( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر صحيح ، رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة ، ومذهبنا أنه لا ينتقض الوضوء بشيء من المأكولات ، [ ص: 66 ] سواء ما مسته النار وغيره غير لحم الجزور وفي لحم الجزور بفتح الجيم وهو لحم الإبل قولان ، الجديد المشهور لا ينتقض ، وهو الصحيح عند الأصحاب والقديم أنه ينتقض . وهو ضعيف عند الأصحاب ولكنه هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل وهو الذي أعتقد رجحانه ، وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى ترجيحه واختياره والذب عنه ، وسنرى دليله إن شاء الله تعالى .
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة مذاهب ( أحدها ) : لا يجب الوضوء بأكل شيء سواء ما مسته النار ولحم الإبل وغير ذلك ، وبه قال جمهور العلماء وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=86وأبي طلحة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=49وعامر بن ربيعة وأبي أمامة رضي الله عنهم وبه قال جمهور التابعين nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وقالت طائفة : يجب مما مسته النار ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز والحسن والزهري nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبي قلابة وأبي مجلز وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن جماعة من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=86وأبي طلحة nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم .
وقالت طائفة : يجب من أكل لحم الجزور خاصة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى ، وحكاه الماوردي عن جماعة من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=86وأبي طلحة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وعائشة ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة الصحابي nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=11997وأبي خيثمة واختاره من أصحابنا أبو بكر بن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ، وأشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي كما سبق . واحتج من أوجبه مما مست النار بأحاديث صحيحة منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة عن النبي : صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=17040توضئوا مما مست النار } " رواها كلها nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، وفي المسألة عن nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم . واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة ، منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=1579أن النبي [ ص: 67 ] صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ، ثم صلى ولم يتوضأ } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
واحتج الأصحاب أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المذكور في الكتاب ، واعترض عليه جماعة ممن نفى القول بإيجاب الوضوء ، فقالوا : لا دلالة فيه ; لأنه مختصر من حديث طويل رواه أبو داود وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=18982ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى امرأة من الأنصار فقربت شاة مصلية أي : مشوية ، فأكل وأكلنا فحانت الظهر ، فتوضأ ثم صلى ، ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل ، ثم حانت صلاة العصر فصلى ولم يتوضأ } " قالوا : فقوله : آخر الأمرين " يريد هذه القضية وأن الصلاة الثانية هي آخر الأمرين يعني آخر الأمرين من الصلاتين لا مطلقا ، وممن قال هذا التأويل nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود السجستاني قالوا : والأحاديث الواردة بالأمر بالوضوء متأخرة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وناسخة له ، وممن قال هذا الزهري وغيره فعندهم أن أحاديث ترك الوضوء منسوخة بأحاديث الأمر به ، وهذا الذي قالوه ليس كما زعموه ، فأما تأويلهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فهو خلاف الظاهر بغير دليل فلا يقبل وهذه الرواية المذكورة لا تخالف كونه آخر الأمرين ، فلعل هذه القضية هي آخر الأمرين واستمر [ ص: 68 ] العمل بعدها على ترك الوضوء ، ولا يجوز أيضا أن يكون ترك الوضوء قبلها ، فإنه ليس فيها أن الوضوء كان لسبب الأكل ، وأما دعواهم نسخ أحاديث ترك الوضوء فهي دعوى بلا دليل فلا تقبل وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن الإمام الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14274عثمان بن سعيد الدارمي شيخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم قال : اختلف الأول والآخر من هذه الأحاديث ، فلم يقف على الناسخ منها ببيان يحكم به فأخذنا بإجماع الخلفاء الراشدين والأعلام من الصحابة رضي الله عنهم في الرخصة في ترك الوضوء مع أحاديث الرخصة .
قال : وأما ما روي عن أبي جعفر عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " أنه أتي بقصعة من لحم الجزور من الكبد والسنام ، فأكل ولم يتوضأ " فهو منقطع وموقوف قال وبمثل هذا لا يترك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . واحتج أصحابنا بأشياء ضعيفة في مقابلة هذين الحديثين فتركتها لضعفها ، والمعتمد للمذهب حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المذكور : " كان آخر الأمرين " ولكن [ ص: 69 ] لا يرد عليهم ; لأنهم يقولون ينتقض بأكله نيئا وأصحابنا يقولون : هو محمول أكله مطبوخا ; لأنه الغالب المعهود وأجاب الأصحاب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بجوابين : أحدهما : أن النسخ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر كان آخر الأمرين . والثاني : حمل الوضوء على غسل اليد والمضمضة . قالوا : وخصت الإبل بذلك لزيادة سهوكة لحمها ، وقد نهى أن يبيت وفي يده أو فمه دسم خوفا من عقرب ونحوها ، وهذان الجوابان اللذان أجاب بهما أصحابنا ضعيفان .
أما حمل الوضوء على اللغوي فضعيف ; لأن الحمل على الوضوء الشرعي مقدم على اللغوي كما هو معروف في كتب الأصول ، وأما النسخ فضعيف أو باطل ; لأن حديث ترك الوضوء مما مست النار عام ، وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص ، والخاص يقدم على العام ، سواء وقع قبله أو بعده وأقرب ما يستروح إليه قول الخلفاء الراشدين وجماهير الصحابة والله أعلم .
( فرع ) لا فرق عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بين أكل لحم الإبل مطبوخا ونيئا ومشويا ففي كله الوضوء ، وكذا قولنا القديم ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد رواية أنه يجب الوضوء من شرب لبن الإبل ولا أعلم أحدا وافقه عليها ، ومذهبنا ومذهب العلماء كافة لا وضوء من لبنها . واحتج أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير - بضم أولهما والحاء مهملة والضاد معجمة - رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=30677لا توضئوا من ألبان الغنم وتوضئوا من ألبان الإبل } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناد ضعيف فلا حجة فيه ودليلنا أن الأصل الطهارة ولم يثبت ناقض .
واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في أكل كبد الجزور وطحاله وسنامه ودهنه ومرقه ، وعندنا وعند الجمهور لا ينقض لما سبق في اللبن ، وأما قول الغزالي رحمه الله في الوسيط : لا وضوء مما مسته النار خلافا nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد فما أنكروه عليه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لا ينقض بما مست النار ، وإنما ينقض بالجزور خاصة والله أعلم .