( 4075 ) فصل : فإن
كان الشفعاء غائبين ، لم تسقط الشفعة ; لموضع العذر . فإذا قدم أحدهم ، فليس له أن يأخذ إلا الكل ، أو يترك ; لأنا لا نعلم اليوم مطالبا سواه ، ولأن في أخذه البعض تبعيضا لصفقة المشتري ، فلم يجز ذلك ، كما لو لم يكن معه غيره ، ولا يمكن تأخير حقه إلى أن يقدم شركاؤه ; لأن في التأخير إضرارا بالمشتري .
[ ص: 212 ] فإذا أخذ الجميع ، ثم حضر آخر ، قاسمه ، إن شاء أو عفا فيبقى للأول ; لأن المطالبة إنما وجدت منهما . فإن قاسمه ، ثم حضر الثالث ، قاسمهما إن أحب أو عفا فيبقى للأولين ، فإن نما الشقص في يد الأول نماء منفصلا ، لم يشاركه فيه واحد منهما ; لأنه انفصل في ملكه ، فأشبه ما لو انفصل في يد المشتري قبل الأخذ بالشفعة .
وكذلك إذا أخذ الثاني ، فنما في يده نماء منفصلا ، لم يشاركه الثالث فيه . وإن خرج الشقص مستحقا ، فالعهدة على المشتري ، يرجع الثلاثة عليه ، ولا يرجع أحدهم على الآخر ; فإن الأخذ وإن كان من الأول ، فهو بمنزلة النائب عن المشتري في الدفع إليهما والنائب عنهما في دفع الثمن إليه ، لأن الشفعة مستحقة عليه لهم .
وهذا ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وإن امتنع الأول من المطالبة حتى يحضر صاحباه ، أو قال : آخذ قدر حقي . ففيه وجهان ; أحدهما ، يبطل حقه ; لأنه قدر على أخذ الكل وتركه ، فأشبه المنفرد . والثاني ، لا يبطل ; لأنه تركه لعذر ، وهو خوف قدوم الغائب ، فينتزعه منه ، والترك لعذر لا يسقط الشفعة ، بدليل ما لو أظهر المشتري ثمنا كثيرا ، فترك لذلك ، ثم بان خلافه .
فإن ترك الأول شفعته توفرت الشفعة على صاحبيه ، فإذا قدم الأول منهما ، فله أخذ الجميع ، على ما ذكرنا في الأول . فإن أخذ الأول بها ، ثم رد ما أخذه بعيب ، فكذلك . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن أنها لا تتوفر عليهما ، وليس لهما أخذ نصيب الأول ; لأنه لم يعف ، وإنما رد نصيبه لأجل العيب ، فأشبه ما لو رجع إلى المشتري ببيع أو هبة .
ولنا أن الشفيع فسخ ملكه ، ورجع إلى المشتري بالسبب الأول ، فكان لشريكه أخذه ، كما لو عفا . ويفارق عوده بسبب آخر ; لأنه عاد غير الملك الأول الذي تعلقت به الشفعة .