( 3920 ) فصل : وتجوز
الإعارة مطلقا ومقيدا ; لأنها إباحة ، فجاز فيها ذلك ، كإباحة الطعام . ولأن الجهالة إنما تؤثر في العقود اللازمة ، فإذا أعاره شيئا مطلقا ، أبيح له الانتفاع به في كل ما هو مستعد له من الانتفاع . فإذا
أعاره أرضا مطلقا ، فله أن يزرع فيها ، ويغرس ، ويبني ، ويفعل فيها كل ما هي معدة له من الانتفاع ; لأن الإذن مطلق . وإن أعاره للغراس أو للبناء ، فله أن يزرع فيها ما شاء ; لأن ضرره دون ضررهما ، فكأنه استوفى بعض ما أذن له فيه .
وإن استعارها للزرع ، لم يغرس ، ولم يبن ; لأن ضررهما أكثر ، فلم يكن الإذن في القليل إذنا في الكثير . وإن استعارها للغراس ، أو للبناء ، ملك المأذون فيه منهما دون الآخر ; لأن ضررهما مختلف . فإن ضرر الغراس في باطن الأرض لانتشار العروق فيها ، وضرر البناء في ظاهرها ، فلم يكن الإذن في أحدهما إذنا في الآخر . وإن استعارها لزرع الحنطة ، فله زرعها وزرع ما هو أقل ضررا منها ، كالشعير والباقلا والعدس ، وله زرع ما ضرره كضرر الحنطة ; لأن الرضى بزراعة شيء رضى بضرره ، وما هو دونه ، وليس له زرع ما هو أكثر ضررا منه ، كالذرة والدخن والقطن ; لأن ضرره أكثر .
وحكم إباحة
الانتفاع في العارية ، كحكم الانتفاع في الإجارة فيما له أن يستوفيه ، وما يمنع منه . وسنذكر في الإجارة تفصيل ذلك ، إن شاء الله تعالى . وإن أذن له في زرع مرة ، لم يكن له أن يزرع أكثر منها . وإن أذن له في غرس شجرة فانقلعت ، لم يكن له غرس أخرى ، وكذلك إن أذن له في وضع خشبة على حائط فانكسرت ، لم يملك وضع أخرى ، لأن الإذن إذا اختص بشيء لم يتجاوزه .