قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن كان المبيع إناء من فضة وزنه ألف وقيمته ألفان فكسره ، ثم علم به عيبا لم يجز له الرجوع بأرش العيب ; لأن ذلك رجوع بجزء من الثمن ، فيصير الألف بدون الألف ، وذلك لا يجوز ، فيفسخ البيع ويسترجع الثمن ثم يغرم أرش الكسر . وحكى أبو القاسم الداركي وجها آخر أنه يرجع بالأرش لأن ما ظهر من الفضل في الرجوع بالأرش لا اعتبار به . والدليل عليه أنه يجوز الرجوع بالأرش في غير هذا ، ولا يقال : إن هذا لا يجوز ; لأنه يصير الثمن مجهولا ) .
( الشرح ) هذا الفرع منسوب لابن سريج ، وفيه أوجه : ( أصحها ) وهو قول الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب والمحاملي وهو الذي [ ص: 490 ] صدر به المصنف كلامه أنه يفسخ المبيع ويرد الإناء ، ويغرم أرش النقص الحادث ، ولا يلزم الربا لأن المقابلة بين الإناء والثمن - وهما متماثلان - والعيب الحادث مضمون عليه ، كعيب المأخوذ على جهة السوم ، فعليه غرامته وغرامة الأرش عن الحادث هنا ليس كغرامته في سائر الصور ، كما سننبه عليه .
واستدلوا على تعذر أخذ الأرش بأن الثمن ينقص كما ذكره المصنف ، وعلى تعذر رده مع أرش العيب الحادث بأن المردود يزيد على الثمن ، وكلا الأمرين ربا ولا يستشكل هذا التقرير مع الحكم بأن المشتري يغرم الأرش حتى يقف على آخر الكلام في التنبيه السادس .
( والوجه الثاني ) ولم يذكره المصنف . وهو قول ابن سريج إنه يفسخ العقد لتعذر إمضائه مع أخذ الأرش كما تقدم وبدونه لما فيه من ضرر المشتري ، ولا يرد الحلي على البائع لتعذر رده مع الأرش ودونه فجعل كالتالف ، فيغرم المشتري قيمته من غير جنسه معيبا بالعيب القديم سليما عن الحادث ، واختار الغزالي هذا الوجه وإيراد صاحب البحر يقتضي ترجيحه ، وضعفه الإمام وغيره . وقال الإمام : إنه أبعد الوجوه . ونقل المحاملي عن ابن سريج تشبيهه بالمأخوذ على جهة السوم ، ثم رد عليه بأن المستام بمنزلة المغصوب إذا نقص يلزم أرش نقصانه لا قيمة جميعه . ( والثالث ) الذي حكاه المصنف ثانيا ، وهو قول صاحب التقريب والداركي واختاره القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والإمام وغيره ، أنه يرجع بأرش العيب القديم كسائر الصور ، والمماثلة في الربوي إنما تشترط في ابتداء العقد ، والأرش حق وجب بعد ذلك ، لا يقدح في العقد السابق . قال الرافعي رحمه الله : واعلم أن الوجه الأول والثاني متفقان على أنه لا يرجع بأرش العيب القديم وأنه يفسخ العقد ، وإنما اختلافهما في أنه يرد مع أرش النقص أو يمسك ويرد قيمته ، وأما صاحب الوجه الثالث فقياسه تجويز الرد مع الأرش أيضا كما في سائر الأموال . [ ص: 491 ] قلت ) وسيأتي بيان من هو الفاسخ عند ابن سريج ، وبه يتبين أنهما لم يتفقا إلا على أصل الفسخ ، ويأتي أيضا أن ما قاله الرافعي لم يصر إليه أحد . وعلى هذا الوجه إذا أخذ الأرش فقد قيل : يجب أن يكون من غير جنس العرض كي لا يلزم ربا الفضل ، والأصح وهو الذي رجحه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي والرافعي أنه يجوز أن يكون من جنسهما ، لأن الجنس لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غير الجنس ; لأنه يكون بيع مال الربا بجنسه مع شيء آخر .
وذلك من صور ( مد عجوة ) وأيضا لأن الأرش جزء من الثمن ، وقد غلط أبو إسحاق العراقي ، فجعل قول صاحب التقريب وجها رابعا ، وحكاه مع وجه الداركي بعبارتين متقاربتين ، ولم يتنبه لاتحادهما . ثم تنبه لأمور : ( أحدها ) أن المصنف فرض المسألة في الإناء ، وكذلك القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب فرضها في إبريق وزنه مائة درهم ، وكذلك الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في التعليقة التي كتبها سليم عنه نقلها عن ابن سريج فيما إذا اشترى إبريقا فضة وزنه مائة درهم ، وقيمته مائة وعشرون بإبريق من فضة وزنه مائة وقيمته مائة وعشرون . وفرضها الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في التعليقة التي أخذها البندنيجي في مصوغ ، وكذلك الإمام والغزالي فيما إذا اشترى حليا وزنه ألف بألف وفرضها في الحلي حسن لا اعتراض عليه . وأما فرض المصنف ومن وافقه في الإناء فإن قلنا بجواز اتخاذ أواني الفضة فصحيح أيضا وأما إذا قلنا بتحريم اتخاذها وهو الأصح فإن الصنعة فيها غير محترمة ، فلا يكون الكسر عيبا فيها ، فلا يمنع الرد والأرش ، كما لو لم يحدث شيء ، فلعل ابن سريج فرع هذا على جواز الاتخاذ ، وأيضا فذكر الكسر على سبيل المثال ، والمقصود حدوث عيب في يد المشتري .
( الثاني ) أن المصنف لم يذكر تمام صورة المسألة ، وهو أن يكون الثمن من جنس الإناء كما فعل ابن سريج والإمام ، بل سكت عن الثمن بالكلية ، وكذلك القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وكأنهما اكتفيا بشهرة المسألة والعلم بصورتها ، والمراد إذا اشتراه بوزنه من جنسه كذلك فرضها ابن الصباغ والإمام وغيرهما ، وإلا فلو كان الثمن من غير النقود ، [ ص: 492 ] أو من النقود من غير الجنس لم تأت المسألة ; لأنه لا يبقى محظور في المفاضلة ، فالمشتري يرجع بأرش العيب القديم ، وممن صرح به ابن الصباغ والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين ، وحكى أبو إسحاق العراقي فيه وجهين وأظنهما في الذخائر ، وكأنهما مأخوذان مما سنذكره عن الحاوي في التنبيه الثالث عشر وعلى كل حال فالأصح الجواز . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين : فإن كان نقد البلد ذهبا والحلي المبيع من الفضة قوم الحلي بنقد البلد ، ثم يسترد الأرش من الثمن ، إن كان عرضا فمن العرض ، أو ذهبا فمن الذهب ، فإن كان نقد البلد فضة والحلي من الفضة ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين : يحتمل وجهين : ( أحدهما ) يقوم نقد البلد ، فإن كان الحلي من نقرة خشنة والدراهم المطبوعة تزيد عليه قوم بنقد آخر وهو الذهب ، كي لا يؤدي إلى الربا ، هكذا رأيته في النسخة وكأنه سقط منها شيء .
( الثالث ) في التنبيه على أمور واضحة ذكر القصة على سبيل المثال الربوي ، والذهب كذلك ، ولكن إناء الذهب حرام عند المصنف ، ولا يجرى فيه الخلاف فلذلك لم يقع التمثيل به ، وجعله قيمة العين مثالا لزيادتها على وزنه حتى يكون الكسر منقصا لها ، فيكون عيبا ، أما لو كانت القيمة مساوية للوزن إن أمكن فرض ذلك ، لم يكن الكسر منقصا ; لأن القيمة لا تعتبر حينئذ ، والكسر مثال لحدوث عيب ، فلو انكسر بنفسه كان الحكم كذلك .
( الرابع ) أن تعليل المصنف امتناع الرجوع بالأرش الذي اتفق عليه ابن سريج nindex.php?page=showalam&ids=11976وأبو حامد والأكثرون بأن ذلك رجوع بجزء من الثمن موافق كما تقدم من المصنف وأكثر الأصحاب أن الأرش جزء من الثمن ، وقد تقدم عن الغزالي تردد في أنه غرامة جديدة ، ولذلك قال الغزالي هنا كما حكى قول ابن سريج وقول صاحب التقريب ، قال : فتحصلنا على احتمالين في حقيقة كل واحد من الأرشين أنه غرم مبتدأ أو في مقابلة المعقود عليه ، ويعني بالأرشين أرش القديم وأرش الحادث يعني أن علة قول ابن سريج يكون الأرش عن القديم جزءا من الثمن [ ص: 493 ] لما تقدم ، والأرش عن الحادث كذلك ; لأن ابن سريج يجعله في مقابلة ما فات من المبيع ، وأن الفسخ في غير الربوي يرد عليه إذا ضم مع المبيع ، كما يرد على المبيع وقول صاحب التقريب يقتضي أنه غرم مبتدأ . فظهر لك بما قاله الغزالي أن مأخذ الوجهين الأولين أن الأرش جزء من الثمن ، ومأخذ الثالث أنه غرم مبتدأ ، لكن الإمام قد اختار قول صاحب التقريب هنا ، وقد تقدم عنه قول بأن الأرش جزء من الثمن ، فطريق الجميع بأن القائل بأنه غرم مبتدأ لم يقل به من كل وجه ، بل من بعض الوجوه كما تقدم من كلام الإمام في أنه انتقاص جديد ، وقد نبهت على ذلك فيما تقدم ، وكذلك علل الإمام في هذه المسألة قول صاحب التقريب بالضرورة ، ولو كان الأرش غرما مبتدأ لم يحتج إلى ذلك . وقال الإمام أيضا : إن كل مسلك من المسالك يعني الأوجه الثلاثة ، لا يخلو عن حيد عن قانون في القياس ، جار في حال الاختيار ، ولم يصر أحد إلى التخيير بين جميع هذه المسالك من حيث اشتمل كل واحد على ميل عن أصل ، والضرورة تحوج إلى واحد منهما ، فهذا الكلام من الإمام يدل على أن الأرش ليس غرما مبتدأ من كل وجه ; إذ لو كان كذلك لكان غير خارج عن القانون . وفي كلامه ، وفيما تقدم عنه ، وفي النظر ما يدل على ذلك أيضا . ولذلك قال في توجيه كلام صاحب التقريب إن غرامة الأرش في هذا المضيق تقدر كأرش مبتدأ ، مرتب على جناية على ملكه .
( الخامس ) أن الفاسخ للبيع هو الحاكم . صرح به الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وصاحب العدة وغيرهما . ويحتمل أن يقال على قول ابن سريج : إن للمشتري أن يفسخ أيضا كما يقول في التخالف : إن لكل منهما أيضا أن يفسخ على الأصح ( إن قلنا ) بذلك كما ستعرفه في بابه فإنه عندنا فيه وقفة . ( وأما ) على قول الأكثرين فيبعد إلحاقه بالتخالف ، وإنما هو [ ص: 494 ] رد بالعيب ، لا مدخل للحاكم فيه ، غير أنه امتنع دخول الأرش فيه ، وجعل غرامة مبتدأة ، وبهذا تبين لك أن الوجهين لم يتفقا على كيفية الفسخ ، كما وعدت به من قبل .
( السادس ) قول المصنف لم يغرمه أرش الكسر يريد به أن تغريم أرش الكسر متأخر عن الفسخ ، والفسخ يرد على الإناء خاصة ، وليس كسائر الأموال حيث يرد الأرش عن الحادث مع المبيع ، إذا ورد الرد عليها في هذه الصورة أدى إلى الربا ، وليس المراد باسترجاع الثمن قبضه بل رجوعه إلى ملك المشتري ، وليس في الأوجه من يقول بجواز رد الأرش مع المبيع ، إلا ما قال الرافعي : إنه قياس الوجه الثالث . فلذلك أتى المصنف بصيغة " ثم " المقتضية للترتيب . وعبارة الرافعي أنه يرده مع أرش النقصان . ويجب تأويلها على المعية في الوجوب لا في انسحاب حكم الرد عليها على أن الإمام ذكر هنا كلاما بليغا في تحقيق رد الأرش مع العيب بالعيب الحادث . وأن ليس على تقرير ورود الفسخ عليهما أعني في جميع الصور ، وقد قدمت ذلك عنه عند الكلام في أخذ الأرش عن العيب الحادث في الفصل الذي قبل هذا .
( السابع ) أن كلام المصنف يقتضي أن الوجه الأخير حكاه الداركي ، وليس من قوله وكذلك حكاه الشاشي ، وكلام الرافعي يقتضي أنه عنه .
( الثامن ) من قول المصنف في تعليل قول الداركي لأن ما ظهر من الفضل في الرجوع بالأرش لا اعتبار به ، يفهم أن ذلك ليس مأخوذا من أن الأرش غرم مبتدأ ، بل هو جزء من الثمن بطريق الظهور ، ولكن لا يعتبر لما نذكره من الدليل . فقوله : ظهر ينفي كونه غرما مبتدأ ثم بعد ذلك إما أن يكون ذلك بطريق الشين أو بطريق إنشاء نقص جديد فيه ما تقدم من البحث . الأقرب عبارة المصنف : الأول والموافق لكلام الإمام الثاني .
( التاسع ) الدليل الذي ذكره على عدم اعتبار ذلك أنه يجوز الرجوع بالأرش في غير هذا الموضع بالاتفاق . ولم يقل أحد بأنه [ ص: 495 ] لا يجوز ; لأنه يصير الثمن مجهولا أي لأنا ظهر لنا أن الثمن الذي قابل المبيع ما بقي بعد الأرش ، وذلك لم يكن معلوما حالة العقد ، وجهالة الثمن موجبة لبطلان البيع ، فلو كان ما ظهر معتبرا لم يجز الرجوع بالأرش في غير هذا الموضع ; لإفضائه إلى جهالة الثمن وبطلان العقد من أصله ، لكن الرجوع بالأرش في غير هذا الموضع جائز اتفاقا فلا يكون لما ظهر حكم ، وهذا بينه وبين ما ذكره الإمام في توجيه هذا القول لما حكاه عن صاحب التقريب بعض المخالفة ، فإنه قال : إنه في هذا المضيق كأرش مبتدإ مرتب على جناية فإذن هذا القول واحد ، ومأخذه مختلف .
المصنف يشير إلى أن المقابلة تغيرت ، لكن ليس لظهور تغيرها حكم ويطرد ذلك في هذه المسألة وفي غيرها ، والإمام يقول في هذه المسألة : الضرورة تجعله كغرم مبتدإ ، ولا يخفى أن في كل من الكلامين حيدا عن القانون كما قاله الإمام ، فإن المصنف يحتاج إلى الاعتذار عن تخلف الحكم عما ظهر ، وليت شعري هل الرجوع بالأرش مجمع عليه ؟ أو فيه نص أو لا ؟ فإنه إن كان فيه نص أو إجماع كان عذرا في أن يجعل أن ما ظهر لا حكم له ، أو يجعله كغرم مبتدإ اتباعا ، وإن لم يكن فيه إجماع ولا نص فما المخلص عن هذه الإشكالات ؟ وما الموجب لارتكابها ؟ . ( العاشر ) لا جواب ، وما استدل به الداركي أنه إنما يلزم جهالة الثمن إذا كان ذلك بطريق العين ، أما إذا قلنا : إن المقابلة تغيرت بانتقاص جديد فلا . وهذا الذي يقول به بدليل حل الجارية وغير ذلك مما تقدم .
وإذا كان بطريق النقص صار له حكم في المقابلة صارت الألف مقابلة بدون الألف الآن لا فيما مضى ، فامتنع الرجوع بالأرش كذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=12097الفارقي في الجهالة : يفرق فيها بين الجهالة الحاصلة بفعل العاقل ابتداء والحاصل بغير فعله . ولهذا لو أسلم إلى أجل مجهول بطل ولو مات المسلم إليه في أثناء الأجل حل وصار الأجل بموته مجهولا وهو صحيح .
( الحادي عشر ) أنه على الأصح الذي قاله المصنف أنه يرد ثم يغرم أرش النقص الذي حدث عنده وشبهوه بالمستام ، وفيه نظر .
[ ص: 496 ] لأن الرد يرفع العقد من حينه على الصحيح . فالعيب حدث على ملك المشتري فكيف يغرمه إذا لم يقدر ورود الرد عليه وليس كالمستام فإن المستام ليس مملوكا له ، وأشار الإمام إلى أن ذلك على سبيل التقدير ، ونظره بقول منصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : إذا فسخ النكاح بعد الدخول أن الزوج يسترد المسمى ، ويرد إليها البضع ثم يغرم الزوج لها مهر المثل .
( الثاني عشر ) مأخذ فسخ البيع على ما قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد من قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الرجل يشترى ثمره قبل بدو الصلاح بشرط القطع ، ثم لم يقطع حتى بدا الصلاح ثم أراد القطع فسخنا البيع ههنا لما يؤدي ذلك إليه من الإضرار بصاحبه أو بالمساكين ، هكذا رأيته في تعليقته ولم أفهمه ، وإنما يفسخ البيع فيما إذا حدثت ثمرة أخرى واختلطت ولم تتميز على أحد القولين . ثم في مسألة اختلاط الثمار على أحد القولين وهو الصحيح عند طائفة أن البيع ينفسخ بنفسه من غير فاسخ وليس ههنا كذلك .
( الثالث عشر ) صورة المسألة إذا كان الإناء باقيا فلو عرف العيب القديم بعد تلفه عنده فالصحيح الذي ذكره العراقيون وصاحب التتمة أنه ينفسخ العقد ، ويسترد الثمن ويغرم قيمة التالف إن كان متقوما ، ومثله إن كان مثليا . ولا يمكن أخذ الأرش . وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين : إنه يأخذ الأرش . وصححه في التهذيب وقد تقدمت المسألة في باب الربا . وذكره القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين . وصاحب التهذيب هنا موافق لقول الداركي في حالة البقاء ، ويلزمهما موافقته هناك . وما قاله العراقيون هنا موافق لقول ابن سريج في حالة البقاء . وألجأهم إلى ذلك امتناع الرد بالتلف ، واحتاجوا إلى الفسخ هنا لامتناع أخذ الأرش عن القديم بخلاف تلف بيع المعيب في غير هذه الصورة . حيث يكون أخذ الأرش ممكنا . قالوا : وتلف المبيع لا يمنع جواز الفسخ . وقد جوز nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الإقالة بعد التلف ، وكذلك في التخالف وصاحب التتمة جعل حالة التلف أصلا وأن ابن سريج يقول في حالة البقاء كحالة التلف . وذكر القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين في هذا الباب ثلاثة أوجه ، قال : وفي المسألة إشكال . وقد تقدم في باب الربا اختياره ، وحكاية الأوجه الثلاثة . وفي الحاوي في باب الربا عند التلف أنه إن كان بجنسه لم يرجع [ ص: 497 ] بالأرش ، وإن كان بغير جنسه من النقدين ( فوجهان ) أقيسهما الرجوع فيرجع بأرش الفضة ذهبا ( والثاني ) وهو قول الشيوخ من البصريين والجمهور من غيرهم لا يجوز ; لأن الصرف أضيق ، ولأن الأرش يعتبر بالأثمان فلا يكون داخلا فيها وقد تقدم ذلك ، وتفريعه عنه في باب الربا ، وقياس ذلك أن يجرى هنا في حالة البناء ، لكن الماوردي فرض ذلك في الصرف ولم يفرضه حيث تكون القيمة زائدة عن الوزن .
( الرابع عشر ) متى كان كسر الإناء من المشتري فلا فرق بين بعد القبض أو قبله ، ومتى كان من غيره ووجد بعد التقابض والتفرق فلا إشكال ، وفيه فرض الإمام المسألة ، ومتى كان قبلهما فهو من ضمان البائع فلا تأتي المسألة ، ومتى كان بعد التقابض وقبل التفرق فيلتف على ما تقدم أن المشتري إذا قبض المبيع في زمن الخيار هل يصير من ضمانه أم لا ؟ وفيه طرق تقدمت ، فإن قلنا لا يصير من ضمانه وأنه ينفسخ بتلفه في يده ، وهو ظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فالعيب الحادث حينئذ مضمون على البائع لا يوجب الأرش ، فهو كما قبل التقابض فلا تأتي المسألة ( وإن قلنا ) من ضمانه كما اقتضاه كلام المصنف فالحكم كما بعد التفرق والتقابض ولا جرم أطلق المصنف التصوير ، ولم أجد في شيء من ذلك نقلا ولكنه قضية التفريع ، والطرق التي في قبض المبيع في زمن الخيار ، تقدمت في هذا الباب عند حدوث تلف المبيع بعد القبض .
( الخامس عشر ) إذا غرمناه قيمته على قول ابن سريج أو على قول الأكثرين عند تلفه ، فقد تقدم في حكاية ابن سريج أنها تكون من غير جنسه . هكذا حكاه الرافعي ، يعني إذا كان فضة يعطي قيمته ذهبا ، وإن كان ذهبا يعطي قيمته فضة . وكذلك حكاه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب عن ابن سريج ، وقاله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب من عند نفسه في حالة التلف أيضا ، والأكثرون لم يعتبروا ذلك ، بل أطلقوا القيمة . وهو أحسن هذه غرامة . وليست عقدا يجيء تحذر فيه من الربا ، وقد حكى العراقيون فيما إذا أتلفت آنية فضة قيمتها أزيد من وزنها ثلاثة أوجه : ( أصحها ) [ ص: 498 ] يضمن بالنقد الغالب ( والثاني ) يقوم بغير جنسه ( والثالث ) بمثل وزنه من جنسه ، والزيادة من غير جنسه . قال أبو سعيد الهروي : وكان القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958الحسين يعيب هذا ويقول : الإتلاف ليس مقيسا على البيع في أمر الربا ( قلت ) فقياس الأوجه الثلاثة أن يأتي مثلها هنا .
( السادس عشر ) غرامة أرش النقصان الحادث على قول الأكثرين عند بقائه ، هل يكون من نقد البلد ؟ وإن كان من الجنس قولا واحدا أو يجرى فيها الخلاف الذي في الغصب ( الظاهر ) الثاني لأنهم شبهوه بالمستام . ( السابع عشر ) قد تقدم من قول الإمام أنه لم يصر أحد إلى التخيير بين جميع هذه المسالك بعد أن ذكر الأوجه الثلاثة ، واختار الثالث منها ، وكذلك قال الغزالي في البسيط : إنه لم يصر صائر إلى التخيير بين أرش العيب القديم وضم أرش العيب الحادث . كما في سائر العيوب ، وإن كان محتملا بحكم التوجيه الذي ذكرناه للوجهين . لكن اعتقد كل فريق أن ما ذكره أبعد من اقتحام الربا ، فلم يثبت الخيرة . وهذا الذي قاله الإمام والغزالي يرد القياس الذي قال الرافعي : إنه قياس الوجه الثالث ، لا سيما وهو مختار الإمام . وهو أعرف بقياسه ، ولا شك أن القياس كما قال الرافعي ، ولكن لعل صاحبه ترك القياس للمعنى المذكور وهو البعيد من الربا . ولو ثبت ما قاله الرافعي من القياس ; لكان لنا قائل بالتخيير والإمام قد نفاه . ( الثامن عشر ) صورة المسألة أن يكون العيب الذي ظهر بالإناء كالكسر ونحوه ، فلو كان يخرجه عن الجنس كالغش تبين بطلان العقد للمفاضلة .
( التاسع عشر ) أن الكلام المذكور لا اختصاص له بالإناء والحلي ، بل هو في كل عقد اشتمل على جنس واحد من مال الربا من الجانبين ، كما إذا باع صاع حنطة بصاع ، واطلع أحدهما على عيب فيما أخذه [ ص: 499 ] بعد حدوث عيب في يده أو تلفه وفيه فرض صاحب التتمة ، وقال ابن الحكم في سائر أموال الربا كذلك . وكذلك قال غيره .
( العشرون ) أن أرش الكسر الذي يغرمه يمكن أن يقال بأنه لا يكون منسوبا من الثمن ، بل ما نقص من القيمة هنا يقتضي تشبيهه بالمستام ، ويدل له ما سيأتي فيما لم يوقف على عيبه إلا بكسره ( وقال ) أبو حامد بن يونس في شرح الوجيز ، اعتراضا على جعله كالجناية بعد الفسخ : إنه لو كان كذلك لغرم أرش ما نقص ، والمغروم جزء من الثمن ، وكلام الغزالي ساعده ، ولولا ذلك لم يحتج إلى الفرار من الربا ، وسيأتي فيما لم يوقف على عيبه إلا بكسره تمام هذا البحث ، والأقرب هنا ما قلناه أولا ، وهو أنه لا يكون منسوبا من الثمن بل من القيمة .