[ ص: 3 ] كتاب النكاح النكاح في الشرع : هو عقد التزويج ، فعند إطلاق لفظه ينصرف إليه ، ما لم يصرفه عنه دليل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : الأشبه بأصلنا أنه حقيقة في العقد والوطء جميعا ; لقولنا بتحريم موطوءة الأب من غير تزويج ، لدخوله في قوله تعالى : {
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } . وقيل : بل هو حقيقة في الوطء ، مجاز في العقد ، تقول
العرب : أنكحنا الفرا ، فسنرى . أي أضربنا فحل حمر الوحش أمه ، فسنرى ما يتولد منهما .
يضرب مثلا للأمر يجتمعون عليه ، ثم يتفرقون عنه . وقال الشاعر :
ومن أيم قد أنكحتنا رماحنا وأخرى على خال وعم تلهف
والصحيح ما قلنا ; لأن الأشهر استعمال لفظة النكاح بإزاء العقد في الكتاب والسنة ولسان أهل العرف . وقد قيل : ليس في الكتاب لفظ نكاح بمعنى الوطء ، إلا قوله : {
حتى تنكح زوجا غيره } . ولأنه يصح نفيه عن الوطء ، فيقال : هذا سفاح وليس بنكاح . ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26194ولدت من نكاح ، لا من سفاح } . ويقال
عن السرية : ليست بزوجة ، ولا منكوحة . ولأن النكاح أحد اللفظين اللذين ينعقد بهما عقد النكاح ، فكان حقيقة فيه ، كاللفظ الآخر . وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي يفضي إلى كون اللفظ مشتركا وهو على خلاف الأصل ، وما ذكره الآخرون يدل على الاستعمال في الجملة ، والاستعمال فيما قلنا أكثر وأشهر ، ثم لو قدر كونه مجازا في العقد لكان اسما عرفيا ، يجب صرف اللفظ عند الإطلاق إليه ; لشهرته ، كسائر الأسماء العرفية .
( 5134 ) فصل :
والأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى : {
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } .
الآية . وقوله تعالى : {
وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } . وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43555يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فليصم ، فإن الصوم له وجاء } . متفق عليه . في آي وأخبار سوى ذلك كثيرة . وأجمع المسلمون على أن النكاح مشروع . واختلف أصحابنا في وجوبه ; فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب ، إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه ، فيلزمه إعفاف نفسه
وهذا قول عامة الفقهاء . وقال
أبو بكر عبد العزيز : هو واجب . وحكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود أنه يجب في العمر مرة واحدة ; للآية والخبر .
ولنا ، أن الله تعالى حين أمر به . علقه على الاستطابة ، بقوله سبحانه : {
فانكحوا ما طاب لكم من النساء }
والواجب لا يقف على الاستطابة ، وقال : {
مثنى وثلاث ورباع } . ولا يجب ذلك بالاتفاق ، فدل على أن المراد بالأمر الندب ، وكذلك الخبر يحمل على الندب ، أو على من
يخشى على نفسه الوقوع في المحظور بترك النكاح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : وعلى هذا يحمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبي بكر ، في إيجاب النكاح .