[ ص: 99 ] فصل
إذا قال الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو من السنة كذا ، أو مضت السنة بكذا ، أو السنة كذا ، ونحو ذلك ، فكله مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على مذهبنا الصحيح المشهور ومذهب الجماهير . ولا فرق بين أن يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده ، صرح به
الغزالي وآخرون . وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13779أبو بكر الإسماعيلي من أصحابنا : له حكم الموقوف على الصحابي . وأما إذا
قال التابعي : من السنة كذا ففيه وجهان حكاهما القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري الصحيح منهما والمشهور : أنه موقوف على بعض الصحابة . والثاني : أنه مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه مرفوع مرسل . وإذا
قال التابعي أمرنا بكذا قال
الغزالي : يحتمل أن يريد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر كل الأمة ، فيكون حجة ، ويحتمل أمر بعض الصحابة ، لكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك إلا وهو يريد من تجب طاعته ، فهذا كلام
الغزالي ، وفيه إشارة إلى خلاف في أنه . موقوف أو مرفوع مرسل . أما
إذا قال الصحابي : وكنا نفعل كذا ، أو نقول كذا ، أو كانوا يقولون كذا ، ويفعلون كذا ، أو لا يرون بأسا بكذا ، أو كان يقال : أو يفعل كذا ، فاختلفوا فيه هل يكون مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فقال
المصنف في اللمع : إن كان ذلك مما لا يخفى في العادة كان كما لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره ، فيكون مرفوعا ، وإن جاز خفاؤه عليه صلى الله عليه وسلم لم يكن مرفوعا ، كقول بعض الأنصار : كنا نجامع فنكسل ، ولا نغتسل ، فهذا لا يدل على عدم وجوب الغسل من الإكسال ; لأنه يفعل سرا فيخفى . وقال غير الشيخ : إن أضاف ذلك إلى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مرفوعا حجة ، كقوله : كنا نفعله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في زمنه وهو فينا أو وهو بين أظهرنا وإن لم يضفه فليس بمرفوع ، وبهذا قطع
الغزالي في المستصفى وكثيرون .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13779أبو بكر الإسماعيلي وغيره : لا يكون مرفوعا أضافه أم لم يضفه . وظاهر استعمال كثيرين من المحدثين وأصحابنا في كتب الفقه أنه مرفوع مطلقا ، سواء أضافه أم لم يضفه ، وهذا قوي ، فإن الظاهر من قوله : كنا نفعل أو كانوا يفعلون ، الاحتجاج به وأنه فعل على وجه يحتج
[ ص: 100 ] به ، ولا يكون ذلك إلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغه . قال
الغزالي : وأما
قول التابعي : كانوا يفعلون ، فلا يدل على فعل جميع الأمة ، بل على البعض فلا حجة فيه إلا أن يصرح بنقله عن أهل الإجماع وفي
ثبوت الإجماع بخبر الواحد كلام . قلت : اختلفوا في ثبوت الإجماع بخبر الواحد ، فاختيار
الغزالي أنه لا يثبت ، وهو قول أكثر الناس .
وذهب طائفة إلى ثبوته ، وهو اختيار
الرازي