( 4554 ) فصل :
وإن ترك متاعا ، فخلصه إنسان ، لم يملكه ; لأنه لا حرمة له في نفسه ، ولا يخشى عليه التلف ، كالخشية على الحيوان ، فإن الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى ، وتأكله السباع ، والمتاع يبقى حتى يرجع إليه صاحبه . وإن كان المتروك عبدا ، لم يملك بأخذه ; لأن العبد في العادة يمكنه التخلص إلى الأماكن التي يعيش فيها ، بخلاف البهيمة . وله أخذ العبد والمتاع ليخلصه لصاحبه ، وله أجر مثله في تخليص المتاع . نص عليه ، وكذلك في العبد على قياسه
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يجب أن يحمل قوله في وجوب الأجر ، على أنه جعل له ذلك أو أمره به ، فأما إن لم يجعل له شيئا ، فلا جعل له ; لأنه عمل في مال غيره بغير جعل ، فلم يستحق شيئا ، كالملتقط . وهذا خلاف ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ; فإنه لو جعل له جعلا لاستحقه ، ولم يجعل له أجر المثل ، ويفارق هذا الملتقط ، فإن الملتقط لم يخلص اللقطة من الهلاك ، ولو تركها أمكن أن يرجع صاحبها فيطلبها من مكانها فيجدها ، وها هنا إن لم يخرجه هذا ضاع وهلك ، ولم يرجع إليه صاحبه ، ففي جعل الأجر فيه حفظ للأموال من غير مضرة ، فجاز ذلك كالجعل في الآبق .
ولأن اللقطة جعل فيها الشارع ما يحث على أخذها ، وهو ملكها إن لم يجئ صاحبها ، فاكتفي به عن الأجر ، فينبغي أن يشرع في هذا ما يحث على تخليصه بطريق
[ ص: 34 ] الأولى ، وليس إلا الأجر . فأما
ما ألقاه ركاب البحر فيه ، خوفا من الغرق ، فلم أعلم لأصحابنا فيه قولا ، سوى عموم قولهم الذي ذكرناه . ويحتمل أن يملك هذا من أخذه . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد . وبه قال
الحسن ، في من أخرجه ، قال : وما نضب عنه الماء فهو لأهله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : يرده على أصحابه ، ولا جعل له . ويقتضيه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي ; لما تقدم . ومقتضى قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أبي عبد الله ، أن لمن أنقذه أجر مثله ; لما ذكرنا
ووجه ما ذكرناه من الاحتمال أن هذا مال ألقاه صاحبه فيما يتلف بتركه فيه اختيارا منه ، فملكه من أخذه ، كالذي ألقوه رغبة عنه ، ولأن فيما ذكروه تحقيقا لإتلافه ، فلم يجز ، كمباشرته بالإتلاف . فأما إن انكسرت السفينة ، فأخرجه قوم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شيء للذي أصابوه . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي . وعلى قياس نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يكون لمستخرجه أجر المثل ; لأن ذلك وسيلة إلى تخليصه ، وحفظه لصاحبه ، وصيانته عن الغرق .
فإن الغواص إذا علم أنه يدفع إليه الأجر ، بادر إلى التخليص ليخلصه ، وإن علم أنه يؤخذ منه بغير شيء ، لم يخاطر بنفسه في استخراجه ، فينبغي أن يقضى له بالأجر ، كجعل رد الآبق .