صفحة جزء
( 4990 ) فصل : إذا قال الرجل لنسائه : إحداكن طالق . يعني واحدة بعينها ، طلقت وحدها ، ويرجع إلى تعيينه ، ويؤخذ بنفقتهن كلهن إلى أن تعين . وإن كان الطلاق بائنا ، منع منهن إلى أن يعين . فإن قال : أردت هذه . طلقت وحدها . وإن قال : لم أرد هؤلاء الثلاث . طلقت الرابعة . وإن ، عاد ، فقال : أخطأت ، إنما أردت هذه . طلقت الأخرى

وإن متن أو إحداهن قبل أن يبين رجع إلى قوله ، فمن أقر بطلاقها حرمناه ميراثها ، وأحلفناه ، لورثة من لم يعينها .

وهذا قول الشافعي . رضي الله عنه وإن لم يعن بذلك واحدة بعينها ، أو مات قبل التعيين ، أخرجت بالقرعة ، وكذلك إن طلق واحدة من نسائه ، بعينها ، فأنسيها ، فمات ، أخرجت بالقرعة ، فمن تقع عليها القرعة فلا ميراث لها . روي ذلك عن علي رضي الله عنه وهو قول أبي ثور . وروى عطاء ، عن ابن عباس ، أن رجلا سأله فقال : إن لي ثلاث نسوة ، وإني طلقت إحداهن فبتت طلاقها . فقال ابن عباس ، رضي الله عنه : إن كنت نويت واحدة منهن بعينها ثم أنسيتها ، فقد اشتركن في الطلاق ، وإن لم تكن نويت واحدة بعينها ، فطلق أيتهن شئت .

وقال الشافعي رضي الله عنه وأهل العراق : يرجع إلى تعيينه في المسائل كلها . فإن وطئ إحداهن كان تعيينا لها بالنكاح ، في قول أهل العراق ، وبعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه . وقال الشافعي : لا يكون تعيينا . فإن مات قبل أن يبين فالميراث بينهن كلهن ، في قول أهل العراق

وقال مالك : يطلقن كلهن ، ولا ميراث لهن . وقال الشافعي : رضي الله عنه يوقف ميراثهن ، وإن كان الطلاق قبل الدخول دفع إلى كل واحدة نصف مهر ، ووقف الباقي في مهورهن . وقال داود : يبطل حكم طلاقهن ; لموضع الجهالة ، ولكل واحدة مهر كامل ، والميراث بينهن . وإن متن قبله ، طلقت الآخرة ، في قول أهل العراق . وقال الشافعي : رضي الله عنه يرجع إلى تعيينه ، على ما ذكرناه .

ولنا ، قول علي ، رضي الله عنه ولا يعارضه قول ابن عباس ; لأن ابن عباس يعترف لعلي بتقديم قوله ، فإنه قال : إذا ثبت لنا عن علي قول ، لم نعده إلى غيره

وقال : ما علمي إلى علم علي ، إلا كالقرارة إلى المثعنجر . ولأنه إزالة ملك عن الآدمي ، فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه ، كالعتق . وقد بينت ذلك في العتق بخبر عمران بن الحصين . ولأن الحقوق تساوت على وجه تعذر تعيين المستحق فيه من غير قرعة ، فينبغي أن تستعمل فيه القرعة ، كالقسمة في السفر بين النساء ، فأما قسم الميراث بين الجميع ، ففيه دفع إلى إحداهن ما لا تستحقه ، وتنقيص بعضهن حقها يقينا ، والوقف إلى غير غاية تضييع لحقوقهن ، وحرمان [ ص: 275 ] الجميع منع الحق عن صاحبه يقينا

ولو كان له امرأتان ، فطلق إحداهما ، ثم ماتت إحداهما ، ثم مات أقرع بينهما ، فمن وقعت عليها قرعة الطلاق لم يرثها إن كانت الميتة ، ولم ترثه إن كانت الأخرى . وفي قول أهل العراق : يرث الأولى ، ولا ترثه ، الأخرى . وللشافعي قولان ; أحدهما ، يرجع إلى تعيين الوارث ، فإن قال : طلق الميتة . لم يرثها ، وورثته الحية . وإن قال : طلق الحية . حلف على ذلك ، وأخذ ميراث الميتة ، ولم تورث الحية . والقول الثاني ، يوقف من مال الميتة ميراث الزوج ، ومن مال الزوج ميراث الحية

وإن كان له امرأتان قد دخل بإحداهما دون الأخرى ، وطلق إحداهما لا بعينها ، فمن خرجت لها القرعة فلها حكم الطلاق ، وللأخرى حكم الزوجية . وقال أهل العراق : للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث إن مات في عدتها ، وللأخرى ربعه لأن للمدخول بها نصفه بيقين ، والنصف الآخر يتداعيانه ، فيكون بينهما . وفي قول الشافعي : النصف للمدخول بها ، والثاني موقوف . وإن كانتا مدخولا بهما ، فقال في مرضه : أردت هذه . ثم مات في عدتها ، لم يقبل قوله ; لأن الإقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال زفر : يقبل قوله ، والميراث للأخرى . وهو قياس قول الشافعي . ولو كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين ، فلها نصف الميراث ، وللاثنتين نصفه . وفي قول الشافعي نصفه موقوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية