( 3930 ) فصل : وإذا
اختلف رب الدابة وراكبها ، فقال الراكب : هي عارية . وقال المالك : بل اكتريتها . فإن كانت الدابة باقية لم تنقص ، لم يخل من أن يكون الاختلاف عقيب العقد ، أو بعد مضي مدة لمثلها أجر ، فإن كان عقيب العقد ، فالقول قول الراكب ; لأن الأصل عدم عقد الإجارة ، وبراءة ذمة الراكب منها ، فيحلف ، ويرد الدابة إلى مالكها ; لأنها عارية .
وكذلك إن
ادعى المالك أنها عارية . وقال الراكب : بل اكتريتها ، فالقول قول المالك مع يمينه ; لما ذكرنا . وإن كان الاختلاف بعد مضي مدة لمثلها أجر ، فادعى المالك الإجارة ، فالقول قوله مع يمينه . وحكي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال أصحاب الرأي : القول قول الراكب . وهو منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأنهما اتفقا على تلف المنافع على ملك الراكب ، وادعى المالك عوضا لها ، والأصل عدم وجوبه . وبراءة ذمة الراكب منه ، فكان القول قوله .
ولنا ، أنهما اختلفا في كيفية انتقال المنافع إلى ملك الراكب ، فكان القول
[ ص: 137 ] قول المالك ، كما لو اختلفا في عين ، فقال المالك : بعتكها . وقال الآخر : وهبتنيها . ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان ، في الملك والعقد عليها ، ولو اختلفا في الأعيان ، كان القول قول المالك ، كذا هاهنا . وما ذكروه يبطل بهذه المسألة . ولأنهما اتفقا على أن المنافع لا تنتقل إلى الراكب إلا بنقل المالك لها ، فيكون القول قوله في كيفية الانتقال ، كالأعيان ، فيحلف المالك ، ويستحق الأجر .
وفي قدره وجهان ; أحدهما : أجر المثل ; لأنهما لو اتفقا على وجوبه ، واختلفا في قدره ، وجب أجر المثل ، فمع الاختلاف في أصله أولى . والثاني : المسمى ; لأنه وجب بقول المالك ويمينه ، فوجب ما حلف عليه ، كالأصل . وإن كان اختلافهما في أثناء المدة ، فالقول قول الراكب فيما مضى منها ، والقول قول المستعير فيما بقي ; لأن ما بقي بمنزلة ما لو اختلفا عقيب العقد . وإن ادعى المالك في هذه الصورة أنها عارية . وادعى الراكب أنها بأجر ، فالراكب يدعي استحقاق المنافع ، ويعترف بالأجر للمالك ، والمالك ينكر ذلك كله ، فالقول قوله مع يمينه ، فيحلف ، ويأخذ بهيمته .
وإن اختلفا في ذلك بعد تلف البهيمة قبل مضي مدة لمثلها أجر ، فالقول قول المالك ، سواء ادعى الإجارة أو الإعارة ; لأنه إن ادعى الإجارة ، فهو معترف للراكب ببراءة ذمته من ضمانها ، فيقبل إقراره على نفسه ، وإن ادعى الإعارة ، فهو يدعي قيمتها ، فالقول قوله ; لأنهما اختلفا في صفة القبض ، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691على اليد ما أخذت حتى تؤديه } . فإذا حلف المالك ، استحق القيمة ، والقول في قدرها قول الراكب مع يمينه ; لأنه ينكر الزيادة المختلف فيها ، والأصل عدمها .
وإن اختلفا في ذلك بعد مضي مدة لمثلها أجر ، وتلف البهيمة ، وكان الأجر بقدر قيمتها ، أو كان ما يدعيه المالك منهما أقل مما يعترف به الراكب ، فالقول قول المالك بغير يمين ، سواء ادعى الإجارة أو الإعارة ، إذ لا فائدة في اليمين على شيء يعترف له به . ويحتمل أن لا يأخذه إلا بيمين ; لأنه يدعي شيئا لا يصدق فيه ، ويعترف له الراكب بما لا يدعيه ، فيحلف على ما يدعيه .
وإن كان ما يدعيه المالك أكثر ، مثل إن كانت قيمة البهيمة أكثر من أجرها ، فادعى المالك أنها عارية ، لتجب له القيمة ، وأنكر استحقاق الأجرة ، وادعى الراكب أنها مكتراة ، أو كان الكراء أكثر من قيمتها فادعى المالك أنه أجرها ، ليجب له الكراء ، وادعى الراكب أنها عارية ، فالقول قول المالك في الصورتين ; لما قدمنا ، فإذا حلف ، استحق ما حلف عليه . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا كله نحو ما ذكرنا .