( 2839 ) فصل : وإن
باع جنسا فيه الربا بجنسه ، ومع كل واحد من غير جنسه غير مقصود ، فذلك ينقسم أقساما ; أحدها ، أن يكون غير المقصود يسيرا ، لا يؤثر في كيل ولا وزن ، كالملح فيما يعمل فيه ، وحبات الشعير في الحنطة ، فلا يمنع ; لأنه يسير لا يخل بالتماثل ، وكذلك لو وجد في أحدهما دون الآخر ، لم يمنع لذلك ، ولو باع ذلك بجنس غير المقصود الذي معه ، مثل أن يبيع الخبز بالملح ، جاز ; لأن وجود ذلك كعدمه . الثاني ، أن يكون غير المقصود كثيرا ، إلا أنه لمصلحة المقصود ، كالماء في خل التمر ، والزبيب ، ودبس التمر ، فهذا يجوز بيع الشيء منه بمثله ، وينزل خلطه منزلة رطوبته ; لكونه من مصلحته ، فلا يمنع من بيعه بما يماثله ، كالرطب بالرطب ، ولا يجوز بيعه بما ليس فيه خلط ، كبيع خل العنب بخل الزبيب ; لإفضائه إلى التفاضل ، فجرى مجرى
بيع التمر بالرطب ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ذلك كله إلا
بيع الشيرج بالشيرج ; لكون الماء لا يظهر في الشيرج .
الثالث ، أن يكون غير المقصود كثيرا ، وليس من مصلحته ، كاللبن المشوب بالماء ، والأثمان المغشوشة بغيرها ، فلا يجوز بيع بعضها ببعض ; لأن خلطه ليس من مصلحته ، وهو يخل بالتماثل المقصود فيه ، وإن باعه بجنس غير المقصود ، كبيع الدينار المغشوش بالفضة بالدراهم ، احتمل الجواز ; لأنه يبيعه بجنس غير مقصود فيه ، فأشبه
بيع اللبن بشاة فيها لبن ، ويحتمل المنع بناء على الوجه الآخر في الأصل .
وإن
باع دينارا مغشوشا بمثله والغش فيهما متفاوت ، أو غير معلوم المقدار ، لم يجز ; لأنه يخل بالتماثل المقصود . وإن علم التساوي في الذهب والغش الذي فيهما ، خرج على الوجهين ، أولاهما الجواز ; لأنهما تماثلا في المقصود وفي غيره ، ولا يفضي إلى التفاضل بالتوزيع بالقيمة ; لكون الغش غير مقصود ، فكأنه لا قيمة له .