( الشرح ) امتناع الرد عند هذه الأمور لعدم إمكانه ; لأن الرد يعتمد مردودا واتفقوا على أنه لا تقام قيمة التالف مقامه ليرد الرد عليها إلا ما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور وقد ذكرته عند الكلام في المصراة من نقل الجوزي عنه . لكن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر نقل عنه هنا لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وبعضهم زعم أن الرد ورد على خلاف القياس . فيقتصر فيه على مورد النص فالإجماع ، ولم يحصل ذلك عند تلف العين ، وفرقوا بينه وبين التخالف حيث جاز عند هلاك العين بهذا . أو بان لنا في الرد بالعيب طريقا آخر وهو الأرش بخلاف التخالف . وكذلك الفسخ بخيار المجلس أو الشرط عند تلف المبيع في يد المشتري ( إذا قلنا ) بانتقال الضمان يقبضه في زمان الخيار فإنه يجوز كالتخالف والإقالة بعد تلف المبيع جائزة على الأصح ( إن قلنا ) إنها فسخ ، وقيل : لا ; لعدم الحاجة إليها . إذا عرف ذلك فالأرش واجب قطعا بعلتين : ( إحداهما ) ما ذكره المصنف أنه أيس من الرد ، وهذه مقتضى قول أكثر الأصحاب كما سيتبين لك فيما إذا باعه ( والثانية ) أنه لم تستدرك الظلامة ، وهو مقتضى علة nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق في مسألة البيع ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى . ولم يتفقوا على أن كل واحدة علة مستقلة لاختلافهم فيما إذا تلف في يد المشتري الثاني كما سيأتي . ولا جزء علة كذلك ، بل الأكثرون يعتبرون اليأس ولا يعتبرون العلة الأخرى ، nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق بالعكس فإذا وجد المعنيان أو انتفيا اتفقوا ، وإن وجد أحدهما دون الآخر اختلفوا . وههنا اجتمع اليأس وعدم استدراك الظلامة ، فاتفقوا على الرجوع بالأرش ، فالمصنف تبع الأكثرين في التعليل ، ولم يعتبر قول nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق وقد ذكر المصنف ثلاث مسائل مشتركة في الفوات ( إحداها ) في الفوات الحسي ( الثانية ، والثالثة ) في الفوات الشرعي . أما الأولى [ ص: 518 ] وهي هلاك المبيع ، فذلك يشمل ما إذا هلك بنفسه ، كموت العبد ، واحتراق الثوب وشبههما ، وهذا لا خلاف فيه . وممن قال به nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور على ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وروى ذلك عن الشعبي والزهري وحكى الإمام قبيل كتاب الرهن فيما إذا قبض المسلم المسلم فيه قال : وذهب nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني إلى أن الرجوع بالأرش لا يثبت بعد تلف المقبوض قال ابن الرفعة وهو يجري هنا بطريق الأول لأن غاية الأمر أن يجعل المعين عما في الذمة كالمعين في العقد .
( قلت ) وليس كذلك . وقد كنت استغربت هذا القول عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني فتبعت أثره فرأيت في تعليق القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين قبيل كتاب الرهن أيضا ما يثبته ويبين مأخذه وأنه لا يطرد ههنا ، وذلك أنه قال : إذا أسلم في طعام وقبض بعضه وأتلفه ثم قبض الباقي فاطلع على عيب به وادعى أن المتلف كان به هذا العيب فالقول قول المسلم إليه ، فإن نكل حلف المسلم ورجع عليه بالأرش . قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : وجب أن لا يجوز له الرجوع بالأرش ; لأنه يؤدي إلى أن يأخذ بعض المسلم فيه وبدلا عن الباقي . قلنا : هذا ليس من الاستبدال في شيء ، وإنما هو فسخ العقد في البعض ، لأنه كاحتباس جزء ، ألا ترى أنه إنما يثبت له حق استرداد ما يقابل العيب من رأس المال لو أسلم في كر حنطة فقبضها وأتلفها . ثم اطلع على عيب قديم بها ينقص عشر قيمتها ، رجع على المسلم إليه بعشر رأس المال ، فكلام nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي هذا يبين لنا أن مأخذ nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في ذلك جعله من باب الاستبدال عن المسلم فيه ، والإمام أخذ ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي واختصر وسكت عن مأخذه ، واقتصر على حكاية النقل عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، في حالة التلف ، فحصل في كلامه إشكال أوجب لابن الرفعة أن نقل ذلك هنا ، وبما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي اندفع ذلك ، ومقتضاه أن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني يمنع أخذ الأرش عن المسلم فيه مطلقا عند التلف وغيره . ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي أيضا فرضها في الإتلاف لا في التلف ، فهذا ما يتعلق بهذا القسم الذي يحصل هلاك المبيع بنفسه ، وأما إذا قتل [ ص: 519 ] العبد أو أكل الطعام ونحوه فكذلك عندنا ، سواء حصل ذلك بفعل المشتري أو أجنبي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يرجع بالأرش فيهما ; لأنه فعل مضمون فأشبه ما إذا باعه أو أمسكه وقاس أصحابنا على الموت والإعتاق ، وأجابوا عن البيع بعدم اليأس . وعن الإمساك بدلالته على الرضا بالعيب .
وأما الثانية والثالثة ، وهي ما إذا أعتقه أو وقفه ، فاتفق أصحابنا أيضا على أنه يرجع بالأرش ، ووافقنا nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور والشعبي والزهري فيما روي عنهما في العتق ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح والحسن أنهما قالا : إذا أعتقه فقد وجب عليه . ومحل اتفاق أصحابنا على ما إذا كان العتق بإنشاء المشتري ، كما تدل عليه عبارة المصنف وكان متبرعا بذلك . وفي معناه إنشاء وكيله . أما لو لم يكن بإنشائه ، كمن اشترى من يعتق ثم اطلع على عيب ، أو كان بإنشائه ولكنه كان اشتراه بشرط العتق ثم وجد به عيبا بعد العتق ، فنقل الرافعي عن ابن كج عن أبي الحسين وهو ابن القطان في المسألة الأولى وجهين في شراء القريب ( الثانية ) أنه لا أرش في مسألة شرط العتق . قال - يعني ابن كج - : وعندي أن له الأرش في الصورتين ، فعلى هذا يكون قول المصنف أعتقه ; لأنه الغالب ، أو على سبيل المثال ، وليس المقصود به الاحتراز ، ولا يستثنى من كلامه شيء على رأي ابن كج - وهو الصحيح - وعلى رأي ابن القطان تستثنى مسألة شرط العتق والذي يترجح في مسألة شرط العتق ما قاله ابن كج ، وأما شراء القريب فإن كان مع جهل المشتري بالقرابة حين الشراء فكذلك ، وبه جزم الإمام قبيل كتاب السلم ، وإن علم المشتري حالة الشراء أنه قريبه الذي يعتق عليه فقد يقال : إنه إنما بذل الثمن في مقابلة العتق ، وليس المال مقصودا له ، لكن الأظهر الرجوع بالأرش أيضا ; لأن المقصود إن كان هو العتق فبذل ذلك الثمن بكماله إنما كان في مقابلة ما يظن من المبيع ، فإذا فات جزء صار المبيع الذي قصد عتقه مقابلا [ ص: 520 ] لبعض الثمن فيرجع في الباقي . وأطلق الروياني في الحلية أنه لا يجب الأرش في شراء القريب ، قال : لأن المعنى في العاقد لا في العبد .
( قلت ) وهذا المعنى لو سلم له يرد عليه في إنشاء العتق تبرعا ، وهو يوافق على أخذ الأرش . وقد أورد الأصحاب سؤالا ، وجوابه فيما إذا أعتقه مطلقا وإن كان تبرعا ; قالوا : ( فإن قيل ) إذا أعتقه فقد حصل له الثواب ( فالجواب ) أن استدراك الظلامة بالمال دون الثواب على أنه إنما حصل له ثواب عبد معيب وهو دون ثواب السليم ، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر رضي الله عنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1292أي الرقاب أفضل ؟ قال : أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فالجزء الفائت بالعيب لم يتناوله العتق ، ولا حصل له عنه ثواب فيرجع بأرشه .
( فإن قيل ) فيلزمه أن يتصدق به ( قلنا ) ليس هو بدلا عما وقع عليه العتق ، وإنما هو عن الجزء الفائت . هذا ذكره في العتق المطلق ، وهو يأتي في العتق المشروط . وأما عتق القريب فقد تبين فيه أيضا .
( فرع ) يستثنى من إطلاق المصنف ما إذا منع مانع من أخذ الأرش كمسألة الحلي ، كما تقدم عن الأكثرين فيما إذا كان تالفا خلافا للقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين ، وصاحب التهذيب .
( فرع ) استيلاد الجارية مانع من الرد ، وينتقل إلى الأرش كما في الثلاثة التي ذكرها المصنف ، ورابعها تشترك في عدم إمكان النقل من شخص إلى شخص مطلقا ، لكن الأول للهلاك الحسي ، والعتق خارج عن الملك وغير قابل للنقل شرعا ، والمستولدة غير قابلة للنقل ولكنها مملوكة والموقوف على الخلاف في انتقال الملك فهو بين العتق والاستيلاد . وأما ما لا يمنع النقل من شخص إلى شخص مطلقا ، فإما أن يكون مع بقاء ملك المشتري ، أو مع زواله إن كان مع زواله . وسيأتي [ ص: 521 ] في كلام المصنف إن شاء الله تعالى ، وإن كان مع مقابله ، فقد تقدم جملة منه عند الكلام في العيب الحادث ; لأن منها ما هو عيب .