صفحة جزء
( 577 ) فصل : ومن أوجب الأذان من أصحابنا فإنما أوجبه على أهل المصر . كذلك قال القاضي : لا يجب على أهل غير المصر من المسافرين . وقال مالك : إنما يجب النداء في مساجد الجماعة التي يجمع فيها للصلاة ; وذلك لأن الأذان إنما شرع في الأصل للإعلام بالوقت ، ليجتمع الناس إلى الصلاة ، ويدركوا الجماعة ، ويكفي في المصر أذان واحد ، إذا كان بحيث يسمعهم . وقال ابن عقيل : يكفي أذان واحد في المحلة ، ويجتزئ بقيتهم بالإقامة . وقال أحمد ، في الذي يصلي في بيته : يجزئه أذان المصر . وهو قول الأسود ، وأبي مجلز ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي ، وعكرمة ، وأصحاب الرأي . وقال ميمون بن مهران ، والأوزاعي ، ومالك : تكفيه الإقامة .

وقال الحسن ، وابن سيرين : إن شاء أقام . ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي علمه الصلاة { : إذا أردت الصلاة فأحسن الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر } ولم يأمره بالأذان ، وفي لفظ رواه النسائي : " فأقم ، ثم كبر " وحديث ابن مسعود . والأفضل لكل مصل أن يؤذن ويقيم إلا أنه إن كان يصلي قضاء أو في غير وقت الأذان ، لم يجهر به . وإن كان في الوقت ، في بادية أو نحوها ، استحب له الجهر بالأذان ; لقول أبي سعيد : { إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة ، فارفع صوتك بالنداء ، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو سعيد : سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم . } وعن أنس ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغير إذا طلع الفجر ، وكان إذا سمع أذانا أمسك ، وإلا أغار ، فسمع رجلا يقول : الله أكبر الله أكبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة . فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من النار ، فنظروا فإذا صاحب معز } أخرجه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية