صفحة جزء
[ ص: 360 ] فصل : وإذا تكفل برجل إلى أجل ، إن جاء به فيه ، وإلا لزمه ما عليه ، صح . وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف : وقال محمد بن الحسن والشافعي : لا تصح الكفالة ، ولا يلزمه ما عليه ; لأن هذا تعليق الضمان بخطر فلم يصح ، كما لو علقه بقدوم زيد . ولنا ، أن هذا موجب الكفالة ومقتضاها ، فصح اشتراطه ، كما لو قال : إن جئت به في وقت كذا ، وإلا فلك حبسي .

ومبنى الخلاف هاهنا على الخلاف في أن هذا مقتضى الكفالة ، وقد دللنا عليه . وأما إن قال : إن جئت به في وقت كذا ، وإلا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو فأنا ضامن لك مالك على فلان . أو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه . أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان . أو قال : أنا كفيل بفلان شهرا . فقال القاضي : لا تصح الكفالة .

وهو مذهب الشافعي ومحمد بن الحسن ; لأن ذلك خطر فلم يجز تعليق الضمان والكفالة به ، كمجيء المطر وهبوب الريح ، ولأنه إثبات حق لآدمي معين ، فلم يجز تعليقه على شرط ، ولا توقيته ، كالهبة . وقال الشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب : تصح ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ; لأنه أضاف الضمان إلى سبب الوجود ، فيجب أن يصح ، كضمان الدرك . والأول أقيس . فإن قال : كفلت بفلان إن جئت به في وقت كذا . وإلا فأنا كفيل بفلان ، أو ضامن المال الذي على فلان . لم يصح فيهما عند القاضي ; لأن الأول مؤقت ، والثاني معلق على شرط .

وقال أبو الخطاب : يصح فيهما . فأما إن قال : كفلت بأحد هذين الرجلين . لم يصح في قولهم جميعا ; لأنه غير معلوم في الحال ولا في المآل .

التالي السابق


الخدمات العلمية