( الشرح ) هذا الفصل مشتمل على جمل ويتعلق به فروع كثيرة منتشرة ، فالوجه أن نشرح كلام المصنف مختصرا ثم نعطف عليه مذاهب العلماء ثم الفروع والمتعلقات ، أما الآية الكريمة فسيأتي تفسيرها والمراد بها في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31879لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن } " فرواه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهم وهو حديث ضعيف ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما ، والضعف فيه بين ، وسنذكر في فرع مذاهب العلماء غيره مما يغني عنه وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فصحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وقوله : فلأن يحرم على الجنب هو بفتح اللام ، وقد سبق إيضاحه في باب الآنية ثم في مواضع . وقوله : لا يقرأ الجنب ، بكسر الهمزة ، وروي بضمها على الخبر ، الذي يراد به النهي وهما صحيحان ، وممن ذكرها القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في هذا الموضع من تعليقه ونظائرهما كثيرة مشهورة ، واللبث هو الإقامة . قال أهل اللغة : يقال لبث بالمكان وتلبث أي أقام قال الأزهري وصاحب المحكم وغيرهما : يقال لبث يلبث لبثا ولبثا بإسكان الباء وفتحها زاد في المحكم ولباثة ولبيثة ، يعني بفتح اللام فيهما . وأما الجنابة فأصلها في اللغة البعد وتطلق في الشرع على من أنزل المني ، وعلى من جامع وسمي جنبا ، لأنه يجتنب الصلاة والمسجد والقراءة ويتباعد عنها ، ويقال : أجنب الرجل ، يجنب وجنب بضم الجيم وكسر النون ، يجنب بضم الياء وفتح النون لغتان مشهورتان ، الأولى أفصح وأشهر ، يقال رجل [ ص: 178 ] جنب ورجلان ورجال وامرأة وامرأتان ونسوة جنب بلفظ واحد ، قال الله تعالى : { وإن كنتم جنبا فاطهروا } قال أهل اللغة : ويقال : جنبان وأجناب فيثنى ويجمع والأول أفصح وأشهر .
( وأما حكم المسألة ) فيحرم على الجنب ستة أشياء الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد وقراءة القرآن ، فأما الأربعة الأولى فتقدم شرحها وما يتعلق بها في باب ما ينقض الوضوء ، وأما قراءة القرآن فيحرم كثيرها وقليلها حتى بعض آية ، وكذا يحرم اللبث في جزء من المسجد ولو لحظة . وأما العبور فلا يحرم ، وقد ذكر المصنف دليل الجميع ، قال أصحابنا : ويكره للجنب أن ينام حتى يتوضأ ، ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من وطئها أولا أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه في كل هذه الأحوال ولا يستحب هذا الوضوء للحائض والنفساء ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي واتفق عليه الأصحاب ، ودليله ما ذكره المصنف أن الوضوء لا يؤثر في حدثها لأنه مستمر ، فلا تصح الطهارة مع استمراره ، وهذا ما دامت حائضا ، فأما إذا انقطع حيضها فتصير كالجنب يستحب لها الوضوء في هذه المواضع ، لأنه يؤثر في حدثها كالجنب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود وأن السبيعي دلس ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وحديث السبيعي بهذه الزيادة صحيح من جهة الرواية لأنه بين سماعه من الأسود والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه وكان ثقة فلا وجه لرده .
( قلت ) قالت طائفة من أهل الحديث والأصول : إن المدلس لا يحتج بروايته وإن بين السماع ، والصحيح الذي عليه الجمهور أنه إذا بين السماع احتج به ، فعلى الأول لا يكون الحديث صحيحا ، ولا يحتاج إلى جواب ، وعلى الثاني جوابه من وجهين .
( أحدهما ) ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن ابن سريج [ ص: 180 ] رحمه الله واستحسنه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أن معناه : لا يمس ماء للغسل ، لنجمع بينه وبين حديث الآخر ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الثابتين في الصحيحين .
( فرع ) روى أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي بإسناد جيد عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30138لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة [ ص: 181 ] ولا جنب ولا كلب } " قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي المراد الملائكة الذين ينزلون بالرحمة والبركة لا الحفظة لأنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره قال : وقيل لم يرد بالجنب من أصابته جنابة فأخر الاغتسال إلى حضور الصلاة ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=44008كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد } . " قال : وأما الكلب فهو أن يقتني كلبا لغير الصيد والزرع والماشية وحراسة الدار ، قال : وأما الصورة [ ص: 182 ] فهي كل مصور من ذوات الأرواح ، سواء كان على جدار أو سقف أو ثوب . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل .
( فرع ) هذا الذي ذكرناه من كراهة النوم قبل الوضوء للجنب هو مذهبنا وبه قال أكثر السلف أو كثير منهم ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=75وشداد بن أوس وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وأصحاب الرأي : هو بالخيار ، دليلنا الأحاديث السابقة والله أعلم
( فرع ) في مذاهب العلماء في قراءة الجنب والحائض ، مذهبنا أنه يحرم على الجنب والحائض قراءة القرآن قليلها وكثيرها حتى بعض آية ; وبهذا قال أكثر العلماء كذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره عن الأكثرين ، وحكاه أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر رضي الله عنهم والحسن والزهري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15858داود : يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن ، وروي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما : واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : يقرأ الجنب الآيات اليسيرة للتعوذ ، وفي الحائض روايتان عنه ( إحداهما ) تقرأ ( والثانية ) لا تقرأ ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يقرأ الجنب بعض آية ولا يقرأ آية وله رواية كمذهبنا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب جماع الطهور ، وقال : وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وإنما توقف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ثبوته لأن مداره على عبد الله بن سلمة وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة وإنما روى هذا الحديث بعدما كبر ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، ثم روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن الأئمة تحقيق ما قال ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه كره القراءة للجنب ، ثم رواه بإسناده عنه . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي لا يقرأ الجنب القرآن ولا حرفا واحدا ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن عبد الله بن مالك الغافقي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9795إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل } " وإسناده أيضا ضعيف . واحتج أصحابنا أيضا بقصة nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة رضي الله عنه المشهورة : " أن امرأته رأته يواقع جارية له ، فذهبت فأخذت سكينا وجاءت تريد قتله ، فأنكر أنه واقع الجارية وقال " { أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنب أن يقرأ القرآن ؟ قالت : بلى فأنشدها الأبيات المشهورة فتوهمتها قرآنا فكفت عنه ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فضحك ولم ينكر عليه } " . والدلالة فيه من وجهين ( أحدهما ) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه قوله : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ( والثاني ) أن هذا كان مشهورا عندهم يعرفه رجالهم ونساؤهم ، ولكن إسناد هذه القصة ضعيف ومنقطع . وأجاب أصحابنا عن احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=15858داود بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بأن المراد بالذكر غير القرآن ، فإنه المفهوم عند الإطلاق . وأما المذاهب الباقية فقد سلموا تحريم القراءة في الجملة ، ثم ادعوا تخصيصا لا مستند له . فإن قالوا : جوزنا للحائض خوف النسيان ، قلنا : يحصل المقصود بتفكرها بقلبها . والله أعلم
[ ص: 184 ] فرع ) في مذاهب العلماء في مكث الجنب في المسجد وعبوره فيه بلا مكث ، مذهبنا أنه يحرم عليه المكث في المسجد جالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان ، متوضئا كان أو غيره ، ويجوز له العبور من غير لبث ، سواء كان له حاجة أم لا ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر مثل هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك . وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه أنه لا يجوز له العبور إلا أن لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يحرم المكث ويباح العبور لحاجة ولا يباح لغير حاجة . قال : ولو توضأ استباح المكث . وجمهور العلماء على أن الوضوء لا أثر له في هذا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر : يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا . وحكاه الشيخ أبو حامد عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم .
واحتج من أباح المكث مطلقا ، بما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في الأشراف ، وذكره غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15203المسلم لا ينجس } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وبما احتج به nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد ، فالمسلم الجنب أولى ، وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم ، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح . واحتج أصحابنا بقول الله تعالى : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل } قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الأم : قال بعض العلماء بالقرآن : معناها لا تقربوا مواضع الصلاة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وما أشبه ما قال بما قال : لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل ، إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وعلى ما تأولها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي تأولها nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في معرفة السنن والآثار : وروينا هذا التفسير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : " كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب "
( قلت ) وخالفهم غيرهم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل " لا أرى بأفلت بأسا " وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني " هو كوفي صالح " وقال أحمد بن عبد الله العجلي " جسرة تابعية ثقة " وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه ، وقد قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم يضعفه ولم يجد لغيره فيه تضعيفا فهو عنده صالح ، ولكن هذا الحديث ضعفه من ذكرنا ، وجسرة بفتح الجيم وإسكان السين المهملة ، وأفلت بالفاء . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وجوه البيوت أبوابها ، وقال ومعنى وجهوها عن المسجد : اصرفوا وجوهها عن المسجد . وأجاب أصحابنا عن احتجاجهم بحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=15203المسلم لا ينجس } " بأنه لا يلزم من عدم نجاسته جواز لبثه في المسجد .
وأما القياس على المشرك فجوابه من وجهين : ( أحدهما ) أن الشرع فرق بينهما ، فقام دليل تحريم مكث الجنب . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في المسجد ، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية .
( والثاني ) أن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بها ، بخلاف المسلم وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئا لم يلزمه ضمانه لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي إذا أتلفا . واحتج من حرم المكث والعبور بحديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29795لا أحل المسجد لحائض ولا جنب } " وبحديث سالم بن أبي حفصة عن nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية بن سعد العوفي المفسر عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43539يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي لا يحل [ ص: 186 ] لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك } رواه الترمذي في جامعه في مناقب nindex.php?page=showalam&ids=8علي وقال : حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال أبو نعيم ضرار بن صرد : معناه لا يحل لأحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك . قال الترمذي : سمع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مني هذا الحديث واستغربه ، قالوا : ولأنه موضع لا يجوز المكث فيه ، فكذا العبور ، كالدار المغصوبة وقياسا على الحائض ومن في رجله نجاسة .
واحتج أصحابنا بما احتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره وهو قول الله تعالى { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل } وتقدم ذكر الدلالة منها . قال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : المراد بالآية أن المسافر إذا أجنب وعدم الماء جاز له التيمم والصلاة وإن كانت الجنابة باقية ، لأن هذه حقيقة الصلاة . والجواب أن هذا الذي ذكروه ليس مختصا بالمسافر بل يجوز للحاضر فلا تحمل الآية عليه ، وأما ما ذكرناه فهو الظاهر ، وقد جاء الحديث وأقوال الصحابة وتفسيرهم على وفقه فكان أولى . واحتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29127كنا نمشي في المسجد جنبا لا نرى به بأسا } " رواه الدارمي بإسناد ضعيف ، ولأنه مكلف أمن تلويث المسجد فجاز عبوره كالمحدث . وأما الجواب عن حديثهم الأول فهو أنه إن صح حمل على المكث جمعا بين الأدلة .
وأما الثاني فضعيف لأن مداره على سالم بن أبي حفصة nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية وهما ضعيفان جدا شيعيان متهمان في رواية هذا الحديث ، وقد أجمع العلماء على تضعيف سالم وغلوه في التشيع ، ويكفي في رده بعض ما ذكرنا ، لا سيما وقد استغربه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إمام الفن ، على أنه لو صح لم يكن معناه ما ذكره أبو نعيم لأنه خلاف ظاهره ، بل معناه إباحة المكث في المسجد مع الجنابة ، وقد ذكر أبو العباس بن القاص هذا في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم . وأما قياسهم على الدار المغصوبة ، فمنتقض بمواضع الخمور والملاهي والطرق الضيقة .
وأما قياسهم على من على رجله نجاسة فإنما يمنع عبوره إذا كانت النجاسة جارية أو متعرضة للجريان ، وهذا يمنع صيانة للمسجد من [ ص: 187 ] تلويثه ، والجنب بخلافه فنظير الجنب من على رجله نجاسة يابسة فله العبور . وبهذا يجاب عن قياسهم على الحائض إن حرمنا عبورها ، وإلا فالأصح جواز عبورها إذا أمنت التلويث . والله أعلم
فصل ( يتعلق بقراءة الجنب والحائض والمحدث وأذكارهم ومواضع القراءة وأحوالها ونحو ذلك ) وهذا الفصل من المهمات التي يتأكد لطالب الآخرة معرفتها ، وقد جمعت في هذا كتابا لطيفا ، وهو ( التبيان في آداب حملة القرآن ) وأنا أشير هنا إلى جمل من مقاصده إن شاء الله تعالى ، وفيه مسائل : ( إحداها ) قد ذكرنا أنه يحرم على الجنب والحائض والنفساء قراءة شيء من القرآن وإن قل حتى بعض آية ، ولو كان يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه قراءتها . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين في الفتاوى ، لأنه يقصد القرآن للاحتجاج . قال أصحابنا : ولو قال لإنسان : خذ الكتاب بقوة ، ولم يقصد به القرآن جاز ، وكذا ما أشبهه ، ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند المصيبة : { إنا لله وإنا إليه راجعون } إذا لم تقصد القرآن . قال أصحابنا الخراسانيون : ويجوز عند ركوب الدابة أن يقول : { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } لا بقصد القرآن . وممن صرح به الفوراني والبغوي والرافعي وآخرون . وأشار العراقيون إلى منعه ، والمختار الصحيح الأول . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين وغيره : ويجوز أن يقول في الدعاء { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } قال إمام الحرمين ووالده [ ص: 188 ] nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد والغزالي في البسيط : إذا قال الجنب باسم الله أو الحمد لله ، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر لم يعص وإن لم يقصد واحدا منهما لم يعص أيضا قطعا ، لأن القصد مرعي في الأبواب .
( المسألة الثانية ) تجوز للجنب قراءة ما نسخت تلاوته ك " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما " وما أشبه ، صرح به القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي وآخرون .
( الرابعة ) قال أصحابنا : إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا يصلي الفريضة وحدها لحرمة الوقت ولا يقرأ زيادة على الفاتحة ، وفي الفاتحة وجهان حكاهما الخراسانيون ( أحدهما ) ورجحه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والرافعي : لا تجوز قراءة الفاتحة أيضا لأنه عاجز عنها شرعا فيأتي بالأذكار التي يأتي بها من لا يحسن الفاتحة .
( والثاني ) وهو الصحيح وبه قطع الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وسائر العراقيين والروياني في الحلية وآخرون من الخراسانيين : أنه تجب قراءة الفاتحة ، لأنه قادر وقراءته كركوعه وسجوده ، وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى مبسوطة في باب التيمم .
( الخامسة ) غير الجنب والحائض لو كان فمه نجسا كره له قراءة القرآن . قال الروياني : وفي تحريمه وجهان خرجهما والدي ( أحدهما ) يحرم كمس المصحف بيده النجسة ( والثاني ) لا يحرم كقراءة المحدث ، كذا أطلق الوجهين ، والصحيح أنه لا يحرم ، وهو مقتضى كلام الجمهور وإطلاقهم أن غير الجنب والحائض والنفساء لا يحرم عليه القراءة .
( السادسة ) أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمحدث الحدث الأصغر والأفضل أن يتوضأ لها . قال إمام الحرمين وغيره : ولا يقال قراءة [ ص: 189 ] المحدث مكروهة ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " { أنه كان يقرأ مع الحدث } " والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر كالمحدث .
( السابعة ) لا يكره للمحدث قراءة القرآن في الحمام ، نقله صاحبا العدة والبيان وغيرهما من أصحابنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك . ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل شقيق بن سلمة التابعي الجليل والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ، والحسن وقبيصة بن ذؤيب كراهته ، وحكاه أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ورويناه في مسند الدارمي عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، فيكون عنه خلاف . دليلنا أنه لم يرد الشرع بكراهته فلم يكره كسائر المواضع .
( الثامنة ) لا تكره القراءة في الطريق مارا إذا لم يلته ، وروي نحو هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك كراهتها . قال الشعبي : تكره القراءة في الحش وبيت الرحا وهي تدور ، وهذا الذي ذكره مقتضى مذهبنا .
ويسن تحسين الصوت بالقرآن للأحاديث الصحيحة المشهورة فيه . وقد أوضحتها في التبيان وسأبسطها إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب حيث ذكر المصنف المسألة في كتاب الشهادات . قالوا : فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع ، ولا يخرج بتحسينه عن حد القراءة إلى التمطيط المخرج له عن حدوده ، ويستحب البكاء عند القراءة ، وهي صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين ، قال الله تعالى { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } والأحاديث والآثار فيه كثيرة . وفي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه أنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=26568قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال حسبك قال فرأيت عينيه تذرفان } ، وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرؤه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ، ثم يفكر في تقصيره فيها ، فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء ، فليبك على فقد ذلك ، فإنه من المصائب . ويسن ترتيل القراءة . قال الله تعالى : { ورتل القرآن ترتيلا } وثبت في الأحاديث الصحيحة أن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مرتلة ، [ ص: 191 ] واتفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع ويسمى الهذ .
قالوا : وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزأين - في قدر ذلك الزمن - بلا ترتيل . قال العلماء : والترتيل مستحب للتدبر ، ولأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير ، وأشد تأثيرا في القلب ، ولهذا يستحب الترتيل للأعجمي الذي لا يفهم معناه ، ويستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله ، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ من العذاب أو من الشر ونحو ذلك ، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه ، فقال : تبارك الله أو جلت عظمة ربنا ونحو ذلك . وهذا مستحب لكل قارئ ، سواء في الصلاة وخارجها ، وسواء الإمام والمأموم والمنفرد . وقد ثبت ذلك في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنبسط ذلك بدلائله إن شاء الله تعالى ، حيث ذكره المصنف في آخر باب سجود التلاوة .
ولا تجوز القراءة بالأعجمية سواء أحسن العربية أم لا ، وسواء كان في الصلاة أم خارجها ، وتجوز بالقراءات السبع ولا تجوز بالشواذ ، وسنوضح ذلك بدلائله في صفة الصلاة حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى ، والأولى أن يقرأ على ترتيب المصحف ، سواء قرأ في الصلاة أم خارجها ، وإذا قرأ سورة قرأ بعدها التي تليها ، لأن ترتيب المصحف لحكمة فلا يتركها إلا فيما ورد الشرع فيه بالتفريق كصلاة الصبح يوم الجمعة ب ( الم ) و ( هل أتى ) وصلاة العيد ب ( ق ) ( واقتربت ) ونظائر ذلك ، فلو فرق أو عكس جاز وترك الأفضل . وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها ; فمتفق على منعه وذمه ; لأنه يذهب بعض أنواع الإعجاز ويزيل حكمة الترتيب ، وأما تعليم الصبيان من آخر الختمة إلى أولها فلا بأس به لأنه يقع في أيام
( فرع ) القراءة في المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب ، لأنها تجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى ، كذا قاله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين وغيره من أصحابنا . ونص عليه جماعات من السلف ولم أر فيه خلافا ، ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي خشوعه وحضور قلبه في الحالين ، فأما من يزيد خشوعه وحضور قلبه وتدبره في القراءة عن ظهر القلب فهي أفضل في حقه
[ ص: 192 ] فرع ) لا كراهة في قراءة الجماعة مجتمعين بل هي مستحبة ، وكذا الإدارة وهي أن يقرأ بعضهم جزءا أو سورة مثلا ويسكت بعضهم ، ثم يقرأ الساكتون ويسكت القارئون ، وقد ذكرت دلائله في التبيان ، وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ما سبق في آداب القارئ وحده . ومنها أشياء يتساهل فيها في العادة ، فمن ذلك أنهم مأمورون باجتناب الضحك واللغط والحديث في حال القراءة إلا كلاما يسيرا للضرورة ، وباجتناب العبث باليد وغيرها ، والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن . وأقبح من ذلك النظر إلى من يحرم النظر إليه كالأمرد وغيره ، سواء كان بشهوة أم بغيرها ويجب على الحاضر في ذلك المجلس أن ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها ، فينكر بيده ثم لسانه على حسب الإمكان ، فإن لم يستطع فليكرهه بقلبه .
( فرع ) جاءت في الصحيح أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي أن الإسرار والإخفاء أفضل . قال العلماء : وطريق الجمع بينها أن الإخفاء أبعد من الرياء ، فهو أفضل في حق من يخاف الرياء ، وكذا من يتأذى المصلون وغيرهم بجهره فالإخفاء أفضل في حقه ، فإن لم يخف الرياء ولم يتأذ أحد بجهره فالجهر أفضل ; لأن العمل فيه أكثر ; ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين ، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ، وقد أوضحت جملة من الأحاديث والآثار الواردة من ذلك في التبيان .
( فرع ) تكره القراءة في أحوال ، منها حال الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام . وتكره في حال القعود على الخلاء ، وفي حال النعاس وحال الخطبة لمن يسمعها . ويكره للمأموم قراءة ما زاد على الفاتحة في صلاة جهرية إذا سمع قراءة الإمام ولا يكره في الطواف ، وتقدم بيان القراءة في الحمام والطريق وقراءة من فمه نجس
( فرع ) في الأوقات المختارة للقراءة أفضلها ما كان في الصلاة ، ومذهبنا أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود وغيره ، وسنبسط المسألة بأدلتها ومذاهب العلماء فيها في صفة الصلاة إن شاء الله تعالى . وقد ذكرها المصنف في باب صلاة الخوف . وأفضل الأوقات الليل ونصفه الآخر أفضل ، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة ، وأفضل النهار بعد الصبح ، ولا كراهة في شيء من الأوقات . ونقل عن بعض السلف كراهة القراءة بعد العصر ، وليس بشيء ولا أصل له ، ويختار من الأيام يوم عرفة ، ثم يوم الجمعة ، ثم الاثنين والخميس ، ومن الأعشار العشر الأواخر من شهر رمضان ، والأول من ذي الحجة ، ومن الشهور رمضان .
( فرع ) ( في آداب ختم القرآن ) يستحب كونه في أول الليل أو أول النهار وإن قرأ وحده فالختم في الصلاة أفضل واستحب السلف صيام يوم الختم وحضور مجلسه . وقالوا : يستجاب الدعاء عند الختم وتنزل الرحمة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه إذا أراد الختم جمع أهله وختم ودعا ، واستحبوا الدعاء بعد الختم استحبابا متأكدا وجاء فيه آثار كثيرة ، ويلح في الدعاء ويدعو بالمهمات ويكثر من ذلك في صلاح المسلمين وصلاح [ ص: 195 ] ولاة أمورهم ; ويختار الدعوات الجامعة ، وقد جمعت في التبيان منها جملة ، واستحبوا إذا ختم أن يشرع في ختمة أخرى
( فرع ) ( في آداب حامل القرآن ) ليكن على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل ، ويرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه ، ويتصون عن دنيء الاكتساب ، وليكن شريف النفس عفيفا ، متواضعا للصالحين وضعفة المسلمين ، متخشعا ذا سكينة ووقار . قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون ، وبنهاره إذ الناس مفطرون ، وبحزنه إذ الناس يفرحون ، وببكائه إذ الناس يضحكون ، وبصمته إذ الناس يخوضون ، وبخشوعه إذ الناس يختالون . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله : إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم ، فكانوا يتدبرونها بالليل ، وينفذونها بالنهار ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل رحمه الله : حامل القرآن حامل راية الإسلام ، ينبغي أن لا يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ، ولا يلغو مع من يلغو ، تعظيما لحق القرآن ، وليحذر أن يتخذ القرآن معيشة يكتسب بها . ولا بأس بالاستئجار لقراءة القرآن عندنا ، وسنبسط المسألة بأدلتها إن شاء الله تعالى في كتاب الإجارة . وليحافظ على تلاوته ، ويكثر منها بحسب حاله ، وقد بسطت الكلام في بيان هذا ، وعادات السلف فيه في التبيان ، ويكون اعتناؤه بتلاوته في الليل أكثر ، لأنه أجمع للقلب ، وأبعد من الشاغلات ، والملهيات ، والتصرف في الحاجات ، وأصون في تطرق الرياء ، وغيره من المحبطات ، مع ما جاء في الشرع من بيان ما فيه الخيرات ، كالإسراء ، وحديث النزول ، وحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25083في الليل ساعة يستجاب فيها الدعاء وذلك كل ليلة } " وسنبسط الكلام ، والأحاديث في هذه المسألة حيث ذكرها المصنف في باب صلاة التطوع ، إن شاء الله تعالى ، وليحذر كل الحذر من نسيانه ، أو نسيان شيء منه ، أو تعريضه للنسيان ، ففي الصحيحين عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16831تعاهدوا القرآن ، فوالذي نفس محمد بيده [ ص: 196 ] لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها } " وفي سنن أبي داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21578عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ، ثم نسيها } " وفيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37061من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة أجذم } " والله أعلم
( فرع ) في آداب الناس كلهم مع القرآن ، قال الله تعالى : { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14202الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم } وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام ، وقد أوضحت شرحه في أول شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وبينت الدلائل في أن مدار الإسلام عليه ، وأقوال العلماء في شرحه . ومختصر ما يحتاج إليه هنا أن العلماء قالوا : نصيحة كتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر الخلق على مثل سورة منه ، وتلاوته حق تلاوته ، وتحسينها وتدبرها والخشوع عندها ، وإقامة حروفه في التلاوة والذب عنه لتأويل المحرفين ، وتعرض الملحدين ، والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله ، والاعتبار بمواعظه والتفكر في عجائبه والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه ، ومجمله ومبينه وغير ذلك من أقسامه ، ونشر علومه والدعاء إليه وإلى جميع ما ذكرنا من نصيحته . وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته . وأجمعوا على أن من جحد منه حرفا مجمعا عليه ، أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر . وأجمعوا على أن من استخف بالقرآن أو بشيء منه أو بالمصحف أو ألقاه في قاذورة أو كذب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر ، أو نفى ما أثبته أو أثبت ما نفاه أو شك في شيء من ذلك وهو عالم به كفر . [ ص: 197 ] ويحرم تفسيره بغير علم ، والكلام في معانيه لمن ليس من أهله . وهذا مجمع عليه وأما تفسير العلماء فحسن بالإجماع ويحرم المراء فيه والجدال بغير حق ، ويكره أن يقول نسيت آية كذا . بل يقول : أنسيتها أو أسقطتها . ويجوز أن يقول : سورة البقرة وسورة النساء وسورة العنكبوت وغيرها ، ولا كراهة في شيء من هذا ، والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة ، وكره بعض السلف هذا وقال : إنما يقال السورة التي يذكر فيها البقرة ونحوها ، والصواب أنه لا كراهة فقد تظاهرت فيه الأحاديث الصحيحة وأقاويل الصحابة فمن بعدهم ، ولا يكره أن يقال : قراءة أبي عمرو وابن كثير وغيرهما وكرهه بعض السلف ، والصواب أن لا كراهة وعليه عمل السلف والخلف ، ولا يكره أن يقول : الله تعالى يقول ، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي . وقال : إنما يقال قال الله تعالى بصيغة الماضي ، والصواب الأول ، قال الله تعالى : { والله يقول الحق } والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة وقد جمعت منها جملة في أول شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وفي أواخر كتاب الأذكار ،
ولا يكره النفث مع القراءة للرقية ، وهو نفخ لطيف بلا ريق ، وكرهه أبو جحيفة الصحابي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي رضي الله عنهم والصحيح أنه لا كراهة ، فقد ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله . وقد أوضحت ذلك في التبيان ولو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبو قلابة والأوزاعي : لا بأس به ، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، ومقتضى مذهبنا أنه لا بأس به ، فقد قدمنا في مسائل مس المصحف أنه لو كتب القرآن على حلوى أو غيرها من الطعام فلا بأس بأكله .
( فرع ) في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة . هذا الباب غير منحصر لكثرة ما جاء فيه ، ومعظمه يأتي إن شاء الله تعالى في هذا الشرح في مواطنه كالسور المستحبة في الصلوات الخاصة ، كالجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة ، و ( قاف ) و ( اقتربت ) في العيد و ( سبح ) [ ص: 198 ] و ( هل أتاك ) في الجمعة والعيد فكلاهما سنة في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره ، و ( الم تنزيل ) و ( هل أتى ) في صبح الجمعة وغير ذلك مما سنوضحه في مواضعه إن شاء الله تعالى . ويحافظ على ( يس ) و ( الواقعة ) و ( تبارك : الملك ) و ( قل هو الله أحد ) و ( المعوذتين ) و ( آية الكرسي ) كل وقت ، و ( الكهف ) يوم الجمعة وليلتها ، ويقرأ ( آية الكرسي ) كل ليلة إذا أوى إلى فراشه ، ويقرأ كل ليلة الآيتين من آخر البقرة ( { آمن الرسول } ) إلى آخرها ، والمعوذتين عقيب كل صلاة ، ويقرأ إذا استيقظ من النوم ونظر في السماء آخر آل عمران : ( { إن في خلق السموات والأرض } ) إلى آخرها . ويقرأ عند المريض الفاتحة وقل هو الله أحد والمعوذتين مع النفخ في اليدين ويمسحه بهما . ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما ذكرته في هذا الفصل فيه أحاديث صحاح مشهورة . ويقرأ عند الميت ( يس ) لحديث فيه في سنن أبي داود وغيره . واعلم أن آداب القراءة والقارئ وما يتعلق بهما لا تنحصر فنقتصر على هذه الأحرف منها لئلا نخرج عن حد الشرح الذي نحن فيه ، وبالله التوفيق
( فرع ) قال إمام الحرمين ، روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=5165أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب صلى الله عليه وسلم يده على حائط وتيمم ثم أجاب } . وقيل : كان التيمم في الإقامة وموضع الماء ، ولكن أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما للسلام وإن لم يفد التيمم إباحة محظور ، قال : فلو تيمم المحدث وقرأ عن ظهر القلب كان جائزا على مقتضى الحديث ، هذا كلام إمام الحرمين . وذكر الغزالي مثله ولا نعرف أحدا وافقهما . وهذا الحديث في الصحيحين من رواية أبي الجهيم بن الحارث إلا أنه ليس فيه أنه في المدينة . بل في الصحيحين أنه أقبل من نحو بئر جمل فتيمم ، وهذا ظاهر في أنه كان خارج المدينة وعادما للماء ، وسنعيد الحديث والكلام عليه في باب التيمم إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق
[ ص: 199 ] فصل ( في المساجد وأحكامها ) وما يتعلق بها وما يندب فيها وما تنزه منه ونحو ذلك ، وفيه مسائل : ( إحداها ) قد سبق أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد ولا يحرم العبور من غير مكث ولا كراهة في العبور ، سواء كان لحاجة أم لغيرها ، لكن الأولى أن لا يعبر إلا لحاجة ليخرج من خلاف nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وغيره . هذا مقتضى كلام الأصحاب تصريحا وإشارة . وقال المتولي والرافعي : إن عبر لغير غرض كره وإن كان لغرض فلا . وحكى الرافعي وجها أنه لا يجوز العبور إلا لمن لم يجد طريقا غيره ، وقطع الجرجاني في التحرير بأنه لا يجوز العبور إلا لحاجة ، وهذان شاذان ، والصواب جوازه لحاجة ولغيرها ولمن وجد طريقا ولغيره ، وبه قطع الأصحاب
( الثانية ) لو احتلم في المسجد وجب عليه الخروج منه إلا أن يعجز عن الخروج لإغلاق المسجد ونحوه ، أو خاف على نفسه أو ماله ، فإن عجز أو خاف جاز أن يقيم للضرورة . قال المتولي والبغوي والرافعي وآخرون : فإن وجد ترابا غير تراب المسجد تيمم ولا يتيمم بتراب المسجد ، كما لو لم يجد إلا ترابا مملوكا فإنه لا يتيمم به ، فإن خالف وتيمم به صح ، ولو أجنب وهو خارج المسجد والماء في المسجد لم يجز أن يدخل ويغتسل في المسجد لأنه يلبث لحظة مع الجنابة . قال البغوي : فإن كان معه إناء تيمم ثم دخل وأخرج فيه الماء للغسل ، وإن لم يكن إناء صلى بالتيمم ثم يعيد وهذا الذي قال فيه نظر وينبغي أن يجوز الغسل فيه إذا لم يجد غيره ولم يجد إناء ولا يكفي التيمم حينئذ لأنا جوزنا المرور في المسجد الطويل لغير حاجة ، فكيف يمتنع مكث لحظة لطيفة لضرورة لا مندوحة عنها . وإذا دخل للاستقاء لا يجوز أن يقف إلا قدر حاجة الاستقاء .
( المسألة الثالثة ) يجوز للمحدث الجلوس في المسجد بإجماع المسلمين . وسواء قعد لغرض شرعي كانتظار صلاة أو اعتكاف أو سماع قرآن أو علم آخر أو وعظ أم لغير غرض ، ولا كراهة في ذلك . وقال المتولي : إن كان لغير غرض كره . ولا أعلم أحدا وافقه على الكراهة ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم كرهوا ذلك أو منعوا منه ، والأصل عدم الكراهة حتى يثبت نهي .
( الرابعة ) يجوز النوم في المسجد ولا كراهة فيه عندنا ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الأم واتفق عليه الأصحاب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في الأشراف : رخص في النوم في المسجد nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء والحسن nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا تتخذوه مرقدا : وروي عنه : إن كنت تنام للصلاة فلا بأس . وقال الأوزاعي : يكره النوم في المسجد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : لا بأس بذلك للغرباء ولا أرى ذلك للحاضر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق : إن كان مسافرا أو شبهه فلا بأس ، وإن اتخذه مقيلا ومبيتا فلا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن الكبير : روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ما يدل على كراهيتهم النوم في المسجد . قال : فكأنهم استحبوا لمن وجد مسكنا أن لا يقصد النوم في المسجد . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ثم أصحابنا لعدم الكراهة بما ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كنت أنام في المسجد وأنا شاب عزب " وثبت أن أصحاب الصفة كانوا ينامون في المسجد وأن العرنيين كانوا ينامون في المسجد . وثبت في الصحيحين : " أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه نام فيه " " وأن nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية نام فيه " وأن المرأة صاحبة الوشاح كانت تنام فيه " وجماعات آخرين من الصحابة . وأن ثمامة بن أثال كان يبيت فيه قبل إسلامه ; وكل هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : وإذا بات المشرك في المسجد فكذا المسلم ، واحتج بنوم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وأصحاب الصفة . وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب عن النوم في [ ص: 201 ] المسجد فقال : أين كان أصحاب الصفة ينامون ؟ يعني لا كراهة ، فإنهم كانوا ينامون فيه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر : ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام ، قال أصحابنا : لا يمكن كافر من دخول حرم مكة ، وأما غيره فيجوز أن يدخل كل مسجد ويبيت به بإذن المسلمين ويمنع منه بغير إذن ، ولو كان الكافر جنبا فهل يمكن من اللبث في المسجد ؟ فيه وجهان مشهوران أصحهما : يمكن ، وستأتي المسألة مبسوطة حيث ذكرها المصنف في كتاب الجزية إن شاء الله تعالى
( الخامسة ) يجوز الوضوء في المسجد إذا لم يؤذ بمائه ، وممن صرح بجواز الوضوء في المسجد ويسقط الماء على ترابه صاحبا الشامل والتتمة ، فقالا في باب الاعتكاف : يجوز الوضوء في المسجد . والأولى أن يكون في إناء . وكذا صرح به غيرهما . قال البغوي في باب الاعتكاف : ويجوز نضح المسجد بالماء المطلق ولا يجوز بالمستعمل لأن النفس تعافه ، وهذا الذي قاله ضعيف ، والمختار الجواز بالمستعمل أيضا ، وسنوضحه في باب الاعتكاف إن شاء الله تعالى . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أباح كل من يحفظ عنه العلم الوضوء في المسجد إلا أن يبله ويتأذى به الناس فإنه يكره ، هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر . ونقل أبو الحسن بن بطال المالكي الترخيص في الوضوء في المسجد عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وابن القاسم المالكي وأكثر أهل العلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون كراهته تنزيها للمسجد .
( الثامنة ) ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13903البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها } " وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى بفروعها حيث ذكرها المصنف في آخر باب ما يفسد الصلاة .
( التاسعة ) يحرم البول والفصد والحجامة في المسجد في غير إناء ، ويكره الفصد والحجامة فيه في إناء ولا يحرم . وفي تحريم البول في إناء المسجد وجهان : أصحهما : يحرم ، وقد سبقت المسألة في باب الاستطابة . قال صاحب التتمة وغيره : ويحرم إدخال النجاسة إلى المسجد . فأما من على بدنه نجاسة أو به جرح فإن خاف تلويث المسجد حرم عليه دخوله ، وإن أمن لم يحرم ، قال المتولي : هو كالمحدث ودليل هذه المسائل حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=117473إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن } " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
[ ص: 203 ] العاشرة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14669الصيمري وصاحب البيان : يكره غرس الشجر في المسجد ، ويكره حفر البئر فيه قالوا : لأنه بناء في مال غيره وللإمام قلع ما غرس فيه .
( الثالثة عشرة ) يكره أن يجعل المسجد مقعدا لحرفة كالخياطة ونحوها لحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس السابق في المسألة التاسعة ، فأما من ينسخ فيه شيئا من العلم أو اتفق قعوده فيه فخاط ثوبا ولم يجعله مقعدا للخياطة فلا بأس به .
( السابعة عشرة ) يسن كنس المسجد وتنظيفه وإزالة ما يرى فيه من نخامة أو بصاق أو نحو ذلك ، ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في المسجد فحكه بيده } ، وفي الصحيح أحاديث كثيرة في هذا وهو مجمع عليه .
( الثامنة عشرة ) من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدان من إيقاد القناديل الكثيرة العظيمة السرف في ليال معروفة من السنة كليلة نصف شعبان ، فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة منها مضاهاة المجوس في الاعتناء بالنار والإكثار منها ، ومنها إضاعة المال في غير وجهه ، ومنها ما يترتب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ، ورفع أصواتهم ، وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أوساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التي يجب صيانة المسجد من أفرادها .
( الثانية والعشرون ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14669الصيمري وغيره من أصحابنا : لا بأس بإغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لصيانته أو لحفظ آلاته هكذا قالوه وهذا إذا خيف امتهانها ، وضياع ما فيها ، ولم يدع إلى فتحها حاجة ، فأما إذا لم يخف من فتحها مفسدة ولا انتهاك حرمتها ، وكان في فتحها رفق بالناس فالسنة فتحها . كما لم يغلق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه ولا بعده .
( الرابعة والعشرون ) ينبغي للقاضي أن لا يتخذ المسجد مجلسا للقضاء ، فإن جلس فيه لصلاة أو غيرها فاتفقت حكومة ، فلا بأس بالقضاء فيها فيه ; وستأتي المسألة مبسوطة في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى .
( الخامسة والعشرون ) يكره أن يتخذ على القبر مسجد للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك ، وأما حفر القبر في المسجد ، فحرام شديد التحريم ، وستأتي المسألة بفروعها الكثيرة إن شاء الله تعالى حيث ذكرها المصنف في آخر الجنائز .