( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد صحيح ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريقين لفظه فيهما : ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=12449إنما الماء من الماء } ) ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره : ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الماء من الماء } ) كما وقع في المهذب يجب الغسل بالماء من إنزال الماء الدافق وهو المني . أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بلفظه في المهذب ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم [ ص: 157 ] أيضا والدارمي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . ويجمع بين الروايات بأن الجميع حضروا القصة فرووها . nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة هي أم المؤمنين واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة المخزومية ، كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة nindex.php?page=showalam&ids=233لأبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ، وهاجر بها الهجرتين إلى الحبشة ، ثم توفي فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أربع ، وقيل : سنة ثلاث ، توفيت سنة تسع وخمسين ولها أربع وثمانون سنة ، ودفنت بالبقيع . وأما nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم فهي أم أنس بن مالك بلا خلاف بين العلماء ، وقول الصيدلاني وإمام الحرمين والغزالي والروياني : هي جدة nindex.php?page=showalam&ids=9أنس غلط بلا شك بإجماع أهل النقل من الطوائف ، قيل : اسمها سهلة ، وقيل : رميلة ، وقيل رميثة وقيل : أنيقة ، وقيل غير ذلك ، وهي من فاضلات الصحابيات ومشهوراتهن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها ويكرم أختها nindex.php?page=showalam&ids=11471أم حرام بنت ملحان ويقيل عندهما وكانتا خالتيه ومحرمين له واسم nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة زوجها زيد بن سهل شهد العقبة وبدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من النقباء ليلة العقبة ، ومناقبه مشهورة ( 201 ) وقولها : " إن الله لا يستحي من الحق " روي يستحيي بياءين ، وروي يستحي بياء واحدة وكلاهما صحيح ، والأصل بياءين فحذفت إحداهما .
قال الأخفش : أستحي بواحدة لغة تميم وأستحيي بياءين لغة أهل الحجاز ، وبها جاء القرآن والاحتلام افتعال من الحلم - بضم الحاء وإسكان اللام - وهو ما يراه النائم من المنامات ، يقال : حلم في منامه - بفتح الحاء واللام - واحتلم وحلمت كذا وحلمت بكذا ، هذا أصله ، ثم جعل اسما لما يراه النائم من الجماع فيحدث معه إنزال المني غالبا ، فغاب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام ، لكثرة الاستعمال . [ ص: 158 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا رأت الماء " بيان لحالة وجوب الغسل بالاحتلام ، وهي إذا كان معه إنزال المني ، والله أعلم . وقوله : واليقظة هي - بفتح القاف - وهي ضد النوم . أما أحكام الفصل ففيه مسائل ( إحداها ) أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني ، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلام ، أو استمناء ، أو نظر ، أو بغير سبب ، سواء خرج بشهوة أو غيرها . وسواء تلذذ بخروجه أم لا ، وسواء خرج كثيرا أو يسيرا ولو بعض قطرة ، وسواء خرج في النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة ، العاقل والمجنون ، فكل ذلك يوجب الغسل عندنا وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : لا يجب إلا إذا خرج بشهوة ودفق ، كما لا يجب بالمذي لعدم الدفق . دليلنا الأحاديث الصحيحة المطلقة ، كحديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الماء من الماء } " وبالقياس على إيلاج الحشفة ، فإنه لا فرق فيه ، ولا يصح قياسهم على المذي ; لأنه في مقابلة النص ، ولأنه ليس كالمني وحكى صاحب البيان عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أنه قال : ( لا يجب على المرأة الغسل بخروج المني ) ولا أظن هذا يصح عنه ، فإن صح عنه فهو محجوج بحديثnindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة . وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر محمد بن جرير الطبري إجماع المسلمين على وجوب الغسل بإنزال المني من الرجل والمرأة ، والله أعلم .
( المسألة الثانية ) إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني - على القرب - بعد غسله لزمه الغسل ثانيا ; سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله ، هذا مذهبنا نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واتفق عليه الأصحاب ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في رواية عنه . قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه : لا غسل مطلقا ، وهي أشهر الروايات ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء والزهري وغيرهم رضي الله عنهم [ ص: 159 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن كان ما بال قبل الغسل ثم خرج المني فلا غسل عليه لأنه بقية المني الذي اغتسل عنه وإلا فيجب الغسل ثانيا ، وهو رواية ثالثة عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة عكس هذا ، إن كان بال لم يغتسل ; لأنه مني عن غير شهوة وإلا وجب الغسل لأنه عن شهوة . دليلنا على الجميع قوله صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الماء من الماء } " ولم يفرق ، ولأنه نوع حدث فنقض مطلقا كالبول والجماع وسائر الأحداث
( الثالثة ) لو قبل امرأة فأحس بانتقال المني ونزول فأمسك ذكره فلم يخرج منه في الحال شيء ، ولا علم خروجه بعد ذلك ، فلا غسل عليه عندنا ، وبه قال العلماء كافة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، فإنه قال - في أشهر الروايتين عنه - يجب الغسل ، قال : ولا يتصور رجوع المني . دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=12449إنما الماء من الماء } " ولأن العلماء مجمعون على أن من أحس بالحدث كالقرقرة والريح ، ولم يخرج منه شيء لا وضوء عليه ، فكذا هنا ، قال صاحب الحاوي : ولو أنزلت المرأة المني إلى فرجها فإن كانت بكرا لم يلزمها الغسل حتى يخرج من فرجها ; لأن داخل فرجها في حكم الباطن ، ولهذا لا يلزمها تطهيره في الاستنجاء والغسل ، فأشبه إحليل الذكر ، وإن كانت ثيبا لزمها الغسل لأنه يلزمها تطهير داخل فرجها في الاستنجاء ، فأشبه العضو الظاهر .
( الرابعة ) لو انكسر صلبه فخرج منه المني ولم ينزل من الذكر ، ففي وجوب الغسل وجهان حكاهما الماوردي والروياني والشاشي وغيرهم قال الشاشي : أصحهما : لا يجب ، وبه قطع القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه ، ذكره في كتاب الحجر . قال الماوردي هما مأخوذان من القولين في انتقاض الوضوء بخارج من منفتح غير السبيلين وقال المتولي : إذا خرج المني من ثقب في الذكر غير الإحليل أو من ثقب في الأنثيين أو الصلب فحيث نقضنا الوضوء بالخارج منه أوجبنا الغسل وقطع البغوي بوجوب الغسل بخروجه من غير الذكر ، والصواب تفصيل المتولي . قال أصحابنا : وهذا الخلاف في المني المستحكم ، فإن لم يستحكم لم يجب الغسل بلا خلاف ولو خرج المني من قبلي الخنثى [ ص: 160 ] المشكل لزمه الغسل فإن خرج من أحدهما ففيه طريقان حكاهما صاحب البيان وغيره .
( أحدهما ) يجب ( والثاني ) على وجهين ، وسبق بيانه في باب ما ينقض الوضوء ولو خرج المني من دبر رجل أو امرأة ففي وجوب الغسل وجهان ، أشار إليهما القاضي أبو الفتوح بناء على الخروج من غير المخرج والله أعلم .
( فرع ) في لغات المني والودي والمذي ، وتحقيق صفاتها ، أما المني فمشدد ، ويسمى منيا لأنه يمنى أي يصب ، وسميت منيا لما يراق فيها من الدماء ويقال : أمنى ومنى بالتخفيف ومنى بالتشديد ثلاث لغات ، الأولى أفصح وبها جاء القرآن قال الله تعالى { أفرأيتم ما تمنون } وفي المذي ثلاث لغات المذي بإسكان الذال وتخفيف الياء ، والمذي بكسر الذال وتشديد الياء ، وهاتان مشهورتان . قال الأزهري وغيره : التخفيف أفصح وأكثر ، والثالثة المذي بكسر الذال وإسكان الياء ، حكاها أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ويقال : مذى بالتخفيف وأمذى ومذى بالتشديد ، والأولى أفصح والودي - بإسكان الدال المهملة وتخفيف الياء - ولا يجوز عند جمهور أهل اللغة غير هذا .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري في الصحاح عن الأموي أنه قال بتشديد الياء وحكى صاحب مطالع الأنوار لغة أنه بالذال المعجمة وهذان شاذان ويقال ودى بتخفيف الدال وودى بالتشديد ، والأولى أفصح ، قال الأزهري : لم أسمع غيرها قال أبو عمر الزاهد : قال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : يقال مذى وأمذى ومذى بالتشديد وهو المذي مثال الرمي . والمذى مثال العمى وودى وأودى وودى . وأمنى ومنى ومنى قال : والأولى منها كلها أفصح وأما صفاتها فمما يتأكد الاعتناء به لكثرة الحاجة إليه ، فمني الرجل في حال صحته أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفعة بعد دفعة ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه ثم إذا خرج يعقبه فتور ورائحته كرائحة طلع النخل قريبة من رائحة العجين وإذا يبس كانت رائحته كرائحة البيض ، هذه صفاته ، وقد يفقد بعضها مع أنه مني موجب للغسل ، بأن يرق ويصفر لمرض أو يخرج بغير شهوة ، ولا لذة لاسترخاء وعائه ، أو يحمر لكثرة الجماع ويصير كماء اللحم ، وربما خرج دما عبيطا ، ويكون طاهرا موجبا للغسل .
وفي تعليق [ ص: 161 ] أبي محمد الأصبهاني أنه في الشتاء أبيض ثخين وفي الصيف رقيق ، ثم إن من صفاته ما يشاركه فيها غيره . كالثخانة والبياض يشاركه فيه الودي ، ومنها ما لا يشاركه فيها غيره وهي خواصه التي عليها الاعتماد في معرفته ، وهي ثلاث ( إحداها ) الخروج بشهوة مع الفتور عقيبه ( والثانية ) الرائحة التي تشبه الطلع والعجين ، كما سبق ( والثالثة ) الخروج بتزريق ودفق في دفعات ، فكل واحدة من هذه الثلاثة كافية في كونه منيا ولا يشترط اجتماعها ، فإن لم يوجد منها شيء لم يحكم بكونه منيا . وأما مني المرأة فأصفر رقيق . قال المتولي : وقد يبيض لفضل قوتها ، قال إمام الحرمين والغزالي : ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك ، وقال الروياني : رائحته كرائحة مني الرجل ، فعلى هذا له خاصيتان يعرف بإحداهما ، وقال البغوي : خروج منيها بشهوة أو بغيرها يوجب الغسل كمني الرجل وذكر الرافعي أن الأكثرين قالوا تصريحا وتعريضا يطرد في منيها الخواص الثلاث ، وأنكر عليه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح وقال : هذا الذي ادعاه ليس كما قاله ، والله أعلم .
وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة ، لا بشهوة ، ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ، ويشترك الرجل والمرأة فيه ، قال إمام الحرمين : وإذا هاجت المرأة خرج منها المذي ، قال : وهو أغلب فيهن منه في الرجال وأما الودي فماء أبيض كدر ثخين ، يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة ولا رائحة له ، ويخرج عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة وعند حمل شيء ثقيل ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما . وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي ، واتفق أصحابنا على وجوب الغسل بخروج المني على أي حال ، ولو كان دما عبيطا ويكون حينئذ طاهرا ، صرح به الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والأصحاب وحكى الرافعي وجها شاذا أنه إذا كان كلون الدم لم يجب الغسل ، وليس بشيء والله أعلم