( 3568 ) فصل : وإذا
كان لرجل دين على آخر ، فطالبه به ، فقال : قد أحلت به علي فلانا الغائب . وأنكر صاحب الدين ، فالقول قول مع يمينه . وإن كان لمن عليه الدين بينة بدعواه ، سمعت بينته ، لإسقاط حق المحيل عليه . وإن ادعى رجل أن فلانا الغائب أحالني عليك ، فأنكر المدعى عليه ، فالقول قوله . فإن أقام المدعي بينة ، ثبتت في حقه وحق الغائب ; لأن البينة يقضى بها على الغائب ، ولزم الدفع إلى المحتال .
وإن لم يكن له بينة ، فأنكر المدعى عليه ، فهل تلزمه اليمين ؟ فيه وجهان ، بناء على ما لو اعترف له هل يلزمه الدفع ؟ على وجهين ; أحدهما ، يلزمه الدفع إليه ; لأنه مقر بدينه عليه ، ووجوب دفعه إليه ، فلزمه الدفع إليه ، كما لو كانت بينة . والثاني
[ ص: 343 ] لا يلزمه الدفع إليه ; لأنه لا يأمن من إنكار المحيل ورجوعه عليه ، فكان له الاحتياط لنفسه ، كما لو ادعى عليه أني وكيل فلان في قبض دينه منك ، فصدقه ، وقال : لا أدفعه إليك . فإذا قلنا : يلزمه الدفع مع الإقرار . لزمه اليمين مع الإنكار . فإذا حلف ، برئ ، ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل ; لاعترافه ببراءته .
وكذلك إن قلنا : لا تلزمه اليمين . فليس للمحتال الرجوع على المحيل ، ثم ينظر في المحيل ، فإن صدق المدعي في أنه أحاله ، ثبتت الحوالة له ; لأن رضى المحال عليه لا يعتبر . وإن أنكر الحوالة ، حلف ، وسقط حكم الحوالة . وإن نكل المحال عليه عن اليمين ، فقضي عليه بالنكول واستوفي الحق منه ، ثم إن المحيل صدق المدعي ، فلا كلام .
وإن أنكر الحوالة ، فالقول قوله ، وله أن يستوفي من المحال عليه ; لأنه معترف له بالحق ويدعي أن المحتال ظلمه ، ويبقى دين المحتال على المحيل . وإن كان المحيل ينكر أن له عليه دينا ، فالقول قوله بغير يمين ; لأن المحتال يقر ببراءته منه ، لاستيفائه من المحال عليه .
وإن كان المحيل يعترف به ، لم يكن للمحتال المطالبة به ; لأنه يقر بأنه قد برئ منه بالحوالة ، والمحيل يصدق المحال عليه في كون المحتال قد ظلمه ، واستوفى منه بغير حق ، والمحتال يزعم أن المحيل قد أخذ منه أيضا بغير حق ، وإنه يجب عليه أن يرد ما أخذه منه إليه ، فينبغي أن يقبضها المحتال ، ويسلمها إلى المحال عليه ، أو يأذن للمحيل في دفعها إلى المحال عليه . وإن صدق المحال عليه المحتال في الحوالة ، ودفع إليه ، فأنكر المحيل الحوالة ، حلف ، ورجع على المحال عليه .
والحكم في الرجوع بما على المحيل من الدين على ما ذكرنا في التي قبلها .