[ ص: 194 ] فصل :
وإن اشترى شقصا بعبد ، ثم وجد بائع الشقص بالعبد عيبا ، فله رد العبد واسترجاع الشقص ، ويقدم على حق الشفيع ; لأن في تقديم حق الشفيع إضرارا بالبائع ، بإسقاط حقه في الفسخ الذي استحقه ، والشفعة تثبت لإزالة الضرر ، فلا تثبت على وجه يحصل بها الضرر ، فإن الضرر لا يزال بالضرر .
وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، في أحد الوجهين : يقدم حق الشفيع ; لأن حقه أسبق ، فوجب تقديمه ، كما لو وجد المشتري بالشقص عيبا فرده .
ولنا ، أن في الشفعة إبطال حق البائع ، وحقه أسبق ; لأنه استند إلى وجود العيب ، وهو موجود حال البيع ، والشفعة ثبتت بالبيع ، فكان حق البائع سابقا ، وفي الشفعة إبطاله ، فلم تثبت ، ويفارق ما إذا كان الشقص معيبا ، فإن حق المشتري إنما هو في استرجاع الثمن ، وقد حصل له من الشفيع ، فلا فائدة في الرد ، وفي مسألتنا حق البائع في استرجاع الشقص ، ولا يحصل ذلك مع الأخذ بالشفعة ، فافترقا .
فإن لم يرد البائع العبد المعيب حتى أخذ الشفيع ، كان له رد العبد ، ولم يملك استرجاع المبيع ; لأن الشفيع ملكه بالأخذ ، فلم يملك البائع إبطال ملكه ، كما لو باعه المشتري لأجنبي ، فإن الشفعة بيع في الحقيقة ، ولكن يرجع بقيمة الشقص ; لأنه بمنزلة التالف ، والمشتري قد أخذ من الشفيع قيمة العبد ، فهل يترجعان ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، لا يتراجعان ; لأن الشفيع أخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد ، وهو قيمة العبد صحيحا لا عيب فيه ، بدليل أن البائع إذا علم بالعيب ملك رده .
ويحتمل أن يأخذه بقيمته معيبا ; لأنه إنما أعطى عبدا معيبا ، فلا يأخذ قيمة غير ما أعطى . والثاني ، يتراجعان ; لأن الشفيع إنما يأخذ بالثمن الذي استقر عليه العقد ، والذي استقر عليه العقد قيمة الشقص ، فإذا قلنا : يتراجعان . فأيهما كان ما دفعه أكثر ، رجع بالفضل على صاحبه
، وإن لم يرد البائع العبد ، ولكن أخذ أرشه ، لم يرجع المشتري على الشفيع بشيء ; لأنه إنما دفع إليه قيمة العبد غير معيب .
وإن أدى قيمته معيبا رجع المشتري عليه ، بما أدى من أرشه .
وإن عفا عنه ، ولم يأخذ أرشا ، لم يرجع الشفيع عليه بشيء ; لأن البيع لازم من جهة المشتري ، لا يملك فسخه ، فأشبه ما لو حط عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد .
وإن عاد الشقص إلى المشتري ، ببيع أو هبة أو إرث أو غيره ، فليس للبائع أخذه بالبيع الأول لأن ملك المشتري زال عنه ، وانقطع حقه منه ، وانتقل حقه إلى القيمة ، فإذا أخذها لم يبق له بخلاف ما
لو غصب شيئا لم يقدر على رده ، فأدى قيمته ، ثم قدر عليه ، فإنه يرده ; لأن ملك المغصوب لم يزل عنه .