( الشرح ) هذا الفصل للسبب الثالث من أسباب الخيار ، وهو إخلاف ما ظن بالالتزام الشرطي ، والغزالي يرى أنه الأصل للسببين الماضيين ، وهما التغرير الفعلي وانتفاء الغرض . وقد تقدم الكلام في ذلك ، وقد بنى المصنف كلامه على صحة البيع مع خلف الشرط ، وذلك هو المشهور عندنا وعند جمهور العلماء ، وقد تقدم أن الحناطي حكى قولا غريبا أن الخلف في الشرط يوجب فساد البيع والتفريع على المشهور ، فإذا شرط أنه كاتب أو يحسن صنعة فخرج بخلاف ذلك ثبت له الرد . وقول المصنف : " لأنه أنقص مما شرط " أي فصار كالمعيب الذي يخرج أنقص مما اقتضاه العرف ، ولهذا يعبر الغزالي وغيره بخيار النقيصة في الأسباب الثلاثة المذكورة في هذا الباب . واكتفى المصنف بالأمثلة عن الضابط وقد ذكر الإمام والغزالي والرافعي ضابطا . واختلفت عباراتهم فيه ، وجملته أن الصفات على ثلاثة أقسام :
( الأول ) التي تتعلق بها زيادة مالية يصح التزامها ويثبت الخيار بالخلف فيها
( الثاني ) ما يتعلق بها غرض صحيح غير المال ، والخلف فيها يثبت الخيار وفاقا أو على خلاف فيه ، وذلك تحت قوة الغرض [ ص: 575 ] وضعفه . هكذا قال الرافعي وأطلق الإمام والغزالي جريان الخلاف في هذا القسم
( والثالث ) ما لا تتعلق به مالية ولا غرض مقصود ، فاشتراطه لغو ولا خيار بفقده ، وأجاد النووي في الروضة فجعلها قسمين ( أحدهما ) يتعلق به غرض مقصود والخلف فيه يثبت الخيار وفاقا أو على خلاف . ( والثاني ) لا يتعلق به غرض مقصود فاشتراطه لغو . وهذه العبارة أولى فإنه قد يفوت الغرض دون المال ، ويثبت الخيار قطعا ويفوت المال دون الغرض ، فيجري الخلاف كما يأتي في الخصي والفحل . فالمعتبر الغرض وبفوته يحصل الوفاق ، وبضعفه يحصل الخلاف ، وبانتفائه بالكلية يقطع بعدم الخيار ، ومسائل الفصل منزلة على هذا الضابط . فالمثالان اللذان ذكرهما المصنف هنا من القسم الأول يفوت بهما مالية وغرض قوي . وكذلك لا خلاف فيهما . قال الأصحاب : ويكفي أن يوجد من الصفة المذكورة ما ينطلق عليه الاسم ولا يشترط النهاية فيها .
بقي شرط الكتابة عند الإطلاق يكفي اسم الكتابة وإن لم يكن مستحسنا . ولو شرط حسن الخط ، فإن كان غير مستحسن في العادة فله الخيار ، وإن كان مستحسنا فلا خيار له . قال صاحب التتمة : والكلام في كون هذا الخيار على الفور . وفي كيفية الفور على ما تقدم في العيب سواء . ممن صرح بهذا صاحب التهذيب ، وإن اختلفا فقال المشتري : اشتريت بشرط الكتابة وأنكر البائع ، تحالفا ، وقيل : القول قول البائع مع يمينه . قاله في التهذيب
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين : ولو شرط أنه حجام فأخلف ثبت الخيار ، وإن كان صادقا في جملة الحرف غير الحجامة . واعلم أن هذا الفرع الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي يحتمل أن يكون مجزوما به ، ويدل ذلك على أنه لا عبرة بزيادة المالية من جهة أخرى ، مع فواتها من الجهة المشروطة وكذلك شرط الكتابة قد يخلف ويكون متصفا [ ص: 576 ] بصفات تزيد على قيمة الكتابة فلا يمنع ذلك من قولنا : إنه فات غرض ومالية ، على أني نبهت أن الأجود اعتبار قوة الغرض وضعفه دون اعتبار المال ، والغرض قد يتعلق بصفة ولا يقوم غيرها مقامها وإن كان أفضل منها من جهة أخرى .