( 4044 ) فصل :
وإذا عفا ولي الصبي عن شفعته التي له فيها حظ ، ثم أراد الأخذ بها ، فله ذلك ، في قياس المذهب ; لأنها لم تسقط بإسقاطه ، ولذلك ملك الصبي الأخذ بها إذا كبر
، ولو سقطت لم يملك الأخذ بها . ويحتمل أن لا يملك الأخذ بها ; لأن ذلك يؤدي إلى ثبوت حق الشفعة على التراخي ، وذلك على خلاف الخبر والمعنى .
ويخالف أخذ الصبي بها إذا كبر ; لأن الحق يتجدد له عند كبره ، فلا يملك تأخيره حينئذ ، وكذلك أخذ الغائب بها إذا قدم . فأما إن تركها لعدم الحظ فيها ، ثم أراد الأخذ بها ، والأمر على ما كان ، لم يملك ذلك كما لم يملكه ابتداء .
وإن صار فيها حظ ، أو كان معسرا عند البيع فأيسر بعد ذلك ، انبنى ذلك على سقوطها بذلك ; فإن قلنا : لا تسقط ، وللصبي الأخذ بها إذا كبر . فحكمها حكم ما فيه الحظ ، وإن قلنا : تسقط . فليس له الأخذ بها بحال ; لأنها قد سقطت على الإطلاق ، فأشبه ما لو عفا الكبير عن شفعته .
( 4045 ) فصل :
والحكم في المجنون المطبق كالحكم في الصبي سواء ; لأنه محجور عليه لحظه ، وكذلك السفيه لذلك ، وأما المغمى عليه فلا ولاية عليه ، وحكمه حكم الغائب والمجنون ينتظر إفاقته .
وأما المفلس ، فله الأخذ بالشفعة ، والعفو عنها ، وليس لغرمائه الأخذ بها ; لأن الملك لم يثبت لهم في أملاكه قبل قسمتها ، ولا إجباره على الأخذ بها ; لأنها معاوضة ، فلا يجبر عليها ، كسائر المعاوضات . وليس لهم إجباره على العفو ; لأنه إسقاط حق ، فلا يجبر عليه .
وسواء كان له حظ في الأخذ بها ، أو لم يكن ; لأنه يأخذ في ذمته ، وليس بمحجور عليه في ذمته ، لكن لهم منعه من دفع ماله في ثمنها ; لتعلق حقوقهم بماله ، فأشبه ما لو اشترى في ذمته شقصا غير هذا . ومتى ملك الشقص المأخوذ بالشفعة ، تعلقت حقوق الغرماء به ، سواء أخذه برضاهم أو بغيره ; لأنه مال له ، فأشبه ما لو اكتسبه .
وأما المكاتب ، فله الأخذ والترك ، وليس لسيده الاعتراض عليه ; لأن التصرف يقع له دون سيده
. فأما المأذون له في التجارة من العبيد ، فله الأخذ بالشفعة ; لأنه مأذون له في الشراء
، وإن عفا عنها لم ينفذ عفوه ; لأن الملك لسيده ، ولم يأذن له في إبطال حقوقه .
وإن أسقطها السيد ، سقطت ، ولم يكن للعبد أن يأخذ ; لأن للسيد الحجر عليه ، ولأن الحق قد أسقطه مستحقه ، فيسقط بإسقاطه .