( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسنده ، وفي الأم بإسناده الصحيح بهذا اللفظ المذكور في الكتاب ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه دون قوله : لغائط ولا بول ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب ، [ ص: 93 ] ووقع في المهذب لغائط باللام . وقد روي هذا الحديث لغائط وبغائط ، باللام وبالباء ، وكلاهما صحيح . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وإسناده حسن ، لكن أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه في ترجمة خالد بن أبي الصلت إلى أن فيه علة وقوله صلى الله عليه وسلم " أوقد فعلوها " هو بفتح الواو ، وهي واو العطف ، وهو استفهام توبيخ وتقريع قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى { أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون } إنما جعل الاستفهام للتوبيخ ; لأنه يقتضي الإقرار ، بما الإقرار به فضيحة كما يقتضي الاستفهام الإخبار عن المستفهم عنه ، والمقعدة بفتح الميم ، وهي موضع القعود لقضاء حاجة الإنسان .
( أما حكم المسألة ) فمذهبنا أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط في الصحراء ، ولا يحرم ذلك في البنيان ، ودليله ما ذكره المصنف مع ما سأذكره في فروع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى . قال أصحابنا الخراسانيون وجماعة من العراقيين منهم صاحب الشامل : إنما يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان بشرط أن يكون بينه وبين الجدار ونحوه ثلاث أذرع فما دونها ، ويكون الجدار ونحوه مرتفعا قدر مؤخرة الرحل ، فإن زاد ما بينهما على ثلاث أذرع أو قصر الحائل عن مؤخرة الرحل فهو حرام ، إلا إذا كان في بيت بني لذلك فلا حرج فيه . قالوا : ولو كان في الصحراء وتستر بشيء على ما ذكرناه من الشرطين زال التحريم ، فالاعتبار بالساتر وعدمه . فحيث وجد الساتر بالشرطين حل في البناء والصحراء وحيث فقد أحد الشرطين حرم في الصحراء والبناء . وذكر الماوردي والروياني وجهين : ( أحدهما ) هذا ( والثاني ) يحل في البناء مطلقا بلا شرط ويحرم في الصحراء مطلقا ، وإن قرب من الساتر . والصحيح الأول قال أصحابنا : ولا فرق في الساتر بين الجدار والدابة والوهدة وكثيب الرمل ونحو ذلك . ولو أرخى ذيله في قبالة القبلة فهل يحصل به الستر ؟ فيه [ ص: 94 ] وجهان ، حكاهما إمام الحرمين وغيره ( أحدهما ) لا يحصل ; لأنه لا يعد ساترا ( وأصحهما ) يحصل ; لأن المقصود أن لا يستقبل ولا يستدبر بسوأته ، وهذا المقصود يحصل بالذيل ، وبهذا الثاني قطع الفوراني وآخرون وصححه الإمام والغزالي في البسيط وحيث جوزنا الاستقبال قال المتولي : يكره . وقال إمام الحرمين : إذا كان في بيت يعد مثله ساترا لم يحرم الاستقبال والاستدبار ، لكن الأدب أن يتوقاهما ويهيئ مجلسه ماثلا عنهما ، ولم يتعرض الجمهور للكراهة التي ذكرها المتولي ، والمختار أنه لا كراهة ، للأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله تعالى ، لكن الأدب والأفضل الميل عن القبلة إذا أمكن بلا مشقة ، والله أعلم
( فرع ) إذا تجنب استقبال القبلة واستدبارها حال خروج البول والغائط ، ثم أراد استقبالها حال الاستنجاء ، فمقتضى مذهبنا وإطلاق أصحابنا جوازه ; لأن النهي ورد في استقبالها واستدبارها ببول أو غائط ، وهذا لم يفعله . ونقل الروياني في الحلية جوازه عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قال : وهو صحيح يحتمله مذهبنا ، ولا كراهة أيضا في إخراج الريح إلى القبلة لما ذكرناه والله أعلم .
( فرع ) قال العبدري من أصحابنا في كتابه الكفاية : يجوز عندنا الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها في البناء والصحراء ، قال : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، واختلف فيه أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، فجوزه ابن القاسم وكرهه ابن حبيب ، ونقل غير العبدري من أصحابنا أيضا أنه لا كراهة فيه عندنا ; لأن الشرع ورد في البول والغائط ، والله أعلم .
( أحدهما ) أنه نهى عن استقبال بيت المقدس حيث كان قبلة . ثم نهى عن الكعبة حين صارت قبلة فجمعهما الراوي . قال صاحب الحاوي : هذا تأويل nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي nindex.php?page=showalam&ids=12535وأبي علي بن أبي هريرة ( والثاني ) المراد بالنهي أهل المدينة لأن من استقبل بيت المقدس وهو في المدينة استدبر الكعبة . وإن استدبره استقبلها ، والمراد بالنهي عن استقبالهما النهي عن استقبال الكعبة واستدبارها . قال صاحب الحاوي : هذا تأويل عن بعض المتقدمين ، فهذان تأويلان مشهوران للأصحاب ، ولكن في كل واحد منهما ضعف ، والظاهر المختار أن النهي وقع في وقت واحد ، وأنه عام لكلتيهما في كل مكان ، ولكنه في الكعبة نهي تحريم في بعض الأحوال على ما سبق ، وفي بيت المقدس نهي تنزيه ، ولا يمتنع جمعهما في النهي وإن اختلف معناه ، وسبب النهي عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة . وقد اختار nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي هذا التأويل . فإن قيل : لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه ؟ قلنا : للإجماع فلا نعلم من يعتد به حرمه . والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط . هي أربعة مذاهب : ( أحدها ) مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن ذلك حرام في الصحراء جائز في البنيان على ما سبق ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك وإسحاق ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
( والمذهب الثاني ) يحرم ذلك في الصحراء والبناء وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري الصحابي nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
( والثالث ) يجوز ذلك في البناء والصحراء وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير . nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري .
( والرابع ) يحرم الاستقبال في الصحراء والبناء ; ويحل الاستدبار فيهما وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . [ ص: 96 ] واحتج لمن حرم مطلقا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=9313إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ، ولكن شرقوا أو غربوا } " قال nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب : " فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة ، فننحرف ونستغفر الله " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=9844إذا جلس أحدكم على حاجة فلا يستقبلن القبلة ولا يستدبرها } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وعن سلمان رضي الله عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=37971نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، قالوا ولأنه إنما منع لحرمة القبلة وهذا موجود في البناء كالصحراء ولأنه لو كفى الحائل لجاز في الصحراء ، فإن بيننا وبين الكعبة أودية وجبالا وأبنية . واحتج أصحابنا عليهم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة المذكور في الكتاب وبحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=13047nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين مستقبلا بيت المقدس مستدبرا الكعبة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38726نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها } " حديث حسن ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود والترمذي ، وهذا لفظهما ، قال الترمذي : حديث حسن . وعن مروان الأصفر قال " رأيت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليها فقلنا يا nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا ؟ قال بلى إنما نهي عن ذلك في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس " رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين وقال : هو صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولأنه تلحقه المشقة في اجتناب القبلة في البناء دون الصحراء ، فإن قالوا : خصوا الجواز بمن لحقه مشقة ، قلنا : الرخصة ترد لسبب ، ثم تعم كالقصر ، ولأن الأحاديث تعارضت في المنع والجواز فوجب الجمع بينهما ويحصل الجمع بينهما بما قلناه فإنها جاءت على فقه ولا تكاد تحصل بغيره . [ ص: 97 ] وأما الجواب عن الأحاديث التي احتجوا بها . فهو أنها محمولة على من كان بالصحراء للجمع بين الأحاديث ، وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب رضي الله عنه فننحرف ونستغفر الله تعالى فجوابه من وجهين : أحدهما : أنه شك في عموم النهي فاحتاط بالاستغفار . والثاني : أن هذا مذهبه ، ولم ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا ، وقد خالفه غيره من الصحابة ، كما سبق ، وأما قولهم : المنع لحرمة القبلة وما بعده فجوابه أن الشرع ورد بالفرق على ما قدمناه فلا يلتفت إلى قياس ومعنى يخالفه . ومع هذا فالفرق ظاهر فإن المشقة تلحق في البناء دون الصحراء . واحتج من أباح مطلقا بحديثي nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة قالوا : وهما ناسخان للنهي . قالوا : ولأن الأحاديث تعارضت فرجعنا إلى الأصل . واحتج أصحابنا بأن الأحاديث السابقة صحيحة فلا يجوز إلغاؤها بل يجب الجمع بينها فجمعنا بينها واستعملناها ولم نعطل شيئا منها . وأما قولهم : ناسخان فخطأ لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع ولم يتعذر هنا وأما من جوز الاستدبار - دون الاستقبال - فمحجوج بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالنهي عنهما جميعا والله أعلم .
( فرع ) قول المصنف : " ولأن في الصحراء خلقا من الملائكة والجن يصلون " هكذا قاله أصحابنا واعتمدوه ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد ضعيف عن الشعبي التابعي من قوله وهو تعليل ضعيف فإنه لو قعد قريبا من حائط واستقبله ووراءه فضاء واسع جاز بلا شك صرح به إمام الحرمين البغوي وغيرهما ويدل عليه ما قدمناه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه أناخ راحلته وبال إليها فهذا يبطل هذا التعليل فإنه لو كان صحيحا لم يجز في هذه الصورة ، فإنه مستدبر الفضاء الذي فيه المصلون ، ولكن التعليل الصحيح أن جهة القبلة معظمة ، فوجب صيانتها في الصحراء ، ورخص فيها في البناء للمشقة ، وهذا التعليل اعتمده القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي والروياني وغيرهم ، والله أعلم .