صفحة جزء
( 1689 ) فصل : ويكره النعي ، وهو أن يبعث مناديا ينادي في الناس : إن فلانا قد مات . ليشهدوا جنازته ; لما روى حذيفة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم { ينهى عن النعي } . قال الترمذي : هذا حديث حسن . واستحب جماعة من أهل العلم أن لا يعلم الناس بجنائزهم ; منهم عبد الله بن مسعود ، وأصحابه علقمة ، والربيع بن خيثم ، وعمرو بن شرحبيل .

قال علقمة : لا تؤذنوا بي أحدا . وقال عمرو بن شرحبيل : إذا أنا مت فلا أنعى إلى أحد . وقال كثير من أهل العلم : لا بأس أن يعلم بالرجل إخوانه ومعارفه وذوو الفضل ، من غير نداء . قال إبراهيم النخعي : لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه وأصحابه ، وإنما كانوا يكرهون أن يطاف في المجالس : أنعي فلانا . [ ص: 227 ] كفعل الجاهلية . وممن رخص في هذا ; أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن سيرين . وروي عن ابن عمر أنه نعي إليه رافع بن خديج ، قال : كيف تريدون أن تصنعوا به ؟ قال : نحبسه حتى نرسل إلى قباء ، وإلى من قد بات حول المدينة ليشهدوا جنازته . قال : نعم ما رأيتم .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم { في الذي دفن ليلا : ألا آذنتموني } . وقد صح عن أبي هريرة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي ، في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى ، فصف بهم ، وكبر أربع تكبيرات } . متفق عليه . وفي لفظ : { إن أخاكم النجاشي قد مات ، فقوموا فصلوا عليه } . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قال : لا يموت فيكم أحد إلا آذنتموني به } . أو كما قال .

ولأن في كثرة المصلين عليه أجرا لهم ، ونفعا للميت ، فإنه يحصل لكل مصل منهم قيراط من الأجر . وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من مسلم يموت ، فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين ، إلا أوجب } ، وقد ذكرنا هذا .

وروى الإمام أحمد بإسناده عن أبي المليح ، أنه صلى على جنازة ، فالتفت فقال : استووا . ولتحسن شفاعتكم ، ألا وإنه حدثني عبد الله بن سليط ، عن إحدى أمهات المؤمنين ، وهي ميمونة ، وكان أخاها من الرضاعة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما من مسلم يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه } . فسألت أبا المليح عن الأمة ؟ فقال : أربعون . .

التالي السابق


الخدمات العلمية