا نورا ثم يتشقق ثم يتناثر ذلك ، ثم تنعقد الحبات كالمشمش والخوخ والتفاح ونحوها ، قال : فما لم تنعقد الحبات فيه يتبع الأصل في البيع ، وإذا انعقدت حباته لا يتبع الأصل في البيع مطلقا ولا يدخل إلا بالشرط ، وكأن القاضي أخذ ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال ، فإن الروياني حكى عن nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال أنه إذا تحببت ثمارها فهي للبائع ، وإن كان النور باقيا عليها ، وإن لم تتحبب فالنور كالورق . هذه عبارته ويجيء من مجموع ذلك ثلاثة أوجه : ( الأول ) أنها للبائع بمجرد الظهور وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد . ( والثاني ) أن الاعتبار بالتحبب وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال . ( والثالث ) أن الاعتبار بتناثر النور ، وهو المذهب ، لقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 76 ] رضي الله عنه في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي : إذا خرج من النور وتحبب ، وقد يقال : ظاهر النص يقتضي اعتبار مجموع الأمرين ، لكن الظاهر أن التحبب يكون قبل التناثر ، فذكر التناثر يغني عنه ، وفي البحر أن الأصح ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال رضي الله عنه وكذلك قال الخوارزمي في الكافي : إنه لا اعتبار بتناثر النور على الأصح وذكر ابن الصباغ أن المحاملي في المجموع ذكر هذه الحكاية التي حكيناها عن nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد ، وأنها ليست مذكورة في التعليق الأخير عنه ، وهذا عجب من ابن الصباغ ، فإن شيخه nindex.php?page=showalam&ids=11872أبا الطيب ذكرها عنه ، فكان ذكرها من جهته أولى ، وهي في التعليقة الموجودة عندنا ، وأما عدم ذكرها في التعليقة الأخيرة فلا يدل .
( تنبيه آخر ) أكثر الأصحاب جعلوا المشمش والتفاح والخوخ من هذا القسم الذي نحن فيه ، وتكلموا فيها كلاما واحدا كما تقدم ، وإمام الحرمين سلك طريقة أخرى فجزم بأن الخوخ والمشمش وما في معناه مما الأزهار محتوية عليه للمشتري في مطلق البيع . والتفاح والكمثرى وما في معناه مما لا تحتوي أزهاره على الثمار ، ولكنها تطلع والثمرة دونها ، قال : فما كان كذلك مال العراقيون إلى أنه للبائع ، ومن أصحابنا من قال : للمشتري لعدم الانعقاد ، قال : وهذا هو الذي ذكره الصيدلاني . وهذه الطريقة التي ذكرها الإمام مخالفة لما قاله أكثر الأصحاب ولنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الذي نقلناه عن البويطي ، فإنه جعل حكم الإبار في التفاح والفرسك شيئا واحدا ، والفرسك هو الخوخ ، والإمام قد جعل حكمه مخالفا لحكم التفاح ، ثم إن الإمام نقل مثل العراقيين إلى أنه للبائع والعراقيون كما رأيت على أنه قبل تناثر النور للمشتري إلا الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبا حامد ولعل الإمام رأى كلام nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد فنسب ذلك إلى العراقيين كما تقدم له مثل ذلك في الجوز .
( فرع ) قال القاضي الماوردي : إن الكرم نوعان : نوع منه يبدو منه أنوار ثم ينعقد ، ومنه ما يبدو حبا منعقدا ، وقد تقدم الكلام في ذلك ، وعد الماوردي الرمان واللوز مع ذوي النور ، قال تاج الدين عبد الرحمن : والمشاهد في بلادنا خلاف ذلك في الرمان ، فإن نوره لا يكون سابقا له في أول الظهور وأما اللوز فكذلك هو عندنا ، وقال [ ص: 77 ] الرافعي : إن الرمان واللوز مما يخرج في نور يتناثر عنه النور ، وما ذكرناه من الحكم فيما إذا بيع الأصل بعد تناثر النور عنه ، فإن بيع قبله عاد الكلام السابق فيه ، يعني إما أن يباع بعد الانعقاد أو بعد التناثر ، فكلام الرافعي موافق للماوردي في أن الرمان له نور ، ولعله نوعان كالكرم وأطلق المتولي القول بأن العنب حكمه حكم النخيل ، قال : وإن كان على حبه قشر لطيف يتفتق ويخرج منها نور لطيف ; لأن مثل ذلك يوجد في غير النخيل بعد التأبير وقد جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم للبائع ، وهذا ملاحظة منه للمعنى الذي لحظه nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد فيما مضى ، وصاحب التتمة مال إلى موافقته فيه أيضا ، وقال : إن ثمرة هذه الأشجار تكون تحت غطاء ، ويفارقها ويخرج من تحتها النور والثمرة والنور على رأس الثمرة ، لكنه قسمه قسمين : قسم يكون له نور بغير كمام كالتفاح والكمثرى والسفرجل وهو الذي حكى كلام nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد فيه ومال إلى موافقته . وقسم على ثمرها نور وتكون الثمرة بين كمام كالجوز واللوز والمشمش والإجاص ، قال : فقبل أن يخرج من الكمام ويتناثر نوره حكمه حكم الطلع قبل التأبير وهذا التفصيل قريب مما حكيناه عن الإمام . ( فرع ) تقدم في كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المحكي عن البويطي عد اللوز مع التفاح والفرسك فاعترض البندنيجي بذلك على قول الأصحاب : إن اللوز كالجوز ، قال : وهو سهو منهم فيه ، قال ابن الرفعة : ( فإن قلت : ) هل للشيخ أبي حامد جواب عن نصه في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ( قلت : ) لعله يقول : اللوز نوعان : منه ما ينشق عنه قشره الأعلى على الشجر وهو المذكور في الأم ، ومنه ما لا ينشق قشره على الشجر وهو المذكور في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ، وشاهد ذلك أنا نجد الفول وغيره كالفرك لا يمكن إزالة قشره عنه دون الأسفل ولا كذلك غير الفرك .
( فرع ) إذا باع أصلا عليه ثمرة ظاهرة ، وظهر ما في ثمرة العام بعد البيع ففيما حدث بعد البيع وجهان ذكرناهما في التأبير قاله صاحب البيان ، يشير إلى الوجهين المتقدمين عن nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة وغيره ، وأنه لا فرق في ذلك بين النخل وغيره .